البنك الدولي: حرب غزة قد تؤدي إلى «صدمة مزدوجة» في الأسواق العالمية

وضع 3 تصورات للمخاطر استناداً إلى التجارب السابقة

سيدة تسير أمام مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (أ.ب)
سيدة تسير أمام مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (أ.ب)
TT

البنك الدولي: حرب غزة قد تؤدي إلى «صدمة مزدوجة» في الأسواق العالمية

سيدة تسير أمام مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (أ.ب)
سيدة تسير أمام مقر البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (أ.ب)

قال البنك الدولي إن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، بجانب الاضطرابات التي أحدثتها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قد يدفعان أسواق السلع الأولية العالمية صوب وضع مجهول.

 

وأضاف البنك في بيان حول أحدث تقرير له بشأن آفاق أسواق السلع الأولية يوم الاثنين، أنه وفقاً للتقييم الأولي للآثار المحتملة للصراع على أسواق السلع الأولية في الأمد القريب، فإن التأثيرات ستكون محدودة ما لم يتسع الصراع.

 

وبموجب التصور الأساسي للبنك، من المتوقع أن تبلغ أسعار النفط في المتوسط 90 دولاراً للبرميل قبل أن تنخفض إلى 81 دولاراً للبرميل في العام المقبل مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

 

وتوقع البنك أيضاً انخفاض أسعار السلع الأولية بوجه عام 4.1 بالمائة في العام المقبل، وتراجع أسعار السلع الزراعية أيضاً مع ارتفاع الإمدادات. وبحسب تقديرات البنك، من المتوقع أيضاً انخفاض أسعار المعادن الأولية خمسة بالمائة في 2024، في حين من المتوقع استقرار أسعار السلع الأولية بوجه عام في 2024.

 

وقال البنك إن تأثيرات الصراع على أسواق السلع الأولية العالمية محدودة حتى الآن؛ إذ ارتفعت أسعار النفط بوجه عام نحو ستة بالمائة منذ اندلاع الصراع، في حين لم تتحرك أسعار السلع الزراعية الأولية، ومعظم المعادن وغيرها من السلع الأولية إلا قليلاً، لكن البنك قال إن آفاق أسعار السلع الأولية قد تتدهور سريعاً إذا تصاعد الصراع، محدداً ثلاثة تصورات للمخاطر استناداً إلى التجارب السابقة منذ السبعينات، مشيراً إلى أن التأثيرات ستعتمد على درجة اضطراب إمدادات النفط.

 

وبحسب تصور يفترض حدوث «اضطراب محدود»، فإن إمدادات النفط العالمية ستنخفض بما يتراوح بين 500 ألف إلى مليوني برميل يومياً، ما يعادل تقريباً الانخفاض الذي وقع خلال الحرب الأهلية الليبية في 2011. وبموجب ذلك التصور، فإن سعر النفط سيرتفع في البداية بين 3 و13 بالمائة مقارنة مع متوسطه في الربع الحالي إلى نطاق بين 93 و102 دولار للبرميل.

 

أما في التصور الذي يفترض حدوث «اضطراب متوسط»، ما يعادل التأثير الحادث خلال حرب العراق في 2003، فإن إمدادات النفط العالمية ستتقلص بما يتراوح بين ثلاثة ملايين وخمسة ملايين برميل يومياً. ومن شأن ذلك دفع أسعار الخام للارتفاع 21 إلى 35 بالمائة بشكل أولي إلى ما يتراوح بين 109 دولارات و121 دولاراً للبرميل.

 

وفي تصوره الثالث الذي يفترض حدوث «اضطراب كبير» مماثل لحظر النفط العربي خلال 1973، فإن إمدادات الخام العالمية ستتراجع بما يتراوح بين ستة ملايين وثمانية ملايين برميل يومياً، مما سيقود الأسعار للارتفاع 56 إلى 75 بالمائة لتسجل ما يتراوح بين 140 و157 دولاراً للبرميل.

 

وقال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول لرئيس البنك الدولي لاقتصاديات التنمية: «يأتي الصراع الأحدث في الشرق الأوسط في أعقاب أكبر صدمة لأسواق السلع الأولية منذ السبعينات، وهي حرب روسيا وأوكرانيا».

 

وأضاف: «كان لذلك آثار مدمرة على الاقتصاد العالمي لا تزال قائمة إلى اليوم. يتعين على صناع السياسات التحلي باليقظة. وإذا تصاعد الصراع، فإن الاقتصاد العالمي سيواجه صدمة طاقة مزدوجة للمرة الأولى في عقود، ليس فقط من الحرب في أوكرانيا، ولكن أيضاً من الشرق الأوسط».

 

من جانبه، قال أيهان كوسي، نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين لدى البنك الدولي ومدير مجموعة الآفاق: «إذا استمر ارتفاع أسعار النفط، فإن ذلك يعني حتمية صعود أسعار الأغذية... وإذا حدثت صدمة حادة في أسعار النفط، فمن شأن ذلك زيادة تضخم أسعار المواد الغذائية الذي يسجل مستويات مرتفعة بالفعل في العديد من الدول النامية».

 

وأضاف أنه «بنهاية 2022، كان ما يزيد على 700 مليون شخص يعانون من نقص التغذية. ومن شأن تصعيد الصراع الأحدث تفاقم انعدام الأمن الغذائي، ليس فقط داخل المنطقة، ولكن أيضاً في أنحاء العالم».

 

* تحسن قدرة الاقتصاد

 

وقال البنك إن حقيقة أن الصراع كان له آثار متواضعة فقط على أسعار السلع الأولية، ربما تعكس تحسن قدرة الاقتصاد العالمي على استيعاب صدمات أسعار النفط.

 

ويقول التقرير إنه منذ أزمة الطاقة في السبعينات، عززت الدول في جميع أنحاء العالم دفاعاتها في مواجهة مثل تلك الصدمات، لتخفض اعتمادها على النفط؛ إذ انخفضت كمية النفط اللازمة لتحقيق دولار في الناتج المحلي الإجمالي بواقع النصف منذ 1970.

 

وقال التقرير إن الدول بات لديها قاعدة أكثر تنوعاً من مصدري النفط، ووسعت مواردها للطاقة بما في ذلك تلك المتجددة. كما كونت بعض الدول احتياطيات نفط استراتيجية، ووضعت ترتيبات لتنسيق الإمدادات، وطورت أسواق العقود الآجلة للتخفيف من تأثير نقص النفط على الأسعار.

 

وخلص التقرير إلى أن «هذه التحسينات تشير إلى أن تصاعد الصراع قد تكون تأثيراته أكثر اعتدالاً مما كان عليه الحال في الماضي»، ولكن التقرير يؤكد أنه على الرغم من ذلك يتعين على صانعي السياسات أن يظلوا في حالة تأهب.

 

وقال التقرير إن بعض السلع الأولية، والذهب على وجه الخصوص، يدق ناقوس الخطر بشأن الآفاق. وزادت أسعار الذهب ثمانية بالمائة تقريباً منذ اندلاع الصراع. وأشار التقرير إلى أن المعدن الأصفر يرتبط بعلاقة فريدة من نوعها بالمخاوف الجيوسياسية؛ إذ ترتفع أسعاره في فترات الصراع وعدم اليقين، مما يشير في كثير من الأحيان إلى تراجع ثقة المستثمرين.


مقالات ذات صلة

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري دعم الوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد منصة غاز في عرض البحر (رويترز)

«قطر للطاقة» تعزز حصصها البحرية بحوض «أورانج» في ناميبيا

أعلنت شركة «قطر للطاقة»، الأحد، أنها أبرمت اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز» لشراء حصص استكشاف بحرية إضافية في حوض «أورانج» قبالة سواحل ناميبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصانع تابع لشركة «أوكيو»... (أونا)

«أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تتلقّى تعهداً من 4 مستثمرين بشراء 30 % من الأسهم

تلقّت «أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تعهداً باكتتاب بـ30 في المائة من الأسهم المطروحة للاكتتاب العام من 4 مستثمرين رئيسيين بإجمالي نحو 146.6 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».