انتخابات جنوب أفريقيا تهدد التحول الاقتصادي

استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال خسارة حزب مانديلا الغالبية البرلمانية

ممثلو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أمام مكتب حزبهم في كنيسة في بلدة ألكسندرا في جوهانسبرغ (إ.ب.أ)
ممثلو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أمام مكتب حزبهم في كنيسة في بلدة ألكسندرا في جوهانسبرغ (إ.ب.أ)
TT

انتخابات جنوب أفريقيا تهدد التحول الاقتصادي

ممثلو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أمام مكتب حزبهم في كنيسة في بلدة ألكسندرا في جوهانسبرغ (إ.ب.أ)
ممثلو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أمام مكتب حزبهم في كنيسة في بلدة ألكسندرا في جوهانسبرغ (إ.ب.أ)

عندما يصوّت الناخبون في جنوب أفريقيا يوم الأربعاء، ستكون ملفات الفساد المتفشي وارتفاع معدلات البطالة وانقطاع التيار الكهربائي والنمو الاقتصادي الضعيف في مقدمة أولوياتهم، وذلك في وقت تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم قد يخسر غالبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ أن قاده نيلسون مانديلا إلى السلطة في عام 1994، منهياً حكم الأقلية البيضاء.

ومن المعلوم أن جنوب أفريقيا على وشك التحول الاقتصادي بعد سنوات من الركود. إلا أن الانتخابات الراهنة قد تعرض هذا الأمر للخطر. فحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي وصل إلى السلطة في 1994 بناء على تعهد «بناء حياة أفضل للجميع» وفاز بما يقرب من 63 في المائة من الأصوات في أول انتخابات ديمقراطية في البلاد، ورغم أنه فقد الدعم بسبب الفساد وسوء الإدارة في عهده، لكنه في الوقت نفسه كان يسير على مسار حذر مؤيد للنمو منذ أن تولى الرئيس سيريل رامافوزا منصبه في عام 2018.

وبالتالي، من الواضح أن مخاوف المستثمرين تتركز على ما قد يعنيه خطر التحول نحو اليسار بالنسبة للمالية العامة والسياسة النقدية.

لقد بدأت إصلاحات رامافوزا تؤتي ثمارها ببطء، حيث يرى المحللون أنها تساعد في رفع النمو الاقتصادي إلى 1.1 في المائة هذا العام من 0.6 في المائة في عام 2023 وتتقدم أكثر في عام 2025.

قد لا يكون هذا كثيراً، لكنه قد يصبح أسوأ بكثير، اعتماداً على التصويت، وفق «بلومبرغ»، في وقت أظهر استطلاعان للرأي أن دعم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي انخفض إلى أقل من 40 في المائة. وإذا تراجعت نسبة تأييد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى أقل من 50 في المائة، فسوف يتم دفعه إلى حكومة ائتلافية. ومن المحتمل أن يعني الانخفاض قليلاً تحت هذه العتبة التعاون مع منافس أصغر يتماشى مع أجندة رامافوزا.

لكن الخسائر الأكبر قد تجبره على إبرام اتفاق مع أحد أحزاب المعارضة الرئيسية، ويبدو أن بعض هذه الخيارات مخيفة جداً بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب. وهي تتراوح من التحالف الديمقراطي الصديق لقطاع الأعمال، بقيادة جون ستينهاوزن، إلى حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية (اليساري) بقيادة المثير للجدل يوليوس ماليما وحزب الرئيس السابق جاكوب زوما «أومكونتو ويسيزوي». ويريد الأخيران تأميم المصرف المركزي ومصادرة الأراضي من دون تعويض.

الجائزة الأولى بالنسبة إلى المستثمرين هي التحالف بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي والتحالف الديمقراطي.

ونقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» عن فرنس كرونجي، وهو محلل سياسي، قوله: «وجهة النظر السائدة هي أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يمكن أن يحصل على حوالي 45 في المائة، وبعد ذلك سيعقد صفقة مع حزب آخر غير حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية، ما يعني أن الوضع الراهن سيظل قائما إلى حد كبير. وهذا يتجنب النتيجة المدمرة».

وانتعشت بورصة جوهانسبرغ بفضل احتمالات التوصل إلى نتيجة سلسة للانتخابات، حيث ارتفع مؤشر جميع الأسهم بنسبة 7.9 في المائة في الأشهر الثلاثة الماضية، وهو أفضل من مكاسب مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» البالغة 4.4 في المائة.

وقالت ليلى فوري، الرئيسة التنفيذية لبورصة جوهانسبرغ، لصحيفة «فاينانشال تايمز» إن نتيجة الانتخابات التي تظهر الالتزام باليقين السياسي والانضباط المالي من شأنها أن تساعد الأسواق.

أضافت: «إن الشركات المدرجة في جنوب أفريقيا تتمتع بخصم كبير مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، ما يخلق فرصة لتحقيق عوائد للمستثمرين».

واتفق مارتن كينجستون، رئيس اللجنة التوجيهية لـ«بزنس فور ساوث أفريكا»، وهو تحالف من المديرين التنفيذيين الذين يعملون مع الحكومة، على أن الاستمرارية ستكون الأفضل.

وقال عن الجهود التي يبذلها القطاع الخاص للعمل مع الحكومة لمعالجة المشاكل الملحة، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي: «بدأ المد في التحول... لقد شهدنا تقدماً حقيقياً وبدأ الزخم يتبلور».

أضاف: «إذا شكل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ائتلافاً مع الأحزاب التي تدفع بأجندة أكثر تأييدا لقطاع الأعمال، فقد يكون ذلك جيدا من الناحية النظرية، لكن هناك عالم محدود من الأحزاب التي تقع ضمن هذه الفئة».

وذكرت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية أن النمو الاقتصادي الأخير في جنوب أفريقيا، والذي بلغ متوسطه أقل من 1 في المائة سنويا خلال فترة ولاية رامافوزا الأولى، كان «أبطأ من المتوقع». لكن احتمال خسارة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لأغلبيته المطلقة من غير المرجح أن يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني للبلاد في حد ذاته.

وقالت ذهبية غوبتا، محللة جنوب أفريقيا في وكالة «ستاندرد آند بورز»، إنه بالنظر إلى «الحالة الأساسية» لفوز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بنسبة تتراوح بين 45 في المائة و50 في المائة أو حتى الزحف إلى أكثر من 50 في المائة، فإنها تتوقع «استمرارية السياسة»، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1 في المائة هذا العام، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.1 في المائة هذا العام، وبمعدل 1.3 في المائة على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وأوضحت أن المشكلة هي أن هذا لم يكن كافياً للحد من البطالة، فواحد على الأقل من كل ثلاثة مواطنين في جنوب أفريقيا في سن العمل عاطل عن العمل.

وفقاً للبنك الدولي، فإن ثلث القوة العاملة عاطلون عن العمل، وهو أعلى من نظيره في السودان الذي مزقته الحرب، وأعلى معدل في أي بلد يتتبعه البنك الدولي. كما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من الذروة التي بلغها في عام 2011، ما جعل المواطن في جنوب أفريقيا أكثر فقراً بنسبة 23 في المائة.

ووفقا لشركة «أكسفورد إيكونوميكس» الاستشارية، يعد التفاوت في الدخل هو الأسوأ في العالم. فهناك 18.4 مليون شخص يحصلون على إعانات الرعاية الاجتماعية، مقارنة بسبعة ملايين فقط من دافعي الضرائب.

كما أن البلاد تعاني من فترات انقطاع كهربائي طويلة. ففي العام الماضي، وصلت إلى مستويات قياسية وكلفت الاقتصاد المتعثر بالفعل حوالي 90 مليار دولار وأكثر من 860 ألف وظيفة - لا سيما في قطاعي التعدين والتصنيع. وعلى المستوى الجزئي أيضا، كان على مواطني جنوب أفريقيا أن يهندسوا حياتهم وفق انقطاعات التيار الكهربائي.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، هددت أزمة الطاقة المتفاقمة بقاء الشركات، وتطلبت إصلاحات مكلفة للشركات التي تحتاج إلى إمدادات ثابتة من الكهرباء.

لكن في أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، أعلنت شركة «إسكوم»، وهي مزود الكهرباء التابع للدولة، تعليق الانقطاع وتمكنت من الحفاظ على التيار الكهربائي لمدة 50 يوماً، ما أثار الارتباك. إذ تشعر أحزاب المعارضة، بما في ذلك التحالف الديمقراطي، وآخرون، بالقلق من «التدخل السياسي» ويعتقدون أن «إسكوم» ربما تخطط لإصلاح قصير المدى لزيادة الدعم لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الفترة التي تسبق يوم التصويت.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».