الشركات الأوروبية في الصين تعاني من «بيئة مسيّسة»

اجتماع مجموعة العمل المشتركة في بكين لمناقشة التعاون المالي

مشاة يعبرون الطريق في مدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)
مشاة يعبرون الطريق في مدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)
TT

الشركات الأوروبية في الصين تعاني من «بيئة مسيّسة»

مشاة يعبرون الطريق في مدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)
مشاة يعبرون الطريق في مدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)

تبادلت الصين وأوروبا الآراء بشأن بناء سوق رأس المال والتمويل المستدام، ونقل البيانات عبر الحدود ودفع الأموال عبر الحدود، وذلك خلال أول اجتماع لمجموعة العمل يومي 18 و19 مارس (آذار) الحالي، وفقاً لبيان نُشر على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي الصيني.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن المؤسسات المالية من الجانبين استمعت لمقترحات بشأن مجالات التعاون الرئيسية والمطالب المتعلقة بفتح الأسواق. ووفقاً لبيان البنك المركزي الصيني، شارك في الاجتماع محافظ البنك بان غونغشينغ، وسفير الاتحاد الأوروبي في الصين خورخي توليدو.

وتأتي الاجتماعات، بينما تواجه الشركات الأوروبية في الصين ظروف عمل «يصعب توقعها»، وفق ما جاء في تقرير الأربعاء، وهو ما يجبرها بالتالي على تخصيص مزيد من الموارد لإدارة المخاطر.

ويسلط التقرير الذي نشرته غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجهها الشركات الأجنبية في أنشطتها في البلاد.

وتحدّثت أكثر من نصف الشركات المستطلعة (55 في المائة) عن مناخ أعمال مسيّس بشكل أكبر خلال العام الأخير، وفق استطلاع أجرته مؤخرا الغرفة التي تمثّل أكثر من 1700 شركة موجودة في الصين.

وخلص الاستطلاع أيضاً إلى أن «شعور عدم اليقين العام» هذا دفع ثلاثة أرباع الشركات الأوروبية لمراجعة تعاملها مع الصين، وتنويع سلاسل الإمداد على مدى العامين الأخيرين... لكن 12 في المائة منها فقط قررت تأسيس سلاسل إمداد جديدة تماماً خارج الصين، بينما سيقطع واحد في المائة منها فقط جميع الصلات مع البلاد.

ويلتقي التقرير بتسليطه الضوء على الضبابية مع الآراء الواردة في تقرير صدر مؤخراً عن غرفة التجارة الأميركية. وأشار تقرير فبراير (شباط) إلى تفاؤل أعضاء الغرفة الأميركية حيال السوق الصينية، لكنه أضاف أن التوتر بين الولايات المتحدة والصين، وعدم الاتساق التنظيمي هما من بين التحديات الرئيسية التي تم ذكرها.

وقال إن معظم أعضاء الغرفة يخططون لاستثمارات محدودة أو عدم القيام بأي استثمارات جديدة في الصين في 2024. وأشار إلى أنه «على الرغم من التحسن الكبير مقارنة مع العام الماضي، تفتقر غالبية الشركات (57 في المائة) إلى الثقة بأن الصين يمكن أن تفتح أسواقها أكثر أمام الشركات الأجنبية».

وجاء في تقرير الغرفة الأوروبية الأربعاء أنه «مع ازدياد تعقيد وشدة المخاطر التي تواجهها الأعمال التجارية بشكل هائل في السنوات الأخيرة، تضطر الشركات الآن إلى تخصيص مزيد من الموارد لإدارة المخاطر وأنشطة الامتثال أكثر من أي وقت سابق».

وأفادت بأنه للتعامل مع هذه المخاطر، يمكن أن يصبح الاستثمار في خدمات العناية الواجبة ومراجعات سلاسل الإمداد المفصّلة ميزة تنافسية. لكن حملة أمنية استهدفت مؤخراً الشركات الاستشارية التي تنشط في الصين أثارت قلق المستثمرين الأجانب، بينما تمنح تغييرات جديدة على قانون مكافحة التجسس بكين سلطة أكبر من أي وقت مضى لتحديد طبيعة المعلومات التي تندرج تحت مظلة الأمن القومي.

وذكر التقرير أن «خفض المخاطر» برز في الشهور الأخيرة بوصف ذلك ركيزة لسياسة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية حيال الصين، إذ بات ضرورياً بعد وباء «كوفيد - 19»، والغزو الروسي لأوكرانيا.

ويتناقض المصطلح مع النهج الأكثر جذرية المعروف بـ«فك الارتباط» الذي يسعى إليه عدد من صانعي السياسات في الولايات المتحدة بهدف عزل الصين، أو قطع جميع العلاقات التجارية معها.

ويرى الاتحاد الأوروبي الصين على أنها «شريك»، ولكن أيضاً بوصفها «منافساً اقتصادياً»... لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي انتقد هذا الموقف على اعتبار أنه «غير واقعي أو مجد» خلال مؤتمر صحافي هذا الأسبوع. وقال إنه «أشبه بسيارة تتحرّك باتّجاه تقاطع لتجد الإشارات الحمراء والخضراء والصفراء جميعها مضاءة في الوقت ذاته».


مقالات ذات صلة

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

الاقتصاد رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:26

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

تمثل المشاريع السعودية العملاقة فرصة ثمينة لزيادة حصة استثمارات إدارة المرافق المتوقعة بإجمالي مبالغ تتجاوز 60 مليار دولار خلال 2030

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد أحد ملتقيات التوظيف المباشر في القطاع الخاص بالسعودية (واس)

رفع الدعم المالي للتوظيف في البلديات والإسكان بالسعودية إلى 50 %

رفعت وزارة البلديات والإسكان السعودية نسبة الدعم المالي في منتج دعم التوظيف، وذلك من ضمن الجهود الهادفة للتوطين وزيادة نسبة السعوديين في القطاعين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».