الدولار يقترب من أعلى مستوى في عامين بدعم من قرار «الفيدرالي»

أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)
TT
20

الدولار يقترب من أعلى مستوى في عامين بدعم من قرار «الفيدرالي»

أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)

اقترب الدولار من أعلى مستوى له في عامين، يوم الخميس، بعد أن أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمال تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة في عام 2025، بينما سجَّل الين الياباني انخفاضاً ملحوظاً بعد أن أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة ثابتة، دون تقديم إشارات واضحة حول التوجهات المستقبلية للسياسة النقدية.

وأبقى «بنك اليابان» أسعار الفائدة كما كان متوقعاً، مما دفع الين للهبوط بنسبة تصل إلى 0.3 في المائة، ليواصل خسائره ويمتد تأثير ذلك إلى ما بعد مستوى 156 ينّاً مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في شهر. وفي المؤتمر الصحافي الذي عُقد بعد الاجتماع، أكد محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، أن صانعي السياسات بحاجة إلى مزيد من الوقت لتقييم البيانات الاقتصادية والتأثيرات المحتملة لسياسات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، عند عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال كريستوفر وونغ، استراتيجي العملات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى بنك «أو سي بي سي»: «يشير توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي، وتردد بنك اليابان، إلى أن زوج الدولار الأميركي/ الين الياباني قد يواجه مزيداً من الضغوط الصعودية».

وعلى الصعيد الأوسع، استمرّت تداعيات الموقف المتشدد من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي في التأثير على الأسواق، حيث خفَّف المتداولون من توقعاتهم بتخفيف السياسة النقدية في العام المقبل. كما أدى ارتفاع الدولار الأميركي إلى تراجع كثير من العملات، بما في ذلك الفرنك السويسري، والدولار الكندي، والوون الكوري الجنوبي، إلى أدنى مستويات لها في التعاملات الآسيوية المبكرة، يوم الخميس.

وفي هذا السياق، قال نيك ريس، كبير محللي سوق الصرف الأجنبي في «مونيكس أوروبا»: «نعتقد بأن قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي يمثل بداية لتوقف ممتد في سياسات الفائدة، حتى وإن كان من السابق لأوانه التوصل إلى استنتاجات حاسمة». وأضاف: «نتوقع أن تظل أسعار الفائدة الأميركية ثابتة على الأقل حتى النصف الأول من عام 2025، وهو ما سيدعم ارتفاع الدولار في الأشهر المقبلة».

من جهة أخرى، سجَّل الفرنك السويسري أدنى مستوى له في 5 أشهر عند 0.90215 مقابل الدولار، بينما انخفض الدولار الكندي إلى أدنى مستوى له في أكثر من 4 سنوات عند 1.44655 مقابل الدولار. كما شهد الوون الكوري الجنوبي انخفاضاً إلى أضعف مستوياته في 15 عاماً، في حين تراجع الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي إلى أدنى مستوياتهما في أكثر من عامين.

وفي المقابل، استقرّ مؤشر الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في عامين عند 108.05. وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إن مزيداً من التخفيضات في تكاليف الاقتراض سيعتمد على تحقيق تقدم أكبر في خفض التضخم المستمر، مع التأكيد على ضرورة الحذر في الفترة المقبلة لتجنب تأثيرات سلبية على الأسواق العالمية.

من جهة أخرى، يُتوقع أن يعلن «بنك إنجلترا» قراره السياسي في وقت لاحق من اليوم، حيث من المرجح أن يبقي على أسعار الفائدة ثابتة. وقبيل هذا الإعلان، استقرّ الجنيه الإسترليني بالقرب من أدنى مستوى له في 3 أسابيع عند 1.26005 دولار، بينما تعافى اليورو بنسبة 0.42 في المائة ليصل إلى 1.03945 دولار بعد تراجعه الحاد في الجلسة السابقة.

وفي أستراليا، تراجع الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له عند 0.6199 دولار قبل أن ينتعش قليلاً ليغلق عند 0.6234 دولار بزيادة 0.26 في المائة. كما سجّل الدولار النيوزيلندي أدنى مستوياته منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند 0.5608 دولار، حيث تعرَّض لمزيد من الضغوط نتيجة البيانات التي أظهرت أن اقتصاد نيوزيلندا دخل في ركود خلال الرُّبع الثالث، مما يعزز التوقعات بتخفيضات أكبر في أسعار الفائدة.


مقالات ذات صلة

الدولار يواصل تراجعه للأسبوع الثالث

الاقتصاد أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يواصل تراجعه للأسبوع الثالث

واصل الدولار تراجعه للأسبوع الثالث على التوالي يوم الجمعة حيث خلص المتعاملون إلى أن بداية الولاية الثانية لدونالد ترمب لم تتجاوز كونها تهديدات بالرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يرتفع وسط توقعات حذرة بشأن تخفيضات الفائدة في أميركا وأستراليا

ارتفع الدولار يوم الثلاثاء مع تقييم المتعاملين للمخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية والمسار المحتمل لخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد متداولو العملات في بنك «هانا» يتابعون مؤشر كوسبي وسعر الدولار مقابل الوون في سيول (أ.ب)

أسواق الأسهم الآسيوية ترتفع وسط تفاؤل قطاع التكنولوجيا في هونغ كونغ

ارتفعت أسواق الأسهم الآسيوية يوم الاثنين، مدفوعة بقطاع التكنولوجيا في هونغ كونغ، بينما تباين النمو الاقتصادي الياباني مع ضعف مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سبائك معروضة في معرض الذهب بمتحف التاريخ الطبيعي بنيويورك (رويترز)

ارتفاع الذهب بسبب ضعف الدولار وترقب تطورات الرسوم الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الاثنين، بفعل ضعف الدولار، في وقت يترقب المستثمرون مزيداً من التفاصيل حول خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل يعرض سبائك من الذهب في مدينة ميونيخ الألمانية (رويترز)

الذهب يلامس أعلى مستوياته على الإطلاق وسط «مخاوف التجارة»

ارتفعت أسعار الذهب، الجمعة، واتجه المعدن لتحقيق مكاسب للأسبوع السابع على التوالي وسط مخاوف من نشوب حرب تجارية عالمية

«الشرق الأوسط» (لندن)

«كبح الديون» ورقة في صندوق الانتخابات الألمانية

شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)
شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)
TT
20

«كبح الديون» ورقة في صندوق الانتخابات الألمانية

شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)
شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)

مع توجه الألمان إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية يوم الأحد، يبرز الاقتصاد المحتضر والوعود بإصلاحه على رأس اهتماماتهم.

فإعادة تشغيل النمو ورفع مستويات المعيشة هي القضية الرئيسة على ورقة الاقتراع، في ظل دخول البلاد في حالة ركود فعلي بعد انكماش اقتصادها عامين متتاليين، في 2023 و2024، وللمرة الثالثة فقط منذ الخمسينات.

لقد وعدت الأحزاب الرئيسة كلها بإحياء الاقتصاد، من خلال سياسات متعددة إما بخفض الضرائب وإما بزيادة الإنفاق بشكل كبير لضخ النمو. هذه الخيارات تتطلب تخفيف كبح الديون.لقد كانت هذه الآلية المالية المعروفة باسم «كبح الديون»، والتي تحد بشكل صارم من الاقتراض الحكومي، بمثابة خط صدع في السياسة الألمانية. إذ أدى شح المال إلى انهيار الحكومة الاتحادية السابقة التي كانت مكونة من «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» و«حزب الخضر»، و«الحزب الديمقراطي الحر» (الليبرالي). فعند إعداد موازنة عام 2025، كان هناك نقص بقيمة 25 مليار يورو (26 مليار دولار). ولذلك، أراد «الديمقراطيون الاجتماعيون» و«الخضر» تعويض هذا العجز من خلال القروض، وهو ما رفضه «الحزب الديمقراطي الحر» رفضاً تاماً، وأراد التوفير في النفقات الاجتماعية. وعندما لم هذه الأحزاب الثلاثة من الاتفاق، انهار الائتلاف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

و«كبح الديون» هو قاعدة دستورية ألمانية تم إدخالها خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2009، في عهد المستشارة أنجيلا ميركل، لضمان الاستقرار المالي للبلاد، بعدما تكبدت الحكومة تكاليف باهظة لبرامج الإنقاذ بلغت نحو 464 مليار يورو، مما تسبب في ارتفاع الدين العام إلى نحو 81 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010.

فقد وضع نظام «كبح الديون» حداً أقصى للاقتراض الجديد للحكومة الاتحادية عند 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا -باستثناء حالات الطوارئ- ويمنع الولايات الـ16 من الاقتراض الجديد. وهو مصمم لمنع الإنفاق الحكومي غير المسؤول؛ حيث لا يجوز أن تنفق الدولة إلا ما تحصل عليه.

ودخلت القاعدة حيز التنفيذ في عام 2016، ليصار إلى تعليقها خلال جائحة «كوفيد-19»، ومرة أخرى بعد الحرب الروسية - الأوكرانية. وأُعيد العمل بهذا التشريع العام الماضي.

العلم الوطني الألماني يرفرف أمام مبنى «الرايخستاغ» في برلين (إ.ب.أ)
العلم الوطني الألماني يرفرف أمام مبنى «الرايخستاغ» في برلين (إ.ب.أ)

بيد أنَّ إيرادات الضرائب لم تعد كافية من أجل سداد تكاليف جميع المهام الحكومية المطلوبة؛ للنفقات العسكرية المتزايدة، ودعم أوكرانيا، وإعادة إصلاح البنية التحتية التالفة، والرقمنة المتعثرة وغيرها. وهو ما يتطلب الاقتراض لتغطية هذا النوع من النفقات.وكان كبح جماح الديون موضوعاً مركزياً في الحملة التي سبقت الانتخابات المبكرة للبرلمان الألماني، بين مؤيد ومعارض. ففي حين دعا «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» و«الخضر» و«حزب العمال الاشتراكي الألماني» إلى تخفيف كبح جماح الديون وزيادة الإنفاق الاستثماري والحفاظ على مزايا الرعاية الاجتماعية الحالية، دعم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (الاتحاد الاجتماعي المسيحي)، و«الحزب الديمقراطي الحر»، و«حزب البديل من أجل ألمانيا» تقليص أو إلغاء بعض المزايا مع الحفاظ على القواعد المالية القائمة.

الركود الاقتصادي

ثم إن المشكلة الأكثر إلحاحاً التي تواجه ألمانيا هي توقف نموها الاقتصادي. وتتوقع المفوضية الأوروبية نمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 في المائة فقط في عام 2025، وهو ما يمثل أبطأ وتيرة بين دول الاتحاد الأوروبي. ومنذ عام 2017، نما الاقتصاد الألماني بنسبة 1.6 في المائة فقط، وهو أقل كثيراً من متوسط ​​الاتحاد الأوروبي البالغ 9.5 في المائة.

وقد أدت نقاط الضعف البنيوية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة، وانخفاض الاستثمار العام، والإفراط في الاعتماد على الصادرات، إلى ترسيخ الركود.

كما أن القاعدة الصناعية الألمانية التي كانت ذات يوم العمود الفقري لاقتصادها، تتآكل. في وقت باتت فيه الشركات الألمانية البارزة تنقل بعض الإنتاج إلى الخارج، بحجة انخفاض التكاليف وقلة العقبات البيروقراطية.

الواقع أن الإنتاج الصناعي انخفض بشكل مطَّرد؛ حيث بلغ الناتج في عام 2024 نحو 90 في المائة فقط من مستويات عام 2015. وعلى النقيض من ذلك تماماً، نما الإنتاج الصناعي في بولندا إلى 152 في المائة من مستواه في عام 2015، وهو ما يعكس تحولاً أوسع نطاقاً في قدرات التصنيع إلى أوروبا الوسطى والشرقية.

ضربة ترمب

على مدى أشهر، كان ترمب يهدد بفرض رسوم جمركية أعلى على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة. ومنذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني)، أثبت أنه على استعداد للمضي قدماً في تنفيذ تهديداته؛ حيث أعلن فرض رسوم بنسبة 25 في المائة على جميع واردات الصلب والألمنيوم، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في مارس (آذار). ثم أمر بإجراء تحقيق فيما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة فرض رسوم جمركية متبادلة على السلع المستوردة، ما يعني فرض رسوم جمركية مماثلة للرسوم التي تفرضها الدول الأخرى على المنتجات الأميركية. وقال أيضاً إنه يخطط لفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على السيارات المستوردة، ورقائق أشباه الموصلات والمستحضرات الصيدلانية في وقت مبكر من شهر أبريل (نيسان).

ومن شأن ذلك أن يضر بالمصدِّرين الألمان على وجه الخصوص؛ حيث إن الولايات المتحدة هي أكبر سوق لهم؛ حيث تمثل 10 في المائة من إجمالي الصادرات الألمانية، وفقاً للأرقام الرسمية.

امرأة ترتدي زياً كرنفالياً تدلي بصوتها خلال الانتخابات في كولونيا (رويترز)
امرأة ترتدي زياً كرنفالياً تدلي بصوتها خلال الانتخابات في كولونيا (رويترز)

كما تعتمد نحو 1.2 مليون وظيفة في ألمانيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، على الصادرات إلى الولايات المتحدة، وفقاً لشركة «بروغنوس» السويسرية للأبحاث. ويمثل هذا الرقم 2.6 في المائة من جميع الوظائف في البلاد، وفقاً لأحدث البيانات الحكومية.

وقال جاكوب كيركيجارد، وهو زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، لشبكة «سي إن إن»: «إن العالم الذي لا تكون فيه التجارة الحرة هي الشعار الاقتصادي السائد يمثل مشكلة بالنسبة لألمانيا».