التضخم التركي يُسجل أعلى مستوى في 13 شهراً عند 65 %

يعطي مؤشراً على استمرار الصعود في 2024

أشخاص يسيرون في أحد شوارع التسوق في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يسيرون في أحد شوارع التسوق في إسطنبول (رويترز)
TT

التضخم التركي يُسجل أعلى مستوى في 13 شهراً عند 65 %

أشخاص يسيرون في أحد شوارع التسوق في إسطنبول (رويترز)
أشخاص يسيرون في أحد شوارع التسوق في إسطنبول (رويترز)

قفز معدل التضخم السنوي في تركيا إلى أعلى مستوياته في 13 شهراً مسجلا 64.77 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليعطي مؤشراً على استمرار مسار الصعود المتوقع خلال الأشهر المقبلة بعد الزيادة الكبيرة في الحد الأدنى للأجور بنسبة 49 في المائة التي طبقتها الحكومة اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني).

لامس التضخم السنوي في ديسمبر توقعات مصرف تركيا المركزي للتضخم في نهاية العام، الذي ورد في تقريره الفصلي للتضخم المعلن في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وهو 65 في المائة.

وقالت مجموعة أبحاث التضخم، وهي منصة مستقلة لمجموعة من الخبراء الاقتصاديين في تركيا، إن التضخم الحقيقي يبلغ ضعف الرقم الذي أعلنه معهد الإحصاء الرسمي.

وذكر معهد الإحصاء التركي، الأربعاء، أن التضخم ارتفع إلى 64.77 في المائة على أساس سنوي، وارتفع على أساس شهري بنسبة 2.93 في المائة، مقارنة بنحو 3.28 في المائة في نوفمبر.

وقاد قطاع الفنادق والمطاعم الزيادة في التضخم خلال عام 2023، بارتفاع في الأسعار بنسبة 93.2 في المائة، يليه قطاع التعليم بنسبة 82.1 في المائة. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 72 في المائة.

وأظهرت البيانات ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 1.14 في المائة على أساس شهري في ديسمبر، و44.22 في المائة على أساس سنوي.

وبدأ التضخم التراجع على أساس شهري في الأشهر الأخيرة بالتزامن مع سياسة التشديد النقدي التي طبقها المركزي التركي، فبعد حوالي 3 سنوات من التيسير النقدي، عكس المركزي التركي مساره في يونيو (حزيران) رافعا سعر الفائدة 34 في المائة من 8.5 في المائة في مايو (أيار) إلى 42.5 في المائة في ديسمبر بهدف السيطرة على التضخم.

ومع اقتراب الانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس (آذار) المقبل، رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور للعام الجديد بنسبة 49 في المائة، بأكبر من المتوقع. ويتوقع الخبراء أن تساهم الزيادة في رفع معدلات التضخم خلال الأشهر المقبلة، وفقاً لخبراء اقتصاديين.

ويستفيد نحو 7 ملايين شخص من الزيادة، كما أن الحد الأدنى هو الراتب الأساسي لأكثر من ثلث القوى العاملة في البلاد، ويعد مَرجعاً لاتفاقات الأجور الأخرى.

وتوقعت مؤسسات دولية، منها «غولدمان ساكس غروب» و«مورغان ستانلي» أن يدفع ذلك المصرف المركزي إلى تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر من المتوقع.

وشهدت تركيا ذروة التضخم بعد أزمة الليرة في نهاية عام 2021 وصولا إلى أعلى مستوى له في 24 عاما عند 85.51 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وانخفضت قيمة الليرة أمام الدولار في 2023 بنحو 38 في المائة، وواصلت انخفاضها مع مطلع العام الحالي.

وتوقع المركزي التركي في تقريره الفصلي الأخير للعام الماضي حول التضخم، أن يرتفع بشكل حاد في مايو المقبل إلى 70 في المائة، بعد انتهاء تسهيلات قدمتها الحكومة للمواطنين في استهلاك الغاز الطبيعي، وقت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو الماضي، لمدة عام.

وفي تعليقه على أرقام التضخم لشهر ديسمبر، أكد وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، أنهم سيواصلون القيام بكل ما هو ضروري لتحقيق أهداف البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل الممتد حتى نهاية عام 2026، وخاصة خفض التضخم في عام 2024.

وقال شيمشك، عبر حسابه في «إكس»: «قمنا بزيادة القدرة على التنبؤ بفضل الأهداف الواقعية والمتسقة للبرنامج الذي نقوم بتنفيذه، وتتوافق إنجازات نهاية عام 2023 مع برنامجنا ونحن نحقق أهدافنا المنقحة، ومع استمرار الانخفاض في التضخم الشهري، فإن التضخم في نهاية العام بلغ نحو 64.8 في المائة، ولا تزال المؤشرات الأساسية السنوية متسقة مع هدفنا لعام 2024».

وأضاف «نتوقع أن يكون النمو وعجز الحساب الجاري متوافقين مع أهدافنا أيضا. سيكون عجز الموازنة لعام 2023 أقل بكثير من هدفنا. سنواصل القيام بكل ما هو ضروري لتحقيق أهداف برنامجنا، خاصة التضخم، في عام 2024».

وكان مصرف تركيا المركزي أكد، في تقريره عن السياسة النقدية لعام 2024 الصادر الأسبوع الماضي، أنه سيواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة للوصول بمعدل التضخم إلى 5 في المائة، وهو المعدل المستهدف على المدى المتوسط.


مقالات ذات صلة

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

الاقتصاد أشخاص يتسوقون في سوق مفتوح في إسطنبول (رويترز)

رغم تراجعه... اقتصاديون يرون التضخم في تركيا بات هيكلياً

رغم تباطئه في سبتمبر (أيلول)، ما زال التضخم في تركيا مرتفعاً بشكل كبير، في ظل إحجام الحكومة عن اتخاذ قرارات صعبة قادرة على لجم ارتفاع الأسعار، بحسب محللين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد تؤكد دراسات اقتصادية أنه رغم تراجع التضخم فإن أسعار المواد الغذائية لا تزال تشكل ضغطاً كبيراً على المستهلكين (وسائل إعلام تركية)

«التضخم السنوي» في تركيا يتباطأ إلى مستوى غير كافٍ للتخلي عن السياسة المتشددة

تراجع معدل التضخم السنوي في تركيا لأقل من سعر الفائدة لأول مرة منذ عام 2021، مسجلاً 49.38 في المائة خلال سبتمبر (أيلول)، مقابل 51.97 في أغسطس (آب) الذي سبقه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد سوق شعبية في إسطنبول (وسائل إعلام تركية)

توقعات بتراجع التضخم السنوي في تركيا خلال سبتمبر لأدنى من سعر الفائدة

سادت توقعات بتراجع معدل التضخم السنوي بتركيا خلال شهر سبتمبر (أيلول)، فيما أظهر التضخم في إسطنبول تراجعاً على المستوى السنوي مع استمرار الارتفاع على أساس شهري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مقر المصرف المركزي التركي في أنقرة (رويترز)

«المركزي» التركي يرفع نسب الاحتياطي الإلزامي على بعض الودائع

رفع البنك المركزي التركي نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي على الودائع بالليرة القصيرة والطويلة الأجل في إطار جهوده لتعزيز تقييد السيولة الزائدة في النظام النقدي.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الاقتصاد مصرف تركيا المركزي (موقع المصرف)

«المركزي التركي» يثبّت الفائدة عند 50 % للشهر السادس

ثبّت مصرف تركيا المركزي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) عند 50 في المائة، دون تغيير للشهر السادس على التوالي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».