«إعادة هيكلة الديون» تتصدر محادثات وزراء مالية «العشرين» في الهند

وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيترامان تصل إلى اجتماع قمة وزارء المالية من دول العشرين في الهند (أ.ف.ب)
وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيترامان تصل إلى اجتماع قمة وزارء المالية من دول العشرين في الهند (أ.ف.ب)
TT

«إعادة هيكلة الديون» تتصدر محادثات وزراء مالية «العشرين» في الهند

وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيترامان تصل إلى اجتماع قمة وزارء المالية من دول العشرين في الهند (أ.ف.ب)
وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيترامان تصل إلى اجتماع قمة وزارء المالية من دول العشرين في الهند (أ.ف.ب)

يبدأ وزراء المال وحكام المصارف المركزية من «مجموعة العشرين»، اليوم الاثنين، في الهند محادثات تستمر يومين تهدف إلى دعم الاقتصاد العالمي المتعثر، ويحضر أيضاً على جدول الأعمال ملفا إعادة هيكلة الديون، والاتفاقات الضريبية الدولية الأكثر عدلاً.

وستركز المناقشات، التي تُعقد في غانديناغار بولاية غوجارات (غرب)، برئاسة وزيرة المال الهندية نيرمالا سيثارامان، خصوصاً على صحة الاقتصاد العالمي، و«التمويل المستدام والبنية التحتية».

وستكون الجهود المبذولة لمعالجة مشكلة المديونية على رأس جدول الأعمال. وتتحمل أفقر دول العالم العبء الأكبر من أزمة الديون العالمية، في حين أنها تحتاج إلى المال أكثر من أي وقت مضى لمكافحة التغير المناخي.

ومع ذلك فإن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم والداعم المالي الرئيسي لكثير من الدول الآسيوية والأفريقية المتعثرة والمنخفضة الدخل، تُعارض حتى الآن تبنِّي موقف متعدد الأطراف بشأن هذه القضية، وفق ما قال مسؤولون.

وعلى هامش محادثات «مجموعة العشرين»، أمس الأحد، من غانديناغار، أشارت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى التقدم المحرَز لناحية إعادة هيكلة ديون زامبيا، والتي ناقشتها، خلال زيارتها بكين، في وقت سابق من الشهر.

وأكدت يلين أن الصفقة مع زامبيا «استغرقت وقتاً طويلاً للتفاوض»، مضيفة أنها تأمل في أن يتم «سريعاً الانتهاء» من معالجة الديون الخاصة بغانا وسريلانكا.

وقالت يلين: «ينبغي أن نطبق المبادئ المشتركة التي اعتمدناها في قضية زامبيا على قضايا أخرى، بدلاً من البدء من نقطة الصفر في كل مرة». وأضافت: «نحن بحاجة إلى التحرك في شكل أسرع. أكثر من نصف البلدان المنخفضة الدخل قريبة من أو تعاني ضائقة ديون، وهو ضِعف ما كان عليه الوضع عام 2015».

ووفقاً لمسؤول كبير من الهند، التي ترأس «مجموعة العشرين»، لم تتفاعل بكين بطريقة مشجِّعة جداً بشأن مسألة فهم الدَّين المشترك. وأضاف المسؤول أن كثيراً من الاقتصادات المتعثرة «وصلت إلى نقطة الانهيار» بعد الصدمة المزدوجة المتمثلة بجائحة «كوفيد»، وعواقب الحرب الروسية في أوكرانيا (التي تؤثر في أسعار الوقود والسلع العالمية).

وتُعدّ بكين دائناً رئيسياً في بعض هذه الحالات، وقد تعرضت لانتقادات بسبب موقفها من إعادة هيكلة الديون.

- كلفة التغير المناخي - ستناقش «مجموعة العشرين» أيضاً إصلاح بنوك التنمية المتعددة الأطراف، وتنظيم العملات المشفرة، والحاجة إلى تسهيل وصول أفقر البلدان إلى التمويل الهادف، إلى التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيّف معه.

وكان الرئيس الجديد لـ«البنك الدولي» أجاي بانغا، قد عبّر، خلال الأسبوع الماضي، عن قلقه من «انعدام الثقة العميق»، الذي يفصل بلدان الشمال والجنوب، «في وقت يتعيّن علينا أن نلتقي» للتصدّي للتحدّيات «المترابطة»، من محاربة الفقر في العالم، إلى أزمة المناخ «الوجودية»، والانتعاش الاقتصادي بعد الوباء الذي تعرّض للخطر بسبب التضخم والحرب في أوكرانيا.

وأضاف، في مقال نُشر على الإنترنت، أن «الإحباط الذي تشعر به بلدان الجنوب أمر مفهوم، ففي كثير من الجوانب تدفع هذه البلدان ثمن ازدهار الدول الأخرى»، مشيراً إلى أن هذه الدول «تشعر بقلق عميق من إعادة توجيه الوسائل التي وُعدت بها، إلى إعمار أوكرانيا».

وقال رئيس «البنك الدولي»: «إنهم يشعرون بأن تطلعاتهم محدودة؛ لأن قواعد الطاقة لا تطبَّق عالمياً، وهم قلِقون من أن جيلاً مزدهراً سيقع في براثن الفقر».

وتابع: «في بلدان الشمال، يُعدّ تغير المناخ مرادفاً لتقليل الانبعاثات، لكن في دول الجنوب، إنها مسألة بقاء؛ لأن الأعاصير أكثر عنفاً، والبذور المقاومة للحرارة نادرة، والجفاف يدمر المزارع والمدن، والفيضانات تقضي على عقود من التقدم».

ومن المتوقع أيضاً تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاقية توزيع أكثر عدلاً لعائدات ضرائب الشركات المتعددة الجنسيات، والتي كانت 138 دولة قد توصلت إليها، الأسبوع الماضي.

والشركات المتعددة الجنسيات، خصوصاً شركات التكنولوجيا، قادرة حالياً على تحويل أرباحها بسهولة إلى بلدان ذات ضرائب منخفضة، حتى لو كانت تقوم بجزء صغير فقط من أعمالها هناك.

ويخشى أعضاء «مجموعة الدول السبع» المتقدمة أن يعرقل التركيز على الغزو الروسي الاتفاق النهائي. وحاولت يلين، الأحد، تهدئة المخاوف من أن يأتي الدعم الهائل لأوكرانيا على حساب المساعدات للدول النامية. وقالت يلين، في مؤتمر صحافي في غانديناغار، غرب الهند: «أرفض فكرة مقايضة» بين هاتين المسألتين، وهما في الواقع مرتبطتان ببعضهما بشكل وثيق.

والأحد، أكد وزير المال الياباني شونيتشي سوزوكي، مجدداً، «دعم مجموعة السبع الثابت» لأوكرانيا، مضيفاً أن موسكو ستضطر أيضاً إلى «دفع تكاليف إعادة الإعمار على المدى الطويل».

وتُعدّ أية مناقشة حول دعم أوكرانيا غير مريحة إلى حد ما، بالنسبة إلى الهند التي تستضيف «مجموعة العشرين»، والتي لم تعبّر حتى الآن عن إدانتها الغزو الروسي، رغم كونها عضواً في التحالف الرباعي الأمني «كواد»، إلى جانب أستراليا والولايات المتحدة واليابان.


مقالات ذات صلة

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

الاقتصاد أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

أظهر تقرير أرباح بنك اليابان أنه تكبد خسائر قياسية في تقييم حيازاته من السندات الحكومية في النصف الأول من السنة المالية مع ارتفاع العائدات عقب رفع الفائدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)

بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

حذرت بكين ترمب من أن تعهده بفرض تعريفات إضافية على السلع الصينية قد يجر أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تعريفات مدمِّرة للطرفين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد متسوقة في متجر «كارفور» في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)

ثقة المستهلك الفرنسي تتراجع لأدنى مستوى في 5 أشهر

تراجعت ثقة المستهلك الفرنسي في نوفمبر إلى أدنى مستوياتها منذ 5 أشهر؛ إذ عبّرت الأسر عن قلقها إزاء آفاق الاقتصاد وسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد صينيون في متنزه بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)

الصين تعمل على ترقية شبكة الاتصالات إلى الجيل «الخامس-إيه»

كشفت الصين عن مسودة مبادئ توجيهية لبناء البنية التحتية للبيانات في البلاد، بما في ذلك ترقية شبكة الاتصالات إلى مستوى الجيل «الخامس-إيه».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجال يسيرون بجوار لوحة إلكترونية في بورصة تل أبيب (رويترز)

ارتفاع سندات إسرائيل ولبنان السيادية بعد وقف إطلاق النار

ارتفعت السندات السيادية الإسرائيلية المقوَّمة بالدولار بنسبة 0.8 سنت، يوم الأربعاء، عقب دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (القدس)

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)
جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)
TT

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)
جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال»، أفينت بيزويدينهوت، أن السعودية إحدى الدول التي تواجه تحديات مائية ضخمة، إلا أنها تلعب دوراً ريادياً في مواجهة هذه الأزمة، حيث تستثمر في تقنيات التحلية لتلبية احتياجاتها من المياه الصالحة للشرب.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش فعاليات النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، المنعقدة في مدينة جدة (غرب السعودية)، إن مشاريع «التخضير» في بعض المناطق الصحراوية تسهم في تحسين البيئة المحلية وزيادة المساحات الخضراء، ولا يزال هناك الكثير من العمل الواجب إنجازه، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.

وشددت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال»، أحد المستثمرين في مجال تقنيات المياه، على أهمية الابتكار في تقديم حلول فعّالة، وأن هناك تقدماً ملحوظاً في هذا الإطار بالمقارنة بين المؤتمر الحالي والنسخة الماضية، إلا أن التقييم بين الشركات يظل معقداً، حيث يختلف الفهم بين المتخصصين في المجال التكنولوجي وذوي الخلفيات الاستثمارية.

تحقيق العوائد

وأوضحت أن المهندسين يركزون على الجانب التقني، بينما يسعى المستثمرون إلى معرفة مدى قدرة النموذج التجاري على التوسع وتحقيق العوائد.

وعن التحديات المتعلقة بمشكلة المياه في منطقة الشرق الأوسط والعالم، أوضحت بيزويدينهوت، أن المملكة تمتلك ريادة في مجالات مثل تحلية المياه وتخضير المناطق، ما يمنحها دوراً مهماً في التصدي لهذه الأزمة. و«مع تزايد التأثيرات السلبية للتغير المناخي، تصبح الحاجة إلى التفكير بطرق أكثر ذكاءً وحلول مبتكرة أكثر إلحاحاً».

وأكملت أن الحلول التي تعتمد على الابتكار يجب أن تواكب الحاجة المتزايدة إلى العمل بالتوازي مع الطبيعة. «فبدلاً من التوجه نحو حلول قسرية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، يجب العمل مع البيئة لتطوير نماذج مستدامة. وهذا يعد تحولاً مهماً في الفكر، حيث بدأت عدد من الدول تدرك أهمية التعامل مع الطبيعة بدلاً من محاربتها».

التغيرات المناخية

وفيما يخص الجفاف وارتفاع معدلات الفيضانات، لفتت بيزويدينهوت إلى أن هذه الظواهر أصبحت أكثر تكراراً وقوة، وهي نتيجة واضحة للتغيرات المناخية التي تسببت بها الأنشطة البشرية، مبينةً أن الموجات الحارة، والفيضانات المفاجئة، والجفاف الذي يضرب الأنهار، باتت مؤشرات تدل على تدخل الإنسان في الطبيعة. ورغم التحديات الكبيرة، أبدت بيزويدينهوت تفاؤلها بأن الابتكار يمكن أن يكون الأمل في إصلاح الوضع الراهن، وأنه مع تقدم الأبحاث والوعي المتزايد بأهمية المحافظة على البيئة، يمكن للبشرية أن تجد حلولاً أكثر استدامة، تضمن حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية والبيئة.

وناقش خبراء وباحثو المياه في جلسات اليوم الثاني من فعاليات النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، أبرز التحديات المستقبلية التي تواجه الموارد المائية عالمياً، مستعرضين حلولاً تقنية مبتكرة تدعم تحقيق الاستدامة البيئية وتعزز من كفاءة استخدام المياه ومواجهة تحدياتها.

وشهدت الجلسات العلمية تقديم رؤى متقدمة حول مواضيع دمج التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، في إدارة الموارد المائية، ودور التقنيات المبتكرة في تقليل الأثر البيئي لعمليات تحلية المياه بوصفها خطوة محورية نحو إدارة مستدامة وشاملة للموارد.

التحديات المائية

واستعرض وكيل الرئيس لإدارة الأبحاث والتقنيات الواعدة في الهيئة السعودية للمياه، المهندس طارق الغفاري، في كلمة افتتاحية بعنوان «الريادة المستقبلية للمياه في المملكة»، قيمة التكامل بين احتياجات المجتمع المحلي والتقنيات الحديثة لتحقيق استدامة شاملة، مُسلطاً الضوء على «رؤية 2030» في تبني الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات المائية.

وفي الجلسة الأولى ناقش كل من الخبراء كالا فايرافامورثي، وبوب تايلور، مستقبل أنظمة المياه ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءتها التشغيلية، ودعم اتخاذ القرار بناءً على تحليل البيانات الضخمة.

وتناولت الجلسة الثانية التي قادها الخبير الاستراتيجي عامر بتيكي، «تأثير الذكاء الاصطناعي في استدامة المياه»، واستعرض المشاركون تطبيقات عملية لتحليل البيانات الكبيرة وتقليل الفاقد المائي، إضافة إلى تعزيز كفاءة شبكات توزيع المياه. وفي الجلستين الثالثة والرابعة عُرضت تجارب مبتكرة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة المياه، تضمنت أمثلة حية على تحسين كفاءة الشبكات وتقليل الهدر، عبر حلول تقنية متطورة.