قدرت الصين حجم المعاملات التجارية التي يجري تداولها بدون اللجوء للدولار الأميركي، بنحو 586 مليار دولار، وذلك وفق اتفاقيات ثنائية وقعتها مع عدة دول مؤخراً.
وأفاد بنك الشعب (المركزي) الصيني بأنه وقع اتفاقيات ثنائية لتبادل العملات مع أكثر من 40 بنكاً مركزياً أو سلطة نقدية أجنبية.
وفي تقرير للبنك، نقلته وكالة «شينخوا» الصينية، ذكر أنه «في الوقت الحاضر، توجد 31 اتفاقية ثنائية لتبادل العملات سارية المفعول، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 4.16 تريليون يوان (حوالي 586 مليار دولار)».
وتبادل العملات الثنائية بين البنوك المركزية هو ترتيبات تمويلية يمكن من خلالها للبنك المركزي لبلد ما تبادل عملته المحلية بعملة أخرى. ويمكن استخدام أموال التبادل لدعم الأنشطة التجارية والاستثمارية الثنائية، ما يساعد على توفير تكاليف الصرف وتقليل مخاطر أسعار الصرف.
وذكر التقرير أن اتفاقيات تبادل العملات التي وقعتها الصين لعبت دوراً إيجابياً في تعزيز ثقة السوق والحفاظ على الاستقرار المالي الإقليمي والعالمي.
وتصاعدت الدعوات مؤخراً لإنهاء هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، وذلك بعد أن ارتفعت قيمته أمام العملات الأخرى بقوة منذ العام الماضي، وهو ما سبب تداعيات سلبية على جميع اقتصادات العالم.
الدعوات تزايدت أيضاً في ظل استياء بعض الدول من استخدام العملة الخضراء كسلاح سياسي، بدلاً من كونها عملة تجارية عالمية.
وتعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي بدأت عام 2018، بالإضافة إلى الخطوات التي اتخذت لمنع روسيا من استخدام الدولار نتيجة اندلاع الحرب في أوكرانيا، هما المحركان الرئيسان لهذه الدعوات التي تهدف للتخلص من الدولرة.
كان استطلاع رأي نشر في آخر ديسمبر (كانون الأول) 2023، قد أظهر أن اليوان الصيني سيرتفع للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات في عام 2024، في ظل تراجع الفارق في الفائدة، الذي يؤدي بدوره إلى تباطؤ خروج رأس المال من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وحسب المسح الذي أجرته «بلومبرغ»، وشمل محللين ومتداولين، فمن المتوقع ارتفاع سعر صرف العملة الصينية إلى 7 يوانات مقابل الدولار بنهاية العام الحالي، مقارنة بمستواه الحالي البالغ 7.10 يوان.
وقال المشاركون في الاستطلاع إن العامل الإيجابي الرئيسي في هذا السيناريو خلال العام الحالي، سيكون انحسار الفجوة في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والصين مع تخفيف السياسة النقدية الأميركية، التي أصبحت متوقعةً على نطاق واسع في النصف الثاني من العام الحالي.
وبلغ سعر الصرف المتوقع من بنك «ميزوهو» لليوان في نهاية العام الماضي، 6.95 يوان لكل دولار، مما يعني زيادة بنحو 2 في المائة عن المستوى الذي كان متداولاً به وقتها، وبعدما تراجع 10 في المائة منذ نهاية 2021، وكان من أسوأ العملات الآسيوية الناشئة أداءً خلال تلك الفترة.
ومؤخراً، تدهورت معنويات المستثمرين في الصين بسبب أزمة العقارات المستمرة والإنفاق الاستهلاكي الأضعف من المتوقع، مما خلق حالة من عدم اليقين بشأن الاقتصاد وشجع البنك المركزي على إبقاء السياسة النقدية أكثر مرونةً من نظرائه العالميين.
في غضون ذلك، أظهرت زيادة معدلات السفر خلال عطلة السنة القمرية الجديدة في الصين علامات على ارتفاع إنفاق المستهلكين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فيما تكافح البلاد في مواجهة تراجع الثقة والانكماش.
وأظهرت التقارير الرسمية إجراء أكثر من 61 مليون رحلة بالقطارات في الستة أيام الأولى من العطلة الوطنية بمناسبة العام الجديد.
وكان هذا المعدل هو الأعلى في بيانات جمعتها وكالة «بلومبرغ» للأنباء في الخمس سنوات الأخيرة، ويمثل زيادة بنسبة 61 في المائة مقارنة بنفس فترة العطلات في 2023.
وقال فريدريك نويمان، كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بمنطقة آسيا لدى بنك «إتش إس بي سي هولدينغز»، وفقاً لوكالة «بلومبرغ»: «بدأ المستهلك الصيني يتحرك»، مضيفاً أن مؤشرات الإنفاق تجاوزت التوقعات. غير أنه أقر بأن تجاوز معدلات 2023 «معياراً منخفضاً» بالوضع في الاعتبار أن البلاد كانت لا تزال تكافح تفشي «كوفيد - 19» آنذاك.
وتعد بيانات السفر أنباء مرحباً بها لاقتصاد يكافح مخاوف بشأن نمو العام الحالي، فيما تقلل أزمة العقارات الحالية الثقة، وتتواصل ضغوط الانكماش.