المصارف العالمية الكبرى تشير إلى «أبواب» الأزمة المالية المقبلة

مسؤولوها قالوا إن الأسواق عرضة لـ«التصعيد الجيوسياسي» والضغط التنظيمي

مشاة يمرون أمام فرع بنك «فيرست ريبابلك» الذي شهد تعثراً كبيراً خلال أزمة البنوك الربيع الماضي (رويترز)
مشاة يمرون أمام فرع بنك «فيرست ريبابلك» الذي شهد تعثراً كبيراً خلال أزمة البنوك الربيع الماضي (رويترز)
TT

المصارف العالمية الكبرى تشير إلى «أبواب» الأزمة المالية المقبلة

مشاة يمرون أمام فرع بنك «فيرست ريبابلك» الذي شهد تعثراً كبيراً خلال أزمة البنوك الربيع الماضي (رويترز)
مشاة يمرون أمام فرع بنك «فيرست ريبابلك» الذي شهد تعثراً كبيراً خلال أزمة البنوك الربيع الماضي (رويترز)

عبّر كبار مسؤولي المصارف العالمية يوم الثلاثاء عن قلقهم من أن تأتي الأزمة المقبلة في القطاع المالي جراء تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي التي قد تختبر مرونة الأسواق المالية، في حين تظل الصناعة عرضة للتشديد التنظيمي.

ورجح جيمس غورمان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ«مورغان ستانلي»، أن يأتي الدافع وراء الأزمة المالية العالمية المقبلة من الفضاء الجيوسياسي أو السياسي.

وكان غورمان من بين أكثر من اثني عشر من كبار المديرين التنفيذيين للشركات الدولية الذين تحدثوا في قمة الاستثمار لقادة القطاع المالي العالمي التي استضافتها سلطة النقد في هونغ كونغ.

وقال غورمان دون الخوض في التفاصيل: «إن التحديات التي تواجه الديمقراطية في بعض البلدان حول العالم واضحة تماماً».

وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يضيف فيه الصراع بين إسرائيل و«حماس» حالة من عدم اليقين إلى آفاق الاقتصاد العالمي، في حين تستمر الحرب الروسية - الأوكرانية، ومع تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة على الرغم من الجهود المبذولة للتقريب بين زعيمي القوتين العظميين.

وقال كريستيان سوينغ، الرئيس التنفيذي لـ«دويتشه بنك»، إن «الأسواق كانت مرنة إلى حد كبير في مواجهة الأحداث العالمية؛ ولكن هذا قد يتغير... أكبر مخاوفي هو أن يحدث تصعيد جيوسياسي آخر - وهذا يمكن أن يحدث بسرعة كبيرة - وتتخلى الأسواق في وقت ما عن الهدوء ثم يكون هناك حدث في السوق».

واحتشد صناع السياسة على ضفتي الأطلسي في مارس (آذار) الماضي لمنع تكرار الأزمة المصرفية العالمية في الفترة 2008-2009، وذلك بعد أن سحب المودعون المتوترون مبالغ نقدية قياسية من الكثير من المصارف الأميركية الإقليمية، بما في ذلك بنك وادي السيليكون.

وبعد أيام فقط، سارعت السلطات السويسرية للتوسط في عملية الإنقاذ التاريخية التي قام بها مصرف «يو بي إس» لمنافسه المتعثر «كريدي سويس» في صفقة وصفها المصرف المركزي الأوروبي بأنها «مفيدة» لطمأنة الأسواق.

وقال «يو بي إس» في بيان أرباح يوم الثلاثاء: «أوقفت المصارف المركزية زيادات أسعار الفائدة مؤقتاً، لكن لا تزال هناك حالة من عدم اليقين في ما يتعلق بالمستوى المناسب... ونتيجة لذلك، لا يزال من الصعب التنبؤ بآفاق النمو الاقتصادي وتقييم الأصول وتقلبات السوق. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية المستمرة بما في ذلك الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا لا تزال تلقي بظلالها على توقعات الاقتصاد الكلي».

كما عبر رؤساء المصارف العالمية عن مخاوفهم القوية حيال التراجع عن مجموعة من القواعد المصرفية. حيث تم تقديم إصلاح شامل، يشار إليه على نطاق واسع باسم «نهاية قواعد بازل»، في يوليو (تموز) الماضي، وهو إصلاح شامل من شأنه توجيه البنوك إلى تخصيص مليارات إضافية من رأس المال للحماية من المخاطر.

وقال ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لبنك «غولدمان ساكس»، في إشارة إلى تشديد القواعد التنظيمية المصرفية: «في حين أننا نريد أن يكون النظام آمناً وسليماً، فعندما نظرت إلى هذه القواعد أعتقد أنها تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير».

وأضاف سولومون: «إذا تم تنفيذها، فإن الطريقة التي يتم بها تحديد القواعد، ستكون بمثابة تشديد اقتصادي إضافي كبير على النظام؛ في وقت لا أعتقد أن هذا في مصلحة الأنشطة الاقتصادية والنمو».

وفي الولايات المتحدة، أعلنت الهيئة التنظيمية المصرفية عن مقترحات شاملة لفرض قواعد رأسمالية أكثر صرامة على كبار المقرضين، في أعقاب عمليات التهافت على المصارف الأصغر في وقت سابق من هذا العام، في حين قال مسؤولون بالصناعة إنه لا يوجد مبرر لزيادة رأس المال بشكل كبير.

وقال كولم كيليهر، رئيس مجموعة «يو بي إس»: «بالتأكيد أعتقد أن تحركات بعض الهيئات التنظيمية في الوقت الحالي لمحاولة الحديث عن رأس المال مضللة. يجب أن يركزوا على قضايا أخرى»، من دون أن يحدد الجهات التنظيمية.

واقترح كيليهر أيضاً أن الأزمة المالية التالية من المرجح أن تندلع في ما يسمى بقطاع الظل المصرفي، حيث تتم الآن إدارة حجم متزايد من الأصول العالمية، وفقاً للتعليقات التي نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز».

وقال غورمان إن «هدف السياسة هو الحد من حجم البنوك الكبيرة»، وأضاف: «لكن عندما تمارس الضغط على النظام، يتراجع اللاعبون الأقل قدرة على المنافسة»، متابعا بأنه من الصعب التنبؤ بالأزمة المقبلة حتى يتم حل معضلة السياسة المالية.


مقالات ذات صلة

أكبر 4 بنوك أميركية تحقق أعلى حصة من أرباح القطاع منذ عقد

الاقتصاد لافتة خارج المقر الرئيسي لبنك «جيه بي مورغان تشيس» بنيويورك (رويترز)

أكبر 4 بنوك أميركية تحقق أعلى حصة من أرباح القطاع منذ عقد

تتجه أكبر 4 بنوك أميركية نحو الاستحواذ على أكبر حصة لها من أرباح القطاع المصرفي منذ ما يقارب العقد، في دلالة على تعزيز مكانتها المهيمنة بالسوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» يُعيد النظر في «اختبارات الضغط» للبنوك

أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نيته إدخال تغييرات جوهرية على «اختبارات الضغط» السنوية للبنوك، استجابةً للتطورات القانونية الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد تمثيل لعملة «البتكوين» أمام صورة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (وكالة حماية البيئة)

صناعة العملات المشفرة تدعو ترمب لتنفيذ إصلاحات فورية بمجرد توليه منصبه

حثت صناعة العملات المشفرة فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، على بدء تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها في حملته الانتخابية بشأن السياسة المتعلقة بالتشفير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار شركة «الأهلي المالية» (الشرق الأوسط)

«موديز» ترفع التصنيف الائتماني لـ«الأهلي المالية» إلى «إيه2»

رفعت وكالة «موديز» العالمية التصنيف الائتماني لشركة «الأهلي المالية» عند «إيه 2» مع الحفاظ على نظرة مستقبلية مستقرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شرارات تضرب تمثيلاً للبتكوين في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

«البتكوين» تنخفض 5 % بعد تصريحات باول برفض «الفيدرالي» تخزينها

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأربعاء، إن البنك المركزي الأميركي يرغب في المشاركة بأي مسعى حكومي لتخزين كميات كبيرة من «البتكوين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

ارتفاع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا 20 % في 2024

خطوط أنابيب الغاز بمحطة ضغط أتامانسكايا التابعة لمشروع «قوة سيبيريا» التابع لـ«غازبروم» بمنطقة أمور الروسية (رويترز)
خطوط أنابيب الغاز بمحطة ضغط أتامانسكايا التابعة لمشروع «قوة سيبيريا» التابع لـ«غازبروم» بمنطقة أمور الروسية (رويترز)
TT

ارتفاع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا 20 % في 2024

خطوط أنابيب الغاز بمحطة ضغط أتامانسكايا التابعة لمشروع «قوة سيبيريا» التابع لـ«غازبروم» بمنطقة أمور الروسية (رويترز)
خطوط أنابيب الغاز بمحطة ضغط أتامانسكايا التابعة لمشروع «قوة سيبيريا» التابع لـ«غازبروم» بمنطقة أمور الروسية (رويترز)

قال ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، اليوم الأربعاء، إن إجمالي صادرات الغاز الروسي إلى الدول الأوروبية ارتفع، حتى الآن، بنسبة تتراوح بين 18 و20 في المائة، هذا العام، مقارنة بعام 2023.

وذكرت وكالة «إنترفاكس» للأنباء، نقلاً عن نوفاك، أن إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المُسال تجاوزت 50 مليار متر مكعب، في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين.

وأوضح نوفاك: «على الرغم من كل التصريحات وضغوط العقوبات، فإن الغاز منتَج صديق للبيئة جداً، وهو مطلوب بشدة. والغاز الروسي هو الأكثر فعالية من حيث التكلفة، سواء من حيث الجانب اللوجستي أم السعر».

وجاء الارتفاع من مستوى منخفض تماماً في 2023، عندما تراجعت إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا بنسبة 55.6 في المائة، إلى 28.3 مليار متر مكعب، مع تدهور علاقات موسكو مع الغرب بشكل حادّ بسبب الصراع في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تتعافى الإمدادات إلى نحو 32 مليار متر مكعب، هذا العام، وفقاً لحسابات «رويترز».

وتُواجه صادرات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا تحديات كبيرة، إذ تنتهي اتفاقية نقل الغاز الممتدة لخمس سنوات بين موسكو وكييف، والتي أدت لتدفق الصادرات الروسية عبر أوكرانيا، على الرغم من الحرب، في نهاية العام، وقالت أوكرانيا إنها لن تُجدد هذا الترتيب.

ويتدفق نحو نصف الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الطريق الأوكراني، أما الباقي فيجري توريده عبر خط أنابيب ترك ستريم، الذي يمر من قاع البحر الأسود.

وتشهد إمدادات الغاز الطبيعي المُسال الروسي فائق التبريد المنقول بحراً، ارتفاعاً، وتستحوذ أوروبا على نحو نصف هذه الصادرات.

ولا توجد لدى الاتحاد الأوروبي خطط وشيكة لوقف شراء الغاز الطبيعي المُسال من روسيا، لكن التكتل قال إنه سيحاول الاستغناء عن الغاز الروسي بحلول 2027، بفضل ارتفاع الصادرات من النرويج والولايات المتحدة وقطر.

وتتوقع شركة «غازبروم» الروسية للغاز أن تكون أسعار تصدير الغاز في 2025 أقل من «المستويات الحالية» في أوروبا وآسيا، وأقل من متوسط مستويات 2024. وقالت وزارة الاقتصاد الروسية أيضاً، يوم الثلاثاء، إنها تتوقع انخفاض أسعار الغاز، الذي تنتجه «غازبروم»، خارج أسواق الاتحاد السوفياتي السابق في 2025، إلى 304.4 دولار في المتوسط لكل ألف متر مكعب من الغاز، من متوسط 328.4 دولار متوقَّع هذا العام.

وتكبدت «غازبروم» خسارة صافية قاربت 7 مليارات دولار العام الماضي، وهي أول خسارة تُمنى بها منذ عام 1999، بسبب انخفاض المبيعات إلى الاتحاد الأوروبي، الذي كان، ذات يوم، المصدر الرئيسي لإيرادات الشركة.

وذكرت «غازبروم»، الثلاثاء، أنها تتوقع أن تكون مبيعاتها من الغاز في 2024 مرتفعة بمقدار 155 مليار روبل (1.5 مليار دولار)، إلى 4.6 تريليون روبل، وأن ترتفع الأرباح فوق 2.8 مليار روبل، وهذا سيكون أحد أكبر أرباحها الأساسية على الإطلاق، قبل استقطاع الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك.

وأقر مجلس إدارة الشركة برنامجاً استثمارياً لعام 2025 بقيمة 1.52 تريليون روبل، انخفاضاً من 1.64 تريليون هذا العام.

وقالت «غازبروم» إن مجلس الإدارة وافق، الشهر الماضي، على الأموال المرصودة في الخطة، والتي ستخصَّص بشكل أساسي لتطوير مراكز إنتاج الغاز في شبه جزيرة يامال شرق روسيا، وتوفير الغاز للمنازل.