أسواق القمح عالقة بين «توتر جيوسياسي» و«اتفاق غائب»

الأسعار تقفز عقب قصف لمخزن أوكراني

مزارع أوكراني يحمل حفنة من القمح في حقل على تخوم العاصمة كييف (أ.ب)
مزارع أوكراني يحمل حفنة من القمح في حقل على تخوم العاصمة كييف (أ.ب)
TT

أسواق القمح عالقة بين «توتر جيوسياسي» و«اتفاق غائب»

مزارع أوكراني يحمل حفنة من القمح في حقل على تخوم العاصمة كييف (أ.ب)
مزارع أوكراني يحمل حفنة من القمح في حقل على تخوم العاصمة كييف (أ.ب)

فيما تترقب الأوساط الاقتصادية ما ستسفر عنه مباحثات من أجل إحياء اتفاق الحبوب الخاص بالبحر الأسود، ارتفعت أسعار القمح في بورصة شيكاغو يوم الأربعاء عقب قصف مخزن للحبوب في أوكرانيا.

وارتفعت العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو بنسبة 0.6 في المائة صباح الثلاثاء، متجهة لتحقيق مكاسب لثاني يوم على التوالي. ومع ذلك، فإن المحاصيل في الدول الكبرى الأخرى، بما في ذلك روسيا نفسها، ضغطت على الأسواق في العام الحالي، حيث انخفضت الأسعار بنحو 20 في المائة منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وجاء ارتفاع الأسعار عقب هجوم بطائرة مسيرة على ميناء رئيسي على نهر الدانوب، مما أدى إلى إلحاق الضرر بصومعة.

وقال نائب رئيس الوزراء الأوكراني أولكسندر كوبراكوف إن هجوما بطائرة مسيرة روسية على ميناء إسماعيل على نهر الدانوب في جنوب البلاد يوم الأربعاء أسفر عن إتلاف 13 ألف طن من الحبوب، وأضاف أن الشحنات كانت ستتوجه إلى مصر ورومانيا.

وذكر كوبراكوف عبر تطبيق تيليغرام أن القدرة التصديرية للميناء انخفضت 15 في المائة بسبب الضربة الروسية، مشيراً إلى أن «روسيا تضرب بشكل ممنهج صوامع الحبوب ومستودعاتها لتعطيل الصادرات الزراعية». ولم يصدر تعليق من روسيا حتى الآن على الضربات الليلية.

وأعلنت أوكرانيا الأربعاء أن الضربات الروسية على موانئها البحرية والنهرية دمّرت 270 ألف طن من الحبوب خلال شهر، بحسب كوبراكوف.

ويتدفق الآن أكثر من 60 في المائة من صادرات المحاصيل الأوكرانية عبر نهر الدانوب، في حين تتدفق باقي الصادرات عبر السكك الحديدية والشاحنات. ويشار إلى أن روسيا تحظر صادرات الحبوب الأوكرانية عبر أوديسا وموانئ البحر الأسود الأخرى منذ منتصف يوليو (تموز) الماضي، بعد انسحابها من اتفاق بشأن الحبوب مع أوكرانيا، كان يحظى بدعم دولي.

وهددت روسيا أيضا السفن التي ترسو في موانئ أوكرانية بسحب كل الضمانات الأمنية السابقة الخاصة بها. وقد تعرضت موانئ على نهر دانوب، بعضها يقع على بعد مئات الأمتار من رومانيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الجهة المقابلة للنهر، للهجمات الجوية عدة مرات.

وفي غضون ذلك، نقلت وكالة (تاس) الروسية عن دبلوماسي تركي القول إن نتائج محادثات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان المزمعة في كييف وموسكو بشأن اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود «ستشكل أساسا» للتوصل إلى اتفاق لاستئناف الاتفاق.

وأضاف الدبلوماسي التركي أن أنقرة ترى أنه من «الضروري استئناف اتفاق تصدير الحبوب بصيغته السابقة مع الأخذ في الاعتبار مطالب» موسكو. وأوضح أن إنجاز الاتفاق على استئناف تصدير الحبوب قد يتم خلال لقاء متوقع خلال الفترة القادمة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وكانت روسيا أعلنت عدم موافقتها على تمديد الاتفاق، الذي انتهى سريانه في 17 يوليو الماضي.

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب عن استعداد روسيا للعودة إلى صفقة الحبوب في حالة الوفاء الحقيقي بالتزامات تجاه الجانب الروسي. ونوّه على هامش كلمته في قمة «بريكس» مساء الثلاثاء، إلى أن روسيا قادرة على تعويض صادرات الحبوب الأوكرانية في ظل الإنتاج الجيد هذا العام. موضحا أن المفاوضات مع الشركاء من أفريقيا بشأن توريد الحبوب المجانية جارية. ووفقا له، كخطوة أولى، قررت روسيا إرسال ما يتراوح بين 25 و50 ألف طن من الحبوب إلى 6 دول أفريقية مجانا، مع توفير التوصيل المجاني لهذه البضائع.

كما صرح مصدر مشارك في عملية التفاوض بشأن «صفقة الحبوب»، بأن تركيا والأمم المتحدة تعملان على تطوير مقترحات للجانب الروسي لاستئناف الصفقة، ولا تزال هناك قضايا إشكالية.

وقال المصدر لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية: «يتم الآن تطوير بعض المقترحات من جانبنا في الاتصال مع الأمم المتحدة. ولكن ليس كل شيء على ما يرام بعد، هناك قضايا لم يتم حلها فيما يتعلق بالقضايا المصرفية، المناقشات جارية».


مقالات ذات صلة

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات بما في ذلك الإمدادات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي خارج مركز توزيع تابع للأمم المتحدة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في جباليا شمال قطاع غزة 24 أغسطس 2024 (رويترز)

مصادر: تراجع المساعدات الغذائية لغزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك رجل يختار حبات من الفواكه في إحدى الأسواق (أرشيفية - رويترز)

أطعمة تساعد على تقليل الالتهابات بصورة طبيعية

يصف بعض الخبراء أحياناً الالتهابات بأنها شر لا بد منه، لأنها تعد الرد الأساسي من الجهاز المناعي للجسم حتى يبقى في دائرة الأمان ويشفى من الأمراض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد إحدى مزارع إنتاج الدواجن في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تُحقق قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول

حققت السعودية قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول من 2024، بتسجيلها رقماً قياسياً بلغ 558 مليون كيلوغرام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تقرير التضخم الخميس يحدد خطوة «الفيدرالي» التالية بشأن الفائدة

صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
صورة رجل تنعكس في النافذة أثناء سيره أمام مبنى مكاتب بالقرب من البنك الدولي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

تنتظر الأسواق بيانات اقتصادية أميركية مهمة خلال الأسبوع المقبل، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك عن شهر سبتمبر (أيلول) ومؤشر أسعار المنتجين. في وقت سيتلقى المستثمرون تعليقات من العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك ميشال بومان، المحافِظة، والمعارِضة الوحيدة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. كما سيصدر الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء محضر اجتماعه في سبتمبر (أيلول).

وقد توفر التعليقات والمحضر المرتقب نظرة ثاقبة للخطوة التالية التي سيتخذها الاحتياطي الفيدرالي في دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

وقال بنك «يو بي إس» إن تقرير مؤشر أسعار المستهلك سيكون الحدث الكبير المقبل للأسواق. وقال كبير خبراء الاقتصاد في بنك «يو بي إس»، بريان روز، في مذكرة: «سيكون مؤشر أسعار المستهلك لشهر سبتمبر بمثابة إصدار بيانات رئيسي. وإذا ارتفعت الأسعار بشكل أسرع من المتوقع بالإضافة إلى بيانات العمل الأقوى، فإن فرص تخطي بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة في اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) ستزداد».

ومن المرجح أن يكون معدل التضخم في الولايات المتحدة والمتوقع صدوره يوم الخميس قد تراجع في نهاية الربع الثالث، وهو ما يطمئن الاحتياطي الفيدرالي الذي يحول المزيد من تركيز سياسته نحو حماية سوق العمل، وفق «بلومبرغ».

فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر، وهو أصغر مكسب له في ثلاثة أشهر. وبالمقارنة بالعام السابق، ربما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 2.3 في المائة، وهو التباطؤ السادس على التوالي والأهدأ منذ أوائل عام 2021.

ومن المتوقع أن يرتفع المؤشر الذي يستبعد فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، والذي يوفر رؤية أفضل للتضخم الأساسي، بنسبة 0.2 في المائة عن الشهر السابق و3.2 في المائة عن سبتمبر 2023.

في أعقاب النمو القوي المفاجئ للوظائف في سبتمبر والذي صدر يوم الجمعة، يشير التباطؤ التدريجي في التضخم إلى أن صناع السياسات سيختارون خفض أسعار الفائدة بشكل أصغر عندما يجتمعون في 6 و7 نوفمبر.

امرأة تتسوق في أحد المحال في كولورادو (أ.ب)

وقد شهدت الولايات المتحدة إضافة 254 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، وهو رقم مذهل، متجاوزاً التقديرات التي كانت تشير إلى إضافة 147 ألف وظيفة. وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة. في حين أظهر متوسط الدخل في الساعة انتعاشاً مع ارتفاع بنسبة 0.4 في المائة على أساس شهري، مما دفع النمو السنوي للأجور إلى 4.0 في المائة.

وكتب محللو «بنك أوف أميركا» أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما أصيب بالذعر الشهر الماضي، وأن خفضاً كبيراً آخر ربما لا يكون مبرراً. وعدل توقعاته لاجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر ليدعو إلى تحرك بمقدار 25 نقطة أساس بعد أن توقع سابقاً 50 نقطة أساس.

وقالت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض لايل برينارد في الإحاطة الأسبوعية، إن «هناك ثقة أكبر بكثير في أن أسعار الفائدة ستنخفض... وأن التضخم سينخفض». أضافت «إنه يوم جيد للعمال والأسر الأميركية. لقد شهدنا خلق أكثر من 250 ألف وظيفة جديدة في شهر سبتمبر. وشهدنا انخفاض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة في وقت عادت فيه معدلات التضخم إلى مستويات ما قبل الجائحة».

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التوقعات التي أصدرها المسؤولون إلى جانب قرارهم بشأن أسعار الفائدة في سبتمبر يشيران إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في الاجتماعين الأخيرين من العام.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

ويتم استخدام مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين لإبلاغ مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، والذي من المقرر إصداره في وقت لاحق من هذا الشهر.

وتتوقع «بلومبرغ» قراءة خافتة لمؤشر أسعار المستهلك في سبتمبر، رغم قراءة أساسية أكثر قوة، مضيفة أنه «إذا ما وضعنا في الحسبان تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي، فمن المرجح أن يكون التضخم الأساسي قد نما بوتيرة تتفق مع الهدف البالغ 2 في المائة». وقالت «في المجمل، لا نعتقد أن التقرير سيفعل الكثير للتأثير على ثقة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في أن التضخم يسير في اتجاه هبوطي دائم».

ومن المتوقع أيضاً أن يُظهِر تقرير أسعار المنتجين يوم الجمعة -وهو مقياس للضغوط التضخمية التي تواجهها الشركات- تضخماً أكثر هدوءاً. وفي اليوم نفسه، تصدر جامعة ميشيغان مؤشرها الأولي لثقة المستهلك لشهر أكتوبر (تشرين الأول).