«صندوق النقد» يُعلن عن تسريع إعادة هيكلة الديون وتحسين معاملة الدول المَدينة

قال إن الولايات المتحدة والصين بحاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات لمعالجة الاختلالات المالية

بيير أوليفييه غورينشاس كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي ونائبة مدير إدارة الأبحاث بيتيا كويفا بروكس في مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)
بيير أوليفييه غورينشاس كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي ونائبة مدير إدارة الأبحاث بيتيا كويفا بروكس في مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

«صندوق النقد» يُعلن عن تسريع إعادة هيكلة الديون وتحسين معاملة الدول المَدينة

بيير أوليفييه غورينشاس كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي ونائبة مدير إدارة الأبحاث بيتيا كويفا بروكس في مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)
بيير أوليفييه غورينشاس كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي ونائبة مدير إدارة الأبحاث بيتيا كويفا بروكس في مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

تُعد مشكلة الديون العالمية من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي اليوم، حيث وصلت مستوياتها إلى أرقام قياسية لم يسبق لها مثيل، ممّا يشكل عبئاً هائلاً على الدول والأفراد على حدٍ سواء.

ومع ارتفاع الدين العام العالمي بشكل طفيف ليصل إلى 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وهو ما يزيد بنحو 9 نقاط مئوية عن مستواه قبل جائحة كورونا، يضع صندوق النقد الدولي معالجةَ الديون العالمية على رأس أولوياته، حيث حظيت هذه القضية باهتمام كبير خلال اجتماعات الربيع المنعقدة حالياً في واشنطن.

تقدم ملحوظ في قضايا الديون العالمية

وفي هذا الإطار، قال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبرازيل، الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، يوم الأربعاء إن هناك تقدماً ملحوظاً في قضايا الديون العالمية خلال الأشهر الأخيرة، مشيرين إلى اتفاقات جديدة بشأن الجداول الزمنية المطلوب ومعاملة المتعاملين بالمثل.

وأصدرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي أجاي بانجا، ووزير المالية البرازيلي فرناندو حداد، بياناً مشتركاً بعد اجتماع على مستوى الوزراء لاجتماع المائدة المستديرة العالمي بشأن الديون السيادية (GSDR) التي تجمع بين الدول المدينة والدائنين والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص لتحريك عمليات إعادة هيكلة الديون التي توقفت لفترة طويلة وبناء فهم أكبر حول طرق معالجة التحديات، وذلك على هامش الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وفق «رويترز».

وأشار البيان إلى أن المناقشات أكدت الحاجة إلى تحسين الوضوح والتنسيق والشفافية بين مجموعات الدائنين، وتزويد الدول المدينة بالمقاييس لكيفية تقييم ديونها الخاصة. كما يجب أن يضمن الدائنون من القطاع الخاص والدولة المدينة، قبل الانتهاء من اتفاق المبدأ وإعلانه، أن تكون الصفقة قد تمت مراجعتها من قبل موظفي صندوق النقد الدولي بشأن التوافق مع أهداف الديون ومعايير البرنامج، ومع الدائنين الثنائيين الرسميين بشأن معاملة المتعاملين بالمثل.

ونوّه البيان بالتقدم المحرز في تسريع الجداول الزمنية للمرور بعملية إعادة الهيكلة، والانتقال من اتفاقية على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، لكنه قال إن الجداول الزمنية لا تزال طويلة جداً.

كما اتفق المشاركون على تقصير الجدول الزمني لتشكيل لجنة رسمية للدائنين(OCC)، وهي خطوة من شأنها أيضاً أن تساعد على التواصل والتنسيق مع الدائنين من القطاع الخاص وتسريع عمليات إعادة الهيكلة الخاصة بهم.

المزيد من الحرية لدعم الدول المتعثرة

كما أيد مجلس إدارة الصندوق تغييراً رئيسياً لمنحه مزيداً من الحرية لدعم البلدان المتضررة من الأزمة حتى لو كانت عمليات إعادة التفاوض بشأن الديون مع الحكومات الدائنة الكبرى مثل الصين لا تزال جارية.

ويتمثل الاقتراح في إصلاح ما يسميه الصندوق بسياسة الإقراض للمتأخرات الرسمية (LIOA)، وهو إطار يحدد ما إذا كان بإمكانه إقراض دولة تدين بأموال لدولة أخرى عضو في صندوق النقد الدولي ومتى.

وقال الصندوق في بيان إن مجلسه التنفيذي أقر «إصلاحات لتعزيز قدرة صندوق النقد الدولي على دعم الدول التي تقوم بإعادة هيكلة الديون».

وسيكون التغيير الرئيسي هو أنه سيكون قادراً على إقراض بلد لم يتم التوصل فيه إلى اتفاق ديون مع واحد أو أكثر من دائنيه الثنائيين، إذا تم تزويد الصندوق «بضمانات إضافية»، وفق شبكة «سي إن بي سي أفريكا».

وقال صندوق: «أيد المديرون إضافة شق رابع يسعى الصندوق بموجبه إلى الحصول على ضمانات إضافية عندما لم يتم التوصل إلى اتفاق تمثيلي مناسب من خلال منتدى تمثيلي دائم».

عبء الديون المتزايد يُهدد الولايات المتحدة والصين

في المقابل، حذر صندوق النقد الولايات المتحدة من أن عجزها المالي الضخم أدى إلى زيادة التضخم وشكل «مخاطر كبيرة» على الاقتصاد العالمي، متوقعاً أن تسجل عجزاً مالياً بنسبة 7.1 في المائة العام المقبل - أكثر من ثلاثة أضعاف المتوسط البالغ 2 في المائة للاقتصادات المتقدمة الأخرى.

كما أثار المخاوف بشأن ديون الحكومة الصينية، حيث من المتوقع أن تسجل البلاد عجزاً بنسبة 7.6 في المائة في عام 2025 - أكثر من ضعف المتوسط البالغ 3.7 في المائة للأسواق الناشئة الأخرى - في الوقت الذي تتعامل فيه بكين مع ضعف الطلب وأزمة الإسكان، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وكانت الولايات المتحدة والصين من بين أربع دول وصفها الصندوق بأنها بحاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات سياسية لمعالجة الاختلالات الأساسية بين الإنفاق والإيرادات. أما الدول الأخرى فكانت المملكة المتحدة وإيطاليا.

وقال الصندوق إن الإنفاق المفرط من جانب الولايات المتحدة والصين على وجه الخصوص يمكن أن تكون له «آثار عميقة على الاقتصاد العالمي ويشكل مخاطر كبيرة على التوقعات المالية الأساسية في الاقتصادات الأخرى».

ويوم الثلاثاء، قال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشا، إن الوضع المالي للولايات المتحدة «مثير للقلق بشكل خاص»، مما يشير إلى أنه قد يعقد محاولات مجلس الاحتياطي الفيدرالي لإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وأضاف: «إنه يزيد المخاطر على المدى القصير لعملية تباطؤ التضخم، فضلاً عن مخاطر الاستقرار المالي على المدى الطويل للاقتصاد العالمي».

وارتفعت أعباء ديون الحكومات بعد ارتفاع الإنفاق خلال المراحل الأولى من الوباء والارتفاعات الكبيرة في تكاليف الاقتراض العالمية، حيث سعت المصارف المركزية إلى ترويض أسوأ نوبة تضخم منذ عقود.

وقال مكتب الموازنة في الكونغرس إن حجم الديون الفيدرالية للولايات المتحدة بلغ 26.2 تريليون دولار، أو 97 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في نهاية العام الماضي. وتتوقع هيئة الرقابة المالية المستقلة أن يطابق أعلى مستوى سابق له بعد الحرب العالمية الثانية بنسبة 116 في المائة في عام 2029.

وفي الاقتصادات المتقدمة الأخرى، مثل منطقة اليورو، تم كبح العجز المالي خلال عام 2023.

لكن صندوق النقد قال إن الولايات المتحدة أظهرت «انزلاقات مالية كبيرة بشكل ملحوظ»، حيث وصل العجز المالي إلى 8.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي - أي أكثر من ضعف رقم العجز البالغ 4.1 في المائة المسجل لعام 2022.

وأشار إلى أن العجز المالي في البلاد ساهم بنسبة 0.5 نقطة مئوية في التضخم الأساسي - وهو مقياس لضغوط الأسعار الأساسية التي تستثني الطاقة والغذاء. وهذا يعني أن أسعار الفائدة الأميركية ستحتاج إلى أن تظل أعلى لفترة أطول لإعادة التضخم إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

واعتبر أن «الزيادات الكبيرة والمفاجئة» في تكاليف الاقتراض الأميركي تؤدي عادة إلى ارتفاعات في عائدات السندات الحكومية في جميع أنحاء العالم واضطرابات في أسعار الصرف في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

وقال: «إن التداعيات غير المباشرة لأسعار الفائدة العالمية يمكن أن تساهم في تشديد الأوضاع المالية، وزيادة المخاطر في أماكن أخرى».

أما بالنسبة إلى ديون الحكومة الصينية، فتميل على عكس سندات الخزانة الأميركية، إلى الاحتفاظ بها محلياً، لذلك من غير المرجح أن يؤثر الارتفاع الحاد على الأسواق العالمية بنفس الطريقة. لكن الصندوق قال إن ديناميكيات الديون في البلاد لا تزال تؤثر على شركائها التجاريين.

وأضاف: «إن تباطؤ النمو في الصين بشكل أكبر من المتوقع، الذي من المحتمل أن يتفاقم بسبب التشديد المالي غير المقصود نظراً للاختلالات المالية الكبيرة في الحكومات المحلية، يمكن أن يولد آثاراً سلبية غير مباشرة على بقية العالم من خلال انخفاض مستويات التجارة الدولية والتمويل الخارجي والاستثمارات».

وقال كبير مسؤولي السياسة المالية في الصندوق، فيتور غاسبار، إن القوة الاقتصادية لكل من الولايات المتحدة والصين تعني أن لديهما الوقت الكافي للسيطرة على مواردهما المالية. ورأى أن الحكومتين تتمتعان بمساحة مالية أكبر من نظيرتيهما، مما يمنحهما «مساحة أكبر للمناورة للتصحيح والسيطرة».

وبحسب الصندوق، فإنه من دون بذل جهود حاسمة لخفض العجز، سيستمر الدين العام في الارتفاع في العديد من الدول، مع توقع أن يقترب الدين العام العالمي من 99 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029. وستكون الزيادة مدفوعة من قبل الصين والولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يرتفع إلى ما هو أبعد من القمم التاريخية.

«عام الانتخابات الكبرى» يُهدد المالية العامة

وفي تقريره الجديد عن الراصد المالي، حث الصندوق الدولي على كبح الإنفاق المالي وإعادة بناء الاحتياطات المالية، لكنه قال إن ذلك قد يكون صعباً في أكبر عام انتخابي في العالم على الإطلاق.

ويرى أن الخطر الأكثر حدة على المالية العامة ينشأ من العدد القياسي للانتخابات المقرر إجراؤها في عام 2024، مما يؤدي إلى تسميته بـ«عام الانتخابات الكبرى»، وفق «رويترز».

قال صندوق النقد الدولي إن تجاوز الموازنة أمر محتمل في كثير من الأحيان في سنوات الانتخابات، وهو خطر يتفاقم بسبب زيادة الطلب على الإنفاق الاجتماعي. وأشار إلى أن العجز في سنوات الانتخابات يميل إلى تجاوز التوقعات بنسبة 0.4 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالسنوات غير الانتخابية.

وقال الصندوق في مدونة نُشرت مع التقرير: «ينبغي على الحكومات أن تتخلص تدريجياً من إرث سياسات المالية في عصر الأزمات، بما في ذلك دعم الطاقة، وأن تسعى إلى إجراء إصلاحات للحد من ارتفاع الإنفاق مع حماية الفئات الأكثر ضعفاً».

دعوة إلى إصلاح ضريبي عالمي

على صعيد آخر، قالت غورغييفا إن سد الثغرات الضريبية وضمان دفع الأثرياء لحصتهم العادلة من الضرائب يمكن أن يساعد في تعبئة الأموال المطلوبة بشكل عاجل لتحقيق نمو مستدام وشامل.

وأضافت أن أبحاث صندوق النقد الدولي أظهرت أن إنهاء التهرب الضريبي من قبل الشركات يمكن أن يوفر إيرادات إضافية بقيمة 200 مليار دولار سنوياً للحكومات، في حين أن تطبيق ضريبة الحد الأدنى العالمية للشركات من شأنه أن يزيد الإيرادات بما يقدر بـ150 مليار دولار سنوياً.

وقال صندوق النقد إن الاقتصادات الناشئة والنامية يمكنها زيادة الإيرادات الضريبية عن طريق تحسين أنظمة الضرائب لديها وتوسيع القواعد الضريبية وتعزيز القدرات المؤسسية - وهو ما يؤدي مجتمعاً إلى تحقيق ما يصل إلى 9 في المائة إضافية من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار إلى أن الاقتصادات المتقدمة التي لديها سكان مسنين يجب أن تقوم بإصلاح برامج الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية لاحتواء ضغوط الإنفاق. كما يمكن أن تعزز الإيرادات من خلال استهداف الأرباح المفرطة كجزء من نظام ضريبة دخل الشركات.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

صندوق النقد: مستعدون لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك اليوم الخميس إن الصندوق مستعد لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار مع المجتمع الدولي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (أكرا)
الاقتصاد (كونا) توقع صندوق النقد الدولي استمرار انتعاش القطاع غير النفطي في الكويت

صندوق النقد الدولي يتوقع 2.6% نمواً لاقتصاد الكويت في 2025

توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الكويت بنسبة 2.8 في المائة إضافية في عام 2024 بسبب التخفيضات الإضافية في إنتاج «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي السعودي في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

الأصول الاحتياطية لـ«المركزي السعودي» ترتفع إلى 433.8 مليار دولار في أكتوبر

ارتفع إجمالي الأصول الاحتياطية في «البنك المركزي السعودي (ساما)» ، بـ2.19 في المائة، على أساس سنوي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مسجلاً 433.8 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الدولار يسجل مكاسب شهرية تتجاوز 2 % مع اقتراب نهاية العام

أوراق من الدولار الأميركي في أحد البنوك في وستمنستر (رويترز)
أوراق من الدولار الأميركي في أحد البنوك في وستمنستر (رويترز)
TT

الدولار يسجل مكاسب شهرية تتجاوز 2 % مع اقتراب نهاية العام

أوراق من الدولار الأميركي في أحد البنوك في وستمنستر (رويترز)
أوراق من الدولار الأميركي في أحد البنوك في وستمنستر (رويترز)

مع اقتراب نهاية العام، تراجع نشاط التداول في الأسواق المالية، في حين يظل التركيز الأساسي للمستثمرين منصباً على توقعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. واستقر الدولار الأميركي قرب أعلى مستوياته في عامين مقابل سلة من العملات الرئيسية عند 108.15 نقطة، مسجلاً مكاسب شهرية تتجاوز 2 في المائة.

ومنذ أن أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في الاجتماع الأخير للسياسة النقدية هذا العام إلى تخفيض محدود في أسعار الفائدة خلال العام المقبل، ارتفعت توقعات الأسواق إلى ما يعادل نحو 35 نقطة أساس من التيسير النقدي لعام 2025، وفق «رويترز».

وأدى هذا التوجه إلى تعزيز عوائد سندات الخزانة الأميركية وصعود الدولار، ما أثقل كاهل السلع والمعادن النفيسة، وفي مقدمتها الذهب. وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 2.6 نقطة أساس ليصل إلى 4.613 في المائة، مسجلاً مكاسب شهرية تقارب 40 نقطة أساس حتى الآن. وبالمثل، صعد العائد على السندات لأجل عامين إلى 4.3489 في المائة.

وقال توم بورشيلي، كبير الاقتصاديين الأميركيين لدى «بي جي آي إم» للدخل الثابت: «في ظل التيسير المحدود الذي أقره الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، نتوقع أن يتجاهل البنك اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في يناير (كانون الثاني)، بانتظار بيانات إضافية قبل اتخاذ أي خطوات جديدة بشأن دورة التيسير». وأضاف: «مع التحول نحو تيسير أكثر تحفظاً وتركيز الاحتياطي الفيدرالي على جوانب التفويض المزدوج، ستتحول أنظار السوق بشكل أكبر نحو البيانات الاقتصادية المرتقبة في العام المقبل».

وقدّمت البيانات الاقتصادية الأميركية الأخيرة صورة مختلطة، حيث سجلت طلبيات السلع المعمرة انخفاضاً بنسبة 1.1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ما يشير إلى تباطؤ محتمل في قطاع التصنيع. بالإضافة إلى ذلك، تراجع مؤشر ثقة المستهلك إلى 104.7 في ديسمبر مقارنةً بـ111.7 في الشهر السابق، ما يعكس ازدياد المخاوف لدى المستهلكين.

وكانت لهذه المؤشرات تأثير محدود على الدولار في ظل بيئة التداول الهادئة. ومع تقدم موسم العطلات، يتوقع المشاركون في السوق أن تظل أحجام التداول منخفضة، مما قد يؤدي إلى تحركات سعرية ضعيفة.

في المقابل، تكبّد الدولار الأسترالي والنيوزيلندي خسائر كبيرة أمام الدولار الأميركي، حيث تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.5 في المائة إلى 0.6238 دولار، وانخفض الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.58 في المائة إلى 0.5646 دولار. كما هبط اليورو بنسبة 0.18 في المائة إلى 1.0399 دولار، بينما استقر الين الياباني قرب أدنى مستوياته في 5 أشهر عند 157.35 مقابل الدولار.

وفي سوق العملات الرقمية، واصلت «بتكوين» خسائرها، متراجعة بنسبة 0.37 في المائة إلى 98071 دولاراً، بعد أن كانت قد تجاوزت حاجز 100 ألف دولار سابقاً، متأثرة بتوجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي التشددية. وفي سياق آخر، كشف وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف عن أن الشركات الروسية بدأت استخدام «بتكوين» والعملات الرقمية الأخرى في المدفوعات الدولية، استجابة للتعديلات التشريعية التي تهدف إلى مواجهة العقوبات الغربية.