«أوبك» تدعو الباحثين عن وظائف إلى العمل في صناعة النفط

الغيص: الأمر يتعلق بخفض الانبعاثات وليس الطلب على الخام

عمال يعملون في حقل نفطي في إقليم هوبي الصيني (رويترز)
عمال يعملون في حقل نفطي في إقليم هوبي الصيني (رويترز)
TT

«أوبك» تدعو الباحثين عن وظائف إلى العمل في صناعة النفط

عمال يعملون في حقل نفطي في إقليم هوبي الصيني (رويترز)
عمال يعملون في حقل نفطي في إقليم هوبي الصيني (رويترز)

دعا أمين عام منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» هيثم الغيص، جميع الباحثين عن فرص عمل، من جميع الأجيال، إلى التفكير في العمل بصناعة النفط، مؤكداً أنها «فرصة... لتوفير الطاقة للعالم».

وقال الغيص في مقال على الموقع الإلكتروني للمنظمة، الاثنين، إن لدى «أوبك» رسالة واضحة وثابتة بشأن الوظائف في صناعة النفط، وهي أن «العالم سيحتاج إلى المزيد منها... نتوقع أن ينمو الطلب على النفط إلى 116 مليون برميل يومياً (من نحو 100 مليون برميل يومياً حالياً) بحلول عام 2045، ولتحقيق ذلك، ومواصلة تطوير التقنيات للحد من الانبعاثات، سنحتاج إلى المزيد من العمالة».

وأشار الغيص، في هذا الصدد، إلى أنه من المثير للقلق أن نسمع عن «أزمة توظيف»، تواجه صناعة النفط، ونقص وشيك في العمالة، وأن جيل الشباب «يُستبعد» من ممارسة هذه المهنة، مع تقديم عدد أقل من الموضوعات المتعلقة بالنفط في الجامعات.

هيثم الغيص أمين عام «أوبك»

وعزا ذلك إلى مجموعة من العوامل وراء هذه الاتجاهات، بما في ذلك التصور بأن صناعة النفط لن تكون جزءاً من مستقبل الطاقة المستدامة، مشيراً إلى تقرير وكالة الطاقة الدولية لخريطة صافي الانبعاثات الصفرية الصادر آخر عام 2023، الذي توقع فقدان 13 مليون وظيفة في الصناعات المرتبطة بالوقود الأحفوري بين عامي 2022 و2030؛ أي في 8 سنوات سيفقد نحو 1.6 مليون شخص وظائفهم سنوياً، أو 135 ألفاً في الشهر، أو 4500 يومياً. وأشار الغيص إلى أنه إن كان الأمر كذلك، فمن المفترض أن يتم خلق وظائف جديدة في الصناعات البديلة، لكنه أشار إلى التحديات التي لا حصر لها، مستشهداً بتقرير عن توظيف الطاقة في العالم، صادر أيضاً عن وكالة الطاقة الدولية، يشير إلى أن «هناك حدوداً لإمكانية نقل المهارات إلى قطاعات الطاقة النظيفة».

وقال الغيص: «أرسلت وكالة الطاقة الدولية إشارات متضاربة حول احتياجات العمالة في المستقبل القريب. قبل عام تقريباً من إطلاق وكالة الطاقة الدولية لأول مرة سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية (NZE) في عام 2021، صرح المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، في مقابلة مع وكالة (الأناضول): قلقي الرئيسي هو أن هناك ملايين الأشخاص حول العالم يعملون في النفط والقطاعات المرتبطة به. كما تعد صناعات الغاز الطبيعي والنفط ركائز قوية للاقتصاد العالمي. وإذا انهارت هذه الصناعات، فسيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي أيضاً».

وأكد الغيص أن صناعة النفط والغاز تلعب دوراً مهماً في التوظيف على مستوى العالم، مشيراً إلى أن تأثيرها يمتد إلى أبعد من مجرد وظيفة أو مجموعة وظائف؛ «فهي بالنسبة للاقتصادات المحلية والوطنية، لها فوائد مضاعفة كبيرة، وتولد فرصاً لمجموعة واسعة من الشركات».

ويشمل ذلك، وفق المقال، أجزاء أخرى مختلفة من سلسلة توريد التصنيع وشركات النقل والفنادق والمطاعم والمحلات التجارية. وفي المجمل، تدعم صناعة النفط وحدها نحو 70 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم.

وأشار الغيص إلى أن صناعة النفط تنتشر في جميع أنحاء العالم، وتوجد في مناطق وبلدات وقرى ومجتمعات، تكون فيها صاحبة الكلمة الرئيسية، ومحرك الفرص الاقتصادية، وموطن منصات الحفر، ومصافي النفط، وجامعات النفط، ومصدر فخر مدنياً ومحلياً. فتوجد «المدن النفطية» في كل ركن من أركان المعمورة، على سبيل المثال: ميدلاند، وتكساس، وأبردين، وأسكوتلندا، والظهران، والمملكة العربية السعودية، وبورت هاركورت، ونيجيريا، والأحمدي في موطني الكويت، على سبيل المثال لا الحصر.

خفض الانبعاثات

وفي مقال منفصل نشرته منصة «ميس» المتخصصة في الطاقة، بعنوان: «الأمر يتعلق بخفض الانبعاثات... وليس الطلب على النفط»، أكد الغيص على أن الوتيرة التي يتزايد بها الطلب العالمي على الطاقة، تعني أن البدائل لا يمكن أن تحل محل النفط بنفس النسبة، وقال: «بدلاً من الدعوة إلى وقف استخدام النفط، ينبغي أن يكون التركيز على خفض الانبعاثات».

وأبدى الغيص في المقال، الذي نُشر بتاريخ 26 أبريل (نيسان)، قلقه من انتشار مصطلحات مثل: «نهاية النفط»، والتي تقلل أو تغفل التفاصيل الرئيسية المتعلقة بالطلب الحالي والمستقبلي على النفط، محذراً من فوضى في قطاع الطاقة نتيجة انتهاج سياسة هذه المصطلحات، وتساءل: ماذا لو انخفضت الاستثمارات، وبالتالي تراجع العرض من النفط نتيجة لذلك، لكن الطلب على النفط استمر في الارتفاع، كما نشهد اليوم؟

وكتب الغيص صراحة: «على الرغم من أن الهدف الرئيسي لاتفاق باريس بشأن تغير المناخ هو الحد من الانبعاثات - وليس اختيار مصادر الطاقة - فإنه يبدو أن هذا قد تم نسيانه، وحل محله خطابات جامدة لتقليل الطلب على الهيدروكربونات دون التفكير في التأثير على أمن الطاقة، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية أو الحد من فقر الطاقة».

وأشار هنا إلى أن «هناك من ينسى أن النفط لا يزال يشكل عنصراً لا يمكن تعويضه في تعزيز الرخاء العالمي والحفاظ على أمن الطاقة... وفي هذا الصدد، لم يكن إد كونواي يبالغ في كتابه (العالم المادي) - أحد أفضل كتب مجلة (الإيكونوميست) لعام 2023 - عندما ذكر أن عصر النفط أنقذ البشرية من الكثير من كدح العمل اليدوي... ورفع مستوى الأجور في جميع أنحاء العالم... ساعدنا ويعيش لفترة أطول... ويوفر المواد الكيميائية التي نصنع منها الأسمدة التي تبقي نصف الكوكب على قيد الحياة».

مركزية النفط

وتحدث عن مميزات صناعة النفط، قائلاً: «من السهل أحياناً أن ننسى مدى أهمية النفط في حياتنا اليومية، ولكن من دونه لن يكون لدينا البنزين وزيت التدفئة ووقود الطائرات والمحاقن والصابون وأجهزة الكمبيوتر وإطارات السيارات والعدسات اللاصقة والأطراف الصناعية والعديد من أنواع الأدوية... وأكثر بكثير. كما أن الألياف الزجاجية والراتنج والبلاستيك اللازمة لبناء معظم توربينات الرياح، والإيثيلين المستخدم في الألواح الشمسية، لن تكون موجودة أيضاً».

وأضاف: «الحقيقة هي أن نهاية النفط ليست في الأفق... لا يزال النفط يشكل ما يقرب من ثلث مزيج الطاقة العالمي حالياً، ويستمر الطلب العالمي على النفط في الارتفاع. وفي العام الماضي، شهدنا نمواً في الطلب العالمي بنحو 2.5 مليون برميل يومياً، وتتوقع منظمة (أوبك) والعديد من الوكالات الأخرى نمواً كبيراً في السنوات المقبلة أيضاً».

ويوضح بحث لـ«أوبك» مدى الضرر الذي يمكن أن يحدثه ذلك على أمن الطاقة عند الإشارة إلى عجز كبير في سوق النفط يزيد عن 16 مليون برميل يومياً، بين توقعات ارتفاع الطلب العالمي على النفط والعرض بحلول عام 2030، إذا توقفت الاستثمارات في أنشطة المنبع اليوم.

وذكر أمين عام «أوبك»: «يتعين علينا أن نتذكر أن استهلاك النفط في البلدان النامية يتراوح حالياً بين أقل من برميل واحد إلى أقل قليلاً من برميلين للشخص الواحد سنوياً، مقارنة بتسعة في الاتحاد الأوروبي، و22 في الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

كازاخستان تؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

الاقتصاد وزير الطاقة الكازاخستاني ألماسادام ساتكالييف يحضر اجتماعاً حكومياً في أستانا (رويترز)

كازاخستان تؤكد أهمية التزامات «أوبك بلس» لاستقرار السوق

تخطط كازاخستان لإنتاج 88.4 مليون طن من النفط في عام 2024 بدلاً من 90.3 مليون طن المعلن عنها سابقاً، حسبما قال وزير الطاقة ألماسادام ساتكالييف.

«الشرق الأوسط» (أستانا)
الاقتصاد وحدات تخزين في مزرعة خزانات النفط المركزية ميرو في قرية نيلاهوزيفيس في التشيك (رويترز)

النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية

حوَّمت أسعار النفط قرب أعلى مستوى في أسبوعين يوم الاثنين في أعقاب مكاسب بنسبة 6 % في الأسبوع الماضي

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري دعم الوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد منصة غاز في عرض البحر (رويترز)

«قطر للطاقة» تعزز حصصها البحرية بحوض «أورانج» في ناميبيا

أعلنت شركة «قطر للطاقة»، الأحد، أنها أبرمت اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز» لشراء حصص استكشاف بحرية إضافية في حوض «أورانج» قبالة سواحل ناميبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اختيار بيسنت لمنصب وزير الخزانة يرفع أسعار السندات في الأسواق الآسيوية

شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)
شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)
TT

اختيار بيسنت لمنصب وزير الخزانة يرفع أسعار السندات في الأسواق الآسيوية

شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)
شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)

ارتفعت سندات الخزانة الأميركية في الجلسة الآسيوية يوم الاثنين مع ترحيب المستثمرين في السندات باختيار سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية، مع الاعتماد على يد ثابتة في إدارة المالية العامة للحكومة. ويُنظر إلى بيسنت، مدير الصناديق، بوصفه صوتاً للأسواق في إدارة الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب ومحافظاً مالياً من المرجح أن يرغب في إبقاء العنان للعجز الأميركي.

وانخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل عشر سنوات، والتي ارتفعت 80 نقطة أساس منذ سبتمبر (أيلول)، بأكثر من 6 نقاط أساس في التعاملات الآسيوية إلى 4.347 في المائة وامتد الارتفاع على طول المنحنى.

وانخفضت العائدات لأجل عامين 3.2 نقطة أساس إلى 4.336 في المائة وانخفضت العائدات لأجل 30 عاماً بمعدل 6.3 نقطة أساس إلى 4.533 في المائة.

تنخفض العائدات عندما ترتفع أسعار السندات. وإذا استمر الارتفاع، فسيكون أحد أكبر الارتفاعات لسوق السندات في عدة أسابيع.

وذكر بيسنت تفضيله لتنمية الولايات المتحدة من ديونها الضخمة، وخفض العجز وزيادة إنتاج الطاقة. وقال لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن خفض الضرائب والإنفاق سيكون من الأولويات.

وقال نيك فيريس، كبير مسؤولي الاستثمار في «فانتاتج بوينت آست مانجمنت» في سنغافورة: «يُنظر إليه على أنه متشدد في التعامل مع العجز. أشعر أن هذا (الارتفاع) هو أيضاً وظيفة للتمركز بعد ارتفاع العائدات وقوة الدولار على مدى الأسابيع الستة الماضية».

لم يتغير تسعير خفض أسعار الفائدة في الأمد القريب في الولايات المتحدة، الذي تم دفعه خلال الأسابيع الأخيرة على أساس علامات على اقتصاد أميركي قوي ومراهنات على سياسات ترمب التي تغذي التضخم، كثيراً في آسيا.

تقدر الأسواق احتمالات خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول) بنحو 50 في المائة.