شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤخراً طفرة ملحوظة في صفقات الاندماج والاستحواذ (M&A)، حيث سُجل ما مجموعه 318 صفقة اندماج واستحواذ في المنطقة، بقيمة بلغت 43.8 مليار دولار.
هذا ما أظهرته النسخة الحديثة من تقرير النصف الأول الذي تصدره «أرنست يونغ» حول صفقات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط، والتي أشارت إلى أن غالبية هذه الصفقات، وتحديداً 254 صفقة بقيمة 42.5 مليار دولار، تمت داخل منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
في المقابل، بالمقارنة مع النصف الأول من عام 2022، سُجل انخفاض بنسبة 14 في المائة في عدد الصفقات خلال هذه الفترة مقابل زيادة طفيفة في قيمتها بنسبة 0.4 في المائة.
وتشير «أرنست يونغ» إلى أن سوق الاندماج والاستحواذ في النصف الأول من العام حافظت على تماشيها مع التوجهات التي لوحظت في النصف الأخير من عام 2022، فعلى الرغم من التحديات الاقتصادية السائدة، بما في ذلك أسعار الفائدة المرتفعة، والمخاوف من الركود المحتمل، والبيئة التضخمية، والتوترات الجيوسياسية، استمرت صفقات الاندماج والاستحواذ. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن صانعي الصفقات أظهروا نهجاً حذراً، مع الأخذ في الاعتبار ظروف السوق غير المؤكدة.
وحسب التقرير، «احتلت صناديق الثروة السيادية مثل جهاز أبوظبي للاستثمار و(مبادلة) من الإمارات، إلى جانب صندوق الاستثمار العام السعودي، مركز الصدارة في دفع نشاط الصفقات داخل المنطقة لتعزيز الاستراتيجيات الاقتصادية للبلاد. لعبت هذه الصناديق السيادية دوراً حاسماً في تشكيل مشهد إبرام الصفقات، ومواءمة استثماراتها بشكل استراتيجي مع الأهداف الاقتصادية لبلدانها».
الصفقات العابرة للحدود
أضاف التقرير أن الصفقات العابرة للحدود اكتسبت زخماً كبيراً بين الشركات المتنامية. حيث تمثل 57 في المائة من إجمالي حجم الصفقات و85 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات. يسلط هذا الاتجاه الضوء على تنامي شعبية الصفقات العابرة الحدود، بحيث تسعى الشركات بنشاط للحصول على فرص خارج أسواقها المحلية. وشكّلت الصفقات الصادرة 32 في المائة من إجمالي حجم صفقات الاندماج والاستحواذ و70 في المائة من إجمالي قيمة الصفقة.
وكشف التقرير عن أن الصفقات التي تشمل الكيانات ذات الصلة بالحكومة بلغت قيمتها الإجمالية 29.9 مليار دولار. وهو ما يمثل 68 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات المفصح عنها و19 في المائة من إجمالي حجم الصفقات.
في المقابل، شكَّلت الصفقات المتعلقة بالأسهم الخاصة أو صناديق الثروة السيادية نحو 23 في المائة من إجمالي حجم الصفقات، لكنها استحوذت على 53 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات.
قطاع التكنولوجيا
برز قطاع التكنولوجيا كمساهم كبير في الحجم الإجمالي لصفقات الاندماج والاستحواذ بمساهمة كبيرة قدرها 15 مليار دولار. وكان قطاع المواد الكيميائية قريباً، حيث قدم مساهمة ملحوظة قدرها 11.9 مليار دولار. وتلاه قطاع رعاية مقدمي الخدمات نسبياً بمساهمة قدرها 3.3 مليار دولار، مما خلق فجوة ملحوظة بالمقارنة.
أفضل 10 عمليات اندماج واستحواذ
ذكر التقرير أن أفضل 10 عمليات اندماج واستحواذ تركزت في الإمارات والسعودية. ففي مارس (آذار) 2023، أعلنت شركة إدارة الأصول الأميركية «أبولو غلوبال مانجمنت» و«آسيا» عن خطتهما للاستحواذ على «يونيفار سوليوشنز» التي تتخذ من الإمارات مقراً لها مقابل 8.2 مليار دولار. وفي الشهر نفسه، وقّعت «بلاكستون» مع جهاز أبوظبي للاستثمار اتفاقية نهائية للاستحواذ على شركة «سي فينت» القابضة الإماراتية مقابل 4.7 مليار دولار. وفي أبريل (نيسان) 2023، أعلنت مجموعة «سافيت» للألعاب المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة عن خطتها للاستحواذ على حصة 100 في المائة في شركة «سكوبلي» الأميركية للألعاب مقابل 4.9 مليار دولار.
الصفقات المحلية في الانخفاض
في المقابل، ذكر التقرير أن نشاط الاندماج والاستحواذ المحلي انخفض بنسبة 24 في المائة في النصف الأول من العام مع 138 صفقة، مقارنةً بـ181 صفقة خلال الفترة نفسها من عام 2022.
وشهد قطاع التكنولوجيا أعلى نشاط للصفقات في السوق المحلية حيث بلغ 33 صفقة من حيث الحجم و880 مليون دولار من حيث القيمة المفصح عنها، مقارنةً بـ55 صفقة من حيث الحجم و584 مليون دولار من حيث القيمة المفصح عنها خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ومع ذلك، فإن أكبر صفقة محلية في النصف الأول من العام –استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على «نسما وشركاهم للإنشاءات» مقابل 1.3 مليار دولار- تمت في قطاع العقارات.