«المركزي» الياباني يتدخل لحماية عائد السندات وعينه على الين

المصرف في معضلة للتوازن بين العملة والصادرات والعوائد

أوراق نقدية وعملات معدنية مختلفة الفئات من الين الياباني (رويترز)
أوراق نقدية وعملات معدنية مختلفة الفئات من الين الياباني (رويترز)
TT

«المركزي» الياباني يتدخل لحماية عائد السندات وعينه على الين

أوراق نقدية وعملات معدنية مختلفة الفئات من الين الياباني (رويترز)
أوراق نقدية وعملات معدنية مختلفة الفئات من الين الياباني (رويترز)

أعلن بنك اليابان المركزي يوم الاثنين شراء كميات إضافية من سندات الخزانة اليابانية، في محاولة لتذكير السوق بأن المصرف مصرّ على منع ارتفاع العائد على سندات الخزانة، لكنه في الوقت ذاته يسعى إلى عدم الإضرار بالين الذي اقترب بشدة من مستوى 150 يناً للدولار، والذي يعده كثيرون بمثابة «خط أحمر».

وبعد عملية شراء مماثلة لم تكن مقررة يوم الجمعة الماضي، ذكرت «بلومبرغ» أن المصرف سيشتري كميات إضافية من السندات أجل 5 و10 سنوات يوم الأربعاء المقبل، لكبح جماح أسعار العائد على السندات بعد وصولها إلى أعلى مستوى لها منذ 10 سنوات.

وارتفع العائد على السندات العشرية يوم الاثنين إلى 0.775 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2013، كما ارتفع العائد على السندات العشرينية والثلاثينية إلى أعلى مستوى منذ 2014.

واشترى المصرف المركزي الياباني يوم الجمعة الماضي سندات يتراوح أجلها بين 5 و10 سنوات بقيمة 300 مليار ين (أي ملياري دولار)، وهو ما عدّه كاتسوتوشي إنادومي كبير المحللين في شركة الخدمات المالية «سوميتومو ميتسوي تراست أسيت مانجمنت» مبلغاً صغيراً نسبياً وخطوة ليست بالقوة الكافية لتحقيق خفض كبير في سعر العائد على السندات اليابانية.

في المقابل، فإن شراء كمية أكبر من السندات يمكن أن تضر بسعر الين الياباني الذي يجري تداوله حالياً قريبا للغاية من نحو 150 يناً لكل دولار. وتشعر اليابان بالقلق حالياً من تراجع سعر الين، حيث كرر مسؤولو وزارة المالية تحذيراتهم من أن كل الخيارات المطلوبة لوقف تراجع العملة مطروحة على المائدة.

وتواجه السلطات اليابانية ضغوطاً متجددة لمكافحة الانخفاض المستمر في قيمة الين، حيث يتطلع المستثمرون إلى احتمالات رفع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول، في حين يظل بنك اليابان متمسكاً بسياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية.

والحكومة اليابانية لديها الكثير من الخيارات لوقف ما تعده انخفاضاً مفرطاً في قيمة الين، ومن بينها التدخل بشكل مباشر في سوق العملات، وشراء كميات كبيرة من الين، وعادة ما يتم بيع الدولارات مقابل العملة اليابانية.

واشترت اليابان الين في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، في أول دخول لها في السوق لتعزيز عملتها منذ عام 1998، بعد أن أدى قرار بنك اليابان بالحفاظ على سياسة نقدية شديدة التساهل إلى انخفاض قيمة العملة إلى 145 يناً للدولار. وكان البنك قد تدخل مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 بعد أن انخفض الين إلى أدنى مستوى له منذ 32 عاماً عند 151.94 ين للدولار.

والتدخل في شراء الين أمر نادر الحدوث. وفي كثير من الأحيان، قامت وزارة المالية ببيع الين لمنع ارتفاعه من الإضرار بالاقتصاد المعتمد على التصدير من خلال جعل البضائع اليابانية أقل قدرة على المنافسة في الخارج.

لكن ضعف الين ينظر إليه الآن باعتباره مشكلة، مع قيام الشركات اليابانية بتحويل إنتاجها إلى الخارج واعتماد الاقتصاد بشكل كبير على الواردات في سلع تتراوح بين الوقود والمواد الخام إلى قطع غيار الآلات.

وعندما صعّدت السلطات اليابانية تحذيراتها الشفهية لتقول إنها «مستعدة للتصرف بشكل حاسم» ضد تحركات المضاربة، فهذه علامة على أن التدخل قد يكون وشيكاً. وينظر التجار إلى فحص سعر الفائدة من قبل بنك اليابان، عندما يتصل مسؤولو البنك المركزي بالمتعاملين، ويطلبون أسعار الشراء أو البيع للين، على أنه مقدمة محتملة للتدخل.

وقال وزير المالية شونيشي سوزوكي مؤخراً إن السلطات «لن تستبعد أي خيارات» للتعامل مع التقلبات المفرطة في أسعار العملات، وإنها تراقب تحركات العملة «بإحساس قوي بالإلحاح".

وتقول السلطات إنها تنظر إلى سرعة انخفاض الين، وليس المستويات، وما إذا كانت التحركات مدفوعة بالمضاربين، لتحديد ما إذا كان يجب الدخول إلى سوق العملات.

والقرار سياسي للغاية. وعندما يكون الغضب الشعبي إزاء ضعف الين وما يترتب على ذلك من ارتفاع في تكاليف المعيشة مرتفعاً، فإن هذا يفرض ضغوطاً على الإدارة للاستجابة. وكانت هذه هي الحال عندما تدخلت طوكيو العام الماضي.

ولكن على الرغم من أن التضخم لا يزال أعلى من هدف بنك اليابان المركزي (2 في المائة)، فقد انحدرت الضغوط العامة مع انخفاض أسعار الوقود والسلع الأساسية العالمية عن الذروة التي بلغتها العام الماضي.

وإذا تسارع انحدار الين وأثار غضب وسائل الإعلام والجمهور، فإن فرص التدخل سوف ترتفع مرة أخرى.

والقرار ليس سهلاً، حيث إن التدخل مكلف وقد يفشل بسهولة، وذلك لأن حتى موجة كبيرة من شراء الين سوف تتضاءل مقارنة بمبلغ 7.5 تريليون دولار الذي يتم تداوله يومياً في سوق الصرف الأجنبية.

وعندما تتدخل اليابان لوقف ارتفاع الين، تصدر وزارة المالية سندات قصيرة الأجل، فترفع قيمة الين ثم تبيعها لإضعاف العملة اليابانية. ولكن لدعم الين، يتعين على السلطات الاستفادة من احتياطيات اليابان من النقد الأجنبي لبيع الدولارات مقابل الين. وفي كلتا الحالتين، يصدر وزير المالية الأمر بالتدخل، ويقوم بنك اليابان بتنفيذ الأمر بصفته وكيل الوزارة.

ويعد التدخل في شراء الين أكثر صعوبة من التدخل في بيع الين. وفي حين تحتفظ اليابان بما يقرب من 1.3 تريليون دولار من الاحتياطيات الأجنبية، والتي يمكن أن تتآكل بشكل كبير إذا تدخلت طوكيو بشكل متكرر، مما يترك السلطات مقيدة بشأن المدة التي يمكنها فيها الدفاع عن الين.

وترى السلطات اليابانية أيضاً أنه من المهم طلب الدعم من شركاء «مجموعة السبع»، ولا سيما الولايات المتحدة إذا كان التدخل يتعلق بالدولار. وقد أعطت واشنطن موافقة ضمنية عندما تدخلت اليابان العام الماضي، مما يعكس العلاقات الثنائية الوثيقة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

البنك المركزي العماني يصدر أذون خزانة بقيمة 52 مليون دولار

الاقتصاد البنك المركزي العماني

البنك المركزي العماني يصدر أذون خزانة بقيمة 52 مليون دولار

أعلن البنك المركزي العماني، اليوم (الاثنين)، أن إجمالي قيمة أذون الخزانة الحكومية المخصصة لهذا الأسبوع بلغ 20 مليون ريال عماني (نحو 52 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد خبير الاتصالات العالمي مارتين بلانكين (الشرق الأوسط)

مارتين بلانكين رئيساً تنفيذياً لمجموعة «نيو للفضاء» السعودية

أصدر مجلس إدارة مجموعة «نيو» للفضاء قراراً بتعيين خبير الاتصالات العالمي مارتين بلانكين، في منصب الرئيس التنفيذي للمجموعة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عامل في أحد مصانع السيارات الكهربائية في مقاطعة جيانغتسو الصينية (رويترز)

مبيعات السيارات تتراجع في الصين للشهر الثالث على التوالي

انخفضت مبيعات السيارات في الصين في يونيو للشهر الثالث على التوالي حيث فشلت الحوافز الحكومية في تحفيز الطلب الاستهلاكي

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مشاة يستخدمون المظلات اتقاء للشمس في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو مع تخطي الحرارة 35 درجة مئوية (أ.ف.ب)

بنك اليابان متفائل بتحركات الأجور والأسعار

قال بنك اليابان إن نقص العمالة يدفع الشركات الصغرى إلى رفع الأجور ونقل التكاليف المرتفعة من خلال زيادات الأسعار

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز تسير خارج «داونينغ ستريت» في يوم الاجتماع الأول لمجلس الوزراء (رويترز)

وزيرة المالية البريطانية تعلن عن «مهمة وطنية» لدفع النمو الاقتصادي

ستطرح وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز خططاً، يوم الاثنين، لتحرير مشروعات البنية التحتية والاستثمارات الخاصة، في إطار «مهمة وطنية» جديدة لدفع النمو الاقتصادي

«الشرق الأوسط» (لندن)

أمانة الرياض تطبق نهجاً جديداً يحفز منشآت قطاع الأعمال

موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)
موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)
TT

أمانة الرياض تطبق نهجاً جديداً يحفز منشآت قطاع الأعمال

موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)
موظف شركة «إجادة» يمارس مهام التفتيش في أحد المحلات التجارية (الشرق الأوسط)

طبقت أمانة منطقة الرياض نموذجاً نوعياً جديداً لتنفيذ أعمال التفتيش والرقابة يهدف إلى تعزيز ثقافة الامتثال وزيادة مستوى الوعي بالأنظمة والقوانين التنظيمية في المؤسسات والمنشآت المستهدفة، ما يحفز قطاع الأعمال ويضمن استمرارية عمل المنشآت في سوق العمل نتيجةً لتخفيف الأعباء المالية عليها.

وفي عام 2018 أطلقت أمانة منطقة الرياض مبادرة «إجادة» والتي تعتبر تماشياً مع مبادرات التحول البلدي المنبثقة من برنامج تحقيق «رؤية 2030»، للارتقاء بالمستوى الرقابي للخدمات البلدية، إلا أن نهج هذه المبادرة كان يتبع التصيد للغرامات في المنشآت بغرض تحصيل مبالغ مالية، ما تسبب في أعباء مالية على أصحاب الأعمال وأبرزهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

هذا النهج القديم أقر به أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عياف، في العام السابق، موضحاً أن العمل الحالي يعتمد على فرض الغرامات لكي يتم مكافأة المراقب وزيادة إيرادات الشركة المشغلة، مبيناً حينها أن العمل جارٍ على نموذج جديد مصمم لاستهداف زيادة نسبة الامتثال في المنشآت من خلال تحفيز الجهة المشغلة على اتباع هذا النموذج ليرتفع معه العائد على الشركة والمراقب.

وأعلن الأمير الدكتور فيصل بن عياف، الأحد، إطلاق برنامج الامتثال البلدي الجديد «مُثل» والذي يحسن جودة الخدمات المقدمة، وتطبيق أفضل المعايير المهنية في مجال الرقابة والتفتيش على المؤسسات والمنشآت الصحية والتجارية في مدينة الرياض، وذلك بالاعتماد على إحدى التقنيات الرقمية.

التنمية المستدامة

وأكد أمين منطقة الرياض أنَّ تطبيق البرنامج يأتي في إطار حرص الأمانة على تعزيز بيئة الأعمال، ودعم وتمكين القطاع الخاص، وترسيخ ثقافة الامتثال ورفع الوعي بالأنظمة والقوانين، وذلك من خلال بناء شراكاتٍ فعالة وإشراك المستفيدين لبناء بيئةٍ حيوية تسهم في رفع جودة العمليات الرقابية والخدمات المقدمة وتزيد رضا المستفيدين وتحقق التنمية المستدامة للمجتمع، تماشياً مع مبادرات التحول البلدي المنبثقة من «رؤية المملكة 2030».

من جهتهم، يرى مختصون أن النموذج الجديد سيخفف الأعباء المالية على أصحاب المنشآت الصحية والتجارية، وفي ذات الوقت يحفز القطاع الخاص على زيادة نسبة الامتثال بالضوابط البلدية.

وأوضح المختص في الاقتصاد أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط»، أن الرقابة في السابق لم يكن فيها تحذير ووعي لتلافي المخالفات وزيادة الامتثال بالضوابط البلدية، بل كانت تعتمد على رصد التجاوزات وإيقاع الغرامات على المنشآت بما فيها الصغيرة والمتوسطة.

وأفاد بأن النموذج الجديد المعلن من قبل أمانة منطقة الرياض يحفز المنشآت على التعاون مع المراقبين والامتثال لجميع القواعد التنظيمية للعمليات والخدمات الرقابية، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة للقطاع الخاص.

وأبان أحمد الجبير أن النموذج الجديد سيحفز القطاع الخاص ويحد من الأعباء المالية على المنشآت في سوق العمل، وبالتالي أمانة الرياض بقرارها الجديد سوف تحافظ على إبقاء المنشآت وعدم خروجها من سوق العمل بسبب ارتفاع الغرامات المالية.

تحسين الرقابة

من ناحيته، ذكر المختص في السياسات الاقتصادية أحمد الشهري لـ«الشرق الأوسط»، أن النموذج السابق لشركة «إجادة» كان بحاجة إلى تطوير ليعكس الهدف المرجو من العمليات الرقابية من المنظم.

وبيّن أن البرنامج الجديد يضمن تحسين العملية الرقابية ورفع جودة الخدمات المقدمة ويعزز الوعي ومعدلات امتثال المنشآت، وسوف يوظف أحدث التقنيات المتقدمة، وهو ما يتماشى مع مبادرات التحول البلدي المنبثقة من «رؤية 2030».

وأضاف أحمد الشهري أن النهج الجديد يمكّن القطاع الخاص ويتبع أسلوب الرقابة الداعمة للمنشآت من أجل زيادة الامتثال بالضوابط البلدية، وبالتالي برنامج «مُثل» صُمم عمله على الالتزام أكثر من فرض الغرامات.

وعملت الأمانة خلال الفترة الماضية بشكلٍ تجريبي نموذجاً رقابياً محسناً يعزز من امتثال المنشآت التجارية، وذلك للتأكد من تطبيقه بشكلٍ موثوق، وتسعى الأمانة لرفع كفاءة نشاطها في الأعمال الرقابية تماشياً مع «رؤية 2030»، ولا سيما من خلال مبادرات «التحول البلدي»، والتي تعمل على تعزيز الرقابة والشفافية، وتدعم النزاهة التجارية.