البنك الدولي يخفّض توقعاته لنمو منطقة الشرق الأوسط إلى 2.7 % وسط مخاطر متصاعدة

أثنى على استمرار جهود التنويع في دول الخليج وتوقع 4.8 % للقطاع غير النفطي السعودي

توقع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع الدول المستوردة للنفط تقريباً (رويترز)
توقع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع الدول المستوردة للنفط تقريباً (رويترز)
TT

البنك الدولي يخفّض توقعاته لنمو منطقة الشرق الأوسط إلى 2.7 % وسط مخاطر متصاعدة

توقع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع الدول المستوردة للنفط تقريباً (رويترز)
توقع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع الدول المستوردة للنفط تقريباً (رويترز)

أعلن البنك الدولي أن النمو الضعيف، وارتفاع مستويات المديونية، وازدياد حالة عدم اليقين الناجمة عن الصراعات في المنطقة، تُلقي بظلالها على جميع اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك في تقرير أصدره حول أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتوقع التقرير الذي حمل عنوان «الصراع والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أن تعود اقتصادات المنطقة إلى معدلات النمو المنخفض المماثل للفترة التي سبقت الجائحة.

وخفّض البنك الدولي توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.7 في المائة في عام 2024 من توقعات سابقة بـ3.5 في المائة في يناير (كانون الثاني).

وكما هو الحال في عام 2023، رجح البنك الدولي أن تنمو الدول المستوردة والمصدّرة للنفط بمعدلات أقل تفاوتاً مما كانت عليه في عام 2022، عندما أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تعزيز النمو في الدول المصدرة للنفط. وتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع الدول المستوردة للنفط تقريباً.

دول مجلس التعاون الخليجي

وبالنسبة إلى معدلات النمو في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، خفّض البنك الدولي توقعاته إلى 2.8 في المائة في 2024، من 3.6 في المائة، فيما رفع توقعاته لنمو العام المقبل إلى 4.7 في المائة من 3.8 في المائة.

وأرجع البنك الدولي النمو المتوقع إلى ارتفاع إنتاج النفط بسبب الإلغاء التدريجي لخفض حصص إنتاج النفط والنمو القوي في القطاع غير النفطي بفضل جهود تنويع النشاط الاقتصادي وتطبيق الإصلاحات.

وقال التقرير إن البلدان المصدرة للنفط ستنمو بنسبة 2.8 في المائة في 2024، انخفاضاً من 3.1 في المائة في عام 2023. في حين يتوقع أن يتراجع النمو في البلدان النامية المستوردة للنفط إلى 2.5 في المائة في 2024 انخفاضاً من 3.1 في المائة في 2023.

وفيما يتعلق بالسعودية، يتوقع البنك الدولي أن تحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 2.5 في المائة هذا العام انخفاضاً من توقعاته السابقة في يناير (كانون الثاني) بنسبة 4.1 في المائة، لكنه رفع توقعاته للعام المقبل إلى 5.9 في المائة من 4.2 في المائة. وقال إن الاقتصاد السعودي سجل نمواً بنسبة -0.9 في المائة بسبب انكماش قطاع الهيدروكربونات بنسبة 9.2 في المائة في حين كان النمو في القطاع غير النفطي قوياً لكنه لم يكن كافياً لتعويض التراجع في أنشطة النفط.

ويتوقع البنك الدولي أن ينمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 4.8 في المائة بفضل السياسات التوسعية للمالية العامة.

وقال البنك إن السعودية والكويت تمكنتا من احتواء التضخم من خلال سياسات نقدية متشددة ودعم كبير للمواد الغذائية والطاقة، مما يعكس اتجاهاً أوسع نطاقاً نحو خفض معدلات التضخم في المنطقة.

الصراع يُغرق غزة في الركود

وأشار التقرير إلى الآثار الاقتصادية للصراع الدائر في الشرق الأوسط على المنطقة، حيث أوشك النشاط الاقتصادي في غزة على التوقف التام. كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة بنسبة 86 في المائة في الربع الأخير من عام 2023، وانزلقت الضفة الغربية إلى ركود عميق، مع أزمات متزامنة في القطاعين العام والخاص.

أما عن التأثير الاقتصادي للصراع على بقية المنطقة، فقال البنك إنه لا يزال تحت السيطرة نسبياً، على الرغم من ازدياد حالة عدم اليقين. على سبيل المثال، تمكنت صناعة النقل البحري من التكيف مع الصدمات الحالية من خلال تغيير مسارات السفن لتجنب المرور عبر البحر الأحمر، لكن أي تعطيل طويل المدى للطرق التي تمر عبر قناة السويس قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأولية إقليمياً وعالمياً.

مديونية متنامية

وعن ارتفاع مستويات الديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كشف التقرير عن أنه بين عامَي 2013 و2019، شهدت اقتصادات المنطقة زيادة في متوسط نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي بأكثر من 23 نقطة مئوية. كما أدت الجائحة إلى تفاقم الوضع مع انخفاض الإيرادات وزيادة الإنفاق لدعم التدابير الصحية، نتج عنه زيادة احتياجات التمويل لعدد كبير من البلدان.

وأظهرت البيانات أن الديون المتنامية تتركز إلى حد كبير في الدول المستوردة للنفط، حيث تتجاوز نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 50 في المائة من المتوسط العالمي لاقتصادات الأسواق الناشئة والنامية. وبحلول عام 2023، ستقترب نسب الدين في هذه الدول من 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى بثلاث مرات من النسب المسجلة في الدول المصدرة للنفط في المنطقة.

إصلاحات هيكلية ضرورية

وحسب التقرير، لا تزال الدول المستوردة للنفط في المنطقة تكافح من أجل تخفيف أعباء ديونها المتنامية، الأمر الذي يتطلب تنفيذ عدد من الإجراءات المالية الصارمة للسيطرة على الديون. ومن الجوانب الحاسمة -وفقاً للبنك الدولي- أن البنود التي لا تظهر في الموازنة العامة، والتي لعبت دوراً كبيراً في اقتصاديات بعض دول المنطقة، أثّرت سلباً في شفافية الديون والمالية العامة.

في المقابل، تواجه الدول المصدّرة للنفط تحديات لتنويع اقتصاداتها وماليتها العامة، بسبب التغيرات الهيكلية في أسواق النفط العالمية والطلب المتنامي على مصادر الطاقة المتجددة. وبشكل عام، أوصى البنك اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية، خصوصاً في مجالات تعزيز الشفافية، لتحفيز النمو وضمان مستقبل مستدام.


مقالات ذات صلة

ستارمر يكشف «خطة التغيير» لتعزيز الاقتصاد البريطاني

الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر خلال خطابه «خطة التغيير» في باكينغهامشير (أ.ب)

ستارمر يكشف «خطة التغيير» لتعزيز الاقتصاد البريطاني

عرض رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، «خطة التغيير» للحكومة، مشيراً إلى أنها ستتيح للشعب تقييم أداء حزب العمال بناءً على تنفيذ وعوده.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ترمب ينظر إلى باول مرشحه لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الثاني من نوفمبر 2017 (أرشيفية - رويترز)

باول في رد غير مباشر على ترمب: استقلال «الفيدرالي» عن السياسة حيوي لقراراته

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تحديد أسعار الفائدة بعيداً عن التدخلات السياسية ضرورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث بعد اجتماع السياسة النقدية في فرنكفورت خلال 12 سبتمبر 2024 (رويترز)

لاغارد: النمو في منطقة اليورو قد يضعف والمخاطر السلبية تهيمن

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في جلسة استماع برلمانية، يوم الأربعاء، إن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو قد يكون أضعف في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت )
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف في بروكسل (رويترز)

توقعات بتأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو والتضخم بمنطقة اليورو

يوافق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن هذه الرسوم الجمركية المحتملة ستؤثر في النمو، رغم تباين الآراء بشأن تأثيرها في أسعار المستهلكين.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

الصين تضبط سياسات التحفيز الاقتصادي استعداداً لإدارة ترمب

زحام في وقت الذروة بأحد الطرق الرئيسية في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
زحام في وقت الذروة بأحد الطرق الرئيسية في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

الصين تضبط سياسات التحفيز الاقتصادي استعداداً لإدارة ترمب

زحام في وقت الذروة بأحد الطرق الرئيسية في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
زحام في وقت الذروة بأحد الطرق الرئيسية في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

تعمل الصين على ضبط السياسات لتنشيط اقتصادها استعداداً لعلاقات غامضة مع الولايات المتحدة في ظل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مما يمنح الشركات المصنعة ميزة سعرية بنسبة 20 في المائة في المبيعات للحكومة الصينية.

وتأتي هذه الخطوات قبل مؤتمر التخطيط الاقتصادي السنوي رفيع المستوى، المقرر عقده الأسبوع المقبل، الذي سيساعد في تحديد استراتيجية الصين للعام المقبل.

وأعلنت وزارة المالية أنها تسعى للحصول على تعليقات عامة على خطة «صنع في الصين» حتى الرابع من يناير (كانون الثاني). وقالت إنه لكي تتأهل المنتجات، يجب أن تكون مصنوعة بالكامل في الصين، من مرحلة المواد الخام إلى المنتجات النهائية، على الرغم من أن بعض المكونات يجب أن تلبي المعايير للحصول على حصة من الإنتاج المحلي.

وذكرت وكالة أنباء «شينخوا» التي تديرها الدولة، الجمعة، أن المنتجات الزراعية والغابات والمعادن ومصايد الأسماك مستبعدة.

وتبلغ المشتريات الحكومية بشكل عام نحو 10 في المائة أو أكثر من النشاط التجاري في الاقتصادات الكبرى. وبموجب البرنامج، ستحصل الشركات على ميزة سعرية بنسبة 20 في المائة، مع قيام الحكومة بتعويض الفرق، بوصفه جزءاً من سلسلة من التحركات لدعم مبيعات أقوى تشمل أيضاً تعزيز الاكتتاب في التأمين وسهولة الوصول إلى التمويل للتجارة الإلكترونية والشركات صغيرة ومتوسطة الحجم.

وقد ارتفعت الأسهم في الصين هذا الأسبوع على أمل أن يؤدي اجتماع التخطيط إلى المزيد من الدعم للاقتصاد المتباطئ، حيث يساعد انتعاش الصادرات في تعويض سوق العقارات الراكدة والإنفاق الاستهلاكي الضعيف. وقد حقق مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ ومؤشر شنغهاي المركب ارتفاعاً بأكثر من 2 في المائة هذا الأسبوع.

وقالت وزارة الخارجية في إشعار على موقعها على الإنترنت إنه قبل انعقاد هذا الاجتماع المغلق في بكين، من المقرر أن يعقد رئيس مجلس الدولة، لي تشيانغ، مؤتمراً يوم الاثنين مع رؤساء 10 منظمات دولية رئيسية بما في ذلك البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، لين جيان، إن المحادثات تهدف إلى تعزيز الاتصالات السياسية مع رؤساء المنظمات الاقتصادية الدولية.

وتركز موضوعات التجمع على تعزيز «الازدهار المشترك العالمي» و«دعم التعددية» وإحراز تقدم في إصلاحات الصين وتحديثها. وقد تكون التغييرات الكبرى في السياسات غير مرجحة حالياً، حيث ينتظر قادة الصين لمعرفة ما سيفعله ترمب.

وقال خبراء الاقتصاد في «إيه إن زد» في تقرير: «من المرجح أن يحتفظ صناع السياسات بمساحة مناورات سياسية لفترة السنوات الأربع لإدارة ترمب»، وأضافوا أن المجالات الرئيسية التي يجب التركيز عليها ستكون تعزيز الإنفاق الاستهلاكي والمزيد من المساعدة لقطاع العقارات.

وحدد قادة الصين هدفاً للنمو الاقتصادي «نحو 5 في المائة» لهذا العام. وفي الأرباع الثلاثة الأولى، بلغ متوسط ​​النمو 4.8 في المائة، ولكنه تباطأ تدريجياً. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، طرح المنظمون مجموعة من السياسات التي تهدف إلى المساعدة في عكس اتجاه التباطؤ في سوق الإسكان وتشجيع المزيد من الإنفاق من قبل الأسر الصينية التي كانت تشدد قيود الإنفاق منذ الوباء.

وفي إطار تقديمي قبل اجتماعات الأسبوع المقبل، قلل تعليق في صحيفة «الشعب اليومية» التابعة للحزب الشيوعي الحاكم من التركيز المعتاد على تحقيق أهداف النمو، مشيراً إلى أن الطفرة الصناعية التي جعلت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم جاءت «بثمن باهظ في الموارد والبيئة».

ومن جهة أخرى، كشفت الهيئة التنظيمية المالية في الصين، الجمعة، عن خطة لتعزيز الرقابة ودعم تطوير صناعة التأمين على الممتلكات، وفقاً لبيان ذكر أن البلاد ستدعم المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة للاستثمار في سوق التأمين على الممتلكات، وتشجع شركات التأمين على الممتلكات المحلية على تحسين توسعها الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الخطة دراسة تدابير السياسة لتعزيز تطوير تأمين المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة.