ركود فصلي لـ«قاطرة اليورو»... وتوقعات مستقبلية قاتمة

مطالبات عمالية بفرض ضرائب على «الأرباح الهائلة» للشركات

مسافرون في مطار شتوتغارت الألماني يتأهبون للمغادرة فيما تزداد التوقعات الاقتصادية قتامة (ا ف ب)
مسافرون في مطار شتوتغارت الألماني يتأهبون للمغادرة فيما تزداد التوقعات الاقتصادية قتامة (ا ف ب)
TT

ركود فصلي لـ«قاطرة اليورو»... وتوقعات مستقبلية قاتمة

مسافرون في مطار شتوتغارت الألماني يتأهبون للمغادرة فيما تزداد التوقعات الاقتصادية قتامة (ا ف ب)
مسافرون في مطار شتوتغارت الألماني يتأهبون للمغادرة فيما تزداد التوقعات الاقتصادية قتامة (ا ف ب)

سجَّل الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا ركوداً في الربع الثاني من هذا العام مقارنةً بالربع السابق عليه، حسبما أعلن «مكتب الإحصاء الاتحادي»، اليوم (الجمعة)، استناداً إلى تقديرات أولية. ووفقاً لخبراء اقتصاد، أصبحت التوقعات للأشهر المقبلة أكثر قتامة أيضاً.

وفي نصف العام الشتوي، انزلق الاقتصاد الألماني إلى ركود تقني أو قصير الأجل بعد تسجيل تراجع في الناتج المحلي الإجمالي على مدار رُبعَيْن متتاليَيْن. وكان أحد الأسباب المهمة لذلك هو التضخم المرتفع، الذي أدى على وجه الخصوص إلى إضعاف ميل الأسر للإنفاق، ما أدى إلى إثقال كاهل الاقتصاد.

ووفقاً للبيانات الأولية لمكتب الإحصاء، استقر الإنفاق الاستهلاكي للأسر في الربع الثاني بعد ضعف في نصف العام الشتوي.

وتتوقع معاهد بحوث اقتصادية وعديد من خبراء الاقتصاد في البنوك انكماشاً طفيفاً لأكبر اقتصاد في أوروبا خلال العام بأكمله. ويتوقع «البنك المركزي الألماني» أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي هذا العام بنسبة 0.3 في المائة. كما توقع «صندوق النقد الدولي» مؤخراً انخفاضاً بالمقدار ذاته.

وفي ضوء التضخم المرتفع، طالب اتحاد النقابات العمالية في ألمانيا بفرض ضرائب على الأرباح الهائلة للشركات وتخفيض أسعار الطاقة بشكل كبير.

وقالت رئيسة الاتحاد ياسمين فهيمي في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية» في برلين: «لدينا أيضاً تضخم مدفوع بالأرباح... يجب أن تبدأ السياسة هنا بفرض رسوم على الأرباح الزائدة وفي الوقت ذاته تحديد سقف لأسعار الطاقة التي تجعل المنتجات باهظة الثمن بلا داعٍ»، موضحةً أن معدل التضخم المرتفع يرجع أيضاً إلى أسعار الطاقة المرتفعة للغاية.

وأشارت فهيمي إلى تباين كبير في الوضع بين القطاعات، وقالت: «تواجه العديد من الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة مشكلة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في ألمانيا، ما يعني عدم القدرة على تحمل المنافسة الدولية»، موضحة أن هذا ينطبق أيضاً على العديد من الشركات متوسطة الحجم.

وقالت فهيمي: «في الوقت نفسه هناك ارتفاع كبير في أرباح الشركات في بعض القطاعات التي تستمر في تأجيج التضخم... الأسعار هناك ارتفعت بشكل كبير متجاوز لزيادة التكلفة»، مشيرة إلى أن هذه التطورات البارزة في الأسعار والأرباح تتجلى بشكل خاص في قطاعات الزراعة والبناء وتجارة التجزئة والضيافة والنقل، وتمثل ما يصل إلى 45 في المائة من معدل التضخم المحلي.

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، انتهى سريان الضريبة على ما يُسمى بالأرباح العشوائية التي جناها بعض منتجي الكهرباء خلال أزمة الطاقة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وكانت هذه الأرباح العشوائية أعلى بكثير من الأرباح المتوقَّعة للشركات.

وفيما يتعلق بأسعار الطاقة، دعا وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك مؤخراً إلى تمديد مكابح أسعار الكهرباء والغاز حتى عيد القيامة عام 2024. ووفقاً للوضع الحالي، ستنتهي صلاحية مكابح أسعار الطاقة بحلول نهاية هذا العام.

من ناحية أخرى، حذرت فهيمي من تراجع الإنتاج الصناعي، وقالت: «لن يكون من الممكن إنتاج بطاريات ورقائق وخلايا كهروضوئية وتوربينات رياح في ألمانيا على المدى الطويل وبنجاح دون توفر المنتجات الأولية اللازمة مثل البلاستيك والصلب والنحاس والزجاج والألومنيوم... هذه صناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وتعاني بشدة من أسعار طاقة غير تنافسية حالياً في هذا البلد».

لذلك دعت فهيمي إلى تطبيق اقتراح هابيك الخاص بسعر الكهرباء في قطاع الصناعة، وقالت: «من أجل أن يكون لهذه الصناعات فرصة ومستقبل في بلادنا، يجب كبح أسعار الطاقة المرتفعة بشكل مفرط، على الأقل لفترة انتقالية»، مشيرة إلى أن الأمر سوف يستغرق ما لا يقل عن 5 إلى 7 سنوات أخرى قبل تنفيذ التوسع في الطاقة المتجددة وضمان أسعار طاقة أكثر اعتدالاً مرة أخرى.

وقالت: «هذه هي المدة التي نحتاج فيها إلى حل مرحلي متمثل في سعر خاص للكهرباء المستخدمة في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة... في المقابل، يجب أن تكون الشركات ملزمة بالبقاء موالية لمواقعها، والعمل بموجب اتفاقيات جماعية، والاستثمار في التحول إلى الحياد المناخي»، مطالِبةً الائتلاف الحاكم بأكمله بالالتزام بهذا المسار.

وتجدر الإشارة إلى أن الحزب الديمقراطي الحر، الشريك في الائتلاف الحاكم، يرفض تحديد سعر كهرباء مدعوم من الدولة للقطاع الصناعي.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.