توقعات بوصول حجم التجارة الإلكترونية في السعودية إلى 44 مليار دولار بحلول 2030

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: المملكة هيئت بيئة تنافسية محفزة للشركات المحلية والعالمية

باب التجارة الإلكترونية بملتقى «بيبان 23» الذي أقيم في مارس الماضي (واس)
باب التجارة الإلكترونية بملتقى «بيبان 23» الذي أقيم في مارس الماضي (واس)
TT

توقعات بوصول حجم التجارة الإلكترونية في السعودية إلى 44 مليار دولار بحلول 2030

باب التجارة الإلكترونية بملتقى «بيبان 23» الذي أقيم في مارس الماضي (واس)
باب التجارة الإلكترونية بملتقى «بيبان 23» الذي أقيم في مارس الماضي (واس)

تمضي الحكومة السعودية في تهيئة البيئة الاستثمارية للتجارة الإلكترونية وجذب مزيد من الشركات المحلية والدولية من أجل الدخول في هذه السوق التي تشهد نمواً كبيراً وسط توقعات بوصولها إلى 44 مليار دولار بحلول 2030.

ويعد تعزيز منظومة أعمال التجارة الإلكترونية أحد أهداف برنامج التحول الوطني الداعمة لتحقيق «رؤية 2030»، وذلك لأهميتها ودورها في تعزيز الاقتصاد الوطني، خصوصاً أن المملكة واحدة من أعلى 10 دول نمواً في هذا المجال.

ويؤدي برنامج التحول الوطني دوراً محورياً في تحويل المملكة وترسيخ دورها القيادي من خلال تمكين القطاع الخاص وتحقيق التميز الحكومي، بهدف تطوير البنى الأساسية ودفع عجلة التحول في البلاد، بما يتماشى مع مستهدفات الرؤية.

وأكد اقتصاديون أهمية التجارة الإلكترونية للشركات الكبرى محلياً وعالمياً، بتحولها إليها بهدف التوسع في أعمالها، حيث أضحت خياراً شبه أساسي في وقت تمر فيه التجارة الإلكترونية في السعودية ببوصلة رقمية للتاجر والعميل على حد سواء، ما يحدد نجاح مستقبلها.

وأوضح المختصون خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن البلاد هيئت بيئة تنافسية محفزة للشركات المحلية والأجنبية، وذلك بعملها على دخول تكنولوجيا جديدة، مما يخلق حراكاً داخل السوق السعودية.

المركز اللوجيستي

توقع المحلل الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن دليم القحطاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، نمو قطاع التجارة الإلكترونية بـ13.5 في المائة سنوياً - متجاوزاً النسبة العالمية التي تمثل 11.2 في المائة - «حيث يبلغ حجم القطاع حالياً نحو 21 مليار دولار»، وأن «يتجاوز حجم القطاع 30 مليار دولار في عام 2027، بينما يصل في عام 2030 إلى نحو 44 ملياراً».

وأضاف أن المملكة من أولى الدول اهتماماً في البنى التحتية الرقمية والتجارة الإلكترونية، ولديها فرص واعدة نظراً لموقعها الاستراتيجي وسط 3 قارات، ما يجعلها مركزاً لوجيستياً يسرع من عمليات استيراد وتصدير المنتجات والسلع.

وشرح القحطاني أن المملكة تمتلك بيئة تنافسية وستدخل تكنولوجيات جديدة وشركات أجنبية عالمية، وهذا يخلق حراكاً داخل المملكة يمتد للعالم، لكن ذلك يحتاج إلى توسيع هذا النوع من التجارة وبالذات الرقمنة البنكية، بفتح أفرع للبنوك المحلية الكبرى دولياً، لتعزيز التبادل التجاري وإدخال عملات أجنبية قوية إلى البلاد.

وأبان أن بلدان العالم خصوصاً دول العشرين، وفي مقدمتها المملكة، تعمل على معالجة تحديات التجارة الإلكترونية من خلال ضبط الأمن السيبراني والمالي، مؤكداً ضرورة أن تكون هناك احتياطات للبنوك المركزية لكي لا يتعطل هذا القطاع في ظل الشفافية والتوسع، وذلك لحماية حقوق المستهلك وتجار التجزئة والمصانع.

تحسين تجربة المستخدم

من ناحيته، أكد المختص الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور سالم باعجاجه لـ«الشرق الأوسط»، أن التجزئة والتجارة الإلكترونية من القطاعات الحيوية التي تعود بأرباح مجزية، «فهي تشكل نسبة كبيرة في دوران رأس المال العامل».

وبالرغم من ذلك، فإن للتجارة الإلكترونية مخاطرها، وهو ما يؤكد أهمية عمل الاحترازات الكافية لوصول ملتزمات المستهلك حسب المواصفات المطلوبة وحمايته أيضاً من الغش التجاري، بحسب باعجاجه.

بدوره، يبيّن عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور عبد الله المغلوث لـ«الشرق الأوسط»، أن الشركات الكبرى في العالم والشرق الأوسط بدأت في التحول إلى التجارة الإلكترونية عوضاً عن التقليدية، لأن الأمر أصبح خياراً شبه أساسي، في الوقت الذي تمر فيه هذه المنظومة في السعودية ببوصلة رقمية للتاجر والعميل على حد سواء، وهذا يحدد نجاح مستقبلها.

ولفت إلى أن التجارة الإلكترونية تحظى بأهمية كبيرة في السعودية، حيث يمكنها أن تحدث تحولًا جذرياً فيما يتعلق بالأساليب والعادات التجارية التقليدية، وذلك من خلال توفر المنتجات والخدمات بسهولة ويسر من خلال الإنترنت، وزيادة فرص التبادل التجاري على مستوى المملكة والدول المجاورة، وكذلك إضفاء الشفافية والمصداقية على عملية البيع والشراء وتحسين تجربة المستخدم، وزيادة الإيرادات والطلب على المنتجات المحلية.

وشدّد على مساهمة نمو التجارة الإلكترونية بالسعودية في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030» بازدهار الاقتصاد الوطني، عن طريق توفير كثير من فرص العمل، وتحفيز المنافسة في القطاعات الواعدة، وإتاحة الفرصة أمام رجال الأعمال والمستثمرين للمساهمة في تنمية عجلة الاقتصاد عبر ضخ رؤوس أموالهم في قطاع التجارة الإلكترونية.

وأبان أن نسبة الذين يفضلون التسوق عبر الإنترنت من إجمالي سكان المملكة بلغت ما يقارب 77 في المائة، «ما يجعل الاستثمار في هذا القطاع الحيوي في غاية الأهمية».

يشار إلى أن المملكة تحتل المرتبة 31 في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية خلال عام 2023، وتستهدف الوصول إلى المركز الخامس بحلول 2030. وتعدّ من أكبر 20 اقتصاداً في العالم، إذ تقدمت 10 مراكز في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية 2023 (IDI) لتكون ثانية على مستوى دول العشرين، كما أنها جاءت ثالثة في مؤشر نضج الحكومة الرقمية.


مقالات ذات صلة

ملتقى الميزانية 2025: البطالة بالسعودية تراجعت بشكل كبير في السنوات الماضية

الاقتصاد جلسة «الميزانية في دعم الخدمات الأساسية» من ضمن ملتقى الميزانية السعودية 2025 (الشرق الأوسط)

ملتقى الميزانية 2025: البطالة بالسعودية تراجعت بشكل كبير في السنوات الماضية

قال وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودي أحمد الراجحي، في ملتقى الميزانية السعودية 2025، إن نسب البطالة تراجعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية

الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط) play-circle 01:31

وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات القطاعية>

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية متحدثاً في ملتقى «الميزانية السعودية 2025» (الشرق الأوسط)

الجدعان في ملتقى الميزانية: «رؤية 2030» هدفت إلى المحافظة على مالية مستدامة

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن النمو المستدام يعتمد على مالية مستدامة، وأن «رؤية 2030» هدفت للمحافظة على مالية عامة مستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».