أبقى بنك الاستثمار الأميركي «غولدمان ساكس» على توقعاته بأن خفض قيمة الجنيه المصري مؤخراً من المرجح أن يؤدي لتسريع عملية انحسار التضخم، على الرغم من قفزة سجلها معدل التضخم السنوي في مدن البلاد إلى 35.7 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.
لكن البنك رفع في الوقت نفسه توقعاته في مذكرة بحثية، وفق وكالة «أنباء العالم العربي»، لمعدل التضخم بنهاية العام الحالي، إلى 19 في المائة تقريباً من 16 في المائة على أساس سنوي في السابق، كما يتوقع حالياً انخفاضاً حاداً بمؤشر أسعار المستهلكين في 2025، مقارنة مع تقديراته السابقة.
وسجل معدل التضخم السنوي في مدن مصر 35.7 في المائة من 29.8 في المائة بالشهر السابق، ليزيد بنسبة 10 في المائة على متوسط توقعات السوق التي بلغت 25.1 في المائة، وتوقعات «غولدمان ساكس» نفسه عند 25.2 في المائة، وفقاً للمذكرة.
وكتب فاروق سوسة المحلل لدى «غولدمان»: «يعني المسار المعدل للتضخم، والزيادة التي فاقت التوقعات لأسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس الأسبوع الماضي، أن وجهة نظرنا بشأن الفائدة تغيرت قليلاً. نتوقع الآن انخفاض أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ في العام الحالي إلى نحو 21 في المائة بنهاية العام، قبل أن تتراجع بوتيرة أكثر قوة في 2025 لتنهي العام دون 10 في المائة».
وكان البنك المركزي المصري رفع الأسبوع الماضي، أسعار الفائدة بوتيرة حادة بلغت 600 نقطة أساس، بينما سمحت البنوك التجارية للجنيه المصري بالانخفاض أمام الدولار إلى مستويات تقارب 50 جنيهاً للدولار. ويبلغ سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لأجل ليلة واحدة 27.25 في المائة و28.25 في المائة.
وأفادت المذكرة بأن المخاطر الرئيسية التي تواجه تلك التوقعات تتمثل في المخاطر الخارجية، إذ إن تدهور توقعات التمويل الخارجي مقارنة بالتوقعات الحالية قد يؤدي إلى فرض ضغوط نزولية على العملة وزيادة الضغوط التضخمية، مشيرة إلى أن المحفزات المحتملة لذلك المسار من بينها انخفاض تدفقات رأس المال عن المتوقع واحتياجات التمويل الأعلى من المتوقع للحكومة، وكذلك زيادة الواردات وانخفاض التحويلات المالية من العاملين في الخارج وانخفاض إيرادات السياحة.
كما أشارت إلى أن من بين المخاطر انحراف البنك المركزي عن اتباع سياسات نقدية تقليدية، وعدم كفاية تشديد السياسة النقدية، وحدوث مزيد من المفاجآت الصعودية لمعدل التضخم على المدى القريب نتيجة تعديل البيانات.
وقال «غولدمان ساكس» إنه على الرغم من أن تلك المخاطر يقلصها برنامج صندوق النقد الدولي المعزز وخطط الإصلاح التي وضعتها السلطات المصرية، فإنها مع ذلك قد تتحقق إذا تغيرت الظروف مستقبلاً.
خفض معدل الدين
في الأثناء، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إنه سيتم توجيه الفائض الأولي للموازنة في السنة المالية المقبلة، و50 في المائة من إيرادات برنامج الطروحات لخفض الدين وخدمته بشكل مباشر، بما يتسق مع مستهدفات وضع معدل الدين للناتج المحلي في مسار نزولي وبدء خفضه لأقل من 80 في المائة خلال الثلاث سنوات المقبلة.
وأضاف الوزير وفقاً لبيان صحافي للوزارة، أن الإيرادات العامة في السنة المالية 2024 - 2025 ستبلغ نحو 2.5 تريليون جنيه، وتعتمد بشكل رئيسي على الإيرادات غير الضريبية، بينما تبلغ المصروفات العامة نحو 3.8 تريليون جنيه. ويشير ذلك إلى أن الحكومة المصرية تتوقع عجزاً بقيمة 1.3 تريليون جنيه في موازنة السنة المقبلة.
وقال إن الموازنة الجديدة تستهدف تحقيق فائض أولي بنسبة 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال الوزير في حوار حول الموازنة الجديدة مع مجتمع الأعمال الصناعي والتجاري، إن الحكومة مستمرة في المبادرات الداعمة والمحفزة للأنشطة الاقتصادية، رغم الضغوط الشديدة على الخزانة العامة، تأثراً بارتفاع تكلفة التمويل وأسعار الفائدة، وكذلك زيادة أسعار السلع والخدمات.
وذكر معيط أن العام المالي المقبل سيشهد وضع سقف لدين أجهزة الموازنة والهيئات الاقتصادية، مؤكداً أنه لا يمكن تجاوزه إلا بموافقة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب.
وأوضح أن الاستثمارات العامة لجميع جهات الدولة دون استثناء لن تتجاوز خلال السنة المالية المقبلة 2024 - 2025 تريليون جنيه، من أجل إفساح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص في عملية التنمية والنشاط الاقتصادي.
وفي هذا السياق، أشار معيط إلى حرص الحكومة على استقرار السياسات الضريبية لدفع جهود التعافي والاستقرار الاقتصادي، مؤكداً عدم وجود زيادة في الأعباء الضريبية على المستثمرين خلال العام المالي المقبل.