إردوغان يجدد تأكيد اتفاقه مع بوتين بشأن مركز الغاز الروسي في تركيا

خبراء تحدثوا عن صعوبات تقنية وحادة تواجه المشروع

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي الروسية يوم 4 سبتمبر 2023 (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي الروسية يوم 4 سبتمبر 2023 (أرشيفية - رويترز)
TT

إردوغان يجدد تأكيد اتفاقه مع بوتين بشأن مركز الغاز الروسي في تركيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي الروسية يوم 4 سبتمبر 2023 (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي الروسية يوم 4 سبتمبر 2023 (أرشيفية - رويترز)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن مسألة إمدادات الغاز الروسي إلى منطقة البلقان وأوروبا عبر إنشاء مركز للغاز في تركيا. وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من زيارته لليونان نُشرت الجمعة: «نحن عازمون على جعل تراقيا (غرب تركيا) مركزاً لإمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى منطقة البلقان وأوروبا، لقد اتفقنا على هذه المسألة مع الرئيس بوتين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي الروسية 4 سبتمبر 2023 (أرشيفية - رويترز)

وجاء تصريح إردوغان، بعد أيام من تصريحات للرئيس الروسي، أكد فيها أن العلاقات مع تركيا في مستوى جيد، وأن بلاده تتعاون بشكل مكثف مع تركيا في مجال الطاقة.

وقال بوتين: «أود أن أشير بشكل خاص إلى أن التعاون الروسي - التركي في مجال الطاقة، هو تعاون استراتيجي... تواصل شركة (روسآتوم) بناء أول محطة نووية في تركيا (أككويو)، وهناك تعاون وثيق في قطاع الغاز في إطار تشغيل أنابيب (السيل الأزرق) و(السيل التركي) والعمل جارٍ لإنشاء مركز لتوزيع الغاز في تركيا».

كان بوتين اقترح، في 12 أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، خلال منتدى أسبوع الطاقة الروسي، إنشاء مركز الغاز الروسي في تركيا، قائلاً: إنه سيصبح أكبر مركز إمداد للغاز لأوروبا في تركيا.

اشتعلت أسعار الغاز في أوروبا عقب الإعلان عن تسريبات متزامنة في خطي أنابيب «نورد ستريم» (رويترز)

ورحّب إردوغان بهذا الاقتراح، وقال في اليوم التالي، إنه أمر وزارة الطاقة بالعمل على إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا. وقوبل المقترح برد فعل أوروبي سلبي في ظل التوجه إلى تقليص اعتمادهم على موارد الطاقة الروسية.

وكانت روسيا تتيح ما يقرب من 40 في المائة من إمدادات أوروبا من الغاز قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) العام الماضي، لكنها خفضت التدفق بشدة حتى قبل الانفجارات في خط السيل الشمالي (نورد ستريم)، وألقت باللوم على مشاكل فنية قالت: إنها كانت نتيجة للعقوبات الغربية. ورفضت الحكومات الأوروبية التفسير الروسي، واتهمت موسكو باستغلال الطاقة سلاحاً سياسياً.

خط أنابيب غاز «نورد ستريم 1» (رويترز)

وقال إردوغان، الشهر الماضي، إن بلاده تواصل العمل في مشروع المركز التركي لتوزيع الغاز؛ حتى يصبح من الممكن عبره نقل الغاز الروسي إلى دول أوروبا.

وعدّ إردوغان أن «أسعار الغاز العالمية، ستتحدد في تركيا، بخاصة مع الوضع في الحسبان الخطوات المحددة التي سنتخذها، ناقشنا مسألة إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي (في أغسطس/ آب الماضي)، ما يقرب من 40 - 50 في المائة من الغاز الذي يدخل تركيا سوف يلبي احتياجاتها، لكن أوروبا تتوقع الآن منا الغاز الطبيعي».

خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» الذي كان من المقرّر أن يستأنف الخدمة يتوقّف «تماماً» (رويترز)

خطوات مرتقبة

وقال مسؤول في قطاع الطاقة في تركيا: إن وفداً سيزور سان بطرسبرغ في النصف الأول من ديسمبر (كانون الأول) الحالي لبحث تفاصيل خريطة الطريق الخاصة بإنشاء مركز الغاز الطبيعي الروسي في غرب تركيا، وإن التنسيق مع الجانب الروسي مستمر.

وجاءت تصريحات المسؤول التركي عقب تصريحات لنائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية والتجارية التركية - الروسية المشتركة في أنقرة، أكد فيها أنه من المنتظر أن يتوصل البلدان إلى اتفاق بشأن إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا في المستقبل القريب، بناء على اتفاق سابق بين رئيسي البلدين.

انخفض التدفق بشدة حتى قبل الانفجارات في خط السيل الشمالي (نورد ستريم) (أ.ف.ب)

وذكر نوفاك، أن شركة «غازبروم» الروسية وشركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) تتعاونان بشكل وثيق وتناقشان خريطة طريق المشروع، معرباً عن ثقته بأنه سيتم التوصل إلى اتفاقات بشأن التنفيذ العملي لهذا المشروع في المستقبل القريب. ولفت إلى أن وفداً تركياً سيزور سان بطرسيرغ لهذا الغرض.

صعوبات وخطط بديلة

وعلى الرغم من توالي التصريحات بشأن مركز الغاز الروسي في تركيا، يبدو أن هناك الكثير من التعقيدات التي تحيط بالمشروع. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في مارس (آذار) الماضي: إنه من الواضح أن مشروع مركز تصدير الغاز معقد للغاية، وبالطبع لا يمكن تنفيذه دون حدوث بعض التأخيرات بالنسبة للوقت، بالإضافة إلى مشكلات أخرى ذات طبيعة تقنية.

وأضاف بيسكوف: «مثل هذه الحالات لا مفر منها، لكننا سنواصل تنفيذ المشروع والتعاون مع الشركاء الأتراك».

ألمان تظاهروا احتجاجاً على ارتفاع فواتير الطاقة في مدينة فرانكفورت أمس (رويترز)

وسبق أن غيّرت روسيا طرحها حول المشروع، واقترحت أن ينفذ من خلال «منصة إلكترونية» لتداول الغاز، مرجعة ذلك بالأساس إلى وقوع تركيا على حزام نشط للزلازل، وارتفاع تكلفة إنشاء مركز للغاز الطبيعي والبنية التحتية الداعمة له، مثل خطوط أنابيب، فضلاً عن التقلبات في العلاقات السياسية أحياناً بين البلدين.

وقال الرئيس فلاديمير بوتين، في 29 يوليو (تموز) الماضي: إن إنشاء مركز للغاز في تركيا لا يزال على جدول الأعمال، لكنه أوضح أنه لن يكون على هيئة منشآت ضخمة لتخزين الغاز على الأراضي التركية، ولكنه منصة تجارة إلكترونية لتنظيم التداولات التجارية، لافتاً إلى أن الجانب التركي يدرك ذلك الأمر.

وأكد خبراء، أن إنشاء مركز للغاز الروسي في تركيا يتطلب استثمارات ضخمة قد تفوق قدرة البلدين اللذين يشهدان تراجعاً لاقتصاديهما، لا سيما وأن عملية إنشائه قد تستغرق سنوات عدة، فضلاً عن ضرورة إنشاء خطوط أنابيب جديدة لضخ إمدادات الغاز من تراقيا، في غرب تركيا، إلى بلغاريا المجاورة، ومنها إلى أوروبا، وهو ما يواجَه بمنافسة من اليونان التي دشنت في يوليو (تموز) 2022 خط أنابيب غاز جديداً مع بلغاريا لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال الأميركي.


مقالات ذات صلة

روسيا: تدمير 21 مسيّرة أوكرانية خلال الليل وصباح اليوم

أوروبا القوات الروسية دمرت 7 مسيّرات أوكرانية فوق أراضي مقاطعة ريازان (رويترز)

روسيا: تدمير 21 مسيّرة أوكرانية خلال الليل وصباح اليوم

أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم (السبت) تدمير 21 طائرة دون طيار أوكرانية خلال ساعات الليل والصباح في عدد من مقاطعات البلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قناة الكرملين عبر «تلغرام»)

الكرملين يعترف بأزمة ديموغرافية «كارثية» ويدعو لزيادة المواليد

لفت الكرملين النظر إلى أن الحالة الديموغرافية «كارثية على مستقبل الأمة»، في حين عجزت السياسات المختلفة المنفّذة في روسيا منذ ربع قرن عن زيادة معدل المواليد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزير خارجية الصين يمد يده لمصافحة نظيرة الروسي في عاصمة لاوس فينتيان الخميس (أ.ف.ب)

الكرملين يؤكد الاستعداد للتفاوض مع كييف لـ«تحقيق أهدافنا»

أكدت روسيا انفتاحها بشكل عام على عملية التفاوض مع أوكرانيا مع حاجتها لفهم ما إذا كان الجانب الأوكراني مستعداً لذلك.

سعيد عبد الرازق (أنقرة) «الشرق الأوسط» (موسكو)

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
TT

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)

بحث وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف مع الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل، السبت، الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها قطاع التعدين السعودي أمام الشركات البرازيلية، والخطط التوسعية للمستثمرين البرازيليين في المملكة.

وكانت السعودية قد استحوذت، مؤخراً، على حصة 10 في المائة في شركة «فالي» للمعادن الأساسية، من خلال شركة «منارة للمعادن»، وهي مشروع مشترك بين «صندوق الاستثمارات العامة» وشركة «معادن».

كما بحث اللقاء أهمية استخدام التقنيات الحديثة في المشاريع التعدينية، بما يؤدي إلى كفاءة الإنتاج ويعزز الاستدامة البيئية، وصولاً إلى الحياد الكربوني في العقود المقبلة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «فالي»، خلال الاجتماع، إنه جرى تقديم دعم كبير للشركة عند استثمارها في المملكة، حيث تم تسهيل ممارستها للأعمال، خصوصاً عند إنشائها مشروع تكوير الحديد بمنطقة رأس الخير (شرق المملكة).

وتمتلك البرازيل ثروة تعدينية هائلة، وخبرة واسعة في التنقيب عن المعادن واستغلالها، ما يجعلها شريكاً مهماً للمملكة في قطاع التعدين، خصوصاً أن البلدين تربطهما علاقات ثنائية راسخة تمتد لأكثر من 50 عاماً، ترتكز في الجانب الاقتصادي على تعاونٍ مهمٍ في قطاعي الطاقة والمعادن.

وتعمل المملكة على تطوير قطاع التعدين، واستكشاف واستغلال ثروات معدنية دفينة في أراضيها، تقارب قيمتها 9.4 تريليون ريال؛ وذلك لتعظيم استفادة الاقتصاد الوطني من التعدين، وليكون ركيزة ثالثة في الصناعة، وترى السعودية أن تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات، ضرورة ملحة لتطوير القطاع ومواجهة تحديات سلسلة توريد المعادن.

ولجذب المستثمرين لقطاع التعدين اتخذت المملكة إجراءات لتحسين البيئة الاستثمارية، منها تعديل نظام الاستثمار التعديني، وإطلاق ممكنات وحوافز في قطاع التعدين بما في ذلك التمويل المشترك بنسبة 75 في المائة للنفقات الرأسمالية، وإعفاء من الرسوم الضريبية لمدة 5 سنوات، وملكية أجنبية مباشرة بنسبة 100 في المائة. وفي أبريل (نيسان) 2024 أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن برنامج تمكين الاستكشاف، وخصصت 182 مليون دولار لتقليل مخاطر الاستثمارات في الاستكشاف.

ولمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بوضوح والتزاماً بمعايير الشفافية في بيئة الاستثمار التعدينية؛ تتيح المملكة جميع البيانات الجيولوجية التي يتم تحديثها بشكل مستمر بناءً على نتائج برنامج المسح الجيولوجي العام، لتضاف للمعلومات الجيولوجية التي يمتد عمرها لأكثر من 80 عاماً، وتتاح جميع البيانات على منصة رقمية.

وأعلنت السعودية، مؤخراً، عن تأسيس البرنامج الوطني للمعادن، الذي سيكون أداة قوية وداعمة لتعزيز جودة وكفاءة سلاسل الإمداد من المعادن، وضمان استمرارية توريدها للصناعات المحلية والمشاريع الكبرى؛ حيث تستهدف المملكة استثمار 120 مليار ريال في صناعات المعادن الأساسية والاستراتيجية.