مصر: أسعار الفائدة تهدد مبادرات تمويل قطاعي الزراعة والصناعة

مزارع بحقل أرز في محافظة البحيرة المصرية (رويترز)
مزارع بحقل أرز في محافظة البحيرة المصرية (رويترز)
TT

مصر: أسعار الفائدة تهدد مبادرات تمويل قطاعي الزراعة والصناعة

مزارع بحقل أرز في محافظة البحيرة المصرية (رويترز)
مزارع بحقل أرز في محافظة البحيرة المصرية (رويترز)

تعد مبادرات التمويل منخفض الفائدة إحدى أدوات الحكومة المصرية لدعم قطاعي الصناعة والزراعة، لكن ارتفاع أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة قد يشكل تحدياً أمام تحقيق هذه المبادرات للهدف المرجو منها.

وفي الأسبوع الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استمرار بلاده في الإصلاح الاقتصادي، وتوطين الصناعة، وتوسيع رقعة الأراضي الزراعية، غير أنه قال إن الموقف الاقتصادي في بلاده «كان صعباً وما زال صعباً».

وأولت مصر في الآونة الأخيرة أهمية لقطاعي الصناعة والزراعة باعتبارهما أحد الحلول المستدامة لأزمة نقص العملات الأجنبية، وأعلنت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي عن دعم برنامج قروض ميسرة بقيمة 120 مليار جنيه لمصانع المناطق الحرة، والمشروعات الزراعية، والطاقة الجديدة والمتجددة.

وتوفر المبادرة الجديدة تمويلاً ميسراً بفائدة لا تتجاوز 15 في المائة للأنشطة الصناعية والزراعية، ومن المنتظر تخصيص 105 مليارات جنيه من المبادرة لتمويل رأس المال العامل، بالإضافة إلى 15 مليار جنيه لشراء الآلات والمعدات أو خطوط الإنتاج.

وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وتوطين الصناعة، وزيادة القدرة التنافسية للصادرات، وفقاً لبيان لوزارة المالية الأسبوع الماضي.

واتخذت مصر في الآونة الأخيرة سلسلة من الإجراءات، منها اعتماد سعر صرف مرن للجنيه، لينخفض من 30.9 جنيه للدولار إلى حوالي 47.5 جنيه للدولار، كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس لتصل إلى 27.25 في المائة في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة تمويل يمكن أن تصل قيمتها إلى تسعة مليارات دولار.

وبدأت أزمة العملة الصعبة في الانفراج مع إعلان الحكومة المصرية في فبراير (شباط) عن مشروع ضخم بالشراكة مع صندوق سيادي إماراتي لتطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط، يشمل استثمارات بقيمة إجمالية 35 مليار دولار تصل خلال شهرين.

وأعلن الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي عن حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو لمصر، من بينها قروض ميسرة بقيمة خمسة مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو ومنحة قدرها 600 مليون يورو. كما أعلنت مجموعة البنك الدولي أنها ستقدم أكثر من ستة مليارات دولار لمصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة لمواجهة أزمة شح العملة الصعبة وعجز الموازنة.

كان البنك المركزي المصري قد أطلق في الأعوام القليلة الماضية مبادرات لتمويل بعض الأنشطة الاقتصادية بفائدة تتراوح بين خمسة وثمانية في المائة لدعم قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والعقارات، قبل أن تنتقل تبعية هذه المبادرات من البنك المركزي إلى جهات حكومية، منها وزارة المالية استجابة لمتطلبات صندوق النقد الدولي.

وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة بقيمة 150 مليار جنيه لتمويل الصناعة والزراعة بفائدة 11 في المائة، قبل أن تطلق المبادرة الجديدة بفائدة تصل إلى 15 في المائة.

ويعتقد النائب تيسير مطر، وكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، أن هذه المبادرات جيدة لكنها لن تسهم في حل مشكلة الإنتاج في مصر. وقال مطر، وفق وكالة «أنباء العالم العربي»: «إطلاق أي مبادرة لدعم الصناعة والزراعة شيء جيد، لكن زيادة الإنتاج بقطاعات الصناعة والزراعة تحتاج إلى تمويل بفائدة أقل».

وأضاف «الفائدة التي أقرتها الحكومة في المبادرة الأخيرة مرتفعة للغاية، وستتسبب في زيادة الأسعار، ولن تحقق المستهدفات التي أعلنت عنها الحكومة من المبادرة».

وأشار إلى أنه من الضروري العودة إلى المبادرات القديمة التي تراوح سعر الفائدة فيها بين خمسة وثمانية في المائة، مطالباً كذلك بإقرار حزمة إعفاءات للمشروعات الصناعية الزراعية التي تعاني ديوناً ومشكلات مالية حتى تستطيع العودة للعمل والإنتاج.

ورفعت الحكومة المصرية أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود الشهر الماضي، بما يصل إلى 20 في المائة، في إطار التزام تعهدت به لصندوق النقد الدولي قبل أكثر من عام، مما قد يضيف تحدياً جديداً للإنتاج الزراعي والصناعي.

وأكد النائب نشأت فؤاد عباس، عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، ضرورة أن تواكب مبادرات التمويل منخفض الفائدة لقطاعي الزراعة والصناعة خطوات تحفيزية أخرى. وقال عباس لوكالة «أنباء العالم العربي»: «المبادرات ضرورية، ولكنّ قطاعي الصناعة والزراعة يحتاجان لما هو أكثر من ذلك».

وأوضح قائلاً: «قطاعا الزراعة والصناعة يواجهان أعباء عدة، وحتى نتمكن من زيادة الإنتاج يجب الاهتمام بالجوانب كافة، على سبيل المثال تقديم السولار بأقل من سعره للمزارعين».

وأشار إلى أن الفائدة التي تبلغ 15 في المائة في المبادرة الأخيرة للتمويل «مرتفعة ويجب العودة إلى التمويل بفائدة منخفضة كما كان الأمر سابقاً».

وأشار إلى أن المزارعين، خاصة من يملك مساحات صغيرة من الأرض، يواجهون مشكلات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والسولار، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على قطاع الزراعة؛ لأنهم يمثلون غالبية العاملين في هذا القطاع، على حد قوله.


مقالات ذات صلة

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

الاقتصاد وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

قال وزير المالية المصري إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو الحالي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «سرقة الكهرباء»

وسط إجراءات مصرية مكثفة لاستمرار «تنفيذ خطة عدم قطع الكهرباء» في البلاد، تدرس الحكومة المصرية تشديد عقوبات «سرقة الكهرباء».

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عامل في محطة وقود بالعاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر ترفع أسعار الوقود محلياً قبل مراجعة من صندوق النقد

رفعت مصر، الخميس، أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، قبل 4 أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة 8 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

محللون يتوقعون نمو الاقتصاد المصري 4 % في السنة المالية الجديدة

توقع اقتصاديون أن يكون نمو الاقتصاد المصري أبطأ قليلاً في السنة المالية الجديدة، عند 4 % عما كان متوقعاً في أبريل (نيسان) الماضي، عند 4.3 %.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

الدين الخارجي لمصر يسجل أكبر تراجع تاريخي

قال مصدر رفيع بالبنك المركزي المصري، إن الدين الخارجي يتراجع من مستوياته المرتفعة، ليسجل «أكبر تراجع تاريخي، بقيمة تتجاوز 14 مليار دولار منذ ديسمبر 2023».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

قال لياو مين، نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية للطاقة التصنيعية المفرطة للصين.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن لياو، قوله فى مقابلة حصرية معها في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، نشرتها السبت: «على مدار عقود كانت الصين قوة لخفض معدلات التضخم في العالم عبر توفير المنتجات الصناعية بجودة عالية وأسعار ملائمة».

وكان لياو يشارك في اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بالدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالبرازيل. وأضاف: «وهي توفر الآن البضائع الخضراء للعالم، فيما تسعى الدول إلى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030».

وأوضح لياو، أن الطلب العالمي على السيارات الكهربائية سوف يتراوح بين 45 مليوناً و75 مليون سيارة، بحلول ذلك الحين، وهو ما يتجاوز بكثير الطاقة الإنتاجية للعالم، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وجاءت تصريحات المسؤول الصيني، بعد يوم من تعهد يلين «بمواصلة الضغط على الصين للنظر في نموذج الاقتصاد الكلي الخاص بها».

وتواجه الصين حواجز تجارية متنامية من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسط انتقاد للإفراط في الإنتاج الصناعي الصيني، وتداعيات ذلك على القطاعات الصناعية والشركات.

ويمضي الاتحاد الأوروبي قدماً صوب فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية القادمة من الصين، في حين هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، بفرض رسوم بقيمة 50 في المائة، أو أكثر، على واردات السوق الأميركية من البضائع الصينية حال فوزه بالانتخابات المقررة في نوفمبر(تشرين الثاني) 2024.

كانت بعض الدول النامية، مثل تركيا والبرازيل فرضت رسوماً جمركية على وارداتها من المنتجات الصينية، بما يشمل الصلب والسيارات، رغم أن هذه الدول لم تنتقد السياسة الصناعية للصين بالقدر نفسه.

وأوضح نائب وزير المالية الصيني أنه في الوقت الذي تهتم فيه بكين بمخاوف الشركات الرئيسية بشأن فائض التصنيع، فإنها معنية بالتهديدات التجارية مثل الرسوم.

وأوضح لياو، الذي كان عضواً ضمن فريق التفاوض الصيني بشأن الحرب التجارية، مع أميركا خلال رئاسة ترمب السابقة: «يجب علينا التواصل على نحو صريح فيما يتعلق بقواعد اقتصاد السوق والوقائع الحقيقية».

وزار لياو الولايات المتحدة من قبل، حيث التقى ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. كما استقبل يلين عندما زارت الصين خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي

وانتقدت وزارة الخزانة الأميركية الاستراتيجية الاقتصادية للصين، واصفة إياها بأنها تشكل «تهديداً لاستمرار الشركات والعمال في أنحاء العالم».