يتواجه العمال مع إدارات عمالقة السيارات «الثلاثة الكبار» على طاولة المفاوضات السبت في اليوم الثاني من الإضراب الذي يهدد بتعطيل عجلة الاقتصاد والتأثير على حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
بعد فشل الجهود التي بذلتها «جنرال موتورز» و«فورد» و«ستيلانتس» في اللحظة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق الخميس قبل المهلة النهائية، قررت نقابة عمال السيارات المتحدين UAW الإضراب الجمعة. وبدا أن العمال مصممون على الاستمرار في تحركهم، حتى بعد أن سارعت شركة فورد إلى الإعلان أن التأثيرات المتتالية الناجمة عن الإضراب ستترجم في تسريح 600 من العمال على نحو مؤقت.
قال رئيس النقابة شون فين في وقت متأخر الجمعة إن ما يُقال عن أن «المفاوضات انهارت» غير صحيح. لكنه أضاف أن «أعضاء نقابتنا وحلفاءنا يقفون بقوة إلى جانبنا. وأي شخص يريد الوقوف معنا يمكنه أن يلتقط لافتة ويقف في الصف».
وقال: «نتوقع أن نجلس إلى طاولة المفاوضات... لقد تلقت الشركات الثلاث عرضاً مضاداً شاملاً من نقابتنا، ونحن في انتظار ردها».
يشارك نحو 12700 من 150 ألف عامل تمثلهم النقابة في الإضراب. ولكن قرار العاملين في الشركات المتنافسة بالتحرك على نحو مشترك وجه رسالة قوية في معركتهم من أجل زيادة الأجور بنسبة 40 في المائة.
لكن الاضطرابات التي يشهدها القطاع الحيوي الذي يشمل علامات تجارية مثل «جيب»، تهدد الاقتصاد الأميركي في فترة تتسم بالنمو القوي والضغوط التضخمية.
كانت مؤشرات نمو الاقتصاد الأميركي، قد ارتفعت بنسبة 2.1 في المائة خلال الفترة من أبريل (نيسان) حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي؛ وهو ما عدَّه المراقبون مؤشراً على صلابة الاقتصاد الأميركي في مواجهة ارتفاعات كلف الاقتراض سواء للقروض الشخصية أو قروض مؤسسات الأعمال.
ويقول المراقبون إن إنفاق المستهلكين، الذي يعادل ما نسبته 70 في المائة من الاقتصاد الأميركي كان قد ارتفع بنسبة 1.7 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022، وكان إنفاق المستهلكين الأميركيين قد شهد صعوداً نسبته 4.2 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي.
وبلغ معدل التضخم 3.2 في المائة في شهر يوليو (تموز) الماضي؛ وذلك هبوطاً من 9.1 في المائة خلال يونيو 2022، ذروة ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة.
وعبَّر الرئيس جو بايدن الذي يسعى لإعادة انتخابه العام المقبل عن تأييده للمضربين، قائلاً إنه يتفهم «شعورهم بالإحباط».
وفي حديثه على الهواء مباشرة من البيت الأبيض، قال بايدن إن العمال لم يتمكنوا من الاستفادة من أرباح الشركات الهائلة، التي تجاوزت 20 مليار دولار للشركات العملاقة الثلاث في النصف الأول فقط من عام 2023.
وأضاف: «لم يتم تقاسم هذه الأرباح القياسية بشكل عادل. لقد قدمت الشركات بعض العروض المهمة ولكن أعتقد أنه ينبغي عليها الذهاب لأبعد من ذلك لضمان أن أرباح الشركات القياسية تعني عقوداً قياسية لنقابة عمال السيارات المتحدين».
وفي تأكيد على النفوذ السياسي للنقابات، ألقى كل من السناتور اليساري بيرني ساندرز وحاكمة ميشيغن الديمقراطية غريتشن ويتمر، كلمة أمام حشد من المضربين مساء الجمعة.
وقال ساندرز: «نحن في أغنى دولة في تاريخ العالم، ولا ينبغي للعائلات في هذا البلد وعائلات العاملين في صناعة السيارات أن تعيش تحت مثل هذه الضغوط».
حقوق العاملين بالساعة
وقال فين، إن النقابة قررت الإضراب في مصنع واحد في كل شركة، بما يشمل مصنع «جنرال موتورز» في وينتزفيل بولاية ميزوري؛ ومنشأة ستيلانتيس في توليدو، بأوهايو، ومصنع فورد في واين، بميشيغن، ولكن فقط في عمليات التجميع والطلاء النهائية. لكن التهديد كان واضحاً بأن الإضراب يمكن أن يتسع.
يقول العديد من العاملين بالساعة إن شركات السيارات العملاقة يجب أن تقدم لهم عروضاً أفضل بكثير للتعويض عن أجورهم الضئيلة والاقتطاعات في المزايا التي تقررت بعد الأزمة المالية عام 2008، عندما خضعت كل من «جنرال موتورز» وكرايسلر التي أصبحت الآن جزءاً من ستيلانتيس، لعمليات إعادة تنظيم تفادياً للإفلاس.
وقال بول سيفرت الذي يعمل في مصنع فورد واين منذ 29 عاماً «هذه الشركة تجني المال على أكتافنا منذ سنوات. أعتقد أن الوقت حان لنحصل على مقابل».
تشمل مطالب النقابة زيادة في الأجور نسبتها 40 في المائة، وهو أمر شدد فين على ضرورته لمواكبة الزيادات التي يحصل عليها الرؤساء التنفيذيون.
أما النقاط الأخرى العالقة فتشمل زيادة الأجور والمخصصات لصغار الموظفين لتقليص الفجوة بينهم وبين أولئك الأكثر خبرة والذين يتلقون حالياً نحو 32 دولاراً في الساعة.
وزادت «جنرال موتورز» عرضها الخميس لترفع الزيادة المقترحة على الأجور إلى 20 في المائة، علماً بأنه سبق للشركة أن عرضت زيادة نسبتها 18 في المائة، بحسب النقابة.
وقالت «جنرال موتورز» في بيان إنها «ستواصل المساومة بحسن نية مع النقابة للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن».