الاقتصاد التونسي يتباطأ إلى 0.2 % في الربع الأول وسط استمرار تعثر الاتفاق مع صندوق النقد

البنك الدولي توقع ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي إلى 5.25 مليار دولار في 2024

الاقتصاد التونسي يتباطأ إلى 0.2 % في الربع الأول وسط استمرار تعثر الاتفاق مع صندوق النقد
TT

الاقتصاد التونسي يتباطأ إلى 0.2 % في الربع الأول وسط استمرار تعثر الاتفاق مع صندوق النقد

الاقتصاد التونسي يتباطأ إلى 0.2 % في الربع الأول وسط استمرار تعثر الاتفاق مع صندوق النقد

تباطأ الاقتصاد التونسي إلى 0.2 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة مع نمو بنسبة 2.1 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وأرجع المعهد الوطني للإحصاء في تونس هذا التباطؤ إلى «ارتفاع نسق نمو القيمة المضافة في قطاع الخدمات الذي بلغ 1.9 في المائة على أساس سنوي وبالخصوص التعافي النسبي لنشاط القطاع الفلاحي» بعد مواسم زراعية متتالية صعبة ليسجل نمواً بواقع 1.6 في المائة.​​​​​​

وتعاني تونس من أزمة مالية حادة وسط تعطل لبرنامج محتمل مع صندوق النقد الدولي كانت ستحصل بموجبه على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار لكن الاتفاق النهائي تعثر.

يقول البنك الدولي، في تقرير له، منذ أيام، إن الانتعاش الاقتصادي في تونس تعثر بشكل مفاجئ في عام 2023، وسط جفاف حاد وظروف تمويل ضيقة ووتيرة منخفضة من الإصلاحات. وأوضح أن هــذا التباطــؤ أدى إلى جعل الاقتصاد التونسي في عام 2023 أقـل مــن مسـتواه قبل جائحة كوفيد، مسجلاً واحــداً مــن أبطــأ حالات الانتعاش في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وانخفــض نمو القطــاع الفلاحي، وهــو الســبب الرئيــسي لهــذا التباطــؤ الاقتصادي في عام 2023، بنســبة 11 في المائة، وهو ما أجبر الحكومة على فرض قيود على الري، ما يؤكد على الحاجة الملحة لتونس للتكيف مع تغير المناخ. كما أن ضعف الطلــب المحلي وضبــط الأوضاع المالية العامة قــد أديا إلى زيادة الخســائر المتصلة بالجفــاف؛ حيث أضر الانخفاض في قطاعي البنــاء والتجــارة ببعــض المكاسب التي تحققت من أسواق التصدير، لا سيما السياحة. وقد ترجم تباطؤ النمو، خصوصاً في القطاعات كثيفة العمال، إلى ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض نسبة المشاركة في القوى العاملة.

وعلى الرغم من محدوديّة الطلب، لا يزال معدل التضخم في مستوى 7.8 في المائة، مع تضخم أسعار المواد الغذائية بنسبة 10.2 في المائة. ويمكن إرجاع معظم هذا التضخم الأخير إلى ارتفاع الأرباح وأسعار الواردات، ما يؤكد التأثير الكبير لسياسات المنافسة والتجارة على الضغوط التضخمية. ومن ناحية أخرى، انخفض العجز التجاري من 17.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022. إلى 10.8 في المائة في عام 2023، مع انخفاض عجز الحساب الجاري أيضاً من 8.6 في المائة إلى 2.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها.

ويتوقع البنك الدولي انتعاشاً معتدلاً للاقتصاد التونسي بمعدل 2.4 في المائة عام 2024، و2.3 في المائة في 2025 – 2026، وقال إن توقعات النمو هذه تخضع لمخاطر كبيرة تتصل بظروف التمويل الخارجي وتطور الجفاف، ووتيرة الإصلاحات المالية وتلك الداعمة للمنافسة.

وأضاف: «ستظل المالية العامة والحساب الخارجي في تونس غير مستقرين في غياب التمويل الخارجي في مواجهة جدول سداد الديون الثقيل. وإذا ظلت وتيرة الإصلاحات ومستوى التمويل كافيين، فإننا نتوقع الحفاظ على النمو على المدى المتوسط إلى جانب الاستقرار في الاختلالات الكلية والمالية».

وكانت احتياجات التمويل الخارجي كبيرة في عام 2023 (13.4 مليار دينار تونسي - 4.29 مليار دولار، أو 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، حيث يمثل الاستهلاك 70 في المائة منها. ومن المتوقع أن ترتفع إلى 16.4 مليار دينار تونسي (5.25 مليار دولار) في عام 2024 (9.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، ويرجع معظمها (59 في المائة) مرة أخرى إلى سداد الديون. ولا يزال تأمين هذه الاحتياجات الكبيرة يشكل تحدياً ملحاً لتونس، مما يزيد من الضغط على الاقتصاد.

وفي مواصلة غياب مصادر رأس المال الخاصة، تواصل تونس الاعتماد على الإقراض السيادي لتمويل احتياجاتها الخارجية وسط ظروف تمويلية صعبة. وتعتمد بشكل أساسي على التمويل السيادي لتغطية احتياجاتها التمويلية الخارجية؛ حيث إن مصادر التمويل الأخرى لا يمكن الوصول إليها (التمويل الخاص الدولي) أو أنها لا تغطي سوى حصة صغيرة من احتياجات التمويل الخارجي، كما هي الحال بالنسبة للدول الأجنبية.

وقد شهد التمويل السيادي الأجنبي تراجعاً على مدى العامين الماضيين ولا توجد توقعات بأنه قد يغطي حصة أكبر من حاجات التمويل الخارجي في عام 2024، كما حصل في عام 2023، خصوصا في ظل غياب برنامج من صندوق النقد الدولي.

وفي مواجهة تشديد شروط التمويل الخارجي، اعتمدت تونس بشكل متزايد على البنوك المحلية - وفي الآونة الأخيرة على البنك المركزي - لتمويل موازنتها. وقد أدى هذا التحول إلى زيادة مواطن الضعف في النظام المالي، وأدى إلى تأثير المزاحمة؛ حيث تخصص البنوك حصة متزايدة من إقراض الحكومة على حساب القطاع الخاص.


مقالات ذات صلة

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

الاقتصاد حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الخميس، سلسلةً من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي»: تصاعد التوترات التجارية يزيد المخاطر على الاستقرار المالي

خلص البنك المركزي الأوروبي، في تقريره نصف السنوي للاستقرار المالي، إلى أن تصاعد التوترات التجارية العالمية يشكل خطراً على اقتصاد منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

«غولدمان ساكس» يتوقع وصول «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6500 نقطة بنهاية 2025

توقع «غولدمان ساكس» أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6500 نقطة بحلول نهاية عام 2025، لينضم إلى «مورغان ستانلي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.