نشاط المصانع الصينية ينكمش للشهر الثالث مع توقف زخم التعافي

اليوان تراجع فور نشر البيانات وسط استمرار تفاؤل رجال الأعمال بالاقتصاد الكلي

عاملات على خط إنتاج في مصنع للإلكترونيات في لينكوان بمقاطعة آنهوي بوسط الصين (أ.ب)
عاملات على خط إنتاج في مصنع للإلكترونيات في لينكوان بمقاطعة آنهوي بوسط الصين (أ.ب)
TT

نشاط المصانع الصينية ينكمش للشهر الثالث مع توقف زخم التعافي

عاملات على خط إنتاج في مصنع للإلكترونيات في لينكوان بمقاطعة آنهوي بوسط الصين (أ.ب)
عاملات على خط إنتاج في مصنع للإلكترونيات في لينكوان بمقاطعة آنهوي بوسط الصين (أ.ب)

تقلص نشاط المصانع الصينية في يونيو (حزيران) للشهر الثالث، بينما كان النشاط غير الصناعي في أضعف مستوياته منذ أن تخلت بكين عن سياستها الصارمة «صفر كوفيد» أواخر العام الماضي، وذلك في وقت يتنامى الضغط على صانعي السياسات لاتخاذ مزيد من إجراءات التحفيز لإنعاش الطلب الضعيف.

وتشير أحدث البيانات إلى انتعاش غير مكتمل في ثاني أكبر اقتصاد في العالم مع تلاشي زخم النمو.

وسجل مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي 49.0 في يونيو، مقارنة بـ 48.8 في مايو (أيار) و49.2 في أبريل (نيسان) ليظل دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش، وفقاً لبيانات المكتب الوطني للإحصاء الصادرة الجمعة. وكانت قراءة يونيو متماشية مع متوسط التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز».

وكان الإنتاج الصناعي الصيني سجل تباطؤاً في مايو الماضي، نتيجة تراجع الطلب الداخلي والخارجي، عند 3.5 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها قبل عام، ويزيد ذلك من الضغوط على صانعي السياسة لدعم انتعاش اقتصادي هش.

وعكس مؤشر «هانغ سنغ» ومؤشر «سي إس آي 300» الخسائر ليرتفعا بشكل هامشي في التعاملات المبكرة يوم الجمعة، بعد إصدار بيانات مؤشر مديري المشتريات.

كذلك، أظهرت البيانات الصادرة تباطؤ مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي للاستهلاك، في مايو لتسجل 12.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بتراجع عن زيادة بلغت 18.4 في المائة في أبريل (نيسان).

وبدأ المحللون خفض توقعاتهم للاقتصاد الصيني لبقية العام بعدما جاءت بيانات الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة دون المتوقع، في علامة على أن التعافي من الجائحة الذي شهده الاقتصاد في الربع الأول من العام قد بدأ يفقد قوته الدافعة.

وكانت الحكومة الصينية وضعت هدف نمو اقتصادي متواضع إلى حد ما لتحقيقه خلال العام الحالي، عند 5 في المائة، رغم الصعوبات والتغيرات العالمية والمحلية التي قد تحول دون تحقيقه. وسجل النمو الاقتصادي للصين 4.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي.

ومع صعوبة الوضع الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن تلتزم حكومته بتنفيذ الإجراءات اللازمة لحماية المستثمرين الأجانب، مؤكداً بذلك محاولات حكومته تهدئة المخاوف بشأن الحالة الاقتصادية وصناعة السياسة التي لا يمكن التنبؤ بها في الصين.

وضغطت البيانات الاقتصادية السلبية على الفور على اليوان الصيني الذي انخفض في التعاملات الخارجية لأدنى مستوياته منذ نوفمبر (تشرين الثاني) مسجلاً 7.2615 يوان للدولار قبل بدء تعاملات الجمعة بقليل.

واستقر مؤشر الدولار عند حوالي 103.33 في طريقه لتسجيل زيادة بنحو 0.7 في المائة في الربع الثاني.

وفي أبريل ومايو، جاء النمو الاقتصادي أقل من التوقعات، مما أدى إلى تكثيف الدعوات لاتخاذ تدابير نقدية أكثر حسماً لدعم نمو الصين.

ومؤخرا، خفضت البنوك الكبرى في «وول ستريت» و«غولدمان ساكس» و«بنك أوف أميركا» و«يو بي إس» و«نومورا»، توقعاتها للنمو في الصين.

لكنّ استطلاعاً للرأي حديثاً أجراه بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) أظهر أن رجال الأعمال والمصرفيين الصينيين أعربوا عن تفاؤلهم بشأن الاقتصاد الكلي للبلاد في الربع الثاني من هذا العام.

وسجل مؤشر نشاط الاقتصاد الكلي لرجال الأعمال 30.9 في المائة في الربع الثاني، بزيادة 4.3 نقطة مئوية على أساس سنوي، وفقاً للاستطلاع الذي أوردت نتائجه وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الجمعة.

وأعرب نحو 59.9 في المائة من رجال الأعمال الذين شملهم الاستطلاع (يمثلون 5 آلاف شركة) عن اعتقادهم بأن الاقتصاد الكلي كان يعمل بشكل طبيعي في الربع الثاني.

وأظهر استطلاع آخر أجراه البنك المركزي حول المصرفيين أن مؤشر نشاط الاقتصاد الكلي بلغ 37.8 في المائة في الربع الثاني من هذا العام، حيث رأى 62.4 في المائة من المصرفيين الذين شملهم الاستطلاع أن الاقتصاد الكلي يعمل عند المستوى الطبيعي.

وارتفع مؤشر توقعات المصرفيين لنشاط الاقتصاد الكلي إلى 44.7 في المائة للربع الثالث، بزيادة 6.9 نقطة مئوية عن نتائج الربع الثاني.

كما أظهر الاستطلاع ارتفاع إجمالي الطلب على القروض في الربع الثاني، مع زيادة المؤشر بـ5.6 نقطة مئوية عن الربع السابق، ليصل إلى 62.2 في المائة.

وتترقب السوق الخطوات التالية لاجتماع المكتب السياسي في يوليو (تموز)، والذي سيراجع خلاله كبار ضباط الحزب الشيوعي الأداء الاقتصادي للبلاد في النصف الأول من العام.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الصيني في بكين (رويترز)

ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي الصيني 32 مليار دولار في أغسطس

ارتفع إجمالي احتياطيات الصين من النقد الأجنبي، بنسبة 0.98 في المائة بنهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، ليصل إلى 3.2882 تريليون دولار، بزيادة 31.8 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الرئيس التايواني لاي شينغ-تي يشاهد عرضاً لقاذفة صواريخ «ستينجر» المتعددة التي قدمها الجنود أثناء زيارته داخل قاعدة عسكرية في مقاطعة بينغو بتايوان في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس تايوان يزور قوات الجيش في جزيرة قريبة من الصين

أعرب الرئيس التايواني لاي شينغ-تي (الجمعة) عن امتنانه للجيش على حماية البلاد، وتعهد دعمه خلال زيارته سفينة حربية متمركزة في جزيرة نائية تقع غرب تايوان.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
آسيا سفينة خفر السواحل الصينية (يسار) تصطدم بسفينة خفر السواحل الفلبينية BRP Teresa Magbanua بالقرب من جزر سابينا في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي 31 أغسطس  2024 (أ ف ب )

اتهامات متبادلة بين بكين ومانيلا بشأن تصادم سفن في بحر الصين الجنوبي

تبادلت الصين والفلبين اليوم السبت الاتهامات بتعمد وقوع تصادم بين سفينتين لخفر السواحل من البلدين في بحر الصين الجنوبي، في أحدث حلقة من سلسلة متصاعدة من الحوادث

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مقر بنك الصين في العاصمة بكين (إكس)

رئيس بنك الصين يستقيل من منصبه

قال بنك الصين، إن نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ليو جين، استقال لأسباب شخصية اعتبارًا من اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (بكين)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».