ما فُرص نجاح «بريكس» في إنهاء هيمنة الدولار عالمياً؟

عشية انطلاق قمتها بجنوب أفريقيا

اجتماع سابق لوزراء خارجية «بريكس» في كيب تاون (رويترز)
اجتماع سابق لوزراء خارجية «بريكس» في كيب تاون (رويترز)
TT

ما فُرص نجاح «بريكس» في إنهاء هيمنة الدولار عالمياً؟

اجتماع سابق لوزراء خارجية «بريكس» في كيب تاون (رويترز)
اجتماع سابق لوزراء خارجية «بريكس» في كيب تاون (رويترز)

يتصاعد الاهتمام الدولي بالقمة المقبلة لمجموعة دول «بريكس»، التي تستضيفها جنوب أفريقيا، خلال الفترة ما بين 22 وحتى 24 أغسطس (آب) الحالي، إذ من المقرر أن تناقش القمة إصدار عملة موحدة لدول التجمع، وتوسيع نطاق العضوية.

وبينما يرى اقتصاديون أن إقرار عملة موحدة لـ«بريكس» قد يمثل «مساسا غير مسبوق» بهيمنة الدولار الأميركي على المعاملات العالمية، يقلل آخرون من سقف التوقعات بشأن قدرة الدول الصاعدة بقوة على الساحة الدولية على إنهاء سطوة العملات الغربية على المعاملات الاقتصادية العالمية، إذ يسيطر الدولار واليورو على نحو 75 في المائة من تلك المعاملات.

وفى أوائل العام الحالي، طرحت روسيا لأول مرة المبادرة، على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، تزامناً مع مرور عام على الحرب الروسية - الأوكرانية والعقوبات الغربية التي طالت موسكو، حيث قال المسؤول الروسى إن «بلاده ستتخلص من النظام المالي الغربي، إلا أن ذلك يحتاج إلى وقت».

وقال لافروف خلال جولة أفريقية في يناير (كانون الثاني) الماضي إن «القمة المقبلة لمجموعة دول (بريكس)، ستناقش إنشاء عملة موحدة لدول المجموعة... الاتجاه الذى تسير فيه المبادرات الحاجة إلى التفكير في إنشاء عملات خاصة داخل مجموعة دول (بريكس)، وداخل مجتمع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي».

وفى يونيو (حزيران) الماضي التقى وزراء خارجية دول «بريكس» في كيب تاون بجنوب أفريقيا تحضيرا لقمة الزعماء المرتقبة، لمناقشة الأدوات التي تمتلكها الكتلة للتخلص من هيمنة النظام الاقتصادي العالمي، وتضمنت المحادثات مناقشة الاستخدام المحتمل للعملات البديلة لحماية بنك التنمية الجديد التابع للكتلة من العقوبات، وإزالة «الدولرة» في التجارة على نطاق أوسع.

وأكد وزراء خارجية «بريكس»، طموح كتلتهم في التنافس مع القوى الغربية، إذ عبروا في تصريحات خلال الجلسة الافتتاحية، عن تطلع الكتلة لعالم متعدد الأقطاب، ودعا وزراء الخارجية إلى «إعادة توازن» النظام العالمي.

وقللت الأستاذ المساعد في جامعة «تافتس» بالولايات المتحدة، ميهايلا بابا، من قدرة دول «بريكس» في الوقت الراهن على فرض «تهديدات جدية» بشأن سيطرة الدولار على المعاملات المالية العالمية. وأوضحت بابا لـ«الشرق الأوسط» أن الدولار لا يزال يمثل «العملة الأكثر استخداما في الاقتصاد العالمي»، مضيفة أنه رغم تنامي حصة دول «بريكس» من التجارة العالمية فإنها «لا تستطيع إلى الآن فرض عملتها الجديدة على الاقتصاد الدولي، بل إن تلك الدول نفسها تحتاج إلى التعامل بالدولار لسداد التزاماتها واستيراد كثير من احتياجاتها».

ولفتت الأستاذ المساعد في جامعة «تافتس» إلى أن ثمة «عقبات إجرائية تحول دون تمكن دول (بريكس) في تهديد هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، ومنها عدم وجود بنك مركزي موحد لإدارة العملة الجديدة، فضلا عن وجود منافسة بين دول (بريكس) نفسها في هذا الشأن»، لافتة في هذا الصدد إلى المنافسة بين الصين والهند على سبيل المثال.

وتقدر جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك «سويفت»، أن الدولار مستخدم في 42 في المائة من معاملات العملات، فيما تبلغ حصة اليورو 32 في المائة من تلك المعاملات، بينما يساهم اليوان الصيني بنحو 2 فقط.

كما يقدر صندوق النقد الدولي أن 59 في المائة من احتياطيات البنوك المركزية العالمية بالدولار، ويشكل اليورو 20 في المائة منها، واليوان 5 في المائة فقط.

من جانبه، يرى الدكتور إسلام شوقي، خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن تنامي تأثير دول «بريكس» على الساحة الدولية يضاعف من الاهتمام العالمي بالعملة المقترحة لتكون أداة للتبادل التجاري بينها.

ويشير شوقي لـ«الشرق الأوسط» في هذا الصدد إلى أن تكتل «بريكس» يمتلك نحو 30 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، و26 من مساحة العالم و43 من تعداد السكان العالم، كما تنتج دول التجمع أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم، وهي كلها عناصر تدفع باتجاه زيادة قدرة «بريكس» على التأثير عالميا.

ويوضح خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أن بعض الدراسات في العالم قد لا تتوقع تأثيرا سريعا لعملة «بريكس» في حالة إقرارها على هيمنة الدولار عالميا، إلا أنه ينبغي الأخذ في الاعتبار التوسع السريع لدول «بريكس»، والاتجاه نحو زيادة الدول الأعضاء في التجمع، إذ يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء حاليا في التجمع حوالي 27 تريليون دولار، وفي حالة انضمام الدول الراغبة في العضوية سيرتفع إلى نحو 32 تريليون دولار وهو رقم مهم في معادلة التجارة العالمية.

ويذهب عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي إلى أن «بريكس بلس» (بعد انضمام دول أخرى إلى التجمع) سيؤثر في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية العالمية، وسيكون وجوده «مؤشرا حقيقيا لبداية حقبة جديدة، ينتهي فيها النظام العالمي الحالي ذو القطب الأحادي، بزعامة الولايات المتحدة وحلفائها»، لافتا إلى تأسيس تجمع «بريكس» مؤسسات اقتصادية بديلة للبنك وصندوق النقد الدوليين كإشارة لاتجاه دول التجمع إلى إيجاد نظام عالمي بديل.

وفي عام 2014، دشن تجمع «بريكس» بنك التنمية الجديد برأس مال أولي قدره 50 مليار دولار، وانضمت إليه اقتصادات نامية وناشئة من خارج التجمع، إذ اكتتبت دول مثل مصر والإمارات وأوروغواي وبنغلاديش عام 2021 فِي أسهم البنك باستثمارات بلغت 10 مليارات دولار.

وكشفت إحصاءات صينية حديثة عن تفوق مجموعة «بريكس» لأول مرة على دول مجموعة السبع الأكثر تقدما في العالم، وذلك بعد أن وصلت مساهمة «بريكس» إلى 31.5 في المائة من الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 للقوى السبع الصناعية الكبرى.


مقالات ذات صلة

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، إلغاء استخدام نظام «سويفت» في التبادلات التجارية الإيرانية واستخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات مع دول «بريكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

TT

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)
ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025، التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بنفقات 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي، وانعكاساً على تغير ديناميكية وهيكلة الاقتصاد في المملكة، حيث تواصل البلاد المضي نحو رحلة «رؤية 2030»، وذلك من خلال تحقيق المستهدفات والمحافظة على المكتسبات.

وتتوقع السعودية إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، وبعجز 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) بانخفاض قدره 12 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن «المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية وأداتها الفعالة، وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز والمستقبل»، وذلك وفقاً لما جاء في مستهل البيان الختامي لميزانية عام 2025.

رحلة «رؤية 2030»

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة، ويُوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدّد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدين متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدين وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

ونوّه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

دعم النمو

وأوضح ولي العهد أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي، بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل «رؤية 2030»؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام المقبل عند 4.6 في المائة، مدفوعةً باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية التي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال عام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني، وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

المملكة تسير على نهجٍ واضح

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة، بما يحقق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها - بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله - عز وجل - ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

زيادة الإنفاق التحولي

وبحسب بيان الميزانية، تسعى الحكومة السعودية إلى مواصلة دعم النمو الاقتصادي وتعزيز مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين من خلال زيادة الإنفاق التحولي، مع الحفاظ على الاستدامة المالية.

وتشير التوقعات إلى استمرار الاقتصاد السعودي في تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال عام 2024، وعلى المدى المتوسط، بفضل الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030». هذه الإصلاحات أسهمت في تنويع القاعدة الاقتصادية، واستغلال فرص النمو المحتمل، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ودعم نمو القطاعات الواعدة.

وبحسب ما ورد في البيان، فإنه على الرغم من التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي بسبب التشديد النقدي لكبح التضخم والتقلبات الجيوسياسية، أظهرت توقعات المنظمات الدولية تفاؤلاً بأداء الاقتصاد السعودي، حيث من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.7 في المائة، ما يعزز هذا الأداء المؤشرات الإيجابية للنصف الأول من العام الحالي، خاصة تلك المرتبطة بالاستهلاك والاستثمار الخاص.

كما انعكس النمو غير النفطي بشكل واضح في سوق العمل، حيث ارتفع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص بنسبة 4.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من عام 2024، بإضافة نحو 92 ألف وظيفة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. هذا الأداء يعكس التزام المملكة بتنفيذ استراتيجياتها لتحقيق نمو مستدام على المدى المتوسط.

التوسع في الإنفاق الاستثماري

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية عام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية، وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج «رؤية المملكة 2030»، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدّد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار ميزانية عام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

ولفت إلى أن اقتصاد المملكة وصل لمرحلة لا تؤثر فيه التقلبات التي تحدث في أسواق النفط كما كانت في السابق.

وزير المالية في مؤتمر صحافي عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية 2025 (الشرق الأوسط)

وقال إن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وكاشفاً نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 154 في المائة منذ إطلاق «رؤية المملكة 2030».

وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

وأفصح عن ارتفاع مساهمة الاستثمار الخاص في الناتج المحلي من 16 في المائة في عام 2016 إلى 24.7 في المائة حالياً، وأن قطاع الصناعة يستهدف جذب 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) استثمارات في عام 2025، وتقديم تسهيلات ائتمانية للمصدرين السعوديين بقيمة 12.3 مليار ريال (3.2 مليار دولار) في العام المقبل، مؤكداً أن السياحة تعدّ ثاني أكثر العوامل تأثيراً على ميزان المدفوعات بعد ‫النفط.

وشدّد على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل. وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية. وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامج تحقيق «رؤية 2030».