السعودية تأخذ زمام المبادرة في المعركة العالمية ضد تغير المناخ

عبر برامج ومشاريع ومفاهيم نحو الحياد الصفري 2060

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يستمع لشرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول أحد مشاريع الرياض الخضراء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يستمع لشرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول أحد مشاريع الرياض الخضراء (واس)
TT

السعودية تأخذ زمام المبادرة في المعركة العالمية ضد تغير المناخ

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يستمع لشرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول أحد مشاريع الرياض الخضراء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يستمع لشرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول أحد مشاريع الرياض الخضراء (واس)

تعد السعودية من أكثر دول العالم نشاطاً في قضية التغير المناخي، مما يجعلها عملاقاً أخضر جديدا ذا دور مؤثر وواضح في مواجهة هذه المعركة العالمية، حيث أطلقت عددا من المبادرات المتنوعة والخطط والبرامج نحو تحقيق طموح الحياد الصفري بحلول 2060.

وتأتي هنا تأكيدات الرياض في الحلول الشاملة للتحول التي تعد ضرورية لمواجهة التحديات المناخية، في الوقت الذي ترى أن العمل المناخي يجب أن يشمل شرائح المجتمع كافة، وأنه من الضروري إيجاد التوازن بين التطور الاقتصادي وأمن الطاقة العالمي.

وتستعد المملكة بالتنسيق والتعاون مع أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي لاستضافة «أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2023»، خلال الفترة من 8 إلى 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في العاصمة الرياض.

وتؤكد وزارة الطاقة السعودية أن «منطقة الشرق الأوسط تنعم باحتوائها على بعض أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، ومن خلال توظيف الحلول المبتكرة، يمكن تحقيق أهدافنا التنموية ومواجهة تحديات التغير المناخي في آن واحد».

وقالت الوزارة: «بوصفها الدولة الرائدة في مجال الطاقة في المنطقة والعالم، وأحد أكبر المستثمرين في قطاع البحث والتطوير، تستطيع المملكة والمنطقة على نطاق واسع، إيجاد حلول ممكنة لتقليل الآثار البيئية».

وزادت السعودية من نشاطها في مواجهة ظاهرة التغير المناخي في عام 2021، عندما أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن مستهدف الوصول إلى الحياد الصفري يأتي من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وبما يتوافق مع الخطط التنموية، وتمكين التنوُّع الاقتصادي، مشدداً في ذلك الوقت على أن ذلك يتماشى مع «خط الأساس المتحرك»، ويحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية في ظل نضج وتوفر التقنيات اللازمة لإدارة وتخفيض الانبعاثات.

ريادة المملكة في التخضير

وحول جهود المملكة فيما يتعلق بالمبادرات والبرامج الخضراء، يقول الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» هيثم الغيص إن السعودية دولة رائدة في هذا المجال، وذلك من خلال مبادرتي السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، مما أعطى دفعة لجميع الدول في المنطقة على ممارسة سياسة التخضير والتشجير.

وأضاف «هذه من العوامل المهمة والمساهمة علاوة على ما تعمل عليه الصناعة النفطية مثل مصنع الجبيل، الذي يُتوقع أن يضيف طاقة ما يقارب 9 ملايين طن سنوي من احتباس الكربون، وهو ما يعد مشروعاً رائداً وفريداً من نوعه».

وتابع الغيص في حديث لـ«الشرق الأوسط» حول الجهود السعودية الخضراء «نهنئ هذه الخطوة من المملكة، في ظل قيادة واضحة دائماً، ودور واضح في دعم التوجه لجميع الدول لتكون رائدة وسباقة في هذا التوجه».

البرنامج الوطني للطاقة المتجددة

يعد البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في السعودية برنامجاً طويل المدى متعدد الأوجه، حيث صُمم لتحقيق التوازن في مزيج الطاقة الكهربائية والوفاء بمساهمات المملكة الطوعية والمقررة محلياً لتجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، مما يتماشى مع «رؤية 2030»، حيث يهدف لزيادة حصة الطاقة المتجددة بشكل كبير في مزيج الطاقة الكهربائية في البلاد.

مبادرة السعودية الخضراء

في عام 2021، أطلقت السعودية المبادرة بهدف مكافحة تغير المناخ ورفع مستوى جودة الحياة وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة، حيث تسعى لحشد جهود الجهات الفاعلة كافة في المجتمع لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، هي: خفض الانبعاثات، والتشجير، وحماية الأرض والطبيعة، في الوقت الذي تتضمن أكثر من 60 مبادرة يجري تنفيذها للمساهمة في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء، حيث تمثل جميعها استثمارات ضخمة في مجالات الاقتصاد الأخضر.

ونجحت الرياض على مدار العام الماضي في تحويل التزاماتها العالمية إلى إجراءات ملموسة، وتواصل المضي نحو تحقيق هدفها للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060.

مبادرة الشرق الأوسط الأخضر

تُعد مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مسعىً إقليمياً تقوده السعودية للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ على المنطقة، والعمل المشترك لتحقيق أهداف العمل المناخي العالمي، من خلال توسيع التعاون الإقليمي وإنشاء بنية تحتية كفيلة بخفض الانبعاثات وحماية البيئة.

وتهدف المبادرة للانتصار في المعركة العالمية ضد تغير المناخ، حيث تسعى لزراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهو ما يعادل 5 في المائة من هدف التشجير العالمي، والتي تمكن من استصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي، في الوقت الذي سيتم زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، وزراعة 40 مليار شجرة في جميع أنحاء المنطقة خلال العقود القادمة، ويساهم التشجير في تحسين جودة الهواء، والحد من تآكل التربة، وتوفير موائل للحياة البرية، مع التخفيف في الوقت ذاته من آثار تغير المناخ.

اقتصاد الكربون الدائري

على خلاف نموذج اقتصاد الكربون الخطي الذي يعتمد على استخدام المواد ثم التخلص منها، فإن اقتصاد تدوير الكربون يشجع على تبني نموذج تدويري يركز على الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استخدامها وتدويرها وإزالتها من البيئة، في الوقت الذي تشير فيه المعلومات إلى أن مفهوم الاقتصاد القائم على تدوير الكربون يوصف بأنه ركيزة أساسية تساعد في إعادة التوازن لدورة الكربون في العالم.

ويعد الاقتصاد الدائري للكربون إطاراً لإدارة وخفض الانبعاثات. ويشمل مفهوم الاقتصاد القائم على تدوير الكربون، والذي يضم المحاور الأربعة التالية الحد من انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامه، وتدويره وإزالته، في الوقت الذي اعتمدت السعودية وشركة «أرامكو» إطار الاقتصاد الدائري للكربون وسيلة للحد من آثار الانبعاثات الكربونية.

«نيوم»

تعد مدينة «نيوم» التي تعمل المملكة على بنائها في شمال غربي البلاد، جزءاً من رسالتها نحو مواجهة التغير المناخي، حيث إن «تخطيط مدينة (نيوم) ينطلق من فهم أهمية البيئة في تشكيل المستقبل»، حيث أكد في وقت سابق الرئيس التنفيذي للشركة المهندس نظمي النصر أنها تعيد التناغم المفقود بين المجتمع والبيئة.

ويعد العنوان الرئيسي للطاقة في المدينة هو «الطاقة النظيفة»، حيث يتم العمل حالياً مع شركة يابانية ومركز أبحاث فرنسي، على محطة لتحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، كما ستكون وسائل التنقل داخل المدينة صديقة للبيئة أيضاً، حيث ستتحول فكرة التنقل الجوي عبر سيارات الأجرة إلى حقيقة في «نيوم» وفق تصريحات المسؤولين.

وأوضح النصر في ذلك الوقت أن المدينة تهتم بالأشجار، حيث «تم البدء في مشروع زراعة 100 مليون شجرة، كما يتم العمل على استعادة 1.5 مليون هكتار من الأراضي البيئية»، في الوقت الذي أكد أن كل جزء من (نيوم) «سيعكس تناغماً بين المجتمع والبيئة، ويعمل على تحسين تواصل الإنسان مع الطبيعة».

مشاريع الطاقة المتجددة

عام 2017، تم طرح المرحلة الأولى من مشاريع الطاقة المتجددة في السعودية، التي ضمت مشروع سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 300 ميغاواط، الذي تم ربطه مؤخراً بشبكة الكهرباء الوطنية، ومشروع دومة الجندل لطاقة الرياح بقدرة 400 ميغاواط، وذلك في خطوة لزيادة إسهام مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لإنتاج الكهرباء لنحو 50 في المائة بحلول عام 2030، وأن يحل الغاز والطاقة المتجددة محل نحو مليون برميل يوميا من المكافئ النفطي وأنواع الوقود السائل، والوفاء بالتزامات السعودية نحو تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وفي يوليو (حزيران) 2019، أطلق مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، التي تألفت من ستة مشاريع للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بسعة إجمالية تصل إلى 1470 ميغاواط.

وتعمل وزارة الطاقة السعودية على 15 مشروعاً للطاقة المتجددة، منها 14 مشروعاً للطاقة الشمسية الكهروضوئية، ومشروع لطاقة الرياح، بطاقة إجمالية تبلغ 701 غيغاواط.

وتُعدّ محطة تحلية مياه الخفجي من أبرز التطبيقات العملية والنجاحات بقطاع البحث والتطوير والابتكار، وأهم المشاريع القائمة بالبلاد التي تحقق مبدأ التحول إلى الطاقة المستدامة، وهي الأولى عالمياً في استخدام الطاقة الشمسية لتحلية المياه.

وحققت السعودية تطورات واسعة في مستهدفات الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة، وفي عام 2022، قامت بتشغيل أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، وهي محطة سكاكا للطاقة الشمسية بقدرة 2 غيغاواط. ومن المتوقع أن تولد المحطة ما يكفي من الكهرباء لتزويد أكثر من 200 ألف منزل بالطاقة.

وتقوم المملكة أيضاً بتطوير عدد من مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق الأخرى، حيث تعمل على بناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1.2 غيغاواط في نيوم، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تستكشف السعودية أيضاً إمكانات تقنيات الطاقة المتجددة الأخرى، مثل إنتاج الهيدروجين. وتقوم بتطوير عدد من مشاريع الهيدروجين، بما في ذلك مشروع في نيوم الذي يهدف إلى إنتاج 2.9 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً بحلول عام 2030.

وتستثمر الحكومة السعودية أيضاً في البحث والتطوير في مجال تقنيات الطاقة المتجددة.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

قالت الحكومة اليابانية إنها ستدرس رفع الحد الأدنى الأساسي للدخل المعفى من الضرائب

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».