الأنشطة غير النفطية في السعودية تنمو 4.4 % خلال 2023... وتوقعات بتسارعها لأكثر من 5 % 

اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تتجه للتحول إلى اقتصاد مستدام 

تستمر الأنشطة السعودية غير النفطية في النمو بفضل محفزات الحكومة نحو تحقيق مستهدفات تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
تستمر الأنشطة السعودية غير النفطية في النمو بفضل محفزات الحكومة نحو تحقيق مستهدفات تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
TT

الأنشطة غير النفطية في السعودية تنمو 4.4 % خلال 2023... وتوقعات بتسارعها لأكثر من 5 % 

تستمر الأنشطة السعودية غير النفطية في النمو بفضل محفزات الحكومة نحو تحقيق مستهدفات تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
تستمر الأنشطة السعودية غير النفطية في النمو بفضل محفزات الحكومة نحو تحقيق مستهدفات تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)

يواصل الاقتصاد السعودي غير النفطي نموه بوتيرة سريعة، محققاً ارتفاعاً نسبته 4.4 في المائة في عام 2023، وسط توقعات بتسارعه إلى أكثر من 5 في المائة في العامين المقبلين. في وقت أدى فيه تراجع الأنشطة النفطية بواقع 9 في المائة في العام الماضي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بواقع 0.8 في المائة.

وكان وزير المالية محمد الجدعان، توقّع في فبراير (شباط) الماضي، أن ينمو الناتج المحلي غير النفطي في المملكة بأكثر من 4 في المائة، وأن يتجاوز 5 في المائة على المدى المتوسط، مؤكداً أن هذا النمو يؤكد قوة الاقتصاد السعودي وقدرته على التحمل. ويشكل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي حالياً نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الفعلي، مرتفعاً من 55 في المائة قبل 5 سنوات، وفقاً للتقرير الشهري لشركة «جدوى للاستثمار».

وأعلنت الهيئة العامة للإحصاء، الناتج المحلي الإجمالي للرُّبع الرابع من عام 2023، محتسبةً معدلات النمو الحقيقي وفق منهجية السلاسل المتحركة لأول مرة، التي تعدّ إحدى توصيات نظام الحسابات القومية 2008، وذلك لعكس النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكثر دقة مقارنةً بمنهجية سنة الأساس الثابتة.

تحفيز القطاع الخاص

ويؤكد خبراء لـ«الشرق الأوسط»، أن الأنشطة غير النفطية ما زالت تنمو بوتيرة متصاعدة بفضل استراتيجية المملكة المحفّزة للقطاع الخاص، الذي يشهد انتعاشةً بانت نتائجها على أرض الواقع مؤخراً.

وأوضح المستشار وأستاذ القانون التجاري، الدكتور أسامة العبيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن ثبات ونمو الأنشطة غير النفطية 4.4 في المائة، وكذلك الأنشطة الحكومية بمعدل 2.1 في المائة، يبرزان نجاح «رؤية 2030» في إصلاح الاقتصاد السعودي، وتنويعه، وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية.

وتطرق العبيدي إلى تفعيل القطاعات الاقتصادية مثل السياحة والترفيه والثقافة والتعدين، وأيضاً الطاقة المتجددة والتقنيات الرقمية، وتطورات الأنشطة الرياضية، التي زادت مساهمتها في الاقتصاد السعودي والترويج للمملكة بوصفها مقصداً للمال والأعمال.

وأبان أن القطاعات المفعلة حديثاً تعزز الاقتصاد غير النفطي، مبيناً أن الصادرات غير النفطية ازدادت 25 في المائة إلى الصادرات الإجمالية، مؤكداً أن هذه الأدوات كلها ستؤدي إلى تحول الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد مستدام.

التنويع الاقتصادي

من جهته، ذكر عضو مجلس الشورى السابق، الخبير الاقتصادي، الدكتور فهد بن جمعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الأرقام المعلنة من قبل الهيئة العامة للإحصاء، تبشّر بنمو متصاعد للأنشطة غير النفطية، وتؤكد توازن القطاع رغم تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

ووفق الدكتور بن جمعة، «في حال استمرار نمو الأنشطة غير النفطية فإن هذا ينبئ بتحول نحو اقتصاد مستدام، وبالتالي ستذهب السعودية إلى مسارها المحدد في عدم الاعتماد بشكل كبير على الأنشطة النفطية».

وأضاف الخبير الاقتصادي أن «أداء الأنشطة غير النفطية يتفوق وسط تراجع القطاع النفطي، وهذا يؤكد نجاح سياسة الحكومة في تنويع الاقتصاد، وتحفيز ودعم القطاع الخاص، الذي يعدّ المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني».

الخدمات الجماعية

وبحسب نتائج الهيئة العامة للإحصاء، فقد حققت غالبية الأنشطة الاقتصادية معدلات نمو إيجابية خلال العام الماضي، حيث سجلت أنشطة الخدمات الجماعية والاجتماعية والشخصية أعلى معدلات النمو السنوية بنسبة 10.8 في المائة، تلتها أنشطة النقل والتخزين والاتصالات بنمو سنوي بلغ 7.3 في المائة.

وسجّلت أنشطة تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق معدلات نمو سنوية بلغت 7 في المائة، ثم المال والتأمين وخدمات الأعمال بنمو قدره 6.8 في المائة، تلتها الأنشطة التعدينية والتحجيرية الأخرى بنمو 5.7 في المائة.

وانخفضت أنشطة الزيت الخام والغاز الطبيعي 9.4 في المائة، بينما تراجعت أنشطة تكرير الزيت بنسبة 7.4 في المائة.

منهجية السلاسل المتحركة

وتعد المملكة الدولة الأولى خليجيّاً وعربيّاً، وضمن غالبية دول مجموعة العشرين التي تبنّت منهجية السلاسل المتحركة، إذ تعد منهجيةً ديناميكية تُستخدم في قياس معدلات النمو الاقتصادي، وتحديداً في تقدير معدلات النمو الحقيقية للحسابات القومية، وذلك باستخدام أوزان وأسعار السنة السابقة لسنة القياس؛ لتوفير قياس في إطار فترات زمنية متجاورة، وتعكس بدقة الظروف الحالية في اقتصاد أي دولة تستخدم هذه المنهجية.

وبيَّن الإحصائيون الخبراء في مجال الحسابات القومية، أن منهجية السلاسل المتحركة تراعي تأثير تغيرات الأسعار ومرونة التعامل مع الأنشطة الاقتصادية، والتحديث المستمر لها، وتعكس التغيرات الاقتصادية بدقة. كما تراعي هيكل الإنتاج وأنماط الاستهلاك، وتتيح المقارنات الدولية بشكل أوضح.


مقالات ذات صلة

السعودية تخطو بثبات لتصبح «وادي السيليكون» في قطاع التعدين

الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية يُلقي كلمته في افتتاح المؤتمر (الشرق الأوسط) play-circle 00:27

السعودية تخطو بثبات لتصبح «وادي السيليكون» في قطاع التعدين

تمضي السعودية قدماً في وضع نفسها على خريطة المعادن المهمة عالمياً ولتكون «وادي السيليكون» في مجال التعدين، بإعلانها صفقات وخططاً استثمارية واكتشافات.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد «أرامكو» تخطط لمشروع مشترك للمعادن الانتقالية واستخراج الليثيوم مع شركة «معادن»

«أرامكو» تخطط لمشروع مشترك للمعادن الانتقالية واستخراج الليثيوم مع شركة «معادن»

أعلنت «أرامكو السعودية» وشركة «معادن»، يوم الأربعاء، التوقيع على «خطاب نوايا» غير مُلزم للتخطيط لمشروعٍ مشترك للتنقيب وتعدين المعادن في المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين المهندس خالد المديفر خلال مؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط)

المديفر: السعودية تعمل على فرص استثمارية جديدة في المعادن بـ100 مليار دولار

كشف نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، المهندس خالد المديفر، أن السعودية تعمل على فرص استثمارية جديدة في المعادن تقدر قيمتها بـ100 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال مؤتمر التعدين الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)

الخريّف: التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص ضروري لتحقيق أهداف قطاع التعدين

أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف ضرورة التعاون الوثيق بين الحكومات والقطاع الخاص لتحقيق أهداف قطاع التعدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي ونظيره السنغافوري (الخارجية السعودية)

تفاهم سعودي - سنغافوري لإنشاء مجلس شراكة استراتيجية

وقَّع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره السنغافوري الدكتور فيفيان بالاكريشنان مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس شراكة استراتيجية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

أميركا تفرض ضوابط تصدير جديدة على التكنولوجيا الحيوية بسبب الصين

آلة أتمتة عينات الحمض النووي تعمل في مختبر شركة «ريغينيرون» في نيويورك (رويترز)
آلة أتمتة عينات الحمض النووي تعمل في مختبر شركة «ريغينيرون» في نيويورك (رويترز)
TT

أميركا تفرض ضوابط تصدير جديدة على التكنولوجيا الحيوية بسبب الصين

آلة أتمتة عينات الحمض النووي تعمل في مختبر شركة «ريغينيرون» في نيويورك (رويترز)
آلة أتمتة عينات الحمض النووي تعمل في مختبر شركة «ريغينيرون» في نيويورك (رويترز)

أعلنت وزارة التجارة الأميركية يوم الأربعاء أنها ستفرض ضوابط تصدير جديدة على معدات التكنولوجيا الحيوية والتقنيات ذات الصلة، وذلك في إطار مخاوف تتعلق بالأمن القومي المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.

وأعربت واشنطن عن قلقها من أن الصين قد تستخدم التكنولوجيا الأميركية لتعزيز قدراتها العسكرية وتطوير أسلحة جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وأوضحت الوزارة أن معدات المختبرات قد تُستخدم في «تعزيز الأداء البشري، وواجهات الدماغ والآلة، والمواد الاصطناعية المستوحاة من البيولوجيا، وربما الأسلحة البيولوجية»، وفق «رويترز».

وتستهدف ضوابط التصدير الجديدة، التي تفرض قيوداً على الشحنات إلى الصين ودول أخرى دون ترخيص أميركي، أجهزة قياس التدفق عالية المعلمات وبعض معدات قياس الطيف الكتلي. وقالت الوزارة إن هذه الأجهزة «يمكن أن تولد بيانات بيولوجية عالية الجودة وعالية المحتوى، بما في ذلك تلك المناسبة لتسهيل تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي والتصميم البيولوجي».

وتعد هذه الخطوة الأحدث في سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها واشنطن لتقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا الأميركية. ففي يوم الاثنين، فرضت وزارة التجارة قيوداً إضافية على صادرات رقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من الصين، في محاولة لمساعدة الولايات المتحدة على الحفاظ على مكانتها المهيمنة في هذا المجال على الصعيد العالمي.

وكان المشرعون الأميركيون قد درسوا عدة مقترحات تهدف إلى حماية المعلومات الصحية والوراثية الشخصية للأميركيين من الأعداء الأجانب، ودفعوا شركات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية الأميركية إلى تقليل اعتمادها على الصين في مجالات مثل تصنيع مكونات الأدوية والبحوث المبكرة.

وفي الأسبوع الماضي، دعا المشرعون وزارة التجارة إلى النظر في فرض قيود على تصدير التكنولوجيا الحيوية الأميركية إلى الجيش الصيني، مشيرين إلى مخاوف من إمكانية استخدام الصين لهذه التكنولوجيا لأغراض عسكرية. من جانبها، أكدت السفارة الصينية في واشنطن الأسبوع الماضي أن بكين «تعارض بشدة تطوير أي دولة للأسلحة البيولوجية أو امتلاكها أو استخدامها».

وفي أغسطس (آب) الماضي، دعا المشرعون الأميركيون إدارة الغذاء والدواء إلى تكثيف التدقيق في التجارب السريرية الأميركية التي أجريت في الصين، بسبب المخاوف من سرقة الملكية الفكرية واحتمالية المشاركة القسرية لأفراد من أقلية الأويغور في الصين.