روسيا تخطو نحو إنشاء «اتحاد الغاز» ضمن خطة استبدال آسيا بأوروبا

بعد بدء تصدير الغاز الطبيعي إلى أوزبكستان عبر كازاخستان

مؤشرات لقياس ضخ الغاز عبر الأنابيب في حقل روسي (رويترز)
مؤشرات لقياس ضخ الغاز عبر الأنابيب في حقل روسي (رويترز)
TT

روسيا تخطو نحو إنشاء «اتحاد الغاز» ضمن خطة استبدال آسيا بأوروبا

مؤشرات لقياس ضخ الغاز عبر الأنابيب في حقل روسي (رويترز)
مؤشرات لقياس ضخ الغاز عبر الأنابيب في حقل روسي (رويترز)

خطت موسكو خطوة مهمة نحو إنشاء «اتحاد غاز» مع أوزبكستان وكازاخستان، كانت تهدف إليه بعد توقيع عقوبات عليها من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك مع بدء توريد الغاز الطبيعي إلى «طشقند» عبر «نور سلطان»، السبت.

وفي احتفالية في موسكو حضرها رؤساء الدول الثلاث وبثها التلفزيون الرسمي، صباح السبت، بدأ رسميا توريد الغاز الروسي إلى أوزبكستان، بموجب اتفاق مدته عامان تم توقيعه مع شركة «غازبروم» الروسية، والذي بمقتضاه ستستورد أوزبكستان 9 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي يومياً.

وقبل بدء فصل الشتاء، حرصت أوزبكستان، إحدى الدولة الحبيسة بوسط آسيا، على زيادة مخزوناتها من الغاز الروسي، وذلك بعد أن انقطع عنها الغاز بشكلٍ كامل من جارتها تركمانستان خلال الشتاء الماضي، بسبب برودة الطقس.

وهذه هي المرة الأولى التي تستورد فيها أوزبكستان الغاز من روسيا. إذ تعدّ من كبرى الدول المنتجة للغاز في العالم، بحجم إنتاج يصل إلى 52 مليار متر مكعب سنوياً. كانت تصدّر نحو 10% منه إلى الصين.

غير أن تقادم البنية التحتية لقطاع الطاقة في أوزبكستان، يضطرها لاستيراد نحو 15 مليون متر مكعب من الغاز يومياً لتعويض النقص في هذا الوقود الحيوي.

ونتيجة لذلك اقترحت موسكو، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، فكرة إنشاء اتحاد لنقل الغاز لأوزبكستان عبر كازاخستان، ومنهما إلى باقي الدول.

كانت وزارة الطاقة في أوزبكستان، قالت منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي، إنها توصّلت إلى اتفاق مع موسكو لشراء الغاز الطبيعي، بحجم واردات سنوية تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار، وذلك عبر خط أنابيب الغاز آسيا الوسطى، الذي يربط روسيا بالجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى.

ومن المتوقع أن يتم استخدام واردات الغاز من موسكو لتغطية النقص خلال موسم الشتاء في أوزبكستان.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الحفل الذي أقيم في موسكو: «تؤكد روسيا مكانتها كمورد موثوق للغاز، وهي منفتحة على التعاون في هذا المجال».

وأكدت روسيا مراراً خلال الأشهر الماضية، على رغبتها في إنشاء «اتحاد غاز» مع أوزبكستان وكازاخستان، ضمن خطة لإعادة توجيه جزء من صادراتها إلى دول آسيا، كبديل للسوق الأوروبية التي خفضت وارداتها من الوقود الروسي بسبب العقوبات الموقعة على موسكو نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة حتى الآن.

وتعرضت عائدات الطاقة الروسية لضغوط شديدة بسبب العقوبات الغربية، مثل تحديد سقف للأسعار والحظر المفروض على صادرات النفط المنقولة بحرا، وبسبب إغلاق خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم إلى أوروبا، والتي تم تفجيرها في سبتمبر (أيلول) 2022.

أسبوع الطاقة الروسي

يأتي هذا قبل أيام قليلة من بدء فعاليات أسبوع الطاقة الروسي، الذي سيركز على إعادة هيكلة سوق النفط العالمية من حيث التجارة والخدمات اللوجستية.

ومن المقرر أن يُعقد منتدى أسبوع الطاقة الروسي الدولي في موسكو في الفترة من 11 إلى 13 أكتوبر (تشرين الأول). وخلال تلك الفترة، سينخرط المشاركون في مباحثات بصدد آفاق التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وأكبر الاقتصادات الناشئة في العالم، والتي تشمل الصين والهند والدول الأفريقية. وسيكون تأثير عملية إعادة هيكلة ممرات النقل والخدمات اللوجستية على قطاع الطاقة العالمي أحد المواضيع الرئيسية التي سيتناولها المنتدى المقبل.

وقال أنطون كوبياكوف، مستشار رئيس الاتحاد الروسي والسكرتير التنفيذي للجنة المنظمة لأسبوع الطاقة الروسي: «تشهد تجارة النفط العالمية تغيراً هيكلياً جذرياً. وتعمل دول الشرق الأوسط، التي كانت تلعب دوراً شديد الأهمية في توفير السلع الأساسية للاقتصادات النامية في شرق آسيا، على زيادة إمداداتها النفطية إلى أوروبا. وعلى الجهة المقابلة، فقد زادت روسيا صادراتها من النفط بشكل كبير إلى الهند، والصين، وبعض الدول الأخرى في آسيا والمحيط الهادي».

وبالإضافة إلى ذلك، فإن دول أميركا اللاتينية، بما في ذلك البرازيل وغويانا، تفصلها مسافة شحن معقولة عن أوروبا ودول آسيا والمحيط الهادي، تبقى ذات دور متزايد الأهمية في سوق النفط.

وأشار كوبياكوف إلى أن سوق النفط العالمية تواصل محاولة التكيف مع الأحداث الجيوسياسية الحالية، قائلاً: «إن النفط الروسي، وعلى الرغم من القيود المفروضة، يدخل الأسواق المختلفة بهيكل أسعار متغير. ويأتي ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن الخدمات اللوجستية باتت أكثر تعقيداً وتكلفة، حيث يتعين على ناقلات النفط السفر لمسافات طويلة لتوصيل المواد الخام والمنتجات البترولية».

وأضاف أن «تأثير هذه التقلبات على مستقبل سوق النفط سيكون أحد أهم موضوعات أسبوع الطاقة الروسي المنتظر».


مقالات ذات صلة

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي يتحدث خلال لقاء بغرفة التجارة الأميركية بالقاهرة (وزارة البترول المصرية)

مصر تعلن زيادة إنتاج الغاز والنفط في الربع الثالث من العام الجاري

أعلن وزير البترول المصري كريم بدوي زيادة إنتاج الغاز في بلاده خلال الـ3 أشهر من يوليو إلى أكتوبر بواقع 200 مليون قدم مكعب غاز و39 ألف برميل من النفط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد موقع لاستكشاف النفط في أستراليا تابع لشركة «سانتوس»... (حساب الشركة على إكس)

«سانتوس» الأسترالية للطاقة تعتزم صرف 60 % من تدفقاتها النقدية للمساهمين

أعلنت «شركة النفط والغاز الطبيعي الأسترالية (سانتوس)» إطار عمل محدثاً لتخصيص أموالها بهدف صرف ما يصل لـ60 في المائة من إجمالي تدفقاتها النقدية الحرة للمساهمين.

«الشرق الأوسط» (كانبرا)
الاقتصاد عامل غاز يسير بين الأنابيب في محطة ضغط وتوزيع لخط أنابيب الغاز يورنغوي - بوماري - أوزغورود جنوب غربي روسيا (رويترز)

روسيا تعيد بيع مزيد من الغاز في أوروبا بعد قطع الإمدادات عن النمسا

قالت شركات ومصادر إن تدفقات الغاز الروسي إلى النمسا توقفت لليوم الثاني، يوم الأحد، بسبب نزاع على الأسعار.

«الشرق الأوسط» (برلين) «الشرق الأوسط» (براغ)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.