«الصندوق الدولي للتنمية الزراعية» يحذر من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الرئيس التنفيذي كشف لـ«الشرق الأوسط» حلولاً مبتكرة لكبح الفقر ودعم التنمية

رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ألفرو لاريو (الشرق الأوسط)
رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ألفرو لاريو (الشرق الأوسط)
TT

«الصندوق الدولي للتنمية الزراعية» يحذر من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ألفرو لاريو (الشرق الأوسط)
رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ألفرو لاريو (الشرق الأوسط)

حذّر الصندوق الدولي للتنمية الزراعية من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، تتمثل في الهشاشة، والهجرة، والتغير المناخي، والأمن الغذائي، وندرة المياه، مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة. وكشف أيضاً أن المساهمة السعودية في دعم الصندوق خلال الـ10 أعوام الأخيرة تجاوزت 97 مليون دولار من إجمالي مساهمتها التي تجاوزت نصف مليار دولار.

وأقر بعواقب نزوح 22.4 مليون شخص قسراً بسبب النزاعات في بلدان، مثل العراق وسوريا والصومال واليمن وليبيا، مع تضاعف أعداد الذين يعانون نقص التغذية داخل المنطقة على مدى الأعوام الـ25 الماضية، من 16.5 مليون إلى 33 مليون نسمة وسط ضغوط حادة على الموارد الطبيعية.

وقال رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ألفرو لاريو، في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن العمل جارٍ حالياً لاحتواء الموقف في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى (NEN) في 16 دولة لإضافة لإقليم واحد و3 دول جديدة محتملة.

ووفقاً للاريو، يتم تنفيذ العمليات من خلال 31 مشروعاً وعملية واحدة غير سيادية بمبلغ تمويل إجمالي يصل إلى 1.9 مليار دولار، منها 964 مليون دولار من تمويل الصندوق، التي يستفيد منها 2.33 مليون شخص.

ولفت إلى تأثر عدم الاستقرار، وعدم اليقين في أسعار المواد الغذائية بعواقب الحرب الأوكرانية الروسية، والصراع بين غزة وإسرائيل، وتوسع ذلك إلى بلدان استراتيجية لإنتاج وشحن الأغذية، مبيناً أن مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة يظهر أن أسعار المواد الغذائية ليست مستقرة على الرغم من وجود اتجاه هبوطي خلال العام الماضي.

وشدّد لاريو على أن الصندوق يدعم المزارعين في المناطق الريفية للحفاظ على مزارعهم، ومواصلة تزويد الأسواق بمنتجاتهم، مؤكداً أن سياسة الصندوق ليس لها دور في تصاعد أسعار المواد الغذائية. وأضاف: «نتفهم أن العوامل المحلية والإقليمية والعالمية يمكن أن تؤثر على تقلبات أسعار المواد الغذائية. يقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية العمل معاً للحفاظ على استقرار الأسعار، غالباً من خلال توقع الاتجاهات والتأثيرات السلبية».

مساعي كبح الفقر

وعن مساعي الصندوق لكبح جماح الفقر، قال لاريو: «الصندوق اعتمد حلولاً مبتكرة للحد من الفقر، تتمثل في الابتكار في مجالات الأغذية والزراعة والتكيف مع المناخ والتمويل، لتعظيم فاعلية التنمية الريفية، وتحسين دخل الملايين من صغار المزارعين. نستثمر في الملايين من سكان الريف، ونتبنى أنواعاً كثيرة من الابتكارات لتحقيق تأثيرات إنمائية أسرع وأفضل وأكثر ذكاء».

وأضاف: «نستثمر في اختبار الأفكار. ففي السودان، يساعد تطبيق يسمى (DiGiClimate Risk) شركاء التنمية والمنتجين الريفيين على إدارة مخاطر المناخ حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات أفضل، والقيام باستثمارات أكثر مرونة، حيث ندعم الابتكار المؤسسي. لا يقتصر الابتكار على تحقيق النتائج في المجال».

ووفق لاريو، يستثمر الصندوق في تحسين كفاءة وفاعلية الأدوات المتطورة، مثل استخدام قاعدة بيانات (Geo Scan) التي توفر بيانات جغرافية مكانية دقيقة وفي الوقت المناسب لاتخاذ القرارات القائمة على الأدلة، إلى جانب تبني ثقافة الابتكار داخل الصندوق. وقال: «تشجع مختبرات الابتكار لدينا الموظفين على طرح أسئلة صعبة حول عملياتنا وأنظمتنا».

دعم التنمية الريفية

وعن الدور السعودي في دعم التنمية الزراعية، قال لاريو إن السعودية أسهمت حتى الآن بنحو 536.4 مليون دولار للصندوق منذ إنشائه، وتعد من بين أكبر 10 مانحين من خلال دورات تجديد موارد الصندوق المكتملة البالغ عددها 12 دورة.

وأشار إلى أن إجمالي مساهمة المملكة في الصندوق خلال السنوات العشر الماضية (2013 إلى 2023) بلغت 96.6 مليون دولار، حيث بلغت مساهمتها خلال مرحلة التأسيس 105.5 مليون دولار.

وحول آخر مستجدات أعمال الصندوق في جازان، أشار لاريو إلى أن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، نفذ المرحلة الأولى من مشروع المساعدة التقنية القابلة للسداد لدعم مزارعي البن والمانجو في منطقة جازان.

وأضاف أنه على مدى خمس سنوات من 2018 إلى 2023، تم تنفيذ 50 مزرعة قهوة نموذجية و5 مزارع للمانجو، والتي استفاد منها ما يقرب من 30 ألف مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة، حيث أسهم المشروع في تعزيز الإنتاجية والربحية وزيادة قدرة المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة على التكيف مع تغير المناخ، وذلك وفقاً لأهداف الصندوق و«رؤية السعودية 2030».

ووفق لاريو، يُعد المشروع مبنياً على خطط استراتيجية، ويتضمن حزمة من الحلول والأسس التطويرية، مثل الاستدامة الزراعية والابتكار والممارسات الزراعية السليمة. وأكد أن الصندوق مستعد لتنفيذ المرحلة الثانية بناءً على طلب الحكومة السعودية واهتمامها.

ويقوم مكتب اتصال دول الخليج العربية، الذي يتخذ من الرياض مقراً له، بدور رئيسي في التنسيق بين الصندوق والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات. وتبلغ مساهمات دول الخليج العربي في تجديد موارد الصندوق الثانية عشرة ما مجموعه 59.3 مليون دولار.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد صورة من الأرصاد الجوية تظهر تقدم الإعصار نحو شمال غربي واشنطن (رويترز)

«إعصار القنبلة» يتسبب في انقطاع الكهرباء عن شمال غربي أميركا

اجتاحت عاصفة قوية شمال غربي الولايات المتحدة، الثلاثاء، محملة برياح عاتية وأمطار غزيرة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وسقوط الأشجار.

«الشرق الأوسط» (سياتل)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
TT

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)
شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

رغم عدم إعلان العديد من الدول الحليفة لواشنطن بـ«شكل مباشر» لاعتراضها على جوانب من أحدث حلقات العقوبات الأميركية ضد روسيا، فإن التصريحات المتوالية أشارت إلى تضرر هذه الدول وبحثها عن حلول لتجاوز شظايا العقوبات.

وعقب إعلان واشنطن يوم الخميس عن فرض عقوبات على حزمة من البنوك الروسية، قفزت إلى السطح مشكلة معقدة، إذ إن أحد تلك البنوك هو «غازبروم بنك»، المملوك من شركة الغاز الحكومية «غازبروم»، ويعد من أهم الحلقات المالية للتحويلات مقابل شراء الغاز الروسي من الدول الخارجية.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة على بنك غازبروم، في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس جو بايدن الإجراءات لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا قبل أن يترك منصبه في يناير (كانون الثاني).

وبفرض العقوبات الأميركية، وتجريم التعامل مع البنك الروسي، فإن واشنطن حكمت عرضيا باحتمالية وقف إمداد دول كثيرة حليفة لها بالغاز الروسي.

وفي ردود الفعل الأولية، قالت وزارة الاقتصاد في سلوفاكيا إنها تحلل العقوبات الأميركية الجديدة ضد «غازبروم بنك»، وستعرف تأثيرها المحتمل على سلوفاكيا قريبا. وتمتلك شركة «إس بي بي»، المشتري الحكومي للغاز في سلوفاكيا، عقدا طويل الأجل مع «غازبروم».

كما قالت وزارة الخارجية المجرية في رد بالبريد الإلكتروني على «رويترز» يوم الخميس إنها تدرس تأثير العقوبات الأميركية الجديدة ضد «غازبروم بنك»، وستتصل بمورد الغاز الطبيعي إذا لزم الأمر. وبموجب اتفاق مدته 15 عاماً تم توقيعه في عام 2021، تحصل المجر على 4.5 مليار متر مكعب سنوياً من روسيا من خلال شركة غازبروم.

وخارج القارة الأوروبية، قال وزير الصناعة الياباني يوجي موتو يوم الجمعة إن اليابان ستتخذ كافة التدابير الممكنة لمنع حدوث اضطرابات في تأمين إمدادات مستقرة من الغاز الطبيعي المسال من مشروع «سخالين-2» الروسي في أعقاب العقوبات الأميركية الجديدة.

ومنحت العقوبات الأميركية إعفاءات للمعاملات المتعلقة بمشروع النفط والغاز سخالين-2 في أقصى شرق روسيا حتى 28 يونيو (حزيران) 2025، وفقاً لرخصة عامة محدثة نشرتها وزارة الخزانة.

وقال موتو في مؤتمر صحافي يوم الجمعة: «إن سخالين-2 مهم لأمن الطاقة في اليابان»، مشيراً إلى أنه لا يوجد انقطاع فوري، حيث يتم استبعاد المعاملات من خلال «غازبروم بنك» مع «سخالين-2» أو «سخالين إنرجي» من العقوبات. وقال: «سنستمر في تقديم تفسيرات مفصلة للولايات المتحدة وأعضاء مجموعة السبع الآخرين كما فعلنا في الماضي، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان عدم وجود عقبات أمام تأمين إمدادات مستقرة لليابان».

من ناحية أخرى، قال رئيس شركة «أوساكا» للغاز، وهي مشتري للغاز الطبيعي المسال «سخالين-2»، إن العقوبات الأميركية الجديدة لن تؤثر على عملية تسوية شراء الوقود.

ولا تتوقع الشركة، وهي ثاني أكبر مزود للغاز في اليابان، والتي تشتري الوقود المبرد للغاية من «سخالين-2» بموجب عقد طويل الأجل، أن تؤثر العقوبات الأميركية على معاملاتها، كما قال رئيس شركة أوساكا للغاز ماساتاكا فوجيوارا للصحافيين يوم الجمعة، مشيراً إلى أن الشركة لا تستخدم «غازبروم بنك» للتسوية.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، التي استخدمت أقوى أداة عقوبات لديها، فإن «غازبروم بنك» لا يمكنه التعامل مع أي معاملات جديدة متعلقة بالطاقة تمس النظام المالي الأميركي، وتحظر تجارته مع الأميركيين وتجمد أصوله الأميركية.

وتحث أوكرانيا الولايات المتحدة منذ فبراير (شباط) 2022 على فرض المزيد من العقوبات على البنك، الذي يتلقى مدفوعات مقابل الغاز الطبيعي من عملاء «غازبروم» في أوروبا.

كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على 50 بنكاً روسياً صغيراً ومتوسطاً لتقليص اتصالات البلاد بالنظام المالي الدولي ومنعها من إساءة استخدامه لدفع ثمن التكنولوجيا والمعدات اللازمة للحرب. وحذرت من أن المؤسسات المالية الأجنبية التي تحافظ على علاقات مراسلة مع البنوك المستهدفة «تنطوي على مخاطر عقوبات كبيرة».

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين: «إن هذا الإجراء الشامل سيجعل من الصعب على الكرملين التهرب من العقوبات الأميركية وتمويل وتجهيز جيشه. سنواصل اتخاذ خطوات حاسمة ضد أي قنوات مالية تستخدمها روسيا لدعم حربها غير القانونية وغير المبررة في أوكرانيا».

كما أصدرت وزارة الخزانة ترخيصين عامين جديدين يسمحان للكيانات الأميركية بإنهاء المعاملات التي تشمل «غازبروم بنك»، من بين مؤسسات مالية أخرى، واتخاذ خطوات للتخلص من الديون أو الأسهم الصادرة عن «غازبروم بنك».

وقالت وزارة الخزانة إن «غازبروم بنك» هو قناة لروسيا لشراء المواد العسكرية في حربها ضد أوكرانيا. وتستخدم الحكومة الروسية البنك أيضاً لدفع رواتب جنودها، بما في ذلك مكافآت القتال، وتعويض أسر جنودها الذين قتلوا في الحرب.