صندوق النقد الدولي: الأسواق الناشئة في مجموعة الـ20 تقود الآن الصدمات الاقتصادية العالمية

وزير المالية السعودي يرأس اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية في اجتماعات الربيع

صورة من اجتماعات الخريف للصندوق والبنك الدوليين في مراكش (رويترز)
صورة من اجتماعات الخريف للصندوق والبنك الدوليين في مراكش (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي: الأسواق الناشئة في مجموعة الـ20 تقود الآن الصدمات الاقتصادية العالمية

صورة من اجتماعات الخريف للصندوق والبنك الدوليين في مراكش (رويترز)
صورة من اجتماعات الخريف للصندوق والبنك الدوليين في مراكش (رويترز)

تؤثر الصدمات المحلية في الاقتصادات الناشئة في مجموعة العشرين بشكل متزايد على النمو في العالم، وفقاً لتقرير نشره صندوق النقد الدولي قبل أيام على بدء اجتماعات الربيع في واشنطن، من 17 إلى 19 أبريل (نيسان) الجاري.

وتجمع اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بين محافظي المصارف المركزية ووزراء المالية والتنمية والبرلمانيين والمسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص، وممثلي منظمات المجتمع المدني، والأكاديميين، لمناقشة القضايا ذات الاهتمام العالمي، بما في ذلك الآفاق الاقتصادية العالمية، والقضاء على الفقر، والتنمية الاقتصادية.

وفي بداية الاجتماعات، سوف تطلق المديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.

في بداية الاجتماعات تطلق المديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا تقرير آفاق الاقتصاد العالمي (أ.ف.ب)

وسيرأس وزير المالية السعودي محمد الجدعان اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، وهي الجهاز الداعم المعني بالسياسات المنبثق من مجلس محافظي صندوق النقد الدولي، بعدما تم تعيينه رئيساً للجنة بدءاً من الرابع من يناير (كانون الثاني) 2024. وتُجري هذه اللجنة مداولات حول قضايا السياسات الرئيسية التي تواجه صندوق النقد الدولي. وتجتمع في العادة مرتين سنوياً: في اجتماعات الربيع، وأثناء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في الخريف.

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ورئيس البنك الدولي أجا بانغا في اجتماعات الخريف (رويترز)

وكتب صندوق النقد الدولي، في فصل من تقريره آفاق الاقتصاد العالمي قبل الاجتماعات: «منذ عام 2000، زادت الآثار غير المباشرة الناجمة عن الصدمات المحلية في الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين، وخصوصاً الصين، وصارت من حيث الحجم قابلة للمقارنة مع تلك الناجمة عن الصدمات في الاقتصادات المتقدمة».

وأضاف أن دولاً -بدءاً من الصين- ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى الأرجنتين المعرضة للتخلف عن سداد الديون، صارت جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي؛ لا سيما عبر التجارة ودورات إنتاج السلع الأساسية، ولم تعد «مجرد طرف متلقٍ للصدمات العالمية».

ويرى الصندوق أنه منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، ضاعفت الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين حصتها في التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر، وباتت تمثل الآن نحو 30 في المائة من النشاط الاقتصادي العالمي، ونحو ربع التجارة العالمية. كما أصبحت نظامية على نحو متزايد، من خلال اندماجها في سلاسل القيمة العالمية، مع القدرة على تحريك الأسواق العالمية. وهذا يعني ضمناً -وفقاً لصندوق النقد- أن التأثيرات غير المباشرة على النمو نتيجة للصدمات الناشئة في هذه الاقتصادات يمكن أن تخلِّف تداعيات أعظم كثيراً على النشاط العالمي.

ويضيف أن الطبيعة المتشابكة للاقتصادات تؤكد المخاطر التي يتعرض لها العالم الغني من الصدمات في الدول البعيدة، ولكنها تؤكد أيضاً على الدفعة التي يمكن أن تحصل عليها إذا تعززت الاقتصادات مرة أخرى.

يرى الصندوق أنه منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية ضاعفت الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين حصتها في التجارة العالمية (رويترز)

الناتج المحلي الإجمالي العالمي

يشير صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصادات الناشئة العشرة في مجموعة العشرين (وهي: الأرجنتين، والبرازيل، والصين، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وجنوب أفريقيا، وتركيا) نجحت في مضاعفة حصتها المجمعة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي منذ عام 2000، وأن هذا «لم يساعد في توفير الزخم العالمي للنمو والتجارة فحسب؛ بل كان أيضاً قوة لخفض تقلبات الإنتاج -بفضل التنويع بين البلدان- والتقارب في مستويات الدخل والمعيشة».

مع الإشارة إلى أن بيانات الصندوق تظهر نمو الناتج المحلي في السعودية من 189.5 مليار دولار في عام 2000 إلى 1.1 تريليون دولار في 2023.

مع ذلك، فقد أدى تلاشي آفاق النمو في الأسواق الناشئة في مجموعة العشرين إلى دفع أكثر من نصف التباطؤ البالغ 1.9 نقطة مئوية في النمو العالمي على المدى المتوسط منذ الأزمة المالية العالمية؛ حيث تمثل الصين نحو 40 في المائة من هذا التباطؤ. وقد ضعفت توقعات النمو على المدى المتوسط للأسواق الناشئة في مجموعة العشرين بمقدار 0.8 نقطة مئوية إلى 3.7 في المائة، نتيجة للآثار الناجمة عن الجائحة وصدمات الأسعار التي أعقبت الحرب الروسية- الأوكرانية.

وبشكل عام، زادت التداعيات غير المباشرة بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً، منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بقيادة الصين، في حين زادت أيضاً مخاطر التداعيات من البرازيل والهند والمكسيك بشكل معتدل.

وتكافح الصين للتغلب على الرياح الاقتصادية المعاكسة التي طال أمدها، مع ارتفاع مستويات ديون الحكومات المحلية التي تحد من الاستثمار في البنية التحتية، ودخول سوق العقارات عامها الرابع من السقوط الحر. وتتعرض ثقة المستهلكين والمستثمرين أيضاً لضغوط.

وقال صندوق النقد الدولي، إن تحول الاقتصاد الروسي نحو آسيا من المرجح أن يغير اتجاه التأثيرات غير المباشرة.

وفي مختلف الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين، حذَّر صندوق النقد الدولي من أن متوسط النمو بنسبة 6 في المائة سنوياً على مدى السنوات العشرين الماضية من شأنه أن يتباطأ، وخفض توقعات النمو على المدى المتوسط إلى 3.7 في المائة.

الشركات الأجنبية

ويمكن لمفاجآت النمو الإيجابية أن تعزز نمو إيرادات الشركات الأجنبية في قطاعات مثل المعدات الكهربائية والآلات والمنتجات المعدنية، التي تعتمد بشكل أكبر على الطلب من الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين. ومن الممكن أن يساعد النمو الأسرع في الأسواق الناشئة -مثل إندونيسيا وتركيا- الشركات الأجنبية في القطاعات الأكثر اعتماداً على المدخلات الأرخص، وفق التقرير.

ولكن النمو الأسرع بين الأسواق الناشئة قد يعني أيضاً أنها تعمل على توسيع قدرتها الإنتاجية، في اتجاه تصنيع وتصدير سلع جديدة تتنافس بشكل مباشر مع تلك السلع التي تصنعها الشركات في الخارج. ويبدو أن تأثير المنافسة على الواردات من البلدان ذات الأجور المنخفضة، مثل الصين والمكسيك، يهيمن على القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الموردين الأجانب كالمنسوجات والمواد الكيميائية. «ولذلك ليس من المستغرب أن الصدمات في الأسواق الناشئة لمجموعة العشرين يمكن أن تؤدي أيضاً إلى عمليات إعادة تخصيص كبيرة للنشاط الاقتصادي عبر البلدان والقطاعات»، وفق صندوق النقد الدولي.


مقالات ذات صلة

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد منظر عام لمنجم «كوبري بنما» المملوك لشركة «فيرست كوانتوم مينيرالز» الكندية في دونوسو (رويترز)

تقرير: قطاع المعادن والتعدين يحافظ على مرونته في مواجهة التحديات الحالية

أكد التقرير الدولي الذي نشرته شركة «كي بي إم جي» حول المعادن والتعدين، التزام القطاع الراسخ بالاستدامة والتحول الرقمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة في قمة «بريكس» (رويترز) play-circle 00:45

قمة «بريكس»... بوتين يؤكد تعزيز نفوذ المجموعة في «عالم متعدد الأقطاب»

افتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشق الرسمي لأعمال قمة مجموعة «بريكس»، التي تستضيفها بلاده بصفتها رئيساً للمجموعة هذا العام.

رائد جبر (موسكو)
الاقتصاد عامل على خط إنتاج في مصنع رقائق إلكترونية صيني (رويترز)

التكنولوجيا الصينية تدخل «حرباً اقتصادية طويلة»

قررت الصين أن تحارب على عدة جبهات اقتصادية، مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة معاً، بعد أن استهدفا مؤخراً قطاعات السيارات والرقائق والتكنولوجيا الصينية

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مصنع تسلا الأميركية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين 28 % في 5 أشهر

تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، قيد الاستخدام الفعلي، في الصين، بنسبة 28.2 في المائة، ليبلغ 57.94 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)

121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار في المنطقة خلال 2023

مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)
مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)
TT

121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار في المنطقة خلال 2023

مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)
مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)

أعلنت «المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)» ارتفاع قيمة الالتزامات القائمة لتأمين الاستثمار والتمويل والصادرات الموجهة للمنطقة العربية بمعدل 7 في المائة، إلى نحو 260 مليار دولار بنهاية عام 2023، لتمثل نحو 8 في المائة من الإجمالي العالمي.

ووفق بيان صحافي صادر عن المؤسسة، الأحد، توزّعت تلك الالتزامات ما بين 83 في المائة لتأمين ائتمان الصادرات الموجهة للمنطقة، و8 في المائة للتأمين ضد المخاطر السياسية (بقيمة 22 مليار دولار)، و9 في المائة لعمليات تأمين أخرى عبر الحدود.

وذكر البيان، بمناسبة إصدار النشرة الفصلية الثالثة «ضمان الاستثمار» لعام 2024، أن بيئة التجارة والاستثمار العالمية واجهت خلال عام 2023 كثيراً من التحديات والمخاطر، التي مثلت فرصاً واعدة لصناعة التأمين ضد المخاطر السياسية والتجارية، تزامناً مع استمرار التوترات الجيوسياسية في العالم وفي المنطقة العربية، لذا شهدت العمليات الجديدة لتأمين الاستثمار والتمويل والصادرات الموجهة إلى الدول العربية (الواردات) زيادة بمعدل 17 في المائة عام 2023، لتتجاوز 121 مليار دولار، لتبلغ نسبة الواردات المؤمَّن عليها 9 في المائة من إجمالي الواردات السلعية العربية خلال العام نفسه.

وأضاف البيان أنه «في سياق سعي المؤسسة لدراسة ومتابعة ورصد مستجدات قطاع تأمين التجارة والاستثمار والتمويل عالمياً وإقليمياً بالتعاون مع (اتحاد بيرن)، كشفت بيانات أداء القطاع في المنطقة العربية عدداً من الحقائق أبرزها: ارتفاع حصة الدول العربية إلى 4 في المائة من مجمل الالتزامات الجديدة لتأمين التجارة والاستثمار والتمويل في العالم خلال عام 2023».

كما واصل تأمين ائتمان الصادرات الموجهة للدول العربية في مختلف الآجال استحواذه على النصيب الأكبر من الالتزامات الجديدة بحصة 88 في المائة، في حين بلغت حصة التأمين ضد المخاطر السياسية ما نسبته 4 في المائة، ونحو 9 في المائة للالتزامات الأخرى عبر الحدود.

وتركَّزت التزامات التأمين الجديدة جغرافياً في 5 دول عربية، استحوذت على نحو 78 في المائة من الإجمالي، تصدَّرتها السعودية (28 في المائة)، ثم الإمارات (23 في المائة)، تلتهما مصر (13 في المائة)، ثم المغرب (9 في المائة)، ثم الجزائر (5 في المائة).

كما واصلت الوكالات العامة لتأمين ائتمان الصادرات استحواذها على الحصة الكبرى من إجمالي الالتزامات الجديدة في المنطقة العربية خلال عام 2023 بحصة تجاوزت 62 في المائة، في حين استحوذت وكالات التأمين الخاصة على نحو 38 في المائة من الإجمالي.

وتركز نحو 78 في المائة من الالتزامات الجديدة لتأمين ائتمان الصادرات الموجهة للمنطقة في المديين المتوسط والطويل، والتأمين ضد المخاطر السياسية خلال عام 2023، في 3 قطاعات رئيسية هي البنية التحتية، والطاقة، والتصنيع.

وذكر البيان، أن التعويضات المدفوعة عن التزامات التأمين في المنطقة العربية شهدت ارتفاعاً بمعدل 48 في المائة، لتبلغ نحو 713 مليون دولار خلال عام 2023، تزامناً مع ارتفاع التعويضات المستردة بنسبة 23 في المائة لتبلغ 457 مليون دولار. وتركزت غالبية التعويضات المدفوعة عن التزامات التأمين طويلة الأجل في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، بحصة تجاوزت 76 في المائة.

وأكد البيان أنه في ظل استمرار التحديات الناتجة عن تصاعد التوترات الجيوسياسية في مناطق عدة حول العالم، تسعى المؤسسة إلى تعزيز قدراتها الشاملة في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية القائمة والمحتملة في المنطقة، كما تحرص على تعزيز تحالفاتها مع اللاعبين الإقليميين والدوليين الرئيسيين في الصناعة، وفي مقدمتهم اتحادا «بيرن» و«أمان»، وجميع الجهات المعنية في المنطقة والعالم.