البنك الدولي يخفض توقعاته لاقتصادات الشرق الأوسط إلى 1.9 % في 2023

أكثر من 5 ملايين شخص فقدوا وظائفهم نتيجة الصدمات الاقتصادية في آخر 3 سنوات

الصدمات الاقتصادية العالمية تُلحق أضراراً بالغة في مستويات التشغيل في المنطقة بين عامي 2020 و2022
الصدمات الاقتصادية العالمية تُلحق أضراراً بالغة في مستويات التشغيل في المنطقة بين عامي 2020 و2022
TT

البنك الدولي يخفض توقعاته لاقتصادات الشرق الأوسط إلى 1.9 % في 2023

الصدمات الاقتصادية العالمية تُلحق أضراراً بالغة في مستويات التشغيل في المنطقة بين عامي 2020 و2022
الصدمات الاقتصادية العالمية تُلحق أضراراً بالغة في مستويات التشغيل في المنطقة بين عامي 2020 و2022

توقع البنك الدولي أن ينخفض نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل حاد هذا العام، إلى 1.9 في المائة في عام 2023 من 6 في المائة في عام 2022، ورد ذلك إلى خفض إنتاج النفط، في ظل أسعار النفط المنخفضة، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، وارتفاع التضخم. وتعد هذه النسبة أقل مما كان يتوقعها البنك الدولي في تقرير له في يونيو (حزيران) حين أشار إلى أنه يتوقع أن تسجل دول المنطقة نمواً بواقع 2.2 في المائة أقل مما توقعه في يناير (كانون الثاني).

ويتوقع البنك الدولي في أحدث إصدار له عن المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي جاء تحت عنوان: «تحقيق التوازن... الوظائف والأجور في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند وقوع الأزمات»، أن يكون تراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام أكثر وضوحاً في دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط. إذ من المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في هذه البلدان 1 في المائة فقط في عام 2023، منخفضاً من 7.3 في المائة في عام 2022، وذلك نتيجة لانخفاض إنتاج النفط، وأيضاً لانخفاض أسعاره.

أما في البلدان النامية المصدرة للنفط، فمن المتوقع أن ينخفض النمو من 4.3 في المائة في 2022، إلى 2.4 في المائة في عام 2023. وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط في المنطقة، فلا تزال الأوضاع المالية العالمية وارتفاع معدلات التضخم يعوقان النشاط الاقتصادي. ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو هذه البلدان 3.6 في المائة في عام 2023، منخفضاً عن مستواه البالغ 4.9 في المائة في عام 2022.

وقال البنك الدولي إن أفضل ما يظهر من تحسن في سبل كسب العيش، هو التغيرات في نصيب الفرد من الدخل. إذ من المتوقع أن ينخفض معدل النمو في جميع أنحاء المنطقة من 4.3 في المائة في عام 2022، إلى 0.4 في المائة فقط في عام 2023. وبنهاية عام 2023، لن يعود مستوى نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، الذي كانت عليه المنطقة فيما قبل الجائحة، سوى في 8 اقتصادات من بين 15 اقتصاداً.

وقال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج في تعليقه على التقرير: «إذا كانت المنطقة تنمو بوتيرة بطيئة، فكيف ستوفر فرص عمل كريمة لما يقارب 300 مليون شاب سيطرقون أبواب سوق العمل، بحلول عام 2050. ومن دون تطبيق الإصلاحات السليمة على صعيد السياسات، فإننا قد نسهم، دون قصد، في تفاقم التحديات الهيكلية المزمنة التي تواجهها أسواق العمل في المنطقة في الأمد القريب. لقد حان الآن وقت الإصلاح». ومع أن البنك الدولي لم ينجز بعد تقييماً كاملاً للآثار الاقتصادية للكوارث الطبيعية التي ضربت المغرب وليبيا مؤخراً، فإن البنك يتوقع أن تكون آثارها متواضعة، على الاقتصاد الكلي، نظراً لأن الاضطرابات المحتملة ستكون قصيرة الأجل على الأرجح. ومع ذلك، فإن الشواهد والأدلة التجريبية على أثر الكوارث في البلدان النامية، تشير إلى انخفاض النمو في بداية الأمر، وزيادة المديونية على المدى المتوسط، لتمويل جهود إعادة الإعمار. فالنمو في الناتج المحلي الإجمالي يميل إلى التعافي بسرعة بعد وقوع حدث ما.

ويركز الجزء الثاني من التقرير، على الجانب الإنساني لثلاثٍ من صدمات الاقتصاد الكلي، وهي: «جائحة كورونا»، والانخفاض الكبير في قيمة العملات، وصدمة الانخفاض في معدلات التبادل التجاري، وذلك بمقارنة أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأسواق العمل في اقتصادات الأسواق الناشئة، والاقتصادات النامية الأخرى، خلال فترات انكماش وتوسع النشاط الاقتصادي.

البطالة

ويخلُص التقرير إلى أن أسواق العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تختلف عن تلك الموجودة في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، في بُعدٍ واحدٍ في منتهى الأهمية، وهو أن استجابة البطالة في المنطقة في أثناء فترات الانكماش تبلغ ضعف استجابتها في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وبين عامي 2020 و2022، ألحقت الصدمات الاقتصادية العالمية أضراراً بالغة بمستويات التشغيل في المنطقة. وتشير بعض نتائج التقرير إلى أن اضطراب الاقتصاد الكلي كان بإمكانه أن يدفع 5.1 مليون شخص إضافيين إلى صفوف العاطلين عن العمل، وهو ما يتجاوز معدلات البطالة التي كانت مرتفعة بالفعل قبل تفشي الجائحة. ولو كانت استجابة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للبطالة مماثلة لنظيرتها ببلدان الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، لكان الانخفاض في عدد العاطلين عن العمل الذي أدت إليه الصدمات التي حدثت في الفترة 2020 - 2022 أقل بمقدار 2.1 مليون عامل في المنطقة.

وأوضحت رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي روبرتا غاتي أن الحكومات «تواجه، في أوقات الركود الاقتصادي، مفاضلة بين زيادة البطالة، وبين انخفاض الأجور الحقيقية. وبالرغم من أن أيا من النتيجتين غير مرغوب فيهما، فإن مدلولات السياسات واضحة، وهي أن الأجور الحقيقية المرنة المقترنة بالتحويلات النقدية الموجهة للمستحقين، هي النهج الأفضل للحد من التكاليف الاقتصادية طويلة الأجل، التي تتسبب فيها صدمات الاقتصاد الكلي، وتتحملها الأسر في أعمالها في المنطقة».


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.