إفلاس الشركات الألمانية الكبرى يقترب من مستواه القياسي

المواطنون يخشون تدهور أوضاعهم مستقبلاً

منظر عام للضاحية المالية في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
منظر عام للضاحية المالية في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

إفلاس الشركات الألمانية الكبرى يقترب من مستواه القياسي

منظر عام للضاحية المالية في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
منظر عام للضاحية المالية في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

تنعكس الأوضاع الاقتصادية السيئة في ألمانيا على كافة القطاعات، وبينما يبدو أن الشركات الكبرى صارت تعاني مشكلات ائتمانية كبرى ويهددها الإفلاس، فإن المواطنين يرون المستقبل «غائماً»، ما يفاقم القلق حول ما هو آتٍ.

وكشفت نتائج دراسة لشركة التأمين الائتماني «أليانز تريد» الألمانية عن تزايد حالات الإفلاس الكبرى في قطاع الأعمال الألماني.

وقال ماكسيمه ليميرله، خبير الإفلاس في «أليانز تريد»، إن «حالات الإفلاس الكبرى عادت في هذا العام، وهي في طريقها إلى الوصول إلى المستوى القياسي الذي سجلته في عام 2020».

وأضاف ليميرله أن العام الحالي شهد حتى الآن عدداً كبيراً من حالات الإفلاس الكبرى، على نحو خاص في قطاع تجارة الأزياء والمستشفيات وصناعة الماكينات.

وتجدر الإشارة إلى أن «أليانز تريد» تُعَرِّف حالات الإفلاس الكبرى بأنها الحالات التي تتعلق بشركات لا تقل إيراداتها السنوية عن 50 مليون يورو. وأوضحت نتائج الدراسة أن عدد حالات الإفلاس الكبرى في ألمانيا وصل إلى 45 حالة في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وأن هذا العدد متجه إلى المستوى القياسي في عام 2020.

وللمقارنة، وصل عدد هذه الحالات في الفترة نفسها من عام 2022 إلى 26 حالة؛ أي أقل بمقدار يزيد على الثلث مقارنة بعددها في 2023، في حين وصل هذا العدد إلى 17 حالة فقط في عام 2021.

وقال ليميرله: «شهد عام 2020 تسجيل أعلى مستوى من هذه الحالات منذ عام 2016؛ إذ وصل عدد هذه الحالات في مجمل عام 2020 إلى 58 حالة، في حين وصل عدد هذه الحالات إلى 44 حالة في أول تسعة شهور من ذلك العام».

وأظهرت نتائج الدراسة أن الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي شهدت 12 حالة إفلاس كبرى لشركات تعمل في مجال النسيج وتجارة الأزياء، فضلاً عن إفلاس ستة مستشفيات.

وكتب خبراء «أليانز تريد» أن هذه النتائج «تتوافق مع صورة الوضع الذي أعده معهد المستشفيات الألماني (دي كيه آي) الذي أشار إلى أن ثلثي المستشفيات الألمانية وصفت وضعها المالي الحالي بالسيئ أو بالسيئ للغاية، في حين وصلت هذه النسبة إلى مستوى أكبر بين المستشفيات متوسطة الحجم».

وشهدت الشهور التسعة الأولى من العام الحالي خمس حالات إفلاس كبرى في قطاع صناعة الماكينات، وأربع حالات في مجال صناعة المعادن، وثلاث حالات في مجال البناء.

صورة غائمة للمستقبل

وبالتزامن مع المأزق الذي تعانيه الشركات، فإن الأفراد أيضاً يرون صورة غائمة للمستقبل؛ إذ يخشى ما يقرب من نصف الألمان من تدهور وضعهم كمستهلكين خلال الأعوام المقبلة، وفقاً لما ورد في استطلاع للرأي حصلت عليه وكالة الأنباء الألمانية.

ويظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «فورسا»، بتكليف من «اتحاد منظمات المستهلك الألمانية»، أن 48 في المائة من البالغين الألمان يتوقعون أن تتفاقم أوضاعهم خلال العقد المقبل. وقد تم إجراء الاستطلاع بمناسبة «يوم المستهلك الألماني»، يوم الاثنين.

وتم استطلاع عينة تمثيلية تضم 1003 أشخاص بالغين، خلال الفترة بين السادس والثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

ومن المقرر أن يناقش الخبراء خلال «يوم المستهلك»، وجهات النظر بشأن القضايا التي تخص المستهلك، مثل المعاشات والتنقل والذكاء الاصطناعي.

وبحسب الاستطلاع، عندما سُئل المشاركون عن الموضوعات التي تستلزم أكبر مقدار من العمل السياسي بالنسبة للمستهلكين، كانت إجابة 38 في المائة من المشاركين أنها «إمدادات الطاقة». ومن ناحية أخرى، يرى نحو 23 في المائة من المشاركين، أن الحاجة الكبرى في الوقت الحالي هي تحسين المعاشات.


مقالات ذات صلة

«سرك» التابعة لـ«السيادي» السعودي تستحوذ على 35 % من أسهم «ورق»

الاقتصاد مبنى «الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير - سِرْك»... (الشرق الأوسط)

«سرك» التابعة لـ«السيادي» السعودي تستحوذ على 35 % من أسهم «ورق»

أعلنت «الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سِرْك)»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، الاثنين، عن استحواذها على 35 في المائة من أسهم شركة «ورق».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

تراجع توقعات خفض الفائدة يدفع عائدات سندات اليورو للارتفاع

سجَّلت عائدات سندات منطقة اليورو ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها في نحو شهر يوم الاثنين، مع استمرار المستثمرين في محاولة تقييم آفاق خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت 25 يناير 2024 (رويترز)

لاغارد: منطقة اليورو تقترب من تحقيق هدف التضخم

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن منطقة اليورو أصبحت «قريبة جداً» من تحقيق هدف التضخم على المدى المتوسط الذي حدده البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

سجل الاقتصاد البريطاني نمواً صفرياً بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، ومن المتوقع أن يظل راكداً خلال النصف الثاني من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)
الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)
TT

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)
الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)

سجل الاقتصاد البريطاني نمواً صفرياً بين يوليو (تموز)، وسبتمبر (أيلول) الماضيين، ومن المتوقع أن يظل راكداً، خلال النصف الثاني من عام 2024، مما يقوِّض بشكل كبير وعد رئيس الوزراء كير ستارمر بإعادة تشغيل النمو الاقتصادي في البلاد.

وفي تعديل غير متوقَّع، ومع تصاعد الضغوط على حزب العمال بشأن أدائه الاقتصادي منذ تولّيه السلطة في يوليو، أظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني أن النمو في الربع الثالث جرى تعديله إلى صفر في المائة، وهو أقل من التقدير الأوليّ الذي كان يبلغ 0.1 في المائة، والذي جرى إجراؤه الشهر الماضي. كما جرى تعديل النمو، خلال الربع الثاني، من 0.5 في المائة إلى 0.4 في المائة، وفق صحيفة «الغارديان».

وأوضحت ليز ماكوين، مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاء الوطني، أن «الاقتصاد كان أضعف، في الربعين الثاني والثالث من هذا العام، مما اقترحت تقديراتنا الأولية، حيث شهدت القطاعات مثل المطاعم والشركات القانونية والإعلان أداءً أقل جودة بشكل خاص». وأضافت أن نسبة الادخار الأُسري انخفضت قليلاً في الفترة الأخيرة، رغم أنها لا تزال مرتفعة نسبياً، مقارنة بالمعايير التاريخية، في حين لم يُظهر الدخل المتاح الحقيقي للأسرة أي نمو يُذكر.

وتُظهر الصورة الاقتصادية الأخيرة أن المملكة المتحدة في طريقها لتسجيل ربعين متتاليين من النشاط الاقتصادي الثابت، وهو ما يشير إلى ركود محتمل. يأتي هذا التراجع في أعقاب تدهور ثقة الشركات والمستهلكين، وسط تصريحات قاتمة من الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى التحذيرات من زيادات ضريبية متوقعة في موازنة الخريف.

وحذّر بنك إنجلترا، الأسبوع الماضي، من أن النمو في المملكة المتحدة سيظل راكداً، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام. ورغم أن هذا لا يُعد ركوداً بالمعنى الفني - حيث يُعرف الركود بربعين من النمو السلبي - فإن هذه الصورة الاقتصادية تمثل ضربة إضافية للحكومة التي جعلت إحياء النمو الاقتصادي على رأس أولوياتها.

من جهتها، قالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز: «إن التحدي الذي نواجهه في إصلاح اقتصادنا وتمويل ماليتنا العامة بشكل صحيح بعد 15 عاماً من الإهمال هو تحدٍّ هائل. لكن ذلك لا يفعل سوى تعزيز عزيمتنا لتقديم خدماتنا للعمال. وسوف تسهم الموازنة وخطتنا للتغيير في تحقيق نمو مستدام وطويل الأجل، وضخ مزيد من المال في جيوب الناس، من خلال زيادة الاستثمار والإصلاح المستمر».

في سياق مُواز، تتوقع الشركات البريطانية انخفاضاً حاداً في نشاط الأعمال، خلال العام المقبل، مما يعكس صورة اقتصادية أكثر تشاؤماً للمملكة المتحدة في عام 2025. وأشار مسح مؤشر النمو من اتحاد الصناعة البريطانية إلى أن الشركات تستعد لتقليص التوظيف والإنتاج، في الأشهر الثلاثة المقبلة، وفق صحيفة «الغارديان».

وتحاول الشركات التخفيف من أثر قرار راشيل ريفز، في موازنتها التي أُعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي تقضي بجمع 25 مليار جنيه إسترليني (31.41 مليار دولار)، من خلال زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل. ورغم تأكيد المستشارة ضرورة هذه الأموال لسد «الثقب الأسود» في المالية العامة الذي خلفه أسلافها، فقد اعترفت بأنها قد تؤدي إلى زيادات أقل في الأجور، بينما عَدَّ آخرون أنها قد تضر الوظائف. وأوضح اتحاد الصناعة البريطانية أن زيادة مساهمات التأمين الوطني قد أسهمت في تفاقم «بيئة الطلب الضعيف» بالفعل.

وأظهر استطلاعٌ للرأي شمل 899 شركة، بين 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، و12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أن توقعات النمو كانت في أضعف مستوياتها منذ نوفمبر 2022، في أعقاب الفوضى التي تَلَت فترة ولاية ليز تروس القصيرة رئيسة للوزراء. وقد ساد التشاؤم في معظم القطاعات، حيث توقَّع قطاع الخدمات انخفاض النشاط، بينما توقَّع المصنّعون تراجعاً حاداً في الناتج، خلال الأشهر الثلاثة حتى مارس (آذار) 2025.

في سياق متصل، أظهرت بياناتٌ، نشرها اتحاد التجزئة البريطاني، أن تجار التجزئة يواجهون ضربة إضافية في العام الجديد، حيث انخفضت توقعات الإنفاق الاستهلاكي بمقدار ست نقاط، مما أثّر على جميع فئات التجزئة تقريباً. وقالت الرئيسة التنفيذية لاتحاد التجزئة، هيلين ديكينسون، إنه إذا تحققت هذه التوقعات، فقد يواجه تجار التجزئة ضغطاً إضافياً على الإنفاق في العام الجديد، وذلك بالتزامن مع كشفهم عن مبيعاتهم في يناير (كانون الثاني).

وتوّجت هذه التقارير سبعة أيام من البيانات الاقتصادية الصعبة للحكومة، في وقتٍ تحاول فيه تعزيز النمو الاقتصادي. وأشار مسحٌ آخر، نشره اتحاد الصناعة البريطانية، إلى أن إجمالي الطلبات في المصانع انهار في ديسمبر إلى أدنى مستوى منذ ذروة جائحة «كوفيد» في عام 2020.

وحذَّر المحللون من أن التباطؤ الاقتصادي، جنباً إلى جنب مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، قد يُعرقل المالية العامة للحكومة، ويُجبر ريفز، في النهاية، على زيادة الضرائب. وفي الوقت نفسه، فإن احتمال اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة بعد تنصيب دونالد ترمب في يناير قد يؤثر أيضاً على خطط النمو الحكومية. في هذا السياق، هدد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية على الصادرات إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يمتد إلى المملكة المتحدة.

من جهة أخرى، قال اتحاد الصناعة البريطانية إن الشركات تتطلع إلى الحكومة لتعزيز الثقة وتقديم حوافز للاستثمار، سواء من خلال إصلاح ضريبة التدريب المهني، أم دعم صحة القوى العاملة عبر زيادة الحوافز الصحية المهنية، أم إصلاح معدلات الأعمال.