الاقتصاد البريطاني يفشل في النمو... ويتجنب الركود

«بنك إنجلترا» قد لا يتمكن من خفض الفائدة حتى نهاية 2024

مشاة فوق جسر "لندن بريدج" في العاصمة البريطانية وفي الخلفية "تاور بريدج" على نهر الثيمز (رويترز)
مشاة فوق جسر "لندن بريدج" في العاصمة البريطانية وفي الخلفية "تاور بريدج" على نهر الثيمز (رويترز)
TT

الاقتصاد البريطاني يفشل في النمو... ويتجنب الركود

مشاة فوق جسر "لندن بريدج" في العاصمة البريطانية وفي الخلفية "تاور بريدج" على نهر الثيمز (رويترز)
مشاة فوق جسر "لندن بريدج" في العاصمة البريطانية وفي الخلفية "تاور بريدج" على نهر الثيمز (رويترز)

أظهرت أرقام من «مكتب الإحصاءات الوطنية» يوم الجمعة أن الاقتصاد البريطاني المتباطئ فشل في النمو في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، لكنه تمكن على الأقل من تجنب بداية الركود.

وتغيَّر الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0 في المائة في الربع الثالث، مقارنةً مع توقعات بانخفاض نسبته 0.1 في المائة في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين، وهو ما قال كثير من المحللين إنه سيمثل على الأرجح بداية الركود.

وفي شهر سبتمبر وحده، نما الاقتصاد بنسبة 0.2 في المائة مقارنة بشهر أغسطس (آب) عندما تم تعديل النمو بالخفض إلى 0.1 في المائة من 0.2 في المائة. وكان استطلاع «رويترز» قد أشار إلى عدم حدوث تغير في الناتج المحلي الإجمالي في سبتمبر.

ومن جانبه، رفع بنك «غولدمان ساكس»، يوم الجمعة، توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا لهذا العام إلى 0.6 في المائة، من توقعات سابقة عند 0.5 في المائة.

وقال بول ديلز، كبير الاقتصاديين في شركة «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية، إن التفاصيل الدقيقة للبيانات أظهرت انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة هامشية بلغت 0.02 في المائة في الربع الثالث، حتى لو تم تقريب الرقم لإظهار عدم وجود تغيير. وتابع: «لكن النقطة الأساسية هي أن الاقتصاد ليس ضعيفاً بما يكفي لخفض التضخم الأساسي ونمو الأجور بسرعة. وعلى هذا النحو، لا نتوقع أن يتمكن (بنك إنجلترا) من خفض أسعار الفائدة حتى أواخر عام 2024، بدلاً من منتصف عام 2024، كما هو متوقَّع على نطاق واسع».

وقال «بنك إنجلترا»، الأسبوع الماضي، إنه يتوقع نمواً اقتصادياً صفرياً، العام المقبل، وهي وضعية صعبة لرئيس الوزراء ريشي سوناك الذي من المتوقَّع على نطاق واسع أن يدعو لإجراء انتخابات وطنية في عام 2024، لكن البنك أبقى أسعار الفائدة عند أعلى مستوى منذ 15 عاماً، مع استمراره في محاربة التضخم، الذي يتجاوز ثلاثة أضعاف هدفه البالغ 2 في المائة. وكان «بنك إنجلترا» يتوقع قراءة ثابتة للنمو في الربع الثالث.

وقال «مكتب الإحصاءات الوطنية» إنه في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر، انخفض الإنتاج في قطاع الخدمات الضخم في بريطانيا بنسبة 0.1 في المائة، وكان الإنتاج الصناعي مستقراً على نطاق واسع، بينما نما البناء بنسبة 0.1 في المائة.

وقال وزير المالية جيريمي هانت، تعليقاً على البيانات، إن التضخم المرتفع لا يزال أكبر عائق أمام النمو، مشيراً إلى أنه سيعلن عن خطط لفتح الاستثمار وإعادة الناس إلى العمل في بيان تحديث الميزانية في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وقال «مكتب الإحصاءات الوطنية» إن اقتصاد بريطانيا ارتفع بنسبة 1.8 في المائة فوق مستواه في أواخر عام 2019، مما يجعل تعافي بريطانيا بعد «كوفيد - 19» أقوى من تعافي ألمانيا، لكنه يتخلف بفارق كبير عن الولايات المتحدة حيث نما الاقتصاد بأكثر من 7 في المائة عما كان عليه قبل الوباء.

ويواجه الاقتصاد البريطاني، مثل كثير من الاقتصادات الأخرى، خصوصاً في العالم، رياحاً معاكسة تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، التي تهدف إلى ترويض التضخم.

وقام «بنك إنجلترا»، مثل البنوك المركزية الأخرى، برفع أسعار الفائدة بقوة من الصفر تقريباً حيث سعى لمواجهة ارتفاع الأسعار، الذي غذَّته أولاً مشكلات سلسلة التوريد خلال وباء «كورونا»، ثم الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

وقال إيان ستيوارت، كبير الاقتصاديين في شركة «ديلويت»: «مع ارتفاع أسعار الفائدة التي تصل إلى حاملي الرهن العقاري، ومع التحديات في سوق العمل، فمن المرجح أن يظل النشاط ثابتاً حتى منتصف العام المقبل».


مقالات ذات صلة

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

قالت منظمة التجارة العالمية إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد موظفان يرفعان علم الصين أمام مقر البورصة في جزيرة هونغ كونغ (رويترز)

الصين تمدد الإعفاءات الجمركية على بعض المنتجات الأميركية حتى 2025

قالت الصين إنها ستمدد إعفاءات التعريفات الجمركية على واردات بعض المنتجات الأميركية حتى 28 فبراير 2025.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يلقي كلمته أمام البرلمان في طوكيو الجمعة (أ.ف.ب)

اليابان تستكمل ميزانية إضافية بقيمة 92 مليار دولار لحزمة إنفاق جديدة

استكملت الحكومة اليابانية ميزانية تكميلية بقيمة 92 مليار دولار، الجمعة، لحماية الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.