الاتحاد الأوروبي يقر أول قانون رئيسي لتنظيم الذكاء الاصطناعي

من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ بنهاية الدورة التشريعية في مايو

وافق برلمان الاتحاد الأوروبي على أول مجموعة من القواعد التنظيمية لإدارة الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى تمكين الابتكار مع ضمان الحقوق الأساسية (رويترز)
وافق برلمان الاتحاد الأوروبي على أول مجموعة من القواعد التنظيمية لإدارة الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى تمكين الابتكار مع ضمان الحقوق الأساسية (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يقر أول قانون رئيسي لتنظيم الذكاء الاصطناعي

وافق برلمان الاتحاد الأوروبي على أول مجموعة من القواعد التنظيمية لإدارة الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى تمكين الابتكار مع ضمان الحقوق الأساسية (رويترز)
وافق برلمان الاتحاد الأوروبي على أول مجموعة من القواعد التنظيمية لإدارة الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى تمكين الابتكار مع ضمان الحقوق الأساسية (رويترز)

وافق برلمان الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، على أول مجموعة رئيسية من القواعد التنظيمية الأساسية لإدارة الذكاء الاصطناعي المتطور الذي يعد في طليعة الاستثمار التكنولوجي.

وتوصل الاتحاد الأوروبي إلى توافق سياسي مؤقت في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، وتم التصديق عليه لاحقاً في جلسة البرلمان يوم الأربعاء، حيث صوت لصالحه 523 صوتاً، وعارضه 46 صوتاً، مقابل امتناع 49 عن التصويت؛ وفق شبكة «سي إن بي سي».

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، تييري بريتون، في تغريدة له: «أصبحت أوروبا الآن رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي».

ووصفت رئيسة برلمان الاتحاد الأوروبي، روبرتا ميتسولا، القانون بأنه رائد، وقالت إنه سيمكن من الابتكار مع ضمان الحقوق الأساسية. وكتبت في منشور على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي: «الذكاء الاصطناعي هو بالفعل جزء كبير من حياتنا اليومية. والآن، سيصبح جزءاً من تشريعاتنا أيضاً.

ورحب المشرع الذي أشرف على مفاوضات الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاقية، دراغوس تيودوراش بالاتفاقية، لكنه أشار إلى أن العقبة الأكبر تبقى في التنفيذ».

ويصنف قانون الذكاء الاصطناعي الصادر عام 2021 هذه التكنولوجيا إلى فئات حسب المخاطر، تتراوح بين غير مقبولة - والتي ستؤدي إلى حظر التكنولوجيا - إلى مخاطر عالية ومتوسطة ومنخفضة.

ومن المتوقع أن يدخل القانون حيز التنفيذ في نهاية الدورة التشريعية في مايو (أيار)، بعد اجتياز الفحوصات النهائية والحصول على موافقة من المجلس الأوروبي. ثم سيتم تنفيذه على مراحل ابتداءً من عام 2025.

ودافعت بعض دول الاتحاد الأوروبي سابقاً عن التنظيم الذاتي بدلاً من القيود التي تقودها الحكومة، وسط مخاوف من أن القوانين الصارمة يمكن أن تعيق التقدم الأوروبي لمنافسة الشركات الصينية والأميركية في قطاع التكنولوجيا. وشمل المعارضون ألمانيا وفرنسا اللتين تضمان بعضاً من الشركات الناشئة الواعدة في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا.

ويسعى الاتحاد الأوروبي جاهداً للتصدي لتأثير التكنولوجيا على المستهلكين وسيطرة شركات التكنولوجيا الكبرى على السوق.

وأقر الاتحاد الأسبوع الماضي تشريعاً تاريخياً للمنافسة يهدف إلى كبح جماح شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة. وبموجب قانون الأسواق الرقمية، يستطيع الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسات المناهضة للمنافسة من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى، وإجبارها على فتح خدماتها في المجالات التي يقيد سيطرتها فيها الخيارات المتاحة أمام المستخدمين ويعيق نمو الشركات الصغيرة. وقد تم وضع ست شركات تحت المراقبة، وهي: عمالقة التكنولوجيا الأميركية «ألفابت»، و«أمازون»، و«أبل»، و«ميتا»، و«مايكروسوفت»، و«بايت دانس الصينية».

وتزايدت المخاوف بشأن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، حتى مع استثمار شركات كبرى، مثل «مايكروسوفت»، و«أمازون» و«غوغل»، وشركة تصنيع الرقائق «إنفيديا» في هذا المجال. وتحذر الحكومات من إمكانية استخدام تقنية «ديب فيك» - وهي تقنية ذكاء اصطناعي تنتج أحداثاً ملفقة تشمل الصور ومقاطع الفيديو - خلال الفترة التي تسبق إجراء انتخابات عالمية رئيسية هذا العام.

وتلجأ بعض شركات الذكاء الاصطناعي بالفعل إلى التنظيم الذاتي لتجنب المعلومات المضللة. وأعلنت «غوغل» يوم الثلاثاء أنها ستحد من نوعية استفسارات متعلقة بالانتخابات التي يمكن طرحها على روبوت المحادثة الخاص بها «جيميني»، وأكدت أنها نفذت التغييرات بالفعل في الولايات المتحدة والهند.

وصرح تودوراش على وسائل التواصل الاجتماعي في 12 مارس (آذار) أن «قانون الذكاء الاصطناعي» دفع بتطوير الذكاء الاصطناعي في اتجاه يضمن سيطرة البشر على هذه التكنولوجيا، حيث ستساعد على تحقيق النمو الاقتصادي والتقدم المجتمعي واستكشاف الإمكانيات البشرية.

ويعد خبراء قانونيون إقرار هذا القانون إنجازاً بارزاً على صعيد تنظيم الذكاء الاصطناعي عالمياً، وقد يمهد الطريق لكي تحذو دول أخرى حذو الاتحاد الأوروبي.

وأشار ستيفن فارمر، وهو شريك ومتخصص في الذكاء الاصطناعي لدى شركة «بيلسبري» للمحاماة الدولية، إلى أن الاتحاد الأوروبي كان السباق مرة أخرى في وضع مجموعة شاملة من اللوائح القانونية. وأضاف أن الاتحاد تحرك مبكراً لتنظيم البيانات، ما أدى إلى إصداره لائحة حماية البيانات العامة (جي دي بي آر) والتي «نشهد تقارباً عالمياً تجاهها». وعد أن قانون الذكاء الاصطناعي يبدو تكرارا للتاريخ.

وأكد خبير السياسة العامة في «بينسنت ماسونس»، مارك فيرغسون على أن إقرار القانون هو مجرد البداية، وأن على الشركات العمل بشكل وثيق مع المشرعين لفهم كيفية تطبيقه مع استمرار تطور هذه التكنولوجيا سريعة التقدم.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا شعار شركة «أبل» يظهر وسط أفراد يصطفون للحصول على هاتف «آيفون» في مدريد 26 سبتمبر (أيلول) 2014 (أ.ف.ب)

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

قال البيت الأبيض إن شركة «أبل» وقعت على الالتزامات الطوعية التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن وتحكم استخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سيدة تسير إلى جوار متجر «آيفون» في مدينة ووهان الصينية (رويترز)

«أبل» تنضم للشركات الملتزمة بقواعد البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي

انضمت شركة «أبل» إلى حوالي 12 شركة تكنولوجيا التزمت اتباع مجموعة قواعد للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص ينتظر أن يشهد أولمبياد باريس عشرة أضعاف الحوادث السيبرانية التي استهدفت أولمبياد طوكيو (شاترستوك)

خاص 4 مليارات حادث سيبراني متوقع في أولمبياد باريس

فريق «استخبارات التهديدات» والذكاء الاصطناعي في طليعة أسلحة أول مركز موحد للأمن السيبراني في تاريخ الأولمبياد.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

الذكاء الاصطناعي... جيد في الفنون سيئ في الرياضيات

يحدد الاحتمالات ولا يجري حسابات قائمة على القواعد.

ستيف لور (نيويورك)
تكنولوجيا يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

ابتكر باحثون بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية.

نسيم رمضان (لندن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.