ثقة المستهلك البريطاني تتهاوى... والإيجارات إلى مستويات غير مسبوقة

تزايد احتمالات رفع «بنك إنجلترا» للفائدة

الحي المالي في العاصمة البريطانية لندن التي تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في الإيجارات وسط ضغوط التضخم وارتفاع الفائدة (رويترز)
الحي المالي في العاصمة البريطانية لندن التي تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في الإيجارات وسط ضغوط التضخم وارتفاع الفائدة (رويترز)
TT

ثقة المستهلك البريطاني تتهاوى... والإيجارات إلى مستويات غير مسبوقة

الحي المالي في العاصمة البريطانية لندن التي تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في الإيجارات وسط ضغوط التضخم وارتفاع الفائدة (رويترز)
الحي المالي في العاصمة البريطانية لندن التي تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في الإيجارات وسط ضغوط التضخم وارتفاع الفائدة (رويترز)

تزايدت احتمالات رفع بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) للفائدة في اجتماعه المقبل، مع بقاء حجم العجز والديون الحكومية حول أعلى معدلاتها رغم تحسنها في الشهر الماضي... وذلك على الرغم من تهاوي ثقة المستهلكين وتزايد الضغوط على كاهل الأسر بشكل غير مسبوق نتيجة للتضخم والفائدة المرتفعة.

وتراجعت ثقة المستهلك في بريطانيا خلال يوليو (تموز) الحالي، وذلك للمرة الأولى منذ 6 أشهر، في ظل ارتفاع الأسعار على نحو يهدد ماليات الأسر بالبلاد.

وذكرت مؤسسة «جي إف كيه» للدراسات التسويقية أن مؤشرها لثقة المستهلك تراجع بواقع 6 نقاط في يوليو ليصل إلى سالب 30 نقطة، في أكبر تراجع للمؤشر خلال 15 شهراً، وأدنى قراءة له منذ أبريل (نيسان) الماضي. وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت وكالة «بلومبرغ» للأنباء آراءهم يتوقعون تراجع المؤشر إلى سالب 25 نقطة.

ونقلت «بلومبرغ» عن جوي ستاتون، مدير استراتيجيات العملاء في مؤسسة «جي إف كيه» قوله: «لقد بدأ الواقع يلقي بظلاله، وما زال الناس يكافحون لتلبية احتياجاتهم، وسوف يحجم المستهلكون عن الإنفاق». وأضاف: «إنها أنباء سيئة... الناس يشعرون بأوجاع اقتصادية».

وتكشف بيانات مؤسسة «جي إف كيه» المخاوف بشأن الشؤون المالية الشخصية والوضع الاقتصادي بشكل عام، إذ تراجعت معدلات الثقة على مدار العام الماضي، وتسود توقعات بأن هذا الاتجاه سوف يستمر.

وبالتزامن مع تراجع الثقة، ارتفع متوسط الإيجارات في العاصمة البريطانية لندن بوتيرة غير مسبوقة خلال الربع الثاني من العام الحالي، وذلك بعد أن اضطرت الزيادة في أسعار الرهن العقاري، أصحاب العقارات، إلى زيادة قيمة الإيجارات.

وذكرت «بلومبرغ» أن متوسط قيمة الإيجارات في لندن يبلغ حالياً 2567 جنيهاً إسترلينياً (3310 دولارات) شهرياً، بزيادة 13.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، و28 في المائة مقارنة بالفترة نفسها عام 2019 قبل تفشي جائحة «كورونا».

أما خارج لندن، فبلغ متوسط قيمة الإيجارات 1231 جنيهاً إسترلينياً شهرياً، في وتيرة غير مسبوقة أيضاً، وبزيادة أكثر من 30 في المائة مقارنة بمعدلات 2019، وزيادة 9.3 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

وتضيف الزيادة في أسعار الإيجارات الضغوط على الأسر البريطانية، وقد تمثل مشكلة شائكة للأحزاب السياسية الرئيسية قبيل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها العام المقبل.

ونقلت «بلومبرغ» عن أليسون تومسون، المسؤولة في مؤسسة «ليدرز رومان غروب» للتسويق العقاري، قولها إن «الفكرة التي تهيمن على الأسواق هي قلة المعروض وزيادة الطلب».

جدير بالذكر، أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، يواجه اتهامات بالتسبب في تفاقم أزمة العقارات للتراجع عن خطط بناء بسبب مقاومة من أعضاء حزب المحافظين الذي ينتمي إليه.

لكن على الجانب الآخر، ورغم زيادة الضغوط على الأسر بشكل غير مسبوق، فقد ساهمت موجة الطقس الحار التي اجتاحت بريطانيا الشهر الماضي في زيادة مبيعات التجزئة بالبلاد، فقد خرج المستهلكون إلى الأسواق والمتاجر، وأنفقوا على شراء السلع المختلفة من المواد الغذائية إلى الأثاث.

وذكر مكتب الإحصاء البريطاني أن حجم مبيعات التجزئة من خلال المتاجر ومواقع التسوق على الإنترنت ارتفع الشهر الماضي بنسبة 0.7 في المائة، مقابل زيادة نسبتها 0.1 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وأفادت «بلومبرغ» بأن خبراء الاقتصاد كانوا يتوقعون زيادة مبيعات التجزئة الشهر الماضي بنسبة شهرية تبلغ 0.2 في المائة.

وأظهر تقرير منفصل أن ماليات وزارة الخزانة البريطانية تشهد أيضاً حالة من التحسن أفضل من التوقعات، فقد تراجع صافي معدلات اقتراض القطاع الحكومي خلال مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، كما بلغ حجم العجز في يونيو 18.5 مليار جنيه إسترليني (23.9 مليار دولار)، بينما كان من المتوقع أن يصل العجز إلى 22 مليار جنيه إسترليني.

وتعزز هذه البيانات فرص رفع بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) أسعار الفائدة بشكل أكبر، وسط مخاوف من أن الأسعار تزيد بواقع 4 أمثال عن نسبة التضخم المستهدفة، التي تبلغ 2 في المائة.


مقالات ذات صلة

«بنك إسرائيل» يُبقي الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة وسط حالة عدم يقين اقتصادي

الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يُبقي الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة وسط حالة عدم يقين اقتصادي

أبقى «بنك إسرائيل» أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الثامن على التوالي يوم الاثنين بعد أن شهد التضخم تراجعاً طفيفاً مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد خضراوات معروضة في سوبر ماركت «سير بلس» في برلين (رويترز)

ارتفاع مفاجئ في التضخم الألماني إلى 2.9 % خلال ديسمبر

قفز التضخم في ألمانيا إلى 2.9 في المائة في ديسمبر، وهو أعلى من المتوقع، وفقاً لما أعلنه مكتب الإحصاء الاتحادي (دستاتيس).

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لوحة إلكترونية تعرض حركة الأسهم على جسر للمشاة وسط الضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

الصين تهرع لدعم اليوان وأسواق الأسهم النازفين

سارعت البورصات الصينية والبنك المركزي إلى الدفاع عن اليوان وأسواق الأسهم المتدهورين يوم الاثنين، في محاولة لتهدئة المستثمرين القلقين بشأن عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى مقر البنك المركزي الأوروبي خلال غروب الشمس في فرنكفورت (رويترز)

دراسة لـ«المركزي الأوروبي»: المرونة الاستثنائية لسوق العمل قد لا تدوم

أظهرت دراسة للبنك المركزي الأوروبي أن المرونة الاستثنائية لسوق العمل في منطقة اليورو من غير المرجح أن تستمر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي سابق بالعاصمة طوكيو (رويترز)

«بنك اليابان» يركز على المخاطر لرفع أسعار الفائدة

قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا، يوم الاثنين، إن البنك المركزي سيرفع أسعار الفائدة أكثر، إذا استمر الاقتصاد في التحسن مع اليقظة تجاه المخاطر

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
TT

مؤشر مديري المشتريات بأميركا يسجل أعلى مستوى في 33 شهراً نهاية 2024

مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)
مبنى الكابيتول يظهر أثناء سير امرأة عبر عاصفة شتوية في العاصمة الأميركية (أ.ف.ب)

اختتم الاقتصاد الأميركي عام 2024 على نحو قوي، حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات 56.8 في ديسمبر (كانون الأول)، مرتفعاً من 56.1 في نوفمبر (تشرين الثاني) ومسجلاً أعلى مستوى له في 33 شهراً.

وعلى الرغم من أنه أقل من التقدير الأولي البالغ 58.5، فإن الأداء القوي لقطاع الخدمات طغى على الضعف المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب أيضاً إلى 55.4 من 54.9 في الشهر السابق، مما يؤكد زخم النمو القوي.

وأشار كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في «ستاندرد آند بورز»، إلى أن «النشاط التجاري في اقتصاد الخدمات الواسع ارتفع في الشهر الأخير من عام 2024 على خلفية زيادة دفاتر الطلبات وازدياد التفاؤل بشأن آفاق العام المقبل».

وقد عززت قوة القطاع نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي من المتوقع أن يظل «قوياً»، بعد أن سجل توسعاً بنسبة 3.1 في المائة في الربع الثالث من عام 2024.

ويرتبط التفاؤل جزئياً بتوقعات السياسات الصديقة للأعمال في ظل إدارة ترمب المقبلة، بما في ذلك الإصلاحات الضريبية المحتملة وإلغاء القيود والتعريفات الانتقائية التي تهدف إلى دعم الصناعات المحلية. وقد عززت مثل هذه الإجراءات المعنويات بين مقدمي الخدمات، حيث توقع كثير منهم نمواً أسرع في عام 2025.

ومع ذلك، حذّر ويليامسون من أن الزخم الحالي للاقتصاد قد يجعل صانعي السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي مترددين في خفض أسعار الفائدة بقوة. وقد لعبت الخدمات المالية، على وجه الخصوص، دوراً حاسماً في الأداء الاقتصادي في أواخر عام 2024، مدعومة بتوقعات انخفاض تكاليف الاقتراض.

وسيكون التحدي في الأشهر المقبلة هو تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي المستمر والتداعيات المحتملة لتغير توقعات أسعار الفائدة.