شُح الدولار يجبر البنوك المصرية على إيقاف بطاقات الخصم المباشر

سيدة تستخدم ماكينة صراف آلي (رويترز)
سيدة تستخدم ماكينة صراف آلي (رويترز)
TT

شُح الدولار يجبر البنوك المصرية على إيقاف بطاقات الخصم المباشر

سيدة تستخدم ماكينة صراف آلي (رويترز)
سيدة تستخدم ماكينة صراف آلي (رويترز)

«عميلنا العزيز، برجاء العلم أنه بدءاً من يوم الثلاثاء 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سيتم إيقاف المعاملات بالعملات الأجنبية عند استخدام بطاقات الخصم المباشر المصدرة على حساباتكم بالجنيه المصري، وسوف يقتصر استخدام بطاقة الخصم المباشر على المعاملات بعملة الجنيه المصري داخل جمهورية مصر العربية فقط. تطبَّق الشروط والأحكام».

تلقى الملايين من المصريين هذه الرسالة، صباح الثلاثاء، بحالة من الاستياء والحيرة في الوقت نفسه، نظراً لأن القرار يحاول علاج مشكلة بمشكلة أخرى. ومنذ آخر الأسبوع الماضي، يتلقى العملاء رسائل مشابهة، كلٌّ حسب البنك التابع له.

وأوضح الخبير المصرفي كريم يحيى، أن قرار البنوك إيقاف استخدام بطاقات الخصم المباشر المصدَّرة بالجنيه المصري في الخارج، يأتي للحد من النزف اليومي للسحب والشراء بالدولار، الأمر الذي يزيد من الضغوط على الاحتياطي الأجنبي لكل بنك.

وقدَّر يحيى لـ«الشرق الأوسط»، المبالغ اليومية التي يتم سحبها بالدولار من خلال بطاقات الخصم المباشر بالجنيه المصري في الخارج، من 50 إلى 100 مليون دولار، موضحاً أن هذا القرار قد يصب في صالح المستوردين والشركات التي تطلب تدبير عملة من البنوك لاستيراد احتياجاتها من خامات الإنتاج، أي إن ما ستوفّره البنوك جراء هذا القرار من بطاقات الائتمان بالأفراد، سيذهب إلى الشركات...»...

وضبطت جمارك مطار القاهرة الدولي منذ يومين، مصرياً فور وصوله من الإمارات، يحمل 117 كارتاً ائتمانياً بأسماء مختلفة ومن حسابات لأكثر من بنك.

وأوضحت مصلحة الجمارك في بيان صحافي، أنه «تم توقيف راكب مصري في أثناء إنهاء الإجراءات الجمركية لركاب طائرة النيل القادمة من الشارقة بالإمارات في أثناء محاولته الخروج من الصالة، وأكد الراكب أنه يحمل 4 سبائك ذهبية بأوزان قليلة، وبتفتيش حقائبه على جهاز الفحص بالأشعة بواسطة كل من علي الصعيدي مأمور الجمرك، ومحمود شحاتة رئيس القسم، لاحظا وجود السبائك الذهبية المذكورة، وكلف النوبي شحتو مدير الحركة المشرف على صالة الوصول رقم (3)، إسراء أنيس مأمور الجمرك، بتفتيش حقائب الراكب يدوياً، مما أسفر عن ضبط 117 كارت فيزا، منها عدد قليل جداً باسم الراكب والباقي بأسماء لأعداد كبيرة من الأشخاص».

وذكرت مصادر مصرفية في هذا الصدد، أن مجموع مصروفات المصريين في السفر خلال العام المالي الماضي 2022 – 2023، المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي، تضاعف ليصل إلى ما يقرب من 5 مليارات دولار، مقابل 2.5 مليار دولار قبل عامين سابقين.

ولذلك قام بعض البنوك في مصر بتخفيض حاد في حدود السحب القصوى لبطاقات الائتمان (كريديت كارد)، لتقليل هذه الممارسات التي تستنزف العملة الصعبة في البلاد، وسط شح في العملة.

كانت البنوك تتيح لعملائها استخدام البطاقات المصرفية بالجنيه المصري، خارج مصر للشراء أو السحب النقدي بعملة الدولة الموجود فيها العميل، مقابل عمولة بسيطة.

ولم تنجح الحكومة المصرية عبر عدة مبادرات في توفير الدولار في البنوك أو للشركات والمستوردين، بالمقدار الكافي، مما حافظ على استمرار انتعاش السوق الموازية، مع قفزة في العقود الآجلة للجنيه لمدة عام غير قابلة للتسليم إلى مستويات 45 جنيهاً للدولار.

وزاد الضغط على الجنيه المصري بعد تخفيض التصنيف الائتماني لمصر من مؤسسة «موديز»، يوم الخميس الماضي، من «بي3» إلى «سي إيه إيه1»، وأرجعت هذا إلى تدهور قدرة البلاد على تحمل الديون.

وتواجه مصر أزمة اقتصادية وسط تضخم قياسي ونقص حاد في العملة الأجنبية، كما جعل ارتفاع الاقتراض على مدى السنوات الثماني الماضية سداد الديون الخارجية عبئاً مرهقاً بشكل متزايد. وتوقعت «موديز» أن تساعد عائدات بيع الأصول في استعادة احتياطي السيولة من العملة الصعبة للاقتصاد، وحدَّدت النظرة المستقبلية لمصر عند «مستقرة».

يُتداول الدولار في البنوك الرسمية بنحو 30.85 دولار، بينما يصل في السوق السوداء إلى نحو 40 جنيهاً للدولار الواحد.

ويجعل عدم توافر الدولار في البنوك الشركات المستوردة تلجأ إلى السوق الموازية، وتقوم بتحميل فرق السعر بين السوق الرسمية والموازية على المستهلك مع مخاطر تدبير العملة من خارج الجهاز المصرفي، الأمر الذي يزيد الضغوط على الأسعار ويتجلى بوضوح في ارتفاع التضخم.

وأظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (الثلاثاء)، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن البلاد ارتفع لمستوى قياسي في سبتمبر (أيلول) إلى 38 في المائة مقابل 37.4 في المائة في أغسطس (آب) متجاوزاً توقعات المحللين.

وظهر الاستياء من قرار البنوك بوضوح على رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين استقبلوا قرار إيقاف بطاقات الخصم المباشر المقوّمة بالجنيه المصري، بمزيد من الإحباط في عدم نجاح الحكومة المصرية في توفير الدولار، وأشاروا إلى أنه «واضح أن مفيش دولار في البنوك... وأكيد شهادات الادخار بالدولار لم تأتِ بمردود إيجابي...»... وتساءل بعضهم: «كده يعني الفيزا مش هتشتغل على (باي بال)؟».

وأشار الخبير المصرفي كريم يحيي، إلى حجم الضرر الذي سيقع على هؤلاء المصريين «الطلبة والعاملين والمرضى في الخارج»، جراء قرار وقف بطاقات الخصم المباشر.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مقر كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان (إدارة الكلية)

منشآت على «نيل القاهرة» مهدَّدة بالإزالة بعد إلغاء حق الانتفاع

اتّسعت دائرة المنشآت الموجودة على «نيل القاهرة» المهدَّدة بالإزالة بعد أيام من إعلان بعض الفنانين عن مخطّط لإزالة «المسرح العائم» بجزيرة الروضة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تابوت «إيدي» بأسيوط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم أسيوط خلال عصر سنوسرت الأول

اكتشفت البعثة الأثرية المصرية - الألمانية المشتركة بين جامعتَي سوهاج وبرلين، حجرة الدفن الخاصة بسيدة تدعى «إيدي» التي كانت الابنة الوحيدة لحاكم إقليم أسيوط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)
TT

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

تسعى مصر لتطوير منظومة «الطيران المدني» بشكل «متكامل»، بما يعزز استراتيجية خدمات وبرامج النقل الجوي للبلاد.

وبحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها»، على مستوى «الملاحة الجوية وأسطول الطائرات والمطارات، وتنمية مهارات الكوادر البشرية»، وفق إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

وتمتلك مصر 23 مطاراً، بالإضافة إلى مطار القاهرة الدولي؛ الأكبر والرئيسي في البلاد، وتستهدف الحكومة المصرية «زيادة القدرة الاستيعابية للمطارات من 66.2 مليون راكب، خلال العام الحالي، إلى 72.2 مليون راكب بحلول 2026-2027، وصولًا إلى مستهدف 109.2 مليون راكب سنوياً بنهاية 2030»، وفق وزارة الطيران المدني المصرية.

وأفاد بيان الرئاسة المصرية، الأحد، بأن الرئيس السيسي تابع «برنامج تطوير الطيران المصري، من خلال تحديث البنية التحتية للمطارات، وزيادة طواقمها الاستيعابية، وتحسين مستوى الخدمات المقدَّمة للركاب».

كما ناقش مع وزيرَي الإنتاج الحربي والطيران المدني ومسؤولين بالقوات المسلّحة، «سبل تحويل مصر إلى مركز لوجيستي عالمي، من خلال تطوير خدمات النقل الجوي».

ووجَّه الرئيس المصري بـ«استمرار العمل في تطوير منظومة الطيران بشكل متكامل؛ للاستفادة منها في خطط التنمية الاقتصادية»، داعياً إلى «ضرورة تحفيز مشاركة القطاع الخاص في تلك الجهود».

وتدرس الحكومة المصرية «إسناد إدارة وتشغيل المطارات المصرية للقطاع الخاص». وأشارت، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن «القطاع الخاص، الأجدر في إدارة وتشغيل المشروعات والمرافق المختلفة، بما يُسهم في جذب مزيد من الاستثمارات، وتعظيم العائد الاقتصادي في مجال النقل الجوي».

وناقش رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مطلع الشهر الحالي، مقترحاً من أحد التحالفات المصرية الفرنسية (حسن علام - مجموعة مطارات باريس)، للتعاون مع الحكومة المصرية في تشغيل وإدارة المطارات، وفق إفادة مجلس الوزراء المصري.

ويرى كبير طياري شركة مصر للطيران سابقاً، هاني جلال، أن «الحكومة المصرية تنفذ برنامجاً لتطوير منظومة النقل الجوي؛ سعياً إلى توسيع مشاركتها في الاقتصاد». وقال إن عملية التطوير «تشمل تنظيم اللوائح والتشريعات الخاصة بالطيران، وتطوير البنية التحتية والخدمات الجوية»، مشيراً إلى أن «عملية التطوير تستلزم التوسع في الخدمات المقدمة بالمطارات».

جلال أوضح، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهدف الأول من إجراءات التطوير رفع مستوى الأمان والتنظيم في النقل الجوي». وأشار إلى أن «الحكومة المصرية تسعى للتوسع في خدمات نقل البضائع بوصفها تُدر مكاسب كبيرة؛ كون حركة البضائع مستمرة طوال العام»، لافتاً إلى أن «تطوير أسطول الطائرات المصرية، ورفع الطاقة الاستيعابية للمطارات، سوف يسهمان في تعزيز حركة النقل الجوي، ورفع نسب السياحة الوافدة إلى البلاد».

وتستهدف الحكومة المصرية جذب 30 مليون سائح، بحلول عام 2028، ومضاعفة الطاقة الفندقية العاملة إلى 450-500 ألف غرفة في 2030، وفق وزارة السياحة المصرية.

وتوقّف هاني جلال مع زيارة رئيس منظمة الطيران المدني الدولي «إيكاو»، سالفاتوري شاكيتانو، للقاهرة، الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن «متابعة المنظمة الدولية لخطوات التحديث والتطوير خطوة مهمة تسهم في رفع تصنيف مصر في مجال النقل الجوي».

وافتتح رئيس منظمة الطيران المدني الدولي، والأمين العام للمنظمة، كارلوس سالاسار، المكتب الإقليمي للمنظمة في القاهرة، الأسبوع الماضي، وناقشا مع مصطفى مدبولي التعاون في مجالات «أمن وسلامة الطيران المدني»، وفق إفادة «مجلس الوزراء المصري».