التضخم السنوي في تركيا يقفز إلى أعلى معدل في 15 شهراً

شيمشك يرى أن تحقيق استقرار الأسعار لا يزال بعيداً

سجل التضخم ارتفاعاً إلى مستوى 67.1 % على أساس سنوي مواصلاً تصاعده بعد أن سجل 64.8 % في يناير (رويترز)
سجل التضخم ارتفاعاً إلى مستوى 67.1 % على أساس سنوي مواصلاً تصاعده بعد أن سجل 64.8 % في يناير (رويترز)
TT

التضخم السنوي في تركيا يقفز إلى أعلى معدل في 15 شهراً

سجل التضخم ارتفاعاً إلى مستوى 67.1 % على أساس سنوي مواصلاً تصاعده بعد أن سجل 64.8 % في يناير (رويترز)
سجل التضخم ارتفاعاً إلى مستوى 67.1 % على أساس سنوي مواصلاً تصاعده بعد أن سجل 64.8 % في يناير (رويترز)

قفز معدل التضخم السنوي في تركيا مجدداً في شهر فبراير (شباط) الماضي، مرتفعاً إلى أعلى مستوياته منذ 15 شهراً.

وسجل التضخم ارتفاعاً إلى مستوى 67.1 في المائة على أساس سنوي، مواصلاً تصاعده، بعد أن سجل 64.8 في المائة في يناير (كانون الثاني).

وكانت التوقعات السابقة للأرقام التي أعلنها معهد الإحصاء التركي، يوم الاثنين، تشير إلى ارتفاعها إلى مستوى 5.7 في المائة.

وحسب بيان للمعهد، فإن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، مدفوعاً بالانخفاض شبه المستمر في سعر صرف الليرة التركية، وصل إلى 4.53 في المائة على أساس شهري؛ مشيراً إلى أن المجموعة الرئيسية التي أظهرت أقل زيادة في مؤشر أسعار المستهلك مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، هي الملابس والأحذية بنسبة 43.44 في المائة.

وخلافاً للأرقام الرسمية المعلنة من معهد الإحصاء، ذكرت «مجموعة أبحاث التضخم»، المؤلفة من أكاديميين واقتصاديين مستقلين، أن التضخم ارتفع بنسبة 4.32 في المائة على أساس شهري، و122 في المائة على أساس سنوي.

وقال وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، إن التضخم السنوي سيظل مرتفعاً، في الأشهر المقبلة، بسبب تأثيرات سنة الأساس، وعدم ظهور تأثير السياسة النقدية الصارمة التي ينفذها المصرف المركزي؛ لكنها ستنخفض خلال الأشهر الاثني عشر التالية إلى خانة الآحاد.

وأضاف شيمشك، في بث مشترك لقناتي «بلومبرغ إتش تي» و«خبر تورك» المحليتين، أن البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل الذي أعلنته الحكومة في سبتمبر (أيلول) الماضي، يعمل بشكل جيد للغاية؛ لكن البلاد لا تزال بعيدة عن تحقيق استقرار الأسعار.

وأشار إلى أن البرنامج يعطي الأولوية لمعالجة التضخم والموازنة، وتحقيق استدامة عجز الحساب الجاري، مضيفاً: «سنخفض التضخم إلى خانة الآحاد مرة أخرى؛ لأننا نريد أن تذهب مواردنا إلى الاستثمار والخدمات بدلاً من الفائدة... أمامنا عملية صعبة؛ لكن بالصبر سينجح برنامجنا».

وذكر شيمشك أن تركيا تهدف إلى زيادة احتياطاتها على الأقل إلى مستوى الدين الخارجي قصير الأجل، لافتاً إلى أن البرنامج الاقتصادي للحكومة الذي يغطي الفترة من 2023 إلى 2026، يعمل بشكل أفضل من المتوقع في بعض القطاعات، ويُظهر اتجاه الربع الأول أن صافي الصادرات سينعكس بشكل إيجابي على النمو، وسينخفض عجز ميزان المعاملات الجارية إلى ما بين 30 و35 مليار دولار، في مارس (آذار) الحالي.

وأشار شيمشك إلى أن التضخم في يناير كان أعلى قليلاً من المتوقع، وكان هناك استمرار له في فبراير، وبدءاً من مارس الجاري، سيعدل التضخم اتجاهه؛ لكن التضخم السنوي سيظل مرتفعاً؛ لأن السياسة النقدية تعمل في وقت متأخر، وهناك آلية انتقال تمتد من 12 إلى 18 شهراً.

وأوقف المركزي التركي في نهاية يناير دورة تشديد نقدي استمرت 8 أشهر، رفع خلالها سعر الفائدة من 8.5 في المائة في مايو (أيار) إلى 45 في المائة في يناير الماضي، وهو المعدل الحالي. لكنه أعلن أنه سيظل يراقب اتجاه التضخم الأساسي، وسيعود إلى التشديد إذا ظهرت المخاطر.

وقال شيمشك إن الفترة المقبلة لن تشهد فرض ضرائب على الشركات أو الدخل، ولن تطبق زيادات على ضريبة القيمة المضافة.

وعن التراجع المستمر لسعر صرف الليرة التركية، قال شيمشك: «ليس لدينا هدف لسعر الصرف، ولن يكون لدينا هدف على الإطلاق. ولا تبدو التوقعات بشأن انخفاض قيمة الليرة بعد الانتخابات المحلية التي ستجرى في نهاية مارس الحالي ذات معنى».

ووصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في تعاملات يوم الاثنين، عند مستوى 31.51 ليرة للدولار.

وقال شيمشك إن العجز في الحساب الجاري آخذ في الانخفاض، كما أن حاجتنا إلى العملات الأجنبية آخذة في التناقص. وعندما ينخفض عجز الحساب الجاري إلى نحو 30 مليار دولار، فإن ذلك يعني نسبة 2.5- 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف: «إذا قمنا بتمويل نقطة واحدة من هذا بالاستثمارات المباشرة، فسوف يكون لدينا تراكم للاحتياطيات».

وعما إذا كان يجري إعداد لوائح جديدة لبطاقات الائتمان، اعتبر شيمشك أن «الشيء المهم هو التزام المصارف بالقواعد والبيانات الواقعية عند تحديد الحدود العليا والدنيا للبطاقات... ننظر في تلك القضايا؛ لكننا لم ننتهِ من أي عمل».


مقالات ذات صلة

عضو في «المركزي الأوروبي»: 3 تخفيضات إضافية ممكنة للفائدة هذا العام

الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

عضو في «المركزي الأوروبي»: 3 تخفيضات إضافية ممكنة للفائدة هذا العام

قال صانع السياسات الكرواتي بوريس فوجسيتش إن البنك المركزي الأوروبي قد يخفض أسعار الفائدة 3 مرات إضافية هذا العام، حتى إذا تحرك نظيره الأميركي بوتيرة أبطأ.

«الشرق الأوسط» (زغرب)
الاقتصاد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يدلي بشهادته أمام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب)

ملامح مواجهة بين ترمب وباول على الفائدة رغم ارتفاع التضخم

تفوّق التضخم في الولايات المتحدة خلال شهر يناير (كانون الثاني) على التوقعات، مما يعقَّد مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في تحديد سياسات أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

نمو التضخم في أميركا بأعلى من التوقعات في يناير إلى 3%

تفاقم التضخم في الولايات المتحدة الشهر الماضي في أحدث إشارة على ضغوط أسعار المستهلك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الأسهم والدولار يستقرّان قبيل بيانات التضخم الأميركية

استقرّ الدولار والأسهم، يوم الأربعاء، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركية التي قد تدعم وجهة نظر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عاملة تنظّم البضائع في «وولمارت سوبر سنتر» في نورث بيرغن بنيو جيرسي (أ.ب)

التضخم الأميركي يواجه اختباراً جديداً اليوم

من المرجح أن يظل التضخم الأميركي مرتفعاً في يناير، مما يشير إلى أن تباطؤ نمو أسعار المستهلك قد توقف بعد تراجعه طوال معظم العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أميركية جديدة على روسيا

أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
TT

اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أميركية جديدة على روسيا

أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)

أدى تشديد العقوبات الأميركية على موسكو إلى تعطيل إمدادات النفط الروسي الأقل سعراً إلى الصين والهند، وزاد الطلب على نفط الشرق الأوسط وأفريقيا، وأشاع الاضطرابات في قطاع الشحن، كما دفع أسعار النفط إلى الصعود.

واستهدفت العقوبات التي فرضتها واشنطن في العاشر من يناير (كانون الثاني) ناقلات تحمل الخام الروسي، في محاولة لتقليل إيرادات موسكو من النفط بشكل أكثر فاعلية، وهو الهدف من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بعد غزوها أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.

وتركت العقوبات الجديدة ناقلات تحمل ملايين البراميل هائمة على وجهها في طرق التجارة البحرية، ودفعت المتعاملين إلى البحث عن بدائل، في حين تباطأت التعاملات في الخام الروسي لشهر مارس (آذار). والنفط الروسي وهو المصدر الأساسي لأكبر بلدين مستوردين في العالم وهما الصين والهند.

ودفعت حالة الارتباك التي أحدثتها تلك القرارات السوق إلى حالة من الفوضى. فخلال أسابيع قليلة أصبح خام دبي القياسي عالي الكبريت أكثر تكلفة من خام برنت منخفض الكبريت الذي يسهل معالجته. وأتاح ذلك فرصة للمنتجين من البرازيل إلى كازاخستان للاستحواذ على حصة من واردات الصين والهند.

وقال متعاملون إن علاوة الخام البرازيلي قفزت الشهر الماضي إلى نحو خمسة دولارات للبرميل فوق سعر خام برنت، بما يشمل تكلفة الشحن إلى الصين، ارتفاعاً من نحو دولارين في الشهر السابق. وانخفضت العلاوة حالياً إلى أقل قليلاً من خمسة دولارات للبرميل للشحنات المقرر تسليمها في مايو (أيار). وأظهرت بيانات «كبلر» أن الصين من المقرر أن تستورد في مارس أول شحنة لها من مزيج «سي بي سي» الكازاخستاني منذ يونيو (حزيران) الماضي.

ناقلة نفط تبحر قرب ميناء ناخودكا الروسي (رويترز)

وقال متعامل في سنغافورة إن الذراع التجارية لشركة «توتال إنرجيز» تلقت في الأسبوع الذي أعقب العقوبات الجديدة العديد من الاستفسارات، لدرجة أنها أجرت مناقصات بدلاً من المفاوضات المباشرة لبيع شحناتها من خامات الشرق الأوسط، التي ذهبت في النهاية إلى شركتي «سينوك» و«رونغشنغ» الصينيتين.

وفي انعكاس للطلب المتزايد على خامات في الشرق الأوسط، زادت العلاوة على خامات عمان ودبي ومربان القياسية بأكثر من المثلين في يناير مقارنة بديسمبر (كانون الأول) رغم انخفاض الطلب من المصافي بالتزامن مع أعمال صيانة موسمية. ورفعت «أرامكو» السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أسعار الخام الذي تبيعه إلى آسيا إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر 2023، مما رفع التكاليف على المصافي.

وقال متعامل أنغولي إن هناك زيادة في الطلب من مشترين آسيويين. وقال متعامل صيني: «تأخذ (يونيبك) الكثير من شحنات الخام من غرب أفريقيا، وخصوصاً البراميل الأنغولية». و«يونيبك» هي الذراع التجارية لشركة «سينوبك» التي تعد أكبر مصفاة في آسيا.

مصفاة «إيسار أويل» النفطية في ولاية غوجارات غرب الهند (رويترز)

ومع توقف السفن الخاضعة للعقوبات في طرق التجارة البحرية، سارع الكثير من المتعاملين في التحول إلى سفن أخرى بتكاليف تفوقها عدة مرات، مما يرفع تكلفة الشحنة الواحدة ملايين الدولارات.

ويشكل ارتفاع التكاليف صعوبة كبيرة لمصافي النفط في الهند. ففي أواخر العام الماضي كثفت البلاد اعتمادها على النفط الروسي بدلاً من خامات الشرق الأوسط، عندما أبرمت شركة «ريلاينس إندستريز» اتفاقية توريد مدتها 10 سنوات مع «روسنفت» الروسية العملاقة بقيمة 13 مليار دولار سنوياً.

وقال وزير النفط الهندي هذا الأسبوع إن مصافي التكرير في البلاد ترغب في شراء النفط الروسي عبر شركات وسفن غير خاضعة لعقوبات الولايات المتحدة، التي أدت بالفعل إلى تقليل عدد الشحنات والسفن المتاحة، وفقاً لمصادر هندية بقطاع التكرير.

وأوضحت المصادر أنه في ظل وجود إمدادات محدودة من الشحنات غير الخاضعة للعقوبات، تقلصت الخصومات على خام الأورال الروسي مقارنة بخام برنت إلى 2.50-2.90 دولار للبرميل للتسليم في مارس، مقابل ثلاثة إلى ثلاثة ونصف دولار قبل عقوبات يناير، وهي زيادة كبيرة في التكلفة على شحنة قياسية حجمها مليون برميل.

وقالت المصادر الهندية بقطاع التكرير إن ارتفاع تكلفة الخام الروسي قلص الفجوة السعرية مع نفط الشرق الأوسط إلى نحو ثلاثة دولارات للبرميل، من ستة إلى سبعة دولارات للمصافي الهندية، وهو ما لا يوفر حافزاً كبيراً للمخاطرة بتكبد عقوبات ثانوية.

وأوضحت المصادر أن المشترين الهنود رفضوا عروضاً من شركة الشحن الروسية العملاقة «سوفكومفلوت» لتلقي مدفوعات بأي عملة، بما في ذلك الروبية الهندية، مقابل النفط الروسي المنقول على ناقلات خاضعة للعقوبات، وذلك بعد أن التقى رئيسها التنفيذي بالمشترين الهنود على هامش مؤتمر للطاقة في الهند هذا الأسبوع.

ويعني ذلك التباطؤ أن مخزونات النفط الروسي العائمة زادت 17 مليون برميل منذ 10 يناير، وفقاً لمذكرة صادرة عن «غولدمان ساكس» في الخامس من فبراير (شباط)، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 50 مليون برميل في النصف الأول من 2025.

ويأتي توقف الإمدادات الروسية في أعقاب انخفاض واردات الخام الإيراني إلى الصين، وهي أكبر مشترٍ له، وسط ضغوط أميركية مشددة وتعهد من الرئيس دونالد ترمب مؤخراً بخفض صادرات طهران النفطية إلى الصفر.

ويقدر «غولدمان ساكس» أن مخزونات النفط الإيراني العائمة زادت 14 مليون برميل منذ بداية العام إلى أعلى مستوى لها في 14 شهراً. وقال المحللون إن فرض عقوبات أشد قد يخفض إنتاج إيران بمقدار مليون برميل يومياً ويرفع سعر برنت إلى 80 دولاراً للبرميل بحلول مايو.

وقال أحد المتعاملين إن تقليص المتاح من الخام الأقل سعراً وضعف الطلب في الصين دفع عدد من المصافي إلى الإغلاق للصيانة بدلاً من خسارة 500 يوان (68.62 دولار) لكل طن من النفط غير الخاضع للعقوبات.

وقال مسؤولون في قطاع التكرير إنه قبل أسابيع من الإعلان عن العقوبات في وثيقة مكونة من 27 صفحة، حذرت السلطات الهندية المصافي في البلاد، مما دفعها إلى إبرام بعض عمليات الشراء في خطوة استباقية.

وفي الصين أصدرت مجموعة مواني شاندونغ حظراً على رسو السفن الخاضعة للعقوبات قبل ثلاثة أيام من إعلان تلك الإجراءات، لكن من غير الواضح ما إذا كانت تلك الخطوة مرتبطة بتحذير مسبق.

وقال متعاملون إن هناك إشارات إضافية على أن الأسواق توقعت عقوبات جديدة، منها ارتفاع الطلب على نفط الشرق الأوسط وأفريقيا من المشترين الصينيين والهنود، والتدافع على استئجار سفن مما أدى لاحقاً إلى ارتفاع حاد في أسعار الناقلات.