وافق مجلس الأمة الكويتي في جلسته الخاصة الثلاثاء على توصية بدراسة إمكانية تحويل الكويت مركزاً مالياً إسلامياً، في حين واجه مشروع حكومي لإقرار قانون الدين العام تعقيدات برلمانية متجددة.
وخلال مناقشتهم الخطة الحكومية للفترة بين عامي 2023 و2027، عدّ نواب أن برنامج عمل الحكومة غير متكامل، ولا يخدم التوجه العام للدولة بتصحيح المسار، منتقدين الإصرار على طرح قانون الدين العام (المرفوض نيابياً)، وعدم تضمين ما يتعلق بتحسين معيشة المواطنين ضمن أولويات البرنامج.
وتتوقع الحكومة الموافقة على الإطار الذي يحكم القانون وربطه بالمشروعات التي تمثل قيمة مضافة، بينما تهدف في العام الثاني للخطة إلى إنشاء وحدة لإدارة السيولة في خزينة الدولة والموافقة على خطط للسيولة في حالات الطوارئ.
يذكر أن قانون الدَين العام في الكويت انتهت صلاحيته في سبتمبر (أيلول) 2017، وتعثر نواب مجلس الأمة في الاتفاق مع الوزراء على صيغة جديدة للقانون المقبل. وسعت الدولة الخليجية طوال السنوات السابقة إلى تعديل قانون الدين ليشمل إصدار الصكوك الإسلامية كأداة من أدوات الدين العام؛ لتمويل عجز الموازنة والمشروعات التنموية، وهو ما وافق عليه مجلس الوزراء خلال 2019، ولكن لم يتم تطبيقه بعد.
الحكومة: معالجة مالية الدولة
وأكد الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس الوزراء، الثلاثاء، أن برنامج عمل الحكومة هو وثيقة تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وترسيخ لقواعد العمل المشترك البنّاء القائم على تقديم المصلحة الوطنية العليا وإزالة العقبات ومعالجة التحديات من أجل النهوض معاً لرفعة البلاد وتعديل المسار.
وقال في كلمة له في بداية جلسة مجلس الأمة الخاصة لمناقشة برنامج عمل الحكومة: إن الحكومة تتقدم ببرنامج عملها بنهج جديد ونموذج عصري تقدم فيه خططها على شكل مشروعات ذات قيمة مضافة قابلة للتنفيذ والقياس والمتابعة وفق برنامج زمني محدد.
ووصف برنامج الحكومة بأنه يسعى «إلى تحقيق التنويع الاقتصادي وتحسين الأداء التنموي ومواجهة الكثير من التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني بشكل عام والمالية العامة للدولة على وجه الخصوص».
كما وصف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار وزير المالية بالوكالة سعد البراك، برنامج عمل الحكومة بأنه «عملي ومتكامل ويرتكز على رؤية واضحة».
واستعرض البراك أمام مجلس الأمة برنامج العمل المكون من خمسة محاور. وأوضح أن من أولويات البرنامج بناء اقتصاد متقدم ومستدام، ورعاية رأس المال البشري، وتحسين جودة المعيشة، بالإضافة إلى تعزيز كفاءة الحكومة وزيادة الإنتاجية.
البرلمان وقانون الدين العام
وانتقدت النائبة جنان بوشهري «إصرار الحكومة على قانون الدَين العام المرفوض من المجالس السابقة»، وقال النائب حمد المدلج: «إن البرنامج عبارة عن دخول في استثمارات، ومشروعه الاقتصادي به تضارب بعدم ربط الصندوق السيادي بالدَين العام، وعدم تحديد أوجه الصرف فيه وعائده على الميزانية وكيفية السداد».
كما انتقد النائب حسن جوهر اعتماد البرنامج في عصب تنفيذه المالي على الدَين العام وزيادة الرسوم، بدولة تملك أكبر صندوق سيادي في العالم.
وقال النائب عبد الله المضف: إن البرنامج يتضمن مشروعات مطاطة ومبهمة، ويخلو من المعايير الواضحة والمدد الواقعية والمبالغ المرصودة. وأضاف: «إن موضوع الدَين العام لا يصلح كوسيلة لمعالجة ميزانية مرهقة؛ لأنه سيزيد من أعبائها».
وعدّ النائب مبارك الحجرف أن برنامج عمل الحكومة يحمل مثالب «منها عدم أولوية معيشة المواطن والاعتماد على الدَين العام وفرض ضرائب مستترة على المواطنين».
في حين وصف النائب حمدان العازمي البرنامج بأنه «إنشائي لا يختلف عن البرامج الحكومية السابقة» متسائلاً: «كيف نقبل ببرنامج عمل حكومي يتصدره الدَين العام وفرض ضرائب ورسوم على خدمات؟».
وقال النائب أحمد لاري: إن البرنامج جيد وجاء موافقاً للدستور، وإن الأهم من إقرار البرنامج هو تنفيذه مع إمكانية الاستعانة بشركات عالمية، لكنه أضاف أن «التوجه العام ضد التفكير في الدين العام ويجب تنويع مصادر التمويل مثل التوجه للصناديق السيادية المحلية»، مؤكداً «أهمية التركيز على رفع المستوى المعيشي للمواطنين وإقرار البديل الاستراتيجي ورفع الحد الأدنى للمتقاعدين إلى 1000 دينار (3.2 ألف دولار)، والاهتمام بقضية الأمن المائي».
وأبدى النائب أسامة الشاهين تحفظات (شرعية) على قانون الدين العام، مشيراً إلى رفضه «تكبيل الدولة بمديونيات مع وجود بديل شرعي وهو قانون الصكوك الحكومية الإسلامية، وهو أشبه بالاكتتاب في الأسهم وبه ربحية وبعد الربح تستعيد الدولة مرفقها العام وهذا بديل شرعي».
من جهته، قال النائب أسامة الزيد: إن «الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد منتج يتطلب أن يكون للمواطن حقوق وعليه واجبات، وهذا يستوجب شفافية من الحكومة»، عادّاً أن «مواجهة التضخم من أهم الأمور التي لم يتضمنها برنامج العمل، وآخر زيادة للرواتب في 2011»، وأن «الدَين العام في حد ذاته ليس خطيئة، ومن الممكن الاستفادة من صندوق الأجيال القادمة بدلاً من وضع الدولة في الدَين العام».
وتعقيباً على مداخلات النواب، قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عيسى الكندري: إن الحكومة استمعت إلى ملاحظات النواب بعناية وحرص وستكون محل اعتبار، مرحباً بتلقي ملاحظات النواب مكتوبة للتوافق معها وفق أحكام الدستور.
مركز مالي إسلامي
وأقرّ مجلس الأمة توصية بدراسة إمكانية تحويل الكويت مركزاً مالياً إسلامياً، وقال نائب رئيس مجس الأمة محمد المطير: «منذ أكثر من 20 سنة تكرر الحكومة تحويل الكويت مركزاً مالياً فكيف تحولونها في ظل أن كثيراً من دول المنطقة سبقونا في هذا المجال، كيف توفر وتهيئ ما حققته دول المنطقة لكي يأتيك المستثمرون؟... هنا، تحتاج إلى أن تتميز وتتخصص، بتحويل الكويت مركزاً مالياً إسلامياً».
وأوضح أن العمل على التحول مركزاً مالياً إسلامياً يستقطب الشركات الكبيرة ليكون لها مراكز للتمويل الإسلامي لتكون الكويت محطة التجارة الإسلامية، وبالتالي يكون العنوان قابلاً للتطبيق، مؤكداً أهمية استقطاب الكفاءات.
وأكد المطير أهمية وضع إصلاح القضاء كأولوية، مضيفاً «لن يكون هناك مركز مالي إسلامي ناجح من دون إصلاح القضاء»، مطالباً الحكومة «أن تنتبه لهذا الأمر».