العالم يزيد التمرد على «العمل المكتبي»

ربع الموظفين يعملون من المنزل... وبروكسل تدافع عن حقوقهم

مكاتب خاوية في ولاية فيلادلفيا الأميركية... ووفقا لمعهد «ماكينزي» العالمي فإن نسبة العاملين من المنزل تزيد على ربع الموظفين في بعض المدن الكبرى عالمياً (رويترز)
مكاتب خاوية في ولاية فيلادلفيا الأميركية... ووفقا لمعهد «ماكينزي» العالمي فإن نسبة العاملين من المنزل تزيد على ربع الموظفين في بعض المدن الكبرى عالمياً (رويترز)
TT

العالم يزيد التمرد على «العمل المكتبي»

مكاتب خاوية في ولاية فيلادلفيا الأميركية... ووفقا لمعهد «ماكينزي» العالمي فإن نسبة العاملين من المنزل تزيد على ربع الموظفين في بعض المدن الكبرى عالمياً (رويترز)
مكاتب خاوية في ولاية فيلادلفيا الأميركية... ووفقا لمعهد «ماكينزي» العالمي فإن نسبة العاملين من المنزل تزيد على ربع الموظفين في بعض المدن الكبرى عالمياً (رويترز)

كشفت استطلاعات حديثة عن أنه سيتعين على المدن في جميع أنحاء العالم التكيف مع غياب دائم للكثير من موظفي المكاتب. ووفقاً لاستطلاعات دورية أجراها معهد «إيفو» الألماني للبحوث الاقتصادية، يعمل نحو 25 في المائة من الموظفين في ألمانيا من المنزل حتى بعد انتهاء جائحة كورونا.

ووفقاً لمعهد «ماكينزي» العالمي، فإن نسبة العاملين من المنزل في بعض المدن الكبرى الدولية تزيد على ذلك، ما يدفع الكثير من الشركات إلى تقليص مكاتبها. وحسب بيانات شركة الاستشارات العقارية الألمانية «جونز لانغ لا سال»، تراجعت حالات التأجير الجديدة للمكاتب في ألمانيا خلال النصف الأول من هذا العام بنسبة 40 في المائة على أساس سنوي. وعزت الشركة هذا التراجع جزئياً إلى العمل من المنزل وأيضاً إلى الانكماش الاقتصادي.

وتعد المساحات المكتبية غير المستخدمة باهظة التكلفة، وفي الأوقات غير المستقرة اقتصادياً يقرر الكثير من الشركات تقليص حجمها. وقام بعض الشركات بتحويل المكاتب الشاغرة إلى مساحات مشتركة لمزيد من التفاعل الشخصي في أيام الحضور، حسبما ذكر زيمون كراوزه، الخبير في مجال العمل من المنزل لدى معهد «إيفو».

وأشار كراوزه إلى أن شركات أخرى قامت بتخفيض مساحات المكاتب الخاصة بها من خلال مشاركة المكتب، أي تشارك الكثير من الموظفين في مكتب واحد. وقال إن «هذا التأثير له صدى على سوق المكاتب. ومع ذلك، فإنه لا يحدث على الفور، ولكن بتباطؤ، لأن الكثير من الشركات لديها عقود إيجار طويلة الأجل».

ووفقاً لـ«إيفو»، فإن هذا التطور من شأنه أن يدفع عُمد المدن إلى التفكير. وجاء في بيان للمعهد: «يجب على المحليات التفكير في كيفية تطوير مراكز المدن بشكل أكبر، بحيث تقدم مزيجاً جذاباً من السكن والعمل والتسوق والترفيه».

جدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي يضع على عاتقه حالياً قضية حقوق العمل من المنزل وحمايتها، إذ وقَّع أكثر من ثلاثين نائباً أوروبياً على وثيقة جرى إطلاقها مطلع الشهر الجاري، بحيث تضمن في نهاية المطاف الوصول إلى مساحات عمل تشاركية وحظر تتبع أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالعاملين في المنزل، وحمايتهم من الاضطرار إلى إرسال أو الرد على رسائل بريد إلكتروني خارج ساعات العمل.

وطوَّر وأطلق الوثيقة غير الملزمة، «تحالف القوى العاملة في المستقبل»، وهو منتدى من السياسيين وقادة الأعمال والأكاديميين، يركز على إحداث تغييرات على السياسات، استجابةً للتحول الرقمي وبيئات العمل، حسبما أفادت وكالة «بلومبرغ».

وقالت الوثيقة إن هدف التحالف وضع إرشادات أوروبية رسمية وأفضل الممارسات بالنسبة إلى الشركات مع العاملين المختلطين (أي من يتناوبون العمل بالمكتب والمنزل)، أو مع العاملين عن بُعد، ومن أجل وضع تعريف قانوني لما يؤسس «علاقة صحية مع التكنولوجيا في مكان العمل» بالنسبة إلى الموظفين في الوظيفة من المنزل أو من مواقع بعيدة أخرى.

وقال دراغوس بيسلارو، رئيس لجنة التمكين والشؤون الاجتماعية بالبرلمان الأوروبي وأحد الموقِّعين على الوثيقة، إن «العمل عن بُعد ونماذج العمل الهجينة، وعلاقات الحياة العملية المرنة هي قيمة مضافة إلى اقتصادنا وأعمالنا وعمالنا». وقال إن «هذه يجب ألا تأتي على حساب مواطنينا بخطوط غير واضحة بين الحياة الشخصية والعملية، ما يزيد من معدلات الإرهاق والشعور بالوحدة».


مقالات ذات صلة

خبير من «هارفارد»: صفة «نادرة ومطلوبة» تُميّز الأشخاص الأكثر نجاحاً

يوميات الشرق القدرة على التكيّف هي مهارة شخصية «يتزايد الطلب عليها» في مجموعة واسعة من الصناعات (رويترز)

خبير من «هارفارد»: صفة «نادرة ومطلوبة» تُميّز الأشخاص الأكثر نجاحاً

اكتشف فولر أن ما يميّز أصحاب الإنجازات العالية عن أي شخص آخر، ليس ثقتهم أو فطنتهم التجارية، وإنما قدرتهم على التكيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بالنسبة لأولئك الذين يتلقون المئات من الرسائل الإلكترونية يومياً من الضروري تجربة استراتيجيات فعالة لإدارة البريد الوارد (رويترز)

ما أهم نصيحة لتواصل أفضل عبر البريد الإلكتروني؟

إذا كنت تريد أن تتحسن في إتقان لعبة البريد الإلكتروني فيجب عليك إعطاء الأولوية لشيء واحد، كما يقول أحد خبراء اللغة: حسن التوقيت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق كيفية تحسين العلاقات في مكان العمل (رويترز)

الموظفون يعيشون «أزمة ثقة» برؤسائهم... ما السبب برأي علم النفس؟

إذا كنت تواجه أزمة ثقة بمديرك في الوقت الحالي، فأنت لست وحدك، حسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يهدف التدريب لتزويد المديرين بالمهارات اللازمة لدعم الصحة العقلية للأشخاص الذين يديرونهم (جامعة نوتنغهام )

تدريبات الصحة العقلية تحسن أداء المديرين

يرتبط التدريب على الصحة العقلية للمديرين التنفيذيين ارتباطاً وثيقاً بأداء أفضل للأعمال داخل مؤسساتهم، كما يمكن أن يوفر للشركات أموالاً كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
لمسات الموضة كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

شارك ديريك جاي، خبير الموضة ببعض نصائح للرجال لاختيار الملابس المناسبة للمكتب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.