«كوب 28» يسدل الستار على أعماله بإقرار «اتفاق الإمارات»

خطوة جديدة نحو تفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية

TT

«كوب 28» يسدل الستار على أعماله بإقرار «اتفاق الإمارات»

جانب من الجلسة الختامية لـ«كوب 28» يوم الأربعاء (أ.ب)
جانب من الجلسة الختامية لـ«كوب 28» يوم الأربعاء (أ.ب)

اختتم مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «كوب 28» أعماله، الأربعاء، بعد أن أقر ممثلو ما يقارب 200 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في مدينة إكسبو دبي «اتفاق الإمارات» للمناخ، والذي يتضمن خطة عمل مناخية طموحة للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.

ودعا الاتفاق الأطراف إلى تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي إلى منظومة طاقة خالية من كافة مصادر الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته؛ وذلك بهدف تحقيق الحياد المناخي، وتشجيعهم على تقديم مساهمات محددة وطنياً تشمل كافة القطاعات الاقتصادية، كما يستهدف زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة سنوياً بحلول عام 2030، ويبني زخماً لتأسيس هيكل جديد للتمويل المناخي.

وقالت الرئاسة إن النتيجة تحترم العلم وتحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية استجابةً للحصيلة العالمية.

وعقد مؤتمر الأطراف جلسة مهمة لعرض الصيغة النهائية للنص التي تم التوصل إليها، حيث تعهد 198 طرفاً بالإجماع على الحد من الانبعاثات الكربونية، مما ساهم في الوصول لمستهدفات «كوب 28»، وتجاوز الطموحات المحددة.

وجاء «اتفاق الإمارات»، بعد عام من المشاركات الدبلوماسية الواسعة القائمة على احتواء الجميع، وأسبوعين من المفاوضات المكثفة، ويتماشى مع هدف رئاسة «كوب 28» المتمثل في تقديم استجابة طموحة وفعالة وملموسة لنتائج الحصيلة العالمية لتقييم التقدم في تحقيق أهداف باريس.

جانب من الجلسة الختامية لـ«كوب 28» يوم الأربعاء (أ.ب)

وتتضمن التعهّدات الواردة في النص التفاوضي النهائي الإشارة للمرّة الأولى إلى الانتقال إلى منظومة طاقة خالية من مصادر الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته، لتمكين العالم من تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، ورفع سقف التوقّعات بشأن الجولة التالية من المساهمات المحدّدة وطنياً على مستوى العالم، من خلال تشجيع الأطراف على «تقديم مساهمات محددة وطنياً تشمل كافة القطاعات الاقتصادية»، بالإضافة إلى مواصلة بناء الزخم لإصلاح هيكل التمويل المناخي، والإشارة إلى دور وكالات التصنيف الائتماني للمرّة الأولى، والدعوة إلى زيادة كبيرة في المِنح والتمويل الميسّر، وتحديد هدف جديد يتمثّل في زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجدّدة ثلاث مرات، ومضاعفة معدل كفاءة الطاقة بحلول عام 2030. وكذلك الإقرار بالحاجة الماسّة إلى زيادة كبيرة في تمويل التكيف تتجاوز الضعف، لتلبية احتياجاته الملحّة والمتزايدة.

وإلى جانب تقديم استجابة فعالة للحصيلة العالمية الأولى لتقييم التقدّم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، حقّق «كوب 28» نتائج تفاوضية ملموسة لتفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار، ونجح في جمع وتحفيز 792 مليون دولار من التعهّدات المبكرة للصندوق، وتوفير إطار للهدف العالمي بشأن التكيّف، وإضفاء الطابع الرسمي لدور رائد المناخ للمؤتمر، لدعم احتواء الشباب في أعمال مؤتمرات الأطراف المستقبلية.

اختيار المنهجية المناسبة

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، إن «اتفاق (كوب 28) يشدد بالأساس على أهمية تحول الطاقة»، مشيراً إلى أن «مراجعة نص البيان الختامي لاتفاق (كوب 28) تمت كلمة بكلمة».

وأكد في تصريحات تلفزيونية أن «التركيز عاد على معالجة التحديات بالتوافق مع المصالح الوطنية»، معتبراً أن «الاتفاق الحالي أعاد اتفاق باريس للواجهة مجدداً»، ولافتاً إلى أن «المستهدف هو خفض الانبعاثات، وللدول حق اختيار المنهجية المناسبة». وشدد على أن «اتفاق (كوب 28) أعطى لكل دولة الحق باختيار المنهجية التي تحافظ على مصالحها»، وقال: «يجب النظر بطريقة متكاملة للنصوص ضمن الاتفاق».

وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان إن «تحول الطاقة يمكّننا من الموازنة بين خفض الانبعاثات ونشاطنا النفطي، وبرامجنا تعمل على خفض البصمة الكربونية لمنتجاتنا». وأضاف: «لسنا بغريبين عن منهجية تحول الطاقة، ونحن رائدون فيها»، موضحاً أن بيان «كوب 28» لم ينص على التخلص الفوري أو المتدرج من الوقود الأحفوري، بل عملية تحوّل».

وأوضح أن برامج المملكة تعمل على خفض البصمة الكربونية لمنتجاتها، مبيناً أن تحول الطاقة يمكّن المملكة من الموازنة بين خفض الانبعاثات ونشاطها النفطي.

ولفت الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى أن فريقاً متكاملاً من المملكة شارك في مفاوضات «كوب 28». وشكر دولة الإمارات التي استضافت المؤتمر هذا العام، مؤكداً وجود تعاون وتنسيق بشكل كامل بين الدولتين.

الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مشاركته في الجلسة الأخيرة (إ.ب.أ)

مسار جديد للعمل

من جهته، قال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، رئيس «كوب 28»، إن «العالم كان بحاجة إلى مسار جديد للعمل، ومن خلال التركيز على هدفنا الرئيسي توصلنا إلى ذلك المسار، حيث عمِلنا بجِد وإخلاص لبناء مستقبل أفضل لشعوبنا وكوكبنا، وبإمكاننا أن نفخر بإنجازنا التاريخي».

وأشار إلى الوعد الذي قطعه يوم انطلاق فعاليات «كوب 28»، بتنظيم مؤتمر للأطراف يختلف عن سابقِيه، ويجمع كافة المعنيين، من القطاعين الخاص والحكومي، وممثلي المجتمع المدني، والقيادات الدينية، والشباب والشعوب الأصلية، وأكّد أنه منذ اليوم الأول، تعاون الجميع، واتّحدوا، وعمِلوا، وأنجزوا.

وأشاد بخطة عمل المؤتمر المتوازنة التي تدعم الحد من الانبعاثات، وتزيد الاهتمام بموضوع التكيف، وتسهم في تطوير وإعادة صياغة آليات التمويل المناخي العالمي، وتحقيق متطلبات معالجة الخسائر والأضرار، وأكد أنها خطة تراعي الظروف الوطنية لكلّ دولة، وتدعم العمل المناخي والنمو الاقتصادي بشكل متزامن، وأنها مبنية على توافق الآراء ومدعومة باحتواء الجميع، ويعززها التعاون والعمل الجماعي.

التنمية المستدامة

وكان مندوب للسعودية رحب في قمة «كوب 28» بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيراً إلى أن مواجهة تغير المناخ تتعلق بخفض الانبعاثات باستخدام جميع التقنيات، ومشيداً بنتائج المحادثات.

وقال: «أظهرت مسارات مختلفة ستسمح لنا بتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بما يتماشى مع خصائص كل دولة، وفي سياق التنمية المستدامة».

وأضاف: «يجب علينا استغلال كل فرصة لخفض الانبعاثات بغض النظر عن مصدرها. ويجب علينا استخدام جميع التقنيات لتحقيق هذا الهدف». وأكد أن السعودية تعبّر باسم كتلة الدول العربية عن «شكرها للجهود العظيمة» للرئاسة الإماراتية لمؤتمر المناخ.

في المقابل، رحبت مصر بتوصل مؤتمر المناخ المنعقد في دبي إلى توافق حول عدد من القرارات التاريخية، مشيدة بنجاح دولة الإمارات في تنظيم الدورة الثامنة والعشرين للدول أطراف الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ «كوب 28».

معايير جديدة

ويضع «اتفاق الإمارات» معايير جديدة للعمل المناخي العالمي من خلال وصول الدول الأطراف إلى اتفاق عادل ومنصف يتماشى مع النتائج العلمية، ويساهم في الحد من الأخطار التي تواجهها الدول الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية والعمل المناخي.

واستطاع «كوب 28» البناء على ما تم التوصل إليه في «كوب 27» الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ بمصر، من خلال تفعيل الصندوق العالمي للمناخي، وتأمين تعهدات مبكرة من الدول لتمويله.

من جهته، قال الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية سايمون ستيل: «كنا بحاجة إلى هذا المؤتمر لإرسال إشارات واضحة على عدة جبهات، كنا بحاجة إلى ضوء أخضر عالمي يشير إلى أن جميع الأنظمة ستعتمد على مصادر الطاقة المتجددة والعدالة المناخية والقدرة على الصمود».

وكان المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف للمناخ «كوب 28»، ماجد السويدي، قال خلال مؤتمر صحافي: «تمكنا من جمع ما يزيد على 83 مليار دولار من الالتزامات المالية الجديدة، إضافة إلى توقيع 130 دولة على إعلان زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة، فضلاً عن تقديم عدد كبير من شركات النفط والغاز للمرة الأولى التزاماً بمعالجة انبعاثات غاز الميثان، إلى جانب 11 إعلاناً تغطي مختلف جوانب العمل المناخي، بدءاً من التمويل إلى الزراعة والصحة».


مقالات ذات صلة

الجفاف يلاحق أنهاراً بالمنطقة... أزمة مناخ أم ممارسات بشرية؟

المشرق العربي مجرى نهر العاصي في منطقة جسر الشغور غربي إدلب وقد بدا جافاً تماماً أغسطس الماضي (أ.ب)

الجفاف يلاحق أنهاراً بالمنطقة... أزمة مناخ أم ممارسات بشرية؟

تقرير يرصد أبرز الأنهار التي تعرضت لعوامل شديدة من الجفاف في المنطقة، إضافة إلى تعليق خبير في الشأن المناخي عن الأزمة وأبرز سُبل الحل.

يسرا سلامة (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة تُظهر انخفاض مستويات المياه خلف سد على طول نهر الكرخة بسلسلة جبال البرز شمال إيران (أ.ف.ب) play-circle

إيران توقف توليد الكهرباء من سدّ مائي كبير بسبب الجفاف

أوقفت السلطات الإيرانية إنتاج الكهرباء من أحد أكبر سدود البلاد، بسبب انخفاض ملحوظ في منسوب المياه بالخزان، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
آسيا امرأة أثناء زيارتها لمنطقة ضربتها فيضانات مفاجئة مميتة عقب هطول أمطار غزيرة في منطقة بيروين (رويترز)

إندونيسيا: ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات والانهيارات الأرضية إلى 248

كافح عمال الإنقاذ في إندونيسيا اليوم للوصول إلى الضحايا في كثير من المناطق المدمرة التي ضربها زلزال وفيضانات.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
المشرق العربي صورة مثبتة من مقطع فيديو يظهر جفاف نهر العاصي في سوريا بالكامل

للمرة الأولى في التاريخ... نهر العاصي يجف بالكامل في سوريا

يشهد نهر العاصي في سوريا جفافًا كاملًا للمرة الأولى في تاريخه، في حدث يشكل سابقة بالنسبة للشريان المائي الحيوي في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص رغم اختلاف البيئات بين السعودية وبريطانيا وأستراليا تجمع المشاريع رؤية بناء زراعة مرنة وقادرة على مواجهة التغير المناخي (أدوبي)

خاص من السعودية إلى أستراليا وبريطانيا… ابتكارات طلابية ترسم مستقبل الزراعة

كشفت 3 مشاريع طلابية من السعودية وأستراليا وبريطانيا مستقبلاً زراعياً جديداً يعتمد على الري الذكي وإنعاش التربة وتحليلها لحظياً، لبناء زراعة مرنة.

نسيم رمضان (دبي)

«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

ارتفعت أسهم الصين يوم الجمعة، منهيةً سلسلة خسائر استمرت 3 أيام، ومعاكسةً خسائرها السابقة خلال الأسبوع، حيث عزز تجدد التفاؤل بشأن شركات صناعة الرقائق المحلية المعنويات.

وأغلق مؤشر «شنغهاي المركب» على ارتفاع بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 3,902.81 نقطة، مسجلاً أول مكسب يومي له بعد 3 انخفاضات متتالية، ليصل بذلك تقدم الأسبوع إلى 0.4 في المائة. كما ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.8 في المائة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.3 في المائة هذا الأسبوع. وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر «هانغ سنغ» القياسي بنسبة 0.6 في المائة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المائة خلال الأسبوع. كما ارتفع مؤشر التكنولوجيا بنسبة 0.8 في المائة.

وكان سهم «مور ثريدز»، الذي يُطلق عليه غالباً اسم «إنفيديا الصين»، محور الاهتمام يوم الجمعة، حيث ارتفع بنحو 5 أضعاف في أول ظهور له بالبورصة، حيث راهن المستثمرون على أن الشركة الخاضعة لعقوبات أميركية ستستفيد من جهود بكين لتعزيز إنتاج الرقائق محلياً.

وجاء هذا الظهور القوي للشركة عقب أنباء عن تقديم مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين، مشروع قانون يوم الخميس، يهدف إلى منع إدارة ترمب من تخفيف القيود المفروضة على وصول الصين إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من «إنفيديا» و«إيه إم دي» خلال العامين ونصف العام المقبلة.

وقال باتريك بان، استراتيجي الأسهم الصينية في «دايوا كابيتال ماركتس» بهونغ كونغ، إن الإنجازات التكنولوجية الصينية، بالإضافة إلى «الفخر الوطني»، وسط التوترات الجيوسياسية، من المتوقع أن تظل ركيزة أساسية لسوق الصعود البطيء خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة. وأضاف في مذكرة: «من منظور طويل الأجل، نعتقد أن التراجع الأخير في الأسهم الصينية، كان من المفترض أن يُتيح مزيداً من الفرص الصاعدة للعام المقبل». كما أسهم قطاع التأمين في دعم السوق يوم الجمعة، حيث ارتفع بنسبة 4.5 في المائة، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أن أعلنت الهيئة التنظيمية للقطاع أنها ستخفض عامل المخاطرة لشركات التأمين التي تمتلك أسهماً معينة، وهي خطوة قد تُقلل متطلبات رأس المال وتُتيح مزيداً من الأموال للاستثمار.

وعلى الجانب الآخر، انخفض مؤشر «سي إس آي300 للعقارات» بنسبة 0.2 في المائة، مُواصلاً انخفاضه الأخير. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار المنازل في الصين بنسبة 3.7 في المائة هذا العام، ومن المرجح أن تستمر في الانخفاض حتى عام 2026 قبل أن تستقر في عام 2027، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته «رويترز».

• اليوان مستقر

ومن جانبه، استقر اليوان الصيني مقابل الدولار يوم الجمعة، مع تزايد قلق المستثمرين، بعد أن أبدى البنك المركزي قلقاً متزايداً إزاء المكاسب السريعة الأخيرة، في حين تتطلع الأسواق إلى اجتماع مهم لاستشراف اتجاهات السياسة النقدية للعام المقبل.

وأفادت مصادر لـ«رويترز» بأن البنك المركزي أبدى حذره من الارتفاعات السريعة من خلال تصحيحه التوجيهي الرسمي، واشترت بنوك حكومية كبرى الدولار في السوق الفورية المحلية هذا الأسبوع، واحتفظت به في مسعى قوي غير معتاد لكبح جماح قوة اليوان. وقال متداولو العملات إن هذه التحركات دفعت بعض المستثمرين إلى جني الأرباح والانسحاب من السوق. واستقر اليوان المحلي إلى حد كبير عند 7.0706 للدولار بدءاً من الساعة 03:35 بتوقيت غرينيتش، منخفضاً عن أعلى مستوى له في 14 شهراً عند 7.0613 الذي سجله يوم الأربعاء. وكان نظيره في الخارج قد وصل في أحدث تداولات إلى 7.0686 يوان للدولار. وقبل افتتاح السوق يوم الجمعة، حدد بنك الشعب الصيني (المركزي) سعر نقطة المنتصف عند 7.0749 للدولار، وهو أعلى بنقطتين من تقديرات «رويترز» البالغة 7.0751. وجاء سعر نقطة المنتصف يوم الجمعة متوافقاً تقريباً مع توقعات السوق، منهياً 6 جلسات متتالية من الإعدادات الرسمية الأضعف من المتوقع.

وشهد سعر تثبيت سعر الصرف يوم الخميس، أكبر انحراف عن الجانب الضعيف منذ توفر البيانات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. ويُسمح لليوان الفوري بالتداول بحد أقصى 2 في المائة على جانبي نقطة المنتصف الثابتة يومياً. وصرح سون بينبين، كبير الاقتصاديين في شركة «كايتونغ» للأوراق المالية، بأنه من المتوقع أن ترتفع حصة اليوان المستخدمة في التجارة الخارجية والاستثمارات الخارجية للصين بشكل أكبر، مما سيساعد في رفع قيمة العملة على المديين المتوسط والطويل.

وأضاف سون: «مع ذلك، لا ينبغي أن تكون وتيرة وحجم الارتفاع سريعين للغاية، لتجنب التأثير سلباً على نمو الصادرات»، متوقعاً أن يصل اليوان إلى مستوى 7 يوانات للدولار، وهو مستوى مهم نفسياً، بحلول النصف الأول من العام المقبل. ويتوقع المتداولون والمحللون أن تُدير السلطات بعناية، وتيرة مكاسب اليوان لتحقيق التوازن بين نموه العالمي وقدرته التنافسية في الصادرات. وصرح إلياس حداد، الرئيس العالمي لاستراتيجية الأسواق في «براون براذرز هاريمان»: «نرى أن استمرار ارتفاع قيمة العملة الصينية قد يُساعد البلاد في تحويل نموذج نموها نحو الإنفاق الاستهلاكي من خلال تعزيز الدخل المتاح من خلال خفض أسعار الواردات».

وبالنظر إلى العوامل المحفزة على المدى القريب، سيتحول معظم اهتمام السوق إلى مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المُقرر عقده في وقت لاحق من هذا الشهر، بحثاً عن تلميحات محتملة حول أجندة السياسات للعام المقبل. وقال صموئيل تسي، كبير الاقتصاديين في بنك «دي بي إس»: «تتوقع السوق نبرة سياسية أكثر تفاؤلاً من مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المُقرر عقده». وأضاف: «من المرجح أن تشمل التوجهات السياسية الرئيسية دعماً أقوى للاستهلاك من خلال إعانات أكثر صرامة، وزيادة خلق فرص العمل، وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي».


توقعات بتعافٍ «هش» للاقتصاد الألماني وسط أعباء ضريبية وتوترات تجارية

سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)
سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)
TT

توقعات بتعافٍ «هش» للاقتصاد الألماني وسط أعباء ضريبية وتوترات تجارية

سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)
سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)

توقع المعهد الاقتصادي الألماني (آي دبليو) في تقريره، الجمعة، أن يظل تعافي الاقتصاد الألماني هشاً خلال العام المقبل، في ظل استمرار معاناة الصادرات وتباطؤ النشاط التجاري العالمي.

ويرجّح المعهد أن يسجّل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ألمانيا نمواً طفيفاً نسبته 0.1 في المائة خلال العام الحالي بعد عامين من الانكماش، على أن يرتفع النمو إلى 0.9 في المائة في عام 2026، في تحسن يُعدّ ملحوظاً قياساً بالسنوات السابقة، وفق «رويترز».

وقال كبير اقتصاديي المعهد، مايكل غروملينغ، إن ألمانيا بدأت تخرج نسبياً من حالة الصدمة. ومع ذلك، يشير المعهد إلى أن نحو ثلث النمو المتوقع يعود إلى أثر التقويم؛ إذ سيشهد عام 2026 زيادة بنحو يومين ونصف اليوم في عدد أيام العمل مقارنة بعام 2025.

وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد عدّلت في أكتوبر (تشرين الأول) توقعاتها لنمو 2025 إلى 0.2 في المائة، مع توقع نمو نسبته 1.3 في المائة في عام 2026.

عبء ضريبي غير مسبوق

أفاد المعهد بأن معدل الضرائب والمساهمات الاجتماعية في ألمانيا سيبلغ 41.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، ارتفاعاً من 40.2 في المائة في العام السابق، وهو مستوى قياسي جديد.

وقال غروملينغ إن الاقتصاد الألماني يواجه أعباءً حكومية متزايدة، حتى في أوقات التباطؤ الاقتصادي، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع الإنفاق الدفاعي وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، إضافة إلى التزامات اجتماعية متنامية تشمل المعاشات والتأمين الصحي وتأمين البطالة.

التوترات التجارية العالمية تثقل كاهل الاقتصاد

تتزايد حدة التأثير السلبي للرسوم الجمركية الأميركية والتوترات الجيوسياسية عبر العالم. فبعد نمو قدره 4.5 في المائة في التجارة العالمية في 2025، يتوقع المعهد تباطؤ النمو إلى 1.5 في المائة فقط في عام 2026.

وأشار المعهد إلى أن ضغوط التجارة الخارجية لا تزال تكبح استثمارات القطاع الخاص في ألمانيا، في حين أن الاستثمارات الحكومية لن تُنفَّذ بالكامل على الأرجح خلال العام المقبل. ومع ذلك، من المتوقع أن يسهم الاستثماران العام والخاص معاً بـ0.5 نقطة مئوية في النمو لعام 2026.

ضعف مستمر في سوق العمل وإنفاق المستهلك

يتوقع المعهد أن يبقى إنفاق المستهلكين دون إمكاناته، رغم استقرار التضخم عند قرابة 2 في المائة؛ وذلك بسبب ضعف آفاق التوظيف.

وقد يقترب عدد العاطلين عن العمل من 3 ملايين شخص، مع ركود في إجمالي مستويات التوظيف، في حين يُتوقع أن يخسر القطاع الصناعي مزيداً من الوظائف؛ ما يلقي بمزيد من الضغوط على توقعات النمو.

كما يُرجّح أن ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 66 في المائة، وأن تتجاوز حصة الحكومة من الناتج الاقتصادي 50 في المائة؛ ما يعكس زيادة الأعباء المالية على الدولة.

ارتفاع قوي في الطلبات الصناعية

على صعيد آخر، أظهرت بيانات رسمية صدرت الجمعة أن الطلبات الصناعية الألمانية ارتفعت بأكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، رغم أن الزيادة جاءت مدفوعة بالطلبات كبيرة الحجم.

وذكر مكتب الإحصاء الاتحادي أن الطلبات ارتفعت 1.5 في المائة عن الشهر السابق بعد التعديلين الموسمي والتقويمي، مقابل توقعات استطلاع «رويترز» بارتفاع نسبته 0.4 في المائة فقط.

وباستثناء السلع الباهظة، زادت الطلبات الجديدة بنسبة 0.5 في المائة على أساس شهري. وأظهرت متوسطات الأشهر الثلاثة من أغسطس (آب) إلى أكتوبر تراجعاً بنسبة 0.5 في المائة مقارنة بالفترة السابقة.

كما تم تعديل بيانات سبتمبر (أيلول) لتظهر ارتفاعاً بنسبة 2 في المائة على أساس شهري بدلاً من القراءة الأولية البالغة 1.1 في المائة.


آسيا تتجه نحو طفرة في صفقات الأسهم مع طروحات بارزة للصين والهند

انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)
انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)
TT

آسيا تتجه نحو طفرة في صفقات الأسهم مع طروحات بارزة للصين والهند

انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)
انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)

من المتوقع أن تشهد صفقات الأسهم الآسيوية طفرة قوية خلال العام المقبل، مدفوعة بطروحات عامة أولية بارزة لشركات في الصين والهند، مع سعي المستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية، رغم المخاوف من ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا التي قد تؤثر سلباً على الزخم.

وأظهرت بيانات بورصة لندن أن صفقات سوق رأس المال الاستثماري في آسيا، بما في ذلك الطروحات العامة الأولية وسندات المتابعة والسندات القابلة للتحويل، بلغت حتى الآن 267 مليار دولار هذا العام، بزيادة قدرها 15 في المائة عن عام 2024، مسجلة أول ارتفاع سنوي منذ عام 2021، وفق «رويترز».

وهيمنت هونغ كونغ، الوجهة المفضلة للشركات الصينية، على صفقات رأس المال الإقليمي، محققة 75 مليار دولار حتى الآن في 2025، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما جُمعت العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 2021.

في المقابل، جمعت الهند 19.3 مليار دولار عبر الاكتتابات العامة الأولية حتى الآن هذا العام، بانخفاض 6 في المائة عن الرقم القياسي المسجل في 2024 والبالغ 20.5 مليار دولار. ولا تشمل البيانات الاكتتاب العام الأولي لمنصة التجارة الإلكترونية «ميشو» بقيمة 604 ملايين دولار، والذي يتم هذا الأسبوع.

وصرح جيمس وانغ، رئيس قسم إدارة رأس المال الاستثماري في آسيا باستثناء اليابان لدى «غولدمان ساكس»: «كان انتعاش الصين واستمرار توسع الهند المحركين الرئيسيين لإصدارات الأسهم في جميع أنحاء آسيا هذا العام». وأضاف: «نتوقع أن يظل السوقان محوريين لتدفقات الصفقات الإقليمية في 2026، وما زلنا في المراحل الأولى من انتعاش أوسع مدعوماً بالنمو الاقتصادي وتحسن أرباح الشركات».

وتشير توقعات شركة الخدمات المصرفية الاستثمارية «إيكويروس كابيتال» إلى أن الهند قد تحقق ما يصل إلى 20 مليار دولار من الاكتتابات العامة الأولية في 2026. كما تقدمت أكثر من 300 شركة بطلبات للإدراج في بورصة هونغ كونغ، مع توقع أن تزيد عروض بارزة مثل الطرح العام الأولي لشركة «ريلاينس جيو بلاتفورمز» الهندية، والإدراج الثاني لشركة «تشونغجي إنولايت» الصينية، أحجام التداول في 2026.

التحول بعيداً عن الأصول الأميركية

استفادت الأسواق الآسيوية من توجه المستثمرين العالمي نحو تنويع محافظهم بعيداً عن الأصول الأميركية، وسط شكوك حول السياسات التجارية والجيوسياسية للولايات المتحدة.

وقال لي هي، الشريك والرئيس المشارك السابق لشركة «ديفيس بولك» في آسيا واليابان: «في فترات الاضطرابات الأميركية، غالباً ما تتجه رؤوس الأموال نحو آسيا بحثاً عن التنويع والنمو الهيكلي». وأضاف: «انتعاش 2025 يعكس وفرة السيولة في المنطقة وتحولاً نحو التقنيات الرائدة التي تعيد تشكيل طرق التصنيع والاستهلاك والتفاعل».

وحقق مؤشر هانغ سنغ مكاسب تقارب 30 في المائة هذا العام، متفوقاً على المؤشرات الأميركية، فيما ارتفع المؤشر الهندي القياسي نحو 10.8 في المائة. واستفادت شركات مثل «كاتل» الصينية، التي جمعت 5.3 مليار دولار في إدراجها الثاني في هونغ كونغ، وشركة «زيجين غولد انترناشيونال» التي جمعت 3.5 مليار دولار في اكتتاب عام أولي، من هذا الزخم.

مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي

أدت تقلبات الأسهم الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إثارة المخاوف بشأن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، وسط تساؤلات حول احتمالية انفجار فقاعة مضاربة. وتخطط شركات مثل «زيبو إيه آي» و«ميني ماكس»، وشركات تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي «ميتا إكس» و«كونلونكسين»، لطرح أسهمها للاكتتاب العام، بما قد يصل إلى مليارات الدولارات.

وقال أرون بالاسوبرامانيان، شريك في شركة «فريشفيلدز» للمحاماة: «إذا أدت المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي إلى عمليات بيع مكثفة، فقد يكون التأثير معدياً على الأسواق بأكملها، وليس قطاعاً واحداً فقط».

وأضاف براتيك لونكر، رئيس إدارة أسواق رأس المال في شركة «أكسيس كابيتال» الهندية: «المستثمرون الذين يتجنبون المخاطرة قد يجدون الهند جذابة، نظراً لانخفاض وزن استثمارات الذكاء الاصطناعي في السوق نسبياً. ومع إعادة تقييم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي ورؤية الأرباح، يتحول المستثمرون نحو الأسماء عالية الجودة والمدرّة للنقد، بعيداً عن قصص النمو ذات المضاعفات الأعلى».