هل تشعل الصكوك الادخارية للأفراد في السعودية المنافسة مع المصارف؟

العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

هل تشعل الصكوك الادخارية للأفراد في السعودية المنافسة مع المصارف؟

العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

بدأ المركز الوطني لإدارة الدين في السعودية طرح أول حزمة من صكوك الادخار المخصصة «صح» (ارتكازاً إلى الحرف الأول من «صكوك حكومية») التي كانت أطلقتها وزارة المالية مع المركز الأسبوع الماضي، والتي هي عبارة عن منتجات ادخارية تطرح كل شهر بلا رسوم اشترك أو عمولات.

وتم تحديد العائد على هذه الحزمة للشهر الحالي بـ5.64 في المائة، والتي جاءت أعلى من التوقعات، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة الإقبال على هذا المنتج الجديد الذي يستمر الاكتتاب فيه من 4 إلى 6 فبراير (شباط) الحالي. وسيتم تحديد نسبة العائد، لكل إصدار بناء على أوضاع السوق من شهر لآخر.

وعرّف مركز إدارة الدين المنتج الجديد بأنه عبارة عن أوراق مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية صادرة من الحكومة من خلال وزارة المالية، ويتم الترتيب لها من خلال المركز الوطني لإدارة الدين.

وقال الدكتور سعد الخثلان رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية في هذا الإطار في حسابه على منصة «إكس»، إن الصكوك الحكومية «صح» هي منتج ادخاري مبني على هيكلة المضاربة والمرابحة، ومجازة من اللجان الشرعية في المؤسسات المالية بالمملكة.

كما شرح مركز إدارة الدين أن «صح» منتج ادخاري مخصص للأفراد بعوائد مجزية، ويتم طرحه بشكل شهري حسب تقويم الإصدارات، وتكون فترة الادخار لمدة سنة واحدة بعائد ثابت وتصرف الأرباح المستحقة بنهاية عمر الصك (تاريخ الاستحقاق).

ويبلغ الحد الأعلى للاشتراك في المدة المعلن عنها في كل شهر 200 صك بقيمة 200 ألف ريال، وصك واحد بقيمة ألف ريال كحد أدنى.

وكان برنامج الصكوك المحلية بالريال السعودي أنشئ في عام 2017، والذي ينص على أن تقوم وزارة المالية بإصدار صكوك محلية مقومة بالريال، ويتم الترتيب لها وطرحها بواسطة المركز الوطني لإدارة الدين على شرائح بشكل شهري للمستثمرين.

وبحسب وكالة «فيتش» في تقرير لها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمتلك السعودية أكبر سوق للصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي، وبحصة 69.4 في المائة من سوق الصكوك الخليجية بجميع العملات.

يقول عبد الله الجبلي عضو الاتحاد السعودي والدولي للمحللين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «نسبة العائد التي بلغت 5.64 في المائة جيدة، وسوف يكون رأس المال محمياً»، وهذا ما يراه أنه ميزة في المنتج الجديد وفسر ذلك بقوله: «عادة يتم تقييم الصك بحسب قوة مصدر الصك، والمصدر الآن هو الدولة، ولذلك سوف يكون رأس المال مضموناً».

وعن أسباب عدم بيع هذه الصكوك أو شرائها في السوق المالية، أوضح الجبلي أن وزارة المالية «تريد خلق قناة استثمارية جديدة من قبل الدولة للأفراد بشكل مباشر من غير المرور على المؤسسات والشركات المالية والبنوك».

ورأى الجبلي أن «الإقبال قد لا يكون قوياً في البداية بسبب ضعف الثقافة الاستثمارية في منتج الصكوك بين الأفراد في المملكة، لكن التغطيات ستكون مقبولة وجيدة في جميع الأحوال»، لكنه أضاف أن توجيه وزارة المالية هذا المنتج للأفراد سيعزز من الثقافة الاستثمارية والتنوع الاستثماري؛ لأن الأفراد في المملكة غالباً ما يستثمرون في ثلاثة منتجات فقط هي العقار والأسهم والودائع، والآن يوجد هذا المنتج الذي سينعكس إيجاباً خلال السنوات القادمة على ثقافة الفرد ويتم تداوله أكثر.

وذكرت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني أن هذه الصكوك قد تشعل منافسة مباشرة مع البنوك للاستحواذ على السيولة، لكنها ستوفر مصدر تمويل بديلاً للحكومة.

وشرحت في تقرير لها أن هذا النوع من المنتجات قد يؤدي إلى تسارع هجرة مدخرات الأفراد إلى الأدوات الجديدة بدلاً من الودائع التي لا تدر فائدة، وهو ما قد يضع البنوك في منافسة مباشرة مع هذا المنتج للاحتفاظ بالودائع، ما سيرفع في نهاية المطاف تكلفة التمويل لديها.

وأضافت أن نسبة الصكوك البالغة 84 في المائة من سوق الدين المحلية من المتوقع أن تزيد مع إصدار الصكوك للأفراد، وأن الحكومة ستواصل الاعتماد على السوق المحلية لتلبية أكثر من نصف احتياجاتها التمويلية كما كان الوضع في السابق.


مقالات ذات صلة

السعودية تعمل على تقليص البيروقراطية لجذب الاستثمارات الأجنبية

الاقتصاد تعتزم وزارة الاستثمار نشر تفاصيل القواعد الجديدة لطرحها للنقاش بحلول أواخر الشهر («الشرق الأوسط»)

السعودية تعمل على تقليص البيروقراطية لجذب الاستثمارات الأجنبية

تعتزم السعودية تخفيف القيود المفروضة على تدفق الاستثمارات الأجنبية في إطار الجهود الرامية إلى التحول لمركز استثمار إقليمي رئيسي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مصانع «المطاحن العربية» (الشرق الأوسط)

تغطية اكتتاب «المطاحن العربية» بالكامل

جرت تغطية اكتتاب شركة المطاحن العربية للمنتجات الغذائية بشكل كامل خلال ساعة من بدء فترة عملية بناء سجل الأوامر لشريحة المؤسسات يوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تدير «إنفستكورب» نحو 52 مليار دولار من الأصول (موقع الشركة)

«إنفستكورب» البحرينية تعلن عن تعديلات كبيرة في فريق القيادة

أعلنت «إنفستكورب»، الشركة العالمية الرائدة في مجال الاستثمار البديل، تعزيز وتعميق فريق قيادتها التنفيذية مع انطلاقها في المرحلة التالية من رحلة نموها.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الاقتصاد خلال زيارة وفد رجال الأعمال المصريين والسعوديين للعراق ولقاء رئيس الوزراء (المصدر: الموقع الإلكتروني للمجموعة)

مجموعة «طلعت مصطفى» المصرية تتوسع في العراق

أعلنت مجموعة «طلعت مصطفى» القابضة بدء الإجراءات القانونية والفنية اللازمة لإنشاء مشاريع واستثمارات في العراق. وقالت المجموعة في بيان إلى البورصة المصرية،…

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد شعار شركة «دليفري هيرو» في مقرها الرئيسي في برلين (رويترز)

«دليفري هيرو» تستعد لطرح وحدة «طلبات» للاكتتاب العام في دبي

قالت شركة توصيل الطعام الألمانية «دليفري هيرو»، الخميس، إنها تستعد لطرح عام أولي لشركة «طلبات» التابعة لها في الإمارات في بورصة دبي في الربع الرابع هذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)

تباين الآراء في «المركزي الأوروبي» حول تأثير الركود المحتمل على الفائدة

لافتة خارج مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
لافتة خارج مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

تباين الآراء في «المركزي الأوروبي» حول تأثير الركود المحتمل على الفائدة

لافتة خارج مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
لافتة خارج مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

يتزايد الخلاف بين صانعي السياسة في المصرف المركزي الأوروبي حول توقعات النمو الاقتصادي، وهو خلاف قد يؤثر على النقاش بشأن تخفيض أسعار الفائدة لعدة أشهر، حيث يخشى البعض من حدوث ركود، بينما يركز الآخرون على استمرار الضغوط التضخمية، حسبما ذكرت مصادر مقربة من النقاش.

وقام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة في يونيو (حزيران)، ومن شبه المؤكد أنه سيقوم بخفض آخر في سبتمبر (أيلول) استجابةً لتباطؤ نمو الأسعار. ومع ذلك، قد تكون القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية في المستقبل أكثر تعقيداً مع دخول اقتصاد منطقة اليورو في حالة أكثر هشاشة، وفقاً لمحادثات مع ما يقرب من عشرة مصادر، بحسب «رويترز».

ويتمحور النقاش حول كيفية تأثير ضعف النمو الاقتصادي والركود المحتمل على التضخم - وهو الهدف الأساسي للصرف - حيث يحاول خفض التضخم إلى 2 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ورغم أن الكثير من المناقشات يتم بشكل خاص، فإن المحادثات مع مصادر على معرفة مباشرة بها تكشف عن وجهات نظر متباينة.

ويجادل دعاة السياسة الداعمة للنمو، والذين ما زالوا يشكلون أقلية، بأن الاقتصاد أضعف مما كان يُعتقد، وأن مخاطر الركود تتزايد وأن الشركات التي كانت تحتفظ بالعمالة بدأت في تقليص فرص العمل، مما يجعل سوق العمل أكثر ليونة. وبمجرد انخفاض معدلات التوظيف، ينخفض ​​الدخل المتاح أيضاً، مما يؤدي إلى تآكل الاستهلاك بسرعة ويخلف حالة من الركود المعزز ذاتياً.

وقال أحد المصادر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «هذا سيضعف ضغوط الأسعار بشكل أسرع مما نتوقع الآن، لذا أعتقد أن خطر العودة إلى التضخم دون المستوى المستهدف حقيقي».

وهذا يشير إلى أن «المركزي» متأخر في خفض أسعار الفائدة ودعم الاقتصاد، مما يعزز الحجة لخفض أسعار الفائدة بسرعة أكبر.

ومن المتوقع الآن أن يرتفع التضخم، الذي انخفض إلى 2.2 في المائة في أغسطس (آب)، مرة أخرى بحلول نهاية العام ويعود إلى 2 في المائة فقط في أواخر عام 2025.

ركود؟

ويجادل المحافظون، أو الصقور في مصطلحات المصارف المركزية، الذين يهيمنون على النقاش السياسي منذ بدء رفع أسعار الفائدة السريع في 2022، بأن أرقام النمو الفعلية تتفوق باستمرار على نتائج الاستطلاعات الضعيفة وأن الاقتصاد ما زال صامداً. فالاستهلاك قوي، وقد حققت الكتلة موسماً سياحياً رائعاً، وأخيراً بدأ قطاع البناء في الانتعاش، لذا فإن النمو ما زال محترماً.

علاوة على ذلك، لا يزال نمو الأجور أعلى بكثير من المستويات المتسقة مع هدف التضخم بنسبة 2 في المائة، لذا فإن الدخل الحقيقي يتعافى بسرعة ويجب أن يستمر في حماية الاقتصاد.

ورغم أن الصناعة تشهد تراجعاً عميقاً وقد تجر ألمانيا إلى الركود، فإن هذه مشكلة أكثر هيكلية وقد يستغرق حلها سنوات، وبالتالي فإن السياسة النقدية لها دور محدود، وفقاً لعدة مصادر.

كل هذا يدعم الحجة لخفض أسعار الفائدة ببطء، ربما مرة كل ربع سنة، حتى يتأكد «المركزي الأوروبي» من أن التضخم يتجه نحو 2 في المائة.

ومن المرجح أن يقاوم الصقور أي تخفيف للسياسة قد يؤدي إلى تأخير تحقيق هدف التضخم حتى 2026، لأن ذلك قد يهدد مصداقية «المركزي الأوروبي»، وفقاً للمصادر.

وتجادل عضوة مجلس إدارة «المركزي الأوروبي» وهي من المحافظين البارزين، إيزابيل شنابل، بأن مخاوف التضخم يجب أن تتفوق على النمو.

وقالت في خطاب يوم الجمعة: «يجب أن تظل السياسة النقدية مركزة على إعادة التضخم إلى هدفنا في الوقت المناسب. في حين أن المخاطر على النمو قد زادت، لا يزال الهبوط الناعم أكثر احتمالًا من الركود».

أكتوبر

قالت المصادر إن من غير المرجح أن يؤثر الخلاف على قرار السياسة في سبتمبر، حيث يوجد بالفعل إجماع واسع النطاق على خفض أسعار الفائدة.

لكن يمكن أن يؤثر ذلك على كيفية تواصل رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بشأن القرار، مما يغير التوقعات لاجتماع أكتوبر (تشرين الأول).

كما أنه من غير المرجح أن يتخلى البنك عن نهجه «اجتماعاً تلو الآخر» في تحديد السياسة حتى لا يكون هناك التزام بشأن أكتوبر، لكن الداعمين للنمو يريدون من لاغارد أن تبرز مخاطر النمو، وتشير إلى أن التخفيضات المتتالية ليست مستبعدة.

ويخشى الصقور أن مثل هذه الرسالة ستزيد من توقعات السوق بشكل كبير، مما يضع «المركزي الأوروبي» في موقف صعب. ويرى المستثمرون بالفعل احتمالاً بنسبة 40 في المائة إلى 50 في المائة لخفض الفائدة في أكتوبر، وستعزز هذه الرسالة الضعيفة تلك الرهانات.

وقال مصدر ثالث: «أعتقد أن التخفيضات الفصلية تخدمنا بشكل جيد، والبيانات لا تدعم ببساطة تسريع هذه الوتيرة».

وبينما سيتفق المحافظون على نص بيان السياسة، تتمتع لاغارد ببعض الحرية في إيصال الرسالة ويمكنها اختيار التأكيد على نقاط معينة.

ويبدو أن الاقتصاديين يتبنون وجهات نظر مختلطة بشأن التوقعات، حتى لو اتفق معظمهم على أنها بعيدة عن أن تكون مشرقة.

وقال الاستراتيجي في «ماكواري»، تييري ويزمان: «حتى لو تجنب الاقتصاد الأميركي الركود، قد لا يحدث ذلك في أوروبا». وأشار ويزمان إلى أن ضعف الطلب الصيني على السلع الأوروبية يزيد من حدة التباطؤ، بينما قد يؤثر تأثيره المحتمل على الاستقرار السياسي نتيجة صعود اليمين المتطرف في فرنسا وألمانيا أيضاً على معنويات المستهلكين.

من جهته، توقع بنك «إيه بي إن أمرو» الهولندي استمرار النمو، وإن كان متواضعاً.

وقال: «إن انتعاش الاقتصاد في منطقة اليورو يكافح لاكتساب الزخم. يشير معدل الادخار المرتفع إلى أن المستهلكين أقل استعداداً لإنفاق مكاسب الدخل الحقيقي، خاصة في فرنسا وهولندا وألمانيا».