وزير التجارة والصناعة الهندي: العلاقات مع السعودية استراتيجية وتتجه نحو الابتكار

توجه مشترك لإطلاق جسر للشركات الناشئة

وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش غويال (الشرق الأوسط)
وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش غويال (الشرق الأوسط)
TT

وزير التجارة والصناعة الهندي: العلاقات مع السعودية استراتيجية وتتجه نحو الابتكار

وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش غويال (الشرق الأوسط)
وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش غويال (الشرق الأوسط)

في إطار مساعٍ حثيثة تتخذها نيودلهي لتعظيم الشراكة مع الرياض في قطاع الشركات الناشئة والابتكار، أكد وزير التجارة والصناعة الهندي، بيوش غويال، أن الاتفاقيات الثماني التي جرى توقيعها مؤخراً بين البلدين في مجالات مختلفة، تعزز استراتيجية الاستثمار المشتركة في المشاريع الابتكارية، مثل مركز للتكنولوجيا والابتكار في بنغالورو.

وفي حديث، لـ«الشرق الأوسط»، قال غويال، من الرياض، التي غادرها قبل يومين بعد مشاركته في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار»، إن هناك أوجه تآزر هائلة بين البلدين من حيث المشاريع المشتركة والاستثمارات الثنائية في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن العلاقات الاستثمارية بين البلدين تنمو باطّراد.

وأضاف غويال: «خلال زيارة ولي العهد ورئيس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، الأخيرة إلى الهند، أتيحت لي ولزميلي وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، فرصة المشاركة في منتدى الاستثمار الهندي السعودي، بمشاركة أكثر من 500 شركة من البلدين. هذا يعطي فكرة عن حجم التعاون المحتمل، حيث جرى التوقيع على أكثر من 50 اتفاقية (B2B وB2G) خلال المنتدى».

وتابع غويال: «تستثمر الشركات الهندية أكثر من 2 مليار دولار في المملكة، في مجالات متنوعة، مثل الإدارة والاستشارات، ومشاريع البناء، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية، والأدوية».

وأشار إلى وجود رغبة مشتركة بين البلدين للدفع بمزيد من الشركات الهندية إلى السعودية بوصفها وجهة استثمارية. وبالمثل، ضخّت المملكة استثمارات في الهند بقيمة 3.14 مليار دولار، بما في ذلك استثمارات «صندوق الاستثمارات العامة»، والاستثمارات من الشركات المملوكة للدولة والخاصة.

ووفقاً لوزير التجارة والصناعة الهندي، استثمرت شركة «سابك» في إنشاء مركز للتكنولوجيا والابتكار في بنغالورو، حيث تتمتع الهند بقطاع الشركات الناشئة النابض بالحياة. ومؤخراً، قرر البلدان تعميق تعاونهما في هذا القطاع من خلال إطلاق جسر للشركات الناشئة. وبما أن كلا البلدين يتبنى سياسات لجذب الشركات، من المحتم أن تنمو طبيعة ونطاق التعاون بينهما.

كما اعتبر أن «رؤية 2030» توفر فرصاً هائلة لتوسيع نطاق الشراكة الهندية السعودية لتشمل مجالات جديدة ومتنوعة مثل الطاقة المتجددة، والصحة، والإسكان، والسياحة، وتصنيع الأغذية، والخدمات اللوجستية، وتنمية المهارات، والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما أن الرؤية تُعدّ مكمّلة لسياسات الهند الخاصة، مثل «صنع في الهند»، و«الهند الرقمية»، و«الهند الناشئة».

وعلى صعيد التجارة التبادلية الثنائية، فإن الهند ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، في حين أن السعودية تُعدّ رابع أكبر شريك تجاري للهند. وقد بلغت قيمة التجارة الثنائية نحو 52.75 مليار دولار في عامي 2022 و2023. وكانت المملكة ثالث أكبر مصدِّر للنفط الخام للهند في الفترة 2022 - 2023، حيث شكلت 11.2 في المائة من إجمالي وارداتها.

وشدد غويال على أن التعاون في مجال الطاقة يشكل ركيزة أساسية للعلاقات الثنائية الهندية السعودية، حيث تُعدّ الرياض شريكاً رئيسياً للهند في تأمين أمن الطاقة، بينما ظلت ثالث أكبر مصدِّر للنفط الخام والمنتجات البترولية للهند في السنة المالية 2022 - 2023. وأشار إلى أنه على مر السنين، تطورت العلاقة بين البلدين من علاقة تقليدية بين المشتري والبائع إلى شراكة استراتيجية في قطاع الطاقة تقوم على التكامل والاعتماد المتبادل.

ووفق غويال، فإنه في حين تظل الطاقة ركيزة أساسية للتجارة بين الهند والسعودية، فقد حققت الهند نجاحاً في تنويع سلة التجارة. وتضاعفت صادرات الهند على مدى السنوات الثلاث الماضية، وتشمل المواد الغذائية، والمنسوجات، وقطاع السيارات والآلات. وهناك عدد من الفرص للتعاون بين البلدين، مثل المشاريع المشتركة وتبادل الابتكار.

وحول مشاركته في مبادرة «مستقبل الاستثمار» في الرياض، قال غويال: «كانت هذه المرة الأولى التي أشارك فيها بهذا المؤتمر، حيث تميز بترتيب برنامج مثير للإعجاب يغطي القضايا العالمية الرئيسية. شاركت في جلستين، منها جلسة عامة بعنوان (ولاية الاستثمار القادمة) مع وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، وعدد قليل من الوزراء الآخرين».

وأضاف غويال: «غطّت الجلسات استراتيجيات الاستثمار اللازمة لتحقيق التوازن بين المرونة المحلية والقدرة التنافسية الدولية مع توجيه التنمية الشاملة والمستدامة. وكانت بعض الموضوعات المحددة للمناقشة تتعلق باستدامة التحول في مجال الطاقة من خلال ضمان الوصول الموثوق إلى المصادر المتجددة في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، واستدامة القدرة التنافسية في إعادة تنظيم المشهد العالمي، وموازنة تأثير التقنيات التخريبية».

وتابع: «شاركت في رئاسة جلسة أخرى مع خالد الفالح، حول الجنوب العالمي الصاعد: استراتيجيات الاقتصادات الناشئة في عصر السياسة الصناعية الجديدة. وباعتبارها رئيسة مجموعة العشرين لعام 2023، أعطت الهند الأولوية للجنوب العالمي في أجندة مجموعة العشرين، ومنحت صوت الجنوب العالمي».

وحول مستقبل العلاقات السعودية الهندية، قال غويال: «تتمتع المملكة العربية السعودية والهند بعلاقات ودية تعكس العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الممتدة منذ قرون. فمنذ الاستقلال، تطورت هذه العلاقات تدريجياً إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه وذات منفعة متبادلة. وتغطي هذه الشراكة عدداً من المجالات الرئيسية، بما في ذلك التبادلات الثقافية، والتعاون الدفاعي والأمني، والتجارة والاستثمار، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا، وأمن الطاقة والأمن الغذائي».

وتابع: «شهدت العلاقات بين البلدين مزيداً من الزخم، في السنوات الأخيرة؛ وذلك بفضل الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، إلى السعودية في عامي 2016 و2019، وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الهند في عام 2019. وفي عام 2019، أنشأنا مجلس الشراكة الإستراتيجية الهندية السعودية، الذي يهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات».

كما أوضح غويال أن زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الهند، في الفترة من 9 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين، وللمشاركة في رئاسة الاجتماع الأول لقادة الهند، عززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وقد شهد مجلس الشراكة الاستراتيجية، الذي عُقد بحضور رئيس الوزراء الهندي، التوقيع على 8 مذكرات تفاهم واتفاقيات بين الجانبين في عدة مجالات.

وأضاف غويال: «خلال رئاستي محور الاقتصاد والاستثمار لمجلس الشراكة الاستراتيجية مع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، خلال زيارتي الرياض، في سبتمبر (أيلول) 2022، حدّدنا عدة مجالات للتعاون في مجالات الصناعة والبنية التحتية والزراعة والأمن الغذائي وتكنولوجيا المعلومات والطاقة. وسنعمل معاً على التنفيذ السريع للمشاريع وتسريع الاستثمارات. هذا فضلاً عن التوجه الثنائي المعلَن خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، حيث أعلن قادتنا عن ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وهذا سيفتح فرصاً جديدة في مجال الاتصال، والخدمات اللوجستية، والمواصلات».

وختم غويال: «سيكون ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا بمثابة تغيير في قواعد اللعبة التي تربط ثلاث قارات. ويشهد التعاون في مجال الطاقة بين البلدين تعمقاً، حيث جرى توقيع مذكرة تفاهم في مجال الربط البيني للشبكات، والتطوير المشترك للمشاريع، والإنتاج المشترك للهيدروجين الأخضر/ النظيف والطاقة المتجددة. وهذا يحمل إمكانات هائلة لتعميق التعاون».


مقالات ذات صلة

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

أوروبا زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

لا تزال المنتجات الغربية الفاخرة معروضة في كثير من المحال التجارية وسط موسكو، بتناقض مع إعلان عدد كبير من الشركات انسحابها من أسواق روسيا بعد غزو أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد علما أميركا والصين أمام لوحة إلكترونية (أ.ف.ب)

بايدن يمهد طريق ترمب لفرض رسوم جمركية على الصين

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن الاثنين عن تحقيق تجاري في أيامها الأخيرة بالبيت الأبيض، بشأن أشباه الموصلات «القديمة» المصنعة في الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من حاويات ميناء جدة الإسلامي غرب السعودية (الهيئة العامة للمواني)

نمو صادرات القطاع الخاص السعودي المموَّلة من المصارف 21.1 %

نمت صادرات القطاع الخاص التي موَّلتها المصارف التجارية عبر الاعتمادات المستندية (المسدَّدة والمفتوحة) على أساس سنوي بنسبة 21.1 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس هيئة الاستثمار المصرية خلال لقائه وفد شركة «لوتاي» الصينية في مقر الهيئة بالقاهرة (هيئة الاستثمار المصرية)

مجموعة «لوتاي» الصينية تبحث إنشاء مصنع في مصر

أعلنت هيئة الاستثمار بمصر أن مجموعة «لوتاي» الصينية، أكبر مُنتج للأقمشة المصبوغة والقمصان في العالم، تبحث خطة لتأسيس مصنع لها بمصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تدشين المرحلة الأولى لـ«بوابة المدينة» السعودية بـ160 مليون دولار

خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)
خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)
TT

تدشين المرحلة الأولى لـ«بوابة المدينة» السعودية بـ160 مليون دولار

خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)
خلال حفل تدشين «بوابة المدينة» (واس)

دُشّن في المدينة المنورة، غرب السعودية، مشروع «بوابة المدينة»، الذي يقع ضمن نطاق المشروع الأضخم «مدينة المعرفة الاقتصادية»، وهو مشروع عقاري يتضمن عدداً من العناصر الحضرية تشمل عنصراً فندقياً وعنصراً تسويقياً، بالإضافة إلى وجود أكثر من 22 ألف متر مربع من المساحات التأجيرية، واشتماله أيضاً على فندق 4 نجوم يوفر 325 غرفة، إلى جانب منطقة لوجستية ذات أهمية كبرى، وبحجم استثمارات تصل إلى 600 مليون ريال (160 مليون دولار) للمرحلة الأولى.

ويعتمد هذا المشروع، الذي نشأ نتيجة التعاونِ بين الشركة السعودية للخطوط الحديدية «سار»، وشركة «مدينة المعرفة الاقتصادية»، على مفهوم التطوير الموجَّه نحو التنقل «TOD»، ويجسد نموذجاً حديثاً للتخطيط الحضري المتكامل. وتبلغ المساحة الإجمالية للمرحلتين الأولى والثانية من المشروع نحو 37 ألف متر مربع، وتشمل مساحات تأجيرية تُقدَّر بنحو 22 ألف متر مربع.

ودشّن الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، المشروع الذي يعتمد على مفهوم التطوير الموجَّه نحو التنقل، في الوقت الذي شهد فيه حفل التدشين عرضاً مرئياً عن مشروع بوابة المدينة، الذي يرتبط مباشرة بمحطة قطار الحرمين السريع، ويضم 3 مكونات رئيسية تشمل فندق هيلتون دبل تري، بإجمالي 325 غرفة فندقية، بالإضافة إلى 80 متجراً للتجزئة، و44 مطعماً ومرافق ترفيهية، إلى جانب محطة حديثة للحافلات بسعة تصل إلى 780 راكباً في الساعة.

وأكد رئيس مجلس إدارة «مدينة المعرفة الاقتصادية» أمين شاكر أن تدشين مشروع «بوابة المدينة»، لحظة مهمة تجسد التزام الشركة بتحقيق مستهدفات «رؤية 2030» عبر تقديم حلول حضرية مستدامة ومتطورة.

وأشار إلى أن هذا المشروع يُعد تطويراً عقارياً ذا خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المدينة المنورة بوصفها وجهة عالمية لزوار المدينة المنورة، من خلال بنية تحتية متكاملة تسهم في رفع جودة الحياة.

وأوضح أن مشروع «بوابة المدينة» نتيجة التعاونِ بين «سار» و«مدينة المعرفة الاقتصادية»، بدعمٍ من إمارة المنطقة وهيئة تطوير المنطقة وأمانة المنطقة، وإشرافٍ مباشر من هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة، وهو باكورة مشاريع الشركة في المنطقة الجنوبية والمجاورة لمحطة القطار، وتتكامل لتشكل سلسلة من المشاريع التي تخدم أهداف الرؤية لقطاعات الضيافة والإسكان والترفيه والتسوق والثقافة بما يخدم زوار المدينة المنورة.