مصر والسعودية للاستحواذ على ثلث سوق الهيدروجين الأخضر في أوروبا وآسيا

رئيس «هيدروجين مصر» لـ«الشرق الأوسط»: أدعو البلدين لوضع قواعد القطاع في المنطقة

السفينة التي نقلت أول شحنة هيدروجين مسال في العالم من ملبورن الأسترالية إلى اليابان (غيتي)
السفينة التي نقلت أول شحنة هيدروجين مسال في العالم من ملبورن الأسترالية إلى اليابان (غيتي)
TT

مصر والسعودية للاستحواذ على ثلث سوق الهيدروجين الأخضر في أوروبا وآسيا

السفينة التي نقلت أول شحنة هيدروجين مسال في العالم من ملبورن الأسترالية إلى اليابان (غيتي)
السفينة التي نقلت أول شحنة هيدروجين مسال في العالم من ملبورن الأسترالية إلى اليابان (غيتي)

دعا رئيس مجلس إدارة شركة «هيدروجين مصر» المهندس خالد نجيب، مصر والسعودية لوضع أسس سوق الهيدروجين في المنطقة، لضمان حصة سوقية مؤثرة في هذا القطاع الواعد، في ظل الاهتمام الأوروبي باستيراد الطاقة من القاهرة واعتماد آسيا على طاقة الرياض.

وقال نجيب في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن تكامل مصر والسعودية في أسواق الهيدروجين يضمن تقريبا ثلث الحصة السوقية في السوق الأوروبية والآسيوية، بما يصل إلى 50 - 100 مليار دولار سنوياً، خلال مدة تتراوح بين 3 و5 سنوات.

في عام 2020، تم تقييم سوق الهيدروجين العالمية بنحو 150 مليار دولار، وسط توقعات ببلوغها 600 مليار دولار بحلول عام 2050. في حين قيمها رئيس «هيدروجين مصر» عند 200 إلى 300 مليار دولار حالياً.

يرى نجيب أن مصر تمتلك استدامة لإنتاج الطاقة المتجددة، من خلال الشمس والهواء، فضلا عن البنية التحتية والموانئ والقرب الجغرافي من أوروبا والطاقة البشرية، مما يقلل من تكاليف إنتاج الهيدروجين، مشيرا هنا إلى أن أوروبا تحتاج سنوياً إلى 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، تستورد منها 10 ملايين طن على الأقل من خارج دول الاتحاد الأوروبي، وفق آخر الدراسات الأوروبية.

كما يرى أن السعودية تمتلك أيضاً الشمس والهواء، والبنية التحتية والموانئ والقرب الجغرافي من دول آسيا، بالإضافة إلى الوقود الأحفوري، الذي يعد مكونا مهما لإنتاج الهيدروجين، مما يجعلها العميل المفضل لآسيا لشراء الهيدروجين الأخضر.

و«بالنظر إلى أن سوق الهيدروجين الأخضر، ناشئة وواعدة في الوقت نفسه، فإن تكامل دولتين بحجم مصر والسعودية في هذا القطاع، يضمن حصة مؤثرة في هذه السوق، ويعطي زخما للاتفاقيات الدولية ومذكرات التفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر»؛ وفق نجيب.

وقال: «التكامل بين الدولتين يقلل من أي تداعيات مستقبلية قد تطرأ نتيجة التغير المناخي»، غير أنه أشار في هذا الصدد، إلى عدم وجود مقاييس موحدة أو أب شرعي يحكم سوق الهيدروجين الأخضر حتى الآن، مثل منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) التي تنظم سوق النفط حول العالم، وهو ما «يستوجب التكامل بين مصر والسعودية من أجل تبني هذا القطاع الواعد في المنطقة».

وأشار إلى أن الولايات المتحدة أعلنت عن حوافز كبيرة لمن يستثمر في الطاقة المتجددة على أراضيها، وأوروبا خلصت دراساتها إلى أن السوق الأوروبية تحتاج إلى 10 ملايين طن هيدروجين أخضر وأمونيا خضراء بمواصفات محددة، وتساءل هنا: «لماذا لا تضع مصر والسعودية السياسات والمواصفات الفنية وطرق الإنتاج والتخزين، ومن هنا سيكون من حقهما المشاركة في التسعير».

وأكد على أن «التكاتف بين مصر والسعودية يضمن أكبر حصة في سوق الهيدروجين الأخضر. وسيتكون محور طاقة جديد في 3 قارات، أفريقيا وآسيا وأوروبا، تقوده مصر والسعودية».

أمين الناصر الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو السعودية» مع رئيس شركة «إير برودكتس» خلال افتتاح أول محطة للتزود بخلايا الوقود الهيدروجينية في البلاد (الشرق الأوسط)

ودعا هنا الدولتين، مصر والسعودية، إلى تعزيز وسائل النقل لخدمة القطاع مستقبلا، والاستثمار في إنشاء أنابيب تربط بين مصر والسعودية ودول أوروبية، وأخرى آسيوية، لنقل الهيدروجين من خلالها، فضلا عن الاستثمار في تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين. وقال: «أدعو السعودية للاستثمار في تكنولوجيا نقل الأمونيا الخضراء والهيدروجين... والبنية التحتية، والاهتمام بالدراسات حول الهيدروجين الممزوج بالوقود (LOHC)».

يشهد قطاع الطاقة في السعودية استثمارات بقيمة 8.5 مليار دولار لتطوير أكبر منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً. وتعمل شركة «نيوم للهيدروجين الأخضر» على تطوير وتنفيذ مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر، وتعد الشركة ثمرة تعاون بين «أكوا باور» و«إير برودكتس» و«نيوم»، ومن المتوقع أن يبدأ المشروع بإنتاج الهيدروجين الأخضر المستمد بنسبة 100 من الطاقة النظيفة بحلول عام 2026.

التحرك المصري

يرى نجيب أن مصر تتحرك بخطوات ثابتة لضمان حصة مؤثرة في أسواق الهيدروجين الأوروبية، من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعتها منذ مؤتمر الأطراف المعني بالمناخ «كوب 27» نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 وحتى الآن، وتوقع أن «تحصل مصر على 5 مليارات دولار سنوياً من سوق الهيدروجين الأوروبية خلال الـ5 سنوات المقبلة. وهذا سيناريو متحفظ».

وتستهدف مصر إنتاج 5 ملايين و800 ألف طن سنويا بحلول 2024، على أن يخصص 3 ملايين و800 ألف طن للتصدير سنويا، وهو ما يمثل 5 في المائة من سوق الهيدروجين الأخضر في العالم.

وقال نجيب إن «أوروبا بدأت تجهيز موانئ بالفعل لاستقبال شحنات الهيدروجين مستقبلا، مثل موانئ نوتردام وأمستردام وهامبورغ»، مشيرا إلى أن بعض الدول الأوروبية مثل «ألمانيا أنشأت مفهوما جديدا بعد أزمة الطاقة سمي (دبلوماسية الهيدروجين)، وهو معني بتوقيع اتفاقيات مع الحكومات والشركات من خارج الدولة لضمان استدامة الطاقة مستقبلا، وأنشأت أيضا (هيدروجين بنك)، حتى تدعم المشروعات في الدول التي توقع معها الاتفاقيات». وأضاف «لا يوجد بديل لأوروبا... الهيدروجين هو الحل للحد من الاعتماد على الغاز الروسي».


مقالات ذات صلة

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)

«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

رغم حرارة الطقس، كان زوار سوق «ديانا» يتدفقون ويتحلقون حول المعروضات التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة.

منى أبو النصر (القاهرة )
شمال افريقيا اتفقت مصر وقطر على تنسيق الجهود لمجابهة التحديات بالمنطقة (المتحدث العسكري المصري)

مصر وقطر لتعزيز التعاون العسكري عبر التدريب وتبادل الخبرات

تُعزز مصر وقطر تعاونهما العسكري عبر التدريب وتبادل الخبرات. واتفقت القاهرة والدوحة على تنسيق الجهود لمجابهة التحديات بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال إلقاء بيان الحكومة أمام البرلمان في وقت سابق (مجلس الوزراء المصري)

برلمان مصر لمناقشة قانون «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»

من المقرر أن تستمر مناقشات تعديلات مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» من الأحد حتى الثلاثاء عبر ثلاث جلسات يومياً بحضور ممثلين عن جهات عدة معنية بالقانون.

أحمد عدلي (القاهرة)

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
TT

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)

من المقرر أن تدفع بروكسل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نحو إصلاح جذري لموازنتها المشتركة البالغة 1.2 تريليون يورو، وربط المدفوعات بالإصلاحات الاقتصادية بدلاً من تعويض البلدان الأكثر فقراً بشكل تلقائي.

وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز»، ستبدأ المحادثات بشأن الجولة التالية من الموازنة طويلة الأجل في الخريف، مما سيشكل انطلاقة لواحدة من أكثر مفاوضات السياسة تعقيداً وتوتراً في الاتحاد الأوروبي. وستكون إحدى التغييرات الأكثر إثارة للجدال التي تسعى إليها المفوضية الأوروبية هي إعادة تنظيم القواعد التي تحكم ما يسمى صناديق التماسك، والتي توزع عشرات المليارات من اليورو سنوياً لسد الفجوة الاقتصادية بين الأجزاء الأكثر ثراءً والأفقر في الاتحاد.

يزعم أنصار التغييرات أن ربط الإصلاحات، مثل التغييرات في معاشات التقاعد أو الضرائب أو قوانين العمل، بالمدفوعات سيجعل الإنفاق أكثر فاعلية وتأثيراً. وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي المطلعين على العمل الأولي لموازنة 2028 - 2034 إن ما يسمى الدول المتلقية الصافية، أي الدول الأعضاء التي تتلقى من الموازنة أكثر مما تضع فيها، «بحاجة إلى فهم أن العالم، حيث تحصل على مظروف من تمويل التماسك من دون شروط... رحل».

أقر مسؤول ثانٍ في الاتحاد الأوروبي بأن التحول سيكون «لحظة حاسمة إلى حد كبير». ولكن من المرجح أن يثير مثل هذا التغيير خلافاً شديداً بين الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، والتي يجب أن تقضي الآن سنوات في محاولة التوصل إلى اتفاق بالإجماع بشأن حجم الموازنة المشتركة وما يجب إنفاقها عليه.

هل يحصل التمديد؟

في ظل التحديات التي تتراوح من الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تجهيز اقتصادها للتنافس مع الصين والولايات المتحدة، تكافح بروكسل لتمديد موازنتها الحالية، التي تستمر حتى عام 2028. وفقاً للموازنة الحالية، يذهب نحو ثلثها نحو سد الفجوات بين المناطق الأكثر فقراً والأكثر ثراءً ويتم دفع ثلث آخر في شكل إعانات زراعية. وينقسم الباقي بين تمويل البحوث ومساعدات التنمية وتكلفة تشغيل آلية الاتحاد الأوروبي.

ستحاكي بنود الشرط المقترح هذا المرفق بصندوق الاتحاد الأوروبي البالغ 800 مليار يورو في عصر الوباء، والذي صرف الأموال على أساس البلدان التي تنفذ إصلاحات واستثمارات متفق عليها مسبقاً. وقد شملت هذه الإصلاحات إصلاح سوق العمل في إسبانيا، والتغييرات التي طرأت على نظام العدالة في إيطاليا، وتكييف نظام التقاعد في بلجيكا. ولكن الوصول إلى صناديق التماسك يُنظَر إليه بوصفه مقدساً من قِبَل كثير من الدول في وسط وشرق أوروبا التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بوعد بدفع مبالغ في مقابل فتح اقتصاداتها أمام المستثمرين من أوروبا الغربية.

ووفقاً لدراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني، فإن المجر وسلوفاكيا ودول البلطيق هي الدول الخمس الأولى المتلقية الصافية لصناديق التماسك بنسبة مئوية من الدخل الوطني.

ومن المرجح أن تعارض الحكومات في هذه البلدان أي تحركات ترى أنها قد تحد من مدفوعاتها. ومع ذلك، فإن البلدان التي تدفع أكثر لموازنة الاتحاد الأوروبي مما تحصل عليه هي أكثر دعماً. وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إن «الطريقة الوحيدة تقريباً لإقناع الدافعين الصافيين بالمساهمة أكثر هي فرض المزيد من القيود على المتلقين».

وتبدأ المحادثات بشأن الميزانية الموازنة في الخريف، ومن المتوقع تقديم اقتراح رسمي في عام 2025.

كما يمكن للمفوضية الأوروبية فرض تغييرات كبيرة على طريقة تجميع تدفقات التمويل، والتحول من عدد كبير من البرامج إلى «خطة» بلد واحد. وهي تدرس تغييرات أخرى، بما في ذلك ما إذا كان ينبغي تقصير مدة الموازنة المشتركة من سبع إلى خمس سنوات.

وقال المؤيدون في المفوضية إن الإصلاحات الشاملة من شأنها أن تجعل الموازنة أكثر كفاءة في تلبية الأولويات مثل تغير المناخ، وتعزيز الصناعة المحلية، والاستجابة للأزمات غير المتوقعة.

وقال مسؤول ثالث في الاتحاد الأوروبي: «الطريقة التي نتفق بها على موازنة الاتحاد الأوروبي بها كثير من الجمود المدمج... نحن بحاجة إلى أن نكون أقرب إلى الواقع».

ومع ذلك، يعتقد كثير من مجموعات المصالح الخاصة والسلطات الإقليمية أن التغييرات تشكل زحفاً للمهمة من قبل المفوضية. وقالت لوبيكا كارفاسوفا، نائبة رئيس لجنة التنمية الإقليمية في البرلمان الأوروبي، رداً على خطط التغييرات على تدفقات التمويل: «هناك مخاوف واسعة النطاق بين كثير من مناطق الاتحاد الأوروبي حول ما قد يعنيه هذا النوع من التحول لتمويلها الحاسم».

في الوقت الحالي، يتم تمويل موازنة الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير من قبل البلدان؛ وفقاً لوزنها الاقتصادي، مقسمة بين الدافعين الصافين والمستفيدين الصافين. تاريخياً، تبلغ قيمتها نحو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. ويزعم بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن الموازنة غير كافية للتعامل مع التحديات الكثيرة التي يواجهها الاتحاد، وتتطلب مزيداً من الأموال من العواصم. وقال نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية فالديس دومبروفسكيس لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «لا يوجد شيء، من الناحية القانونية، يمنع موازنة الاتحاد الأوروبي من أن تكون أكبر من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي».