«سندات الصين الخاصة» بين إقبال هائل من الأفراد وحذر من البنوك

«المركزي» يوجّه المصارف لزيادة الإقراض

سيدة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
سيدة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
TT

«سندات الصين الخاصة» بين إقبال هائل من الأفراد وحذر من البنوك

سيدة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
سيدة أمام مقر بورصة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)

ارتفعت الدفعة الأولى من سندات الخزانة الخاصة الصينية طويلة الأجل البالغة قيمتها تريليون يوان (138.14 مليار دولار)، والتي ظهرت لأول مرة يوم الأربعاء، بأكثر من 20 في المائة في بورصتي شنغهاي وشنتشن؛ مما أدى إلى تعليق التداول.

وتناقض الإقبال الكبير والعروض المذهلة في البورصات من الأفراد، مع بداية ضعيفة لهذه السندات السيادية المصممة لدعم الاقتصاد الهش، في سوق ما بين البنوك (إنتربانك).

وقال وانغ هونغ في، تاجر السندات: «الوضع يظهر معنويات صعودية. حيث يتداول مستثمرو البورصة السندات بالطريقة نفسها التي يتاجرون بها بالأسهم». وأضاف وانغ أنه بما أن أسواق الأوراق المالية ليست مكان التداول الرئيسي للسندات في الصين، فإن «كمية صغيرة من المال يمكن أن ترفع الأسعار».

وقفزت سندات الخزانة لأجل 30 عاماً بأكثر من 13 في المائة عند افتتاح بورصة شنغهاي؛ مما دفع البورصة إلى تعليق التداول لمدة 30 دقيقة، مشيرة إلى «تقلبات غير طبيعية»، وحثت المستثمرين على «الاستثمار بعقلانية» مع الاهتمام بالمخاطر. وتم تعليقها مرة أخرى حتى وقت متأخر من بعد الظهر بعد أن ارتفعت السندات بنسبة 25 في المائة بعد استئناف التداول. وفي بورصة شنتشن، ارتفعت السندات بنسبة 23 في المائة؛ الأمر الذي أدى إلى تعليق مماثل فرضته الجهات التنظيمية.

وتخطط الصين لبيع سندات خزانة خاصة بقيمة تريليون يوان هذا العام، بآجال 20 و30 و50 عاماً. تعد مبيعات السندات جزءاً من جهد أوسع تبذله السلطات لإنعاش القطاعات الرئيسية للاقتصاد المتعثر.

وبدأت الدفعة الأولى من سندات الخزانة الخاصة التداول يوم الأربعاء في العديد من الأسواق - سوق ما بين البنوك، وأسواق الأوراق المالية، وما تسمى سوق السندات خارج البورصة، حيث يمكن للأفراد المشاركة عبر منافذ البنوك.

وفي سوق ما بين البنوك، تعد البنوك أكبر مستثمري السندات وتميل إلى الاحتفاظ بهذه الأوراق المالية بدلاً من المتاجرة بها. ولم يطرأ تغير يذكر على العائد على السندات الخاصة في هذا السوق عند 2.5710 في المائة، بالقرب من أصل القسيمة البالغ 2.57 في المائة. كما حذّر المنظمون البنوك في الأشهر الأخيرة من مخاطر أسعار الفائدة على حيازاتها من السندات الحكومية طويلة الأجل وسط الطلب المحموم على مثل هذه الأوراق المالية.

منذ بداية العام، اجتاح سوقَ سندات الخزانة الصينية ارتفاع قياسي غذاه فرار المستثمرين إلى الأمان وسط انتعاش اقتصادي هش.

وقال تشن فنغ، مدير صندوق التحوط، إن ارتفاع الأسعار في البورصات نتج من مجموعة من العوامل، بما في ذلك «توقعات انخفاض أسعار الفائدة، والسوق غير السائلة نسبياً... أي شخص يشتري بالسعر الحالي سوف يحترق».

وتكهن بعض المتداولين بأن بيع السندات الخاصة بقيمة تريليون يوان يمكن أن يسبب ضغطاً نقدياً في السوق. وألمح بنك الشعب الصيني (المركزي) في الأسابيع الأخيرة إلى أنه قد يبدأ تداول سندات الخزانة كوسيلة لإدارة السيولة... ومع ذلك، فإن الشعور الصعودي القوي تجاه سندات الخزانة يشير إلى أن البنك المركزي لن يكون في عجلة من أمره للمشاركة.

وفي سياق منفصل، أكد رئيس وزراء الصين، لي تشيانغ، أهمية دور القطاع المالي في خدمة الاقتصاد الحقيقي، داعياً إلى بذل الجهود لتعزيز التنمية عالية الجودة للقطاع.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن لي، وهو أيضاً عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة المالية المركزية، أدلى بهذه التصريحات في خضم إصداره توجيهات بشأن العمل المالي المحلي.

ودعا لي إلى بذل الجهود من أجل الحفاظ على القيادة المركزية والموحدة للجنة المركزية للحزب بالنسبة للعمل المالي، ومواصلة الالتزام بمسار التنمية المالية ذات الخصائص الصينية. كما دعا إلى بذل الجهود للقيام بعمل جيد في مجالات تمويل التكنولوجيا والتمويل الأخضر والتمويل الشامل وتمويل المعاشات التقاعدية والتمويل الرقمي، وتنسيق الانفتاح المالي والأمن، وتسريع بناء نظام مالي حديث بخصائص صينية.

وأكد لي على ضرورة استكمال إصلاح آليات الإدارة المالية المحلية في الموعد المحدد، وتعزيز الرقابة المنتظمة على المؤسسات المالية المحلية، والحماية من المخاطر المالية النظامية.

وفي غضون ذلك، قالت أربعة مصادر مطلعة إن البنك المركزي الصيني وجّه بعض البنوك التجارية لتسريع وتيرة الإقراض في مايو (أيار)، بعد أن سجل نمو الائتمان الواسع النطاق في أبريل (نيسان) الماضي مستوى قياسياً منخفضاً.

وقالت المصادر إن بنك الشعب الصيني أصدر التعليمات للمقرضين خلال اجتماعات في الأيام الأخيرة. ولم يرد بنك الشعب الصيني على الفور على طلب «رويترز» للتعليق.

وقال اثنان من المصادر إن البنك المركزي ألمح أيضاً إلى أنه سيكون أكثر تسامحاً مع البنوك التي تصنف قبول المصرفيين على أنها قروض جديدة، على الرغم من أن الأموال لا تتدفق فعلياً إلى الاقتصاد الحقيقي، وهي ممارسة استهجنها المنظمون في السنوات الماضية. وتحدثت المصادر جميعها شريطة عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الأمر.

وأظهرت بيانات من البنك المركزي في وقت سابق من هذا الشهر أن الإقراض المصرفي الجديد في الصين انخفض أكثر من المتوقع في أبريل مقارنة بالشهر السابق، بينما سجل نمو الائتمان الواسع مستوى قياسياً منخفضاً في وقت سابق من هذا الشهر؛ مما أثار قلق المستثمرين الذين ينظرون إليه على نطاق واسع باعتباره مقياساً للصحة الاقتصادية في الصين.

وتباطأ النمو السنوي لإجمالي التمويل الاجتماعي المتميز، وهو مقياس واسع للائتمان والسيولة في الاقتصاد، إلى 8.3 في المائة في أبريل، من 8.7 في المائة في مارس (آذار). وقال محللون إن الأداء أظهر أن الطلب الإجمالي على التمويل في الاقتصاد ضعيف نسبياً.

وتأتي التعليمات أيضاً في الوقت الذي تواجه فيه البنوك ضغوطاً متزايدة على الربحية، حيث تحثها بكين على دعم الاقتصاد بقروض أرخص ومساعدة قطاع العقارات المتعثر.

وقال البنك المركزي يوم الجمعة إنه سينشئ تسهيلات لإعادة الإقراض للإسكان الميسر يقول إنه سينتج منه تمويل مصرفي بقيمة 500 مليار يوان (69 مليار دولار)، كما أنه سيؤدي إلى خفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري ومتطلبات الدفعة الأولى.

لكن البنوك كانت مترددة في الاستجابة لتحفيزات بكين المتكررة لتعزيز الائتمان للقطاع المحاصر نظراً لمخاطر المزيد من القروض المعدومة.

وقال أحد المصادر إن بنك الشعب الصيني حثّ البنوك على منح المزيد من القروض لدعم الاقتصاد، لكن من المتوقع أن تكون أرقام القروض الجديدة في مايو أسوأ من أبريل؛ نظراً لضعف الطلب على الائتمان.


مقالات ذات صلة

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

مشاة في إحدى الطرقات بالحي المالي وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ب)

بكين تستقبل وفد شركات أميركية كبرى... وتغازل أوروبا

قالت غرفة التجارة الأميركية في الصين إن مجموعة من المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأجنبية والصينية التقت رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في بكين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أفق فرانكفورت مع الحي المالي (رويترز)

معنويات الأعمال في ألمانيا تتراجع... مؤشر «إيفو» يشير إلى ركود محتمل

تراجعت المعنويات الاقتصادية في ألمانيا أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يمثل مزيداً من الأخبار السلبية لبلد من المتوقع أن يكون الأسوأ أداءً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد زوار إحدى الحدائق الوطنية في العاصمة اليابانية طوكيو يتابعون التحول الخريفي للأشجار (أ.ف.ب)

عائد السندات اليابانية العشرية يتراجع عقب اختيار بيسنت للخزانة الأميركية

تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية لأجل 10 سنوات الاثنين مقتفياً أثر تراجعات عائد سندات الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد شخص يمشي أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

نائبة محافظ «بنك إنجلترا»: خطر ارتفاع التضخم أكبر من انخفاضه

عبّرت نائبة محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديللي، يوم الاثنين، عن قلقها بشأن احتمال ارتفاع التضخم إلى مستويات أعلى من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.