العجز التجاري المغربي ينكمش بنسبة 7.3 % في 2023

بفضل انخفاض واردات الطاقة وزيادة إيرادات السياحة

ارتفعت إيرادات السياحة في المغرب بنسبة 11.7 % إلى 104 مليارات درهم مقارنة بعدد قياسي بلغ 14.5 مليون زائر العام الماضي (رويترز)
ارتفعت إيرادات السياحة في المغرب بنسبة 11.7 % إلى 104 مليارات درهم مقارنة بعدد قياسي بلغ 14.5 مليون زائر العام الماضي (رويترز)
TT

العجز التجاري المغربي ينكمش بنسبة 7.3 % في 2023

ارتفعت إيرادات السياحة في المغرب بنسبة 11.7 % إلى 104 مليارات درهم مقارنة بعدد قياسي بلغ 14.5 مليون زائر العام الماضي (رويترز)
ارتفعت إيرادات السياحة في المغرب بنسبة 11.7 % إلى 104 مليارات درهم مقارنة بعدد قياسي بلغ 14.5 مليون زائر العام الماضي (رويترز)

أعلنت هيئة تنظيم الصرف الأجنبي بالمغرب في تقريرها الشهري أن العجز التجاري السنوي انكمش بنسبة 7.3 في المائة إلى 286 مليار درهم (28.6 مليار دولار) في 2023، بفضل انخفاض واردات الطاقة وزيادة إيرادات السياحة.

وقالت الهيئة إن الواردات تراجعت بنسبة 2.5 في المائة مقارنة بها قبل عام إلى 715 مليار درهم، في حين ارتفعت الصادرات بنسبة 0.2 في المائة إلى 429 مليار درهم، مضيفة أن تحويلات المغاربة في الخارج وصادرات صناعة السيارات ساعدت أيضاً في تحسين العجز التجاري، وفق «رويترز».

وانخفضت واردات المغرب من الطاقة بنسبة 20.4 في المائة إلى 122 مليار درهم بعد تراجع الطلب والأسعار في السوق الدولية.

وبلغت واردات القمح 19.3 مليار درهم، بانخفاض نسبته 25.3 في المائة، بينما تراجعت واردات الأمونيا، وهي عنصر أساسي في إنتاج الأسمدة، بنسبة 58 في المائة إلى 8.8 مليار درهم.

وأعلن المغرب، الذي يمتلك أكبر احتياطي من الفوسفات في العالم، تراجعاً بنسبة 34 في المائة في صادرات المعدن ومشتقاته، بما في ذلك الأسمدة، إلى 76 مليار درهم.

كما حقق المغرب، موطن مصنعي إنتاج «ستيلانتيس» و«رينو»، زيادة بنسبة 27 في المائة في صادرات قطاع السيارات لتبلغ رقماً قياسياً قدره 141 مليار درهم.

كذلك ارتفعت إيرادات السياحة إلى مستويات قياسية جديدة، إذ قفزت بنسبة 11.7 في المائة إلى 104 مليارات درهم، مقارنة بعدد قياسي بلغ 14.5 مليون زائر للمغرب العام الماضي.

ومن بين العوامل الرئيسية لتدفق العملة الصعبة إلى المغرب، وصول تحويلات المغاربة في الخارج إلى مستوى قياسي قدره 115 مليار درهم، أي بزيادة قدرها 4 في المائة عن عام 2022.



رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
TT

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تباطئه في سبتمبر، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

وعانت تركيا على مدى العامين الماضيين تضخماً متسارعاً، بلغ ذروته عند معدل سنوي 85.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، و75.45 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وأفادت بيانات رسمية، يوم الخميس، بانخفاض معدل التضخم إلى 49.38 في المائة في سبتمبر. إلا أن إحصاءات مجموعة «إي إن إيه جي» المؤلفة من اقتصاديين مستقلين، أشارت إلى أن معدل التضخم السنوي في الشهر ذاته يبلغ 88.6 في المائة.

وسبق لوزير المال التركي محمد شيمشك أن أكد في تصريحات سابقة أن حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان تأمل في خفض التضخم إلى 17.6 في المائة نهاية عام 2025، وما دون 10 في المائة عام 2026.

وأشاد إردوغان حديثاً بالمسار التراجعي للتضخم، مشدداً على أن «الأوقات الصعبة باتت خلفنا». إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أن ارتفاع أسعار الاستهلاك في تركيا بات «مزمناً»، وتزيده سوءاً بعض السياسات الحكومية. وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة مرمرة محمد شيمشان إن «الانخفاض الراهن يعود حصراً إلى تأثير القاعدة (التي يحتسب على أساسها التضخم). ارتفاع الأسعار شهرياً ما زال كبيراً، ويبلغ 2.97 في المائة في تركيا و3.9 في المائة في إسطنبول». وأضاف: «لا يمكن اعتبار ذلك قصة نجاح».

قيمة الليرة

وعلى عكس السياسة التقليدية برفع معدلات الفوائد لمكافحة التضخم، لطالما دافع إردوغان عن سياسة خفض الفوائد، مما تسبب بانخفاض متزايد في قيمة الليرة التركية، وساهم بدوره في ارتفاع التضخم.

لكن بعد إعادة انتخابه رئيساً في مايو 2023، أطلق إردوغان يد المصرف المركزي لرفع معدلات الفائدة الأساسية من 8.5 إلى 50 في المائة، بين يونيو (حزيران) 2023 ومارس (آذار) 2024. وأبقى المصرف معدلاته دون تغيير في سبتمبر للشهر السادس توالياً.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس إرينتش يلدان، إن «مكافحة التضخم تتمحور حول أولويات القطاع المالي. نتيجة لذلك، تجري الأمور بطريقة غير مباشرة وتولّد حالة من عدم اليقين».

وشدد أستاذ الاقتصاد في جامعة كارادينيز التقنية، يعقوب كوتشوكال، على أن رفع معدلات الفوائد لا يكفي لكبح التضخم ما لم يقترن بمعالجة العجز الضخم في الميزانية، مشيراً إلى أنه يبلغ مستوى قياسياً عند 129.6 مليار ليرة (3.79 مليار دولار).

وأوضح أن وزير المال شيمشك «يقول إن هذا يعود إلى الإنفاق المرتبط بإعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء زلزال فبراير (شباط) 2023»، في إشارة إلى الكارثة التي راح ضحيتها أكثر من 53 ألف شخص. وتابع: «لكن الثقب الأسود الفعلي يعود إلى عقود الشراكة المكلفة بين القطاعين العام والخاص»، في إشارة إلى عقود لتطوير البنى التحتية يقول منتقدوها إنها غالباً ما تؤول إلى شركات على صلة وثيقة بحكومة إردوغان.

وتشمل هذه العقود كلفة بناء وإدارة مختلف البنى التحتية من الطرق السريعة والجسور إلى المستشفيات والمطارات، وغالباً ما تكون مصحوبة بضمانات سخية مثل تعويضات حكومية إذا كان معدل استخدامها دون المتوقع. وشدد كوتشوكال على أنه «يجب أن نشكك بهذه العقود التي تشكّل عبئاً على الميزانية؛ لأن هذه التعويضات مرتبطة بالدولار أو باليورو».

وغالباً ما تنعكس إجراءات مكافحة التضخم سلباً على الأسر ذات الدخل المنخفض، علماً بأن الحد الأدنى للأجور لم يتم رفعه منذ يناير (كانون الثاني)، وفق كوتشوكال الذي أكد أن «القوة الشرائية لهؤلاء متدنية أساساً».

وتابع: «بغرض خفض الطلب، على هذه الإجراءات أن تستهدف المجموعات ذات الدخل الأعلى، لكن بالكاد يوجد ما يؤثر عليها».

إجراءات التقشف

من جهته، رأى يلدان أن «إجراءات التقشف» التي شملت على سبيل المثال إلغاء خدمات التنظيف في المدارس الرسمية، تضر بالفئات الأكثر حرماناً، وتعزز عدم المساواة، مشيراً إلى أنه من المحبذ فرض «ضريبة على الثروة، والتعاملات المالية وإيرادات العقار». لكنه لفت إلى صعوبة تحقيق ذلك نظراً إلى أن الحزب الحاكم يعوّل على دعم «شركات موالية للحكومة» فازت بعقود البنى التحتية.

ووفق دراسة أعدتها جامعة كوش، تتوقع الأسر أن يبلغ التضخم السنوي نسبة 94 في المائة بحلول نهاية العام الحالي، أي أعلى بكثير من توقعات المصرف المركزي.

ورأى شيمشان أن «ارتفاع الأسعار الذي تعانيه الطبقات المتوسطة والدنيا محزن للغاية؛ لأنه يشمل منتجات أساسية وخدمات مثل الغذاء والسكن والتعليم، حيث يبقى التضخم بالغ الارتفاع».

وأشار مراقبون إلى أن عدم اليقين بشأن المستقبل يساهم أيضاً في ارتفاع الأسعار؛ لأن التجار يحاولون أن يأخذوا في الاعتبار التكاليف المستقبلية. وقال يلدان: «التضخم بات هيكلياً ومستمراً في تركيا. في غياب إصلاحات هيكلية، سنكون عالقين في حلقة مفرغة كما كنا عليه في التسعينات».