«أسعار المنتجين» تعيد إيقاظ قلق التضخم في أميركا

«وول ستريت» تتراجع بعد قراءة أقوى من التوقعات

عامل ينقل بضائع في إحدى الأسواق بمقاطعة برونكس في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)
عامل ينقل بضائع في إحدى الأسواق بمقاطعة برونكس في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)
TT

«أسعار المنتجين» تعيد إيقاظ قلق التضخم في أميركا

عامل ينقل بضائع في إحدى الأسواق بمقاطعة برونكس في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)
عامل ينقل بضائع في إحدى الأسواق بمقاطعة برونكس في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)

فتحت المؤشرات الرئيسية في بورصة «وول ستريت» منخفضة، يوم الجمعة، مع صعود عوائد السندات الأميركية، بفعل بيانات أقوى من المتوقع لمؤشر «أسعار المنتجيني، مما أثّر على أسعار شركات التكنولوجيا العملاقة الحساسة لحركة سعر الفائدة.

وانخفض المؤشر «​داو جونز» الصناعي 64.79 نقطة، أو 0.18 في المائة إلى 35111.36 نقطة، كما تراجع المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بواقع 18.14 نقطة أو 0.44 في المائة إلى 4450.69 نقطة، في حين هبط المؤشر «ناسداك» المجمع 104.34 نقطة أو 0.76 في المائة إلى 13633.65 نقطة.

وقالت وزارة العمل الأميركية، يوم الجمعة، إن مؤشر «أسعار المنتجين» للطلب النهائي ارتفع بنسبة 0.3 في المائة، في شهر يوليو (تموز) الماضي. وجرى تعديل البيانات لشهر يونيو (حزيران) لتُظهر أن مؤشر «أسعار المنتجين» دون تغيير، بدلاً من الارتفاع بنسبة 0.1 في المائة التي جرى الإبلاغ عنها سابقاً.

وفي 12 شهراً حتى يوليو، ارتفع مؤشر «أسعار المنتجين» بنسبة 0.8 في المائة، بعد ارتفاعه بنسبة 0.2 في المائة خلال يونيو. وحدث الانتعاش في المعدل السنوي؛ لأن الأسعار كانت أقل، العام الماضي. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا أن يرتفع مؤشر «أسعار المنتجين» 0.2 في المائة على أساس شهري في يوليو، وأن يتقدم 0.7 في المائة على أساس سنوي.

وقفزت كلفة خدمات الجملة 0.5 في المائة، الشهر الماضي، في أكبر زيادة منذ أغسطس (آب) 2022، وذلك بعد انخفاضها 0.1 في المائة، خلال يونيو.

وارتفع المقياس الأضيق لمؤشر «أسعار المنتجين»، الذي يستبعد الغذاء والطاقة والخدمات التجارية 0.2 في المائة، بعد ارتفاعه 0.1 في المائة، خلال يونيو. وفي الاثني عشر شهراً حتى يوليو، ارتفع ما يسمى مؤشر «أسعار المنتجين» الأساسي 2.7 في المائة، ليضاهي ارتفاع يونيو.

وذكرت الحكومة، يوم الخميس، أن أسعار المستهلكين ارتفعت بشكل معتدل في يوليو، مما يعزز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي» من المرجح أن يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير، الشهر المقبل.

ومنذ مارس (آذار) 2022، رفع «البنك المركزي الأميركي» سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 525 نقطة أساس، لتصل إلى النطاق الحالي بين 5.25 إلى 5.50 في المائة.

وأشارت روبيلا فاروقي، كبيرة الاقتصاديين الأميركيين في «هاي فريكونسي إيكونوميكس»، إلى أن تقرير يوم الجمعة أظهر أن أسعار المنتجين تتجاوز التوقعات، لكنها أضافت أن «التغييرات السنوية لا تزال تُظهر أسعاراً أدنى للمنتجات الرئيسية، وتتجه الأسعار الأساسية نحو 2 في المائة». وأضافت: «بيانات يوليو وحدها لا تشير بالضرورة إلى تغيير في الاتجاه».

وتعتقد فاروقي وعدد من الاقتصاديين ومحللي السوق الآخرين أن رفع سعر الفائدة الأخير من قِبل بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في يوليو قد يكون الأخير، وفق ما نقلته «أسوشيتد برس».

وقبل أن يجتمع «الاحتياطي الفيدرالي»، في الفترة من 19 إلى 20 سبتمبر (أيلول) المقبل، ليقرر ما إذا كان سيستمر في رفع أسعار الفائدة، سيراجع عدداً من التقارير الاقتصادية الإضافية، وتشمل تقريراً شهرياً آخر عن أسعار المستهلك، وهو القراءة الأخيرة لمقياس التضخم المفضل لدى بنك «الاحتياطي الفيدرالي»، وكذلك تقرير الوظائف لشهر أغسطس.

وبدأ التضخم يرتفع في عام 2021 مدفوعاً بانتعاش قوي غير متوقع من الركود الذي تزامن من جائحة «كورونا» عام 2020. وبحلول يونيو 2022، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 9.1 في المائة، مقارنة بالعام السابق، وهي أكبر قفزة من نوعها منذ 4 عقود. ونتج كثير من تسارع الأسعار عن انسداد سلاسل التوريد.

وكانت النتيجة تأخيرات ونقص قطع الغيار وارتفاع الأسعار، ولكن تراجعت حِدة الأعمال المتراكمة في سلسلة التوريد، خلال العام الماضي، مما أدى إلى انخفاض حاد في الضغط التصاعدي على أسعار السلع. وفي الواقع، انخفضت أسعار السلع المصنّعة طويلة الأمد، في يونيو الماضي، مقارنة بعام سابق.

وبالتزامن مع نشر بيانات أسعار المنتجين، أظهر مسحٌ، يوم الجمعة، أن ثقة المستهلكين الأميركيين تراجعت في أغسطس الحالي، لكن الأميركيين توقعوا أن ينخفض التضخم، خلال العام المقبل وما بعده.

وجاءت القراءة الأولية لجامعة ميشيغان حول المؤشر العام لثقة المستهلك عند مستوى 71.2 نقطة، هذا الشهر، مقارنة بمستوى يبلغ 71.6 نقطة خلال يوليو. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا قراءة أولية عند 71.0 نقطة.

وقالت جوان هسو، مديرة استطلاعات المستهلكين بجامعة ميشيغان، في بيان: «بشكل عام، لاحظ المستهلكون قليلاً من الاختلافات المادية في البيئة الاقتصادية عن الشهر الماضي، لكنهم شهدوا تحسينات كبيرة، مقارنة بما كان عليه قبل 3 أشهر فقط».

وتراجعت قراءة المسح لتوقعات التضخم لسنة واحدة إلى 3.3 في المائة، هذا الشهر، من مستوى 3.4 في المائة خلال يوليو، مما يدل على الاستقرار لـ3 أشهر متتالية. وانخفضت توقعات التضخم لـ5 سنوات إلى 2.9 في المائة، من 3.0 في المائة خلال الشهر السابق، وبقيت في النطاق الضيق بين 2.9 إلى 3.1 في المائة، خلال 24 شهراً من بين آخر 25 شهراً.

وحوَّم الذهب قرب أدنى مستوياته في شهر، يوم الجمعة، متجهاً لتسجيل ثالث خَسارة أسبوعية، مع صعود الدولار وعوائد السندات الأميركية، بعدما أظهرت بيانات ارتفاع أسعار المنتجين في الولايات المتحدة خلال يوليو.

وبعد هبوط أسعار الذهب في المعاملات الفورية لأدنى مستوياتها، منذ السابع من يوليو، لم يطرأ عليها تغير يُذكَر لتبلغ 1913.39 دولار للأوقية (الأونصة)، بحلول الساعة 1336 بتوقيت غرينتش. وخسر الذهب 1.4 في المائة، منذ بداية الأسبوع الحالي. وتراجعت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.2 في المائة إلى 1945.50 دولار.

وزاد الدولار أمام منافسيه، ويتجه إلى تحقيق مكاسب، للأسبوع الرابع على التوالي، وهو ما يجعل الذهب أغلى ثمناً لحاملي العملات الأخرى. وارتفع عائد سندات الخزانة القياسية لأجل عشر سنوات إلى 4.152 في المائة.

وعادةً ما ترفع الزيادات في أسعار الفائدة عائدات السندات، ومن ثم تزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدرّ عائداً.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 22.72 دولار للأوقية، وهبط البلاتين 0.2 في المائة إلى 904.99 دولار، ويتجه المعدنان إلى تسجيل خسائر للأسبوع الرابع على التوالي، بينما ارتفع البلاديوم 0.2 في المائة إلى 1289.53 دولار.


مقالات ذات صلة

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

أشاد الرئيس جو بايدن، الخميس، بأرقام النمو القوية، وأوضح أنها تؤكد أن الولايات المتحدة لديها «الاقتصاد الأقوى في العالم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك التي تترقب بيانات مهمة هذا الأسبوع (أ.ب)

المستثمرون يترقبون بيانات الناتج المحلي والتضخم الأميركية هذا الأسبوع

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الثاني وأرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عن كثب.

«الشرق الأوسط» (عواصم: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

ارتفع سهم شركة «ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب» بأكثر من 50 في المائة خلال معاملات ما قبل افتتاح بورصة «ناسداك» لجلسة يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجدعان: السعودية تدعم تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
TT

الجدعان: السعودية تدعم تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون

وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أيمن السياري خلال اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين (وزارة المالية)

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان على أهمية معالجة الديون في البلدان منخفضة الدخل التي تمر بضائقة ديون عالية، مشيراً إلى دعم المملكة لجهود تعزيز تطبيق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون، وذلك لمواجهة التحديات التي تفرضها الديون على الاستدامة المالية واستقرار الاقتصاد الكلي. كلام الجدعان جاء في خلال الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين الذي انعقد خلال الفترة 25 و26 يوليو (تموز) تحت رئاسة البرازيل، في جلسة بعنوان «التمويل التنموي». وكان تم إطلاق مبادرة الإطار المشترك لمعالجة الديون من قبل مجموعة العشرين خلال رئاسة المملكة للمجموعة عام 2020؛ بهدف تخفيف الديون عن الدول الأكثر احتياجاً. وقال الجدعان إنه، ورغم التعافي الملحوظ في الاقتصاد العالمي، فإنه لا يزال أقل من مستوياته المأمولة، مسلّطاً الضوء على مكاسب التخطيط الاقتصادي بعيد المدى الذي تنعم به المملكة في ظل «رؤية2030»، كما أكّد أهمية التعاون متعدد الأطراف في التصدي للتحديات العالمية. وأشار إلى أن التمويل المستدام يتطلب العمل المنسق مع الأخذ بالاعتبار تطلعات الدول النامية للتقدم الاقتصادي، مؤكداً أهمية السماح للبلدان بتنفيذ نهج يتماشى مع سياساتها وإجراءاتها الوطنية، وأن تشمل الحلول المطروحة تقنيات احتجاز الكربون، وذلك خلال جلسة عنوانها «إتاحة التمويل لتحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة». وأكد أن أهم عوامل استقرار ومتانة الاقتصادات ضد الصدمات العالمية هما التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والتنويع الاقتصادي، وهما ما تنعم بهما المملكة في ظل رؤيتها 2030.

هيكلة الديون

من جهته، رحب محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري، بالتقدم المحرز في إعادة هيكلة الديون للدول منخفضة الدخل، وأكّد على دور المملكة في دعم الجهود الرامية إلى معالجة التحديات التي تواجه الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي الكلي، بالإضافة إلى ضرورة رأس المال الخاص لتحقيق التنمية المستدامة، خلال جلسة بعنوان «تمويل التنمية: العلاقة بين تدفقات رأس المال والديون العالمية وإصلاحات بنوك التنمية متعددة الأطراف». وذكر السياري أنه يتعين على دول مجموعة العشرين مواصلة العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تفادياً لأي تداعيات سلبية قد تترتب في حال عدم تحقيق ذلك.

تنمية مستدامة

وأشار السياري خلال حديثه، إلى أن رأس المال الخاص ضرورة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وأن بنوك التنمية متعددة الأطراف تؤدي دوراً هاماً في جذب الاستثمارات. وتابع «ونرحب بتركيز خارطة طريق مجموعة العشرين على جعل بنوك التنمية متعددة الأطراف تعمل كنظام متماسك ومرن، لتلبية احتياجات كل دولة مع الأخذ في الاعتبار التحديات العالمية». وأفاد السياري بأن لكل بنك من بنوك التنمية متعددة الأطراف خصائص مختلفة من الفرص والتحديات، وينبغي لكل بنك أن يصمم نهجه الخاص المناسب لتحقيق مهامه، وتعزيز كفاءته التشغيلية، وتفعيل قدرته المالية. وذكر أن المملكة تواصل دعم تنفيذ توصيات إطار العمل المشترك بين بنوك التنمية متعددة الأطراف لتحسين ميزانياتها العمومية.