الصين تلوّح بـ«معاقبة» سوق الرقائق

شي يؤكد معارضة «الحمائية» قبل زيارة يلين

صورة توضيحية تُظهر شريحة أشباه الموصلات من وحدة المعالجة المركزية للكمبيوتر (CPU) بين علمي الصين والولايات المتحدة... الصين ستسيطر اعتباراً من أول أغسطس على صادرات 8 منتجات من الغاليوم و6 منتجات من الجرمانيوم لحماية أمنها القومي ومصالحها (رويترز)
صورة توضيحية تُظهر شريحة أشباه الموصلات من وحدة المعالجة المركزية للكمبيوتر (CPU) بين علمي الصين والولايات المتحدة... الصين ستسيطر اعتباراً من أول أغسطس على صادرات 8 منتجات من الغاليوم و6 منتجات من الجرمانيوم لحماية أمنها القومي ومصالحها (رويترز)
TT

الصين تلوّح بـ«معاقبة» سوق الرقائق

صورة توضيحية تُظهر شريحة أشباه الموصلات من وحدة المعالجة المركزية للكمبيوتر (CPU) بين علمي الصين والولايات المتحدة... الصين ستسيطر اعتباراً من أول أغسطس على صادرات 8 منتجات من الغاليوم و6 منتجات من الجرمانيوم لحماية أمنها القومي ومصالحها (رويترز)
صورة توضيحية تُظهر شريحة أشباه الموصلات من وحدة المعالجة المركزية للكمبيوتر (CPU) بين علمي الصين والولايات المتحدة... الصين ستسيطر اعتباراً من أول أغسطس على صادرات 8 منتجات من الغاليوم و6 منتجات من الجرمانيوم لحماية أمنها القومي ومصالحها (رويترز)

بالتزامن مع تأكيد الرئيس الصيني شي جينبينغ، (الثلاثاء)، معارضته «الحمائية في العلاقات الاقتصادية الدولية»، والتعهد بالمضي قدماً «في الطريق الصحيح للعولمة الاقتصادية»، تحركت الصين في إجراء يبدو أنه «انتقامي» عبر تقييد صادرات بعض المعادن شائعة الاستخدام في إنتاج أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية والصناعات المتقدمة تقنياً، مما قد يسفر عن تصعيد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وقد يتسبب في تفاقم الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية.

تأتي التصريحات والتحركات قبل ساعات من زيارة مرتقبة لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، لبكين من أجل بحث الملفات الشائكة والعمل على حلحلتها وترطيب الأجواء.

وتسارع الشركات العالمية حالياً للرد على الأخبار المفاجئة التي أُعلنت في وقت متأخر مساء الاثنين. وقالت شركة أميركية منتجة لرقائق أشباه الموصلات إنها تقدمت بطلب للحصول على تصاريح تصدير لطمأنة المستثمرين. وقال منتج للجرمانيوم في الصين لـ«رويترز» إن الاستفسارات من الخارج والأسعار ارتفعت بين عشية وضحاها.

وقالت وزارة التجارة الصينية إنها ستسيطر اعتباراً من أول أغسطس (آب) على صادرات 8 منتجات من الغاليوم و6 منتجات من الجرمانيوم لحماية أمنها القومي ومصالحها، في خطوة عدّها المحللون رداً على جهود واشنطن المتصاعدة للحد من التقدم التكنولوجي للصين.

عرض مكونات الهاتف المحمول بكشك شركة تصميم الرقائق خلال المؤتمر العالمي للجوال في شنغهاي... ومن المتوقع أيضاً أن تفرض الولايات المتحدة وهولندا قيوداً أخرى على بيع معدات إنتاج الرقائق لشركات تصنيع الرقائق الصينية هذا الصيف (رويترز)

وقال بيتر آركيل، رئيس اتحاد الصين العالمي للتعدين: «ضربت الصين قيود التجارة الأميركية في موضع مؤلم». وأضاف أن «الغاليوم والجرمانيوم مجرد نوعين من المعادن الثانوية؛ لكن المهمة جداً لطائفة من منتجات التكنولوجيا، والصين هي المنتج المهيمن لمعظم هذه المعادن. والاقتراح أن دولة أخرى قد تحل محل الصين في المدى القصير أو حتى على المدى المتوسط ضرب من الخيال».

وتأتي القيود التي تفرضها الصين في الوقت الذي تدرس فيه واشنطن فرض قيود جديدة على تصدير الرقائق الدقيقة المتقدمة تقنياً إلى الصين، بعد سلسلة من القيود في السنوات القليلة الماضية.

ومن المتوقع أيضاً أن تفرض الولايات المتحدة وهولندا قيوداً أخرى على بيع معدات إنتاج الرقائق لشركات تصنيع الرقائق الصينية هذا الصيف ضمن جهود تهدف إلى منع استخدام الجيش الصيني لتقنيتهما.

وكان آخر رد من بكين على الضغط الأميركي على الرقائق في مايو (أيار)، حين منعت بعض القطاعات المحلية من شراء منتجات من شركة «ميكرون» الأميركية لتصنيع رقائق الذاكرة.

من جانبها، قالت وزارة الصناعة الكورية الجنوبية يوم الثلاثاء إن كوريا الجنوبية ترصد تأثيراً محدوداً للقيود التي فرضتها الصين على صادرات المعادن المستخدَمة في صناعة الرقائق.

وذكرت «بلومبرغ» أن الوزارة قالت إنها أجرت اجتماعاً مع المسؤولين المعنيين بصناعة أشباه المواصلات والشاشات.

وقال المشاركون إن التأثير المباشر للقيود على صادرات الغاليوم ربما لن يكون كبيراً، حيث إنه يُستخدم في أعمال البحث والتطوير من أجل رقائق الجيل المقبل.

وفي إجراء موازٍ للسيطرة على أسواق المعادن المهمة، أوضح تقرير لـ«بلومبرغ» أن الصين تستفيد حالياً من تراجع أسعار الكوبالت لتعزيز مخزونها من المعدن المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية وسبائك الفضاء.

ونقلت الوكالة عن مصادر مطّلعة على الأمر القول إن الإدارة الوطنية للغذاء والاحتياطيات الاستراتيجية، وهي الهيئة الحكومية المعنية بالتخزين، وافقت هذا الأسبوع على شراء نحو 5000 طن من الكوبالت من ثلاث مصافٍ محلية ومن تاجر تابع للدولة.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن حجم الكمية جاء أكبر من الخطة الأصلية التي كانت مقررة لشراء 2000 طن، وذلك بعد أن دفعت المزيد من العروض التي قدمها الموردون، الهيئة الحكومية المعنية بالتخزين إلى شراء المزيد من كميات المعدن.

ولم تردّ الإدارة الوطنية للغذاء والاحتياطيات الاستراتيجية على طلب التعليق الذي أُرسل عبر الفاكس.

وبالتزامن مع التحركات الصينية المفاجئة، وقبل ساعات من زيارة وزيرة الخزانة الأميركية بكين، دعا الرئيس شي جينبينغ (الثلاثاء)، إلى «حفظ السلام الإقليمي»، مؤكداً معارضة بكين «الحمائية» في العلاقات الاقتصادية، وذلك في كلمته أمام قمة افتراضية لمنظمة شنغهاي للتعاون التي تضم دولاً عدة أبرزها الصين وروسيا.

وتعهد شي بمواصلة الصين «المضيّ في الطريق الصحيح للعولمة الاقتصادية، ومعارضة الحمائية والعقوبات الأحادية وتوسيع مفاهيم الأمن القومي»، فيما يبدو إشارة ضمنية إلى إجراءات تقييدية اتخذتها واشنطن حيال بكين في مجالات تجارية أبرزها التقنيات الحديثة.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

الاقتصاد جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

وافق المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) يوم الجمعة على خطة إنفاق ضخمة تهدف إلى إنعاش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز الجيش.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد شعار منظمة «أوبك» على مقرها في العاصمة النمساوية فيينا (رويترز)

النفط لثاني مكسب أسبوعي بعد عقوبات على إيران وخطة «أوبك بلس»

اتجهت أسعار النفط لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، بعد أن أدت عقوبات أميركية على إيران وخطة جديدة من تحالف أوبك بلس لزيادة الرهانات على تراجع الإمدادات

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شخص يحمل هاتفاً ذكياً وتظهر على شاشته تطبيقات ذكية صينية من بينها «ديب سيك» (د.ب.أ)

الصين تتطلع لإطلاق «مانوس»... الجيل التالي لـ«ديب سيك»

سجلت شركة «مانوس» الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي مساعدها الذكي الموجه للصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، متماشياً مع التوقعات، مع الإشارة إلى إمكانية رفع الفائدة مجدداً مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

البنوك المركزية تتبنى الحذر وسط اضطرابات الاقتصاد العالمي

تتجه البنوك المركزية الكبرى في الأسواق المتقدمة إلى مزيد من الحذر بعد سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، مع تصاعد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (عواصم)

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)
جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)

وافق المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) يوم الجمعة على خطة إنفاق ضخمة تهدف إلى إنعاش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز الجيش، متجاوزاً العقبة الأخيرة في مسار التحول السياسي التاريخي.

وتنهي التشريعات الجديدة عقوداً من المحافظة المالية في ألمانيا؛ إذ أنشأت صندوقاً بقيمة 500 مليار يورو (546 مليار دولار) لتمويل مشاريع البنية التحتية، مع تخفيف القواعد الصارمة للاقتراض للسماح بزيادة الإنفاق على الدفاع، وفق «رويترز».

ونجح الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي، اللذان يجريان محادثات ائتلافية بعد انتخابات الشهر الماضي، في تمرير الحزمة في البرلمان المنتهية ولايته لتجنب معارضة المشرعين من أقصى اليسار واليمين في «البوندستاغ» الجديد الذي يبدأ عمله في 25 مارس (آذار).

ودافع الزعيم المقبل، فريدريش مرتس، عن الجدول الزمني الضيق الذي أغضب الأحزاب المعارضة المتطرفة، بالإشارة إلى الوضع الجيوسياسي المتغير بسرعة.

ويخشى قادة الاتحاد الأوروبي من أن التحولات في السياسة الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب قد تعرض القارة لهجوم متزايد من روسيا والصين المتزايدتين قوة.

وقال ماركوس سويدير، رئيس وزراء بافاريا: «التهديد من الشرق، من موسكو، لا يزال قائماً، في حين أن الدعم من الغرب لم يعد كما اعتدنا عليه». وأضاف: «العلاقة مع الولايات المتحدة قد اهتزت عميقاً بالنسبة لي ولعديد من الآخرين. الألمان قلقون».

«خطة مارشال» الألمانية

تشكل هذه الإصلاحات تراجعاً كبيراً عن «قاعدة الديون» التي تم فرضها بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، والتي تعرضت لانتقادات عديدة باعتبارها قديمة وتضع ألمانيا في قيد مالي.

وقال رئيس بلدية برلين، كاي فيغنر: «دعونا نكن صرحاء: ألمانيا قد أُهملت جزئياً على مر العقود». وأضاف: «لقد تم إدارة بنيتنا التحتية في السنوات الأخيرة أكثر من أن يتم تطويرها بشكل فعّال».

ووصف سويدير الحزمة بأنها «خطة مارشال»، في إشارة إلى المساعدات الاقتصادية الأميركية التي ساعدت في إنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية.

ومع ذلك، يرى الاقتصاديون أن الأمر سيستغرق وقتاً قبل أن تبدأ التحفيزات في التأثير إيجابياً على الاقتصاد الذي انكمش على مدى عامين متتاليين.

وقال الاقتصادي في بنك «بيرنبرغ»، سالومون فيدلر: «ربما يستغرق الأمر حتى منتصف العام قبل أن تتمكن الحكومة الجديدة من تمرير موازنة عادية لعام 2025». وأضاف أنه لن يكون قبل وقت لاحق من هذا العام حتى يبدأ الإنفاق الجديد في التأثير بشكل فعلي.

انطلاقة قوية لمرتس؟

تمنح موافقة البرلمان على التشريعات مرتس الذي فاز حزبه في الانتخابات الشهر الماضي، انتصاراً كبيراً قبل أن يؤدي اليمين مستشاراً. ومع ذلك، فقد كلفه ذلك بعض الدعم؛ إذ وعد مرتس خلال حملته الانتخابية بعدم فتح صنابير الإنفاق بشكل فوري، ليعلن بعدها بفترة قصيرة عن تحول كبير في السياسة المالية.

واتهمه البعض، بما في ذلك داخل معسكره، بأنه خدع الناخبين. وأظهر استطلاع للرأي أجرته قناة «زد دي إف» يوم الجمعة أن 73 في المائة من المشاركين يشعرون بالخذلان منه، بما في ذلك 44 في المائة من ناخبي الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي.

وأظهر الاستطلاع أيضاً انخفاض دعم الحزب إلى 27 في المائة، في حين ارتفع دعم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إلى 22 في المائة.

وقال مرتس يوم الجمعة إنه يشعر بالقلق من هذه الاتهامات، لكنه فهمها إلى حدٍّ ما، مشيراً إلى أنه كان عليه أن يتصرف بسرعة بسبب التغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية.

وأضاف في حدث في فرنكفورت: «أعلم أنني قد استنفدت مصداقيتي بشكل كبير، بما في ذلك مصداقيتي الشخصية».