السعودية تتجه لتكوين نموذج صناعي عالمي عبر إنشاء مركز للتميز

تستهدف الحكومة تجاوز 16 دولة في مؤشر التنافسية لمنظمة «اليونيدو»

أحد مصانع الجرانيت جنوب السعودية (الشرق الأوسط)
أحد مصانع الجرانيت جنوب السعودية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تتجه لتكوين نموذج صناعي عالمي عبر إنشاء مركز للتميز

أحد مصانع الجرانيت جنوب السعودية (الشرق الأوسط)
أحد مصانع الجرانيت جنوب السعودية (الشرق الأوسط)

تدرس الحكومة السعودية في الوقت الراهن إطلاق مشروع مركز للتميز الصناعي يعتمد على نماذج مؤسسية وتشغيلية، بهدف الوصول إلى نموذج سعودي وطني خاص بالمصانع أسوة ببعض الدول الرائدة عالمياً مثل اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية والصين وغيرها، وتطوير الصناعات الوطنية واستحواذها على حصص في السوق المحلية والأسواق الدولية.

وتجري السعودية تحركات مكثفة لتطوير الصناعات الوطنية والاستحواذ على حصص جيدة محلياً ودولياً، لتطلق في العام المنصرم، الاستراتيجية الوطنية للصناعة، التي ترتكز على 12 قطاعاً فرعياً، لأكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تصل إلى تريليون ريال (266.6 مليار دولار) ومضاعفة الناتج المحلي بنحو 3 مرات، وزيادة صادرات المنتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف، إضافة إلى استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة.

الثورة الصناعية الرابعة

وكشف أمين الريس، مدير عام الإدارة العامة للتنافسية في وزارة الصناعة والثروة المعدنية لـ«الشرق الأوسط»، عن دراسة إنشاء المركز الجديد؛ بهدف نقل الصناعات الوطنية إلى مراحل متقدمة والمنافسة والاستحواذ على حصص كبيرة في السوق المحلية وكذلك الأسواق العالمية.

وقال الريس إن المركز يساعد المملكة على التقدم في المجال الصناعي من حيث الابتكار والانتقال إلى مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة وأتمتة القطاع وتقليل الاعتماد على الأيدي العاملة وهدر الإنتاج وتخفيض التكاليف.

تكاليف الإنتاج

وتابع أمين الريس أن إطلاق مشروع بناء إطار وطني شامل لتعزيز مفاهيم التميز الصناعي يعتمد على نماذج التميز المؤسسي والتشغيلي، بهدف الوصول إلى نموذج سعودي وطني خاص بالمصانع أسوة ببعض الدول الرائدة عالمياً مثل اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية والصين وغيرها.

ووفقًا للريس، التقدم في التميز يساعد المصانع على الوصول إلى الابتكار واستخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتقليل تكاليف الإنتاج ورفع الإنتاجية والنمو السريع في الأسواق المحلية والعالمية من خلال هذا المركز.

مؤشر التنافسية

وأضاف أن الوزارة تسعى من خلال المركز إلى وجود مقيمين والاستفادة والمواءمة مع جائزة الملك عبد العزيز للجودة، والمساهمة أيضاً في تقدم المملكة ضمن مؤشر التنافسية التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «اليونيدو» من 36 إلى 20 في 2030 متجاوزة 16 دولة.

واستطرد: «لن نستطيع الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة والتقدم في مؤشر (اليونيدو) إلا بتفعيل مفاهيم التميز الصناعي، بالإضافة إلى تضافر الجهود الأخرى في المملكة داخل المنظومة الصناعية».

جولات ميدانية

ونفذت وزارة الصناعة والثروة المعدنية ممثلة في الإدارة العامة لمراكز الخدمة الصناعية الشاملة وإدارة الالتزام 592 زيارة ميدانية للمنشآت في عدد من مناطق البلاد خلال شهر مايو (أيار) الفائت، وذلك في إطار جولاتها الدورية لمتابعة المصانع والوقوف على مدى جاهزيتها والتأكد من التزامها بتطبيق معايير الجودة والاشتراطات اللازمة.

المواصفات والمعايير

وأكدت الوزارة عزمها على مواصلة القيام بزياراتها الميدانية للتأكد من تطبيق المنشآت الصناعية الاشتراطات اللازمة، ومتابعة التزام المصانع الوطنية بتوفير منتجات ذات جودة عالية، ومطابقة للمعايير والمواصفات المعتمدة، والتحقق من سلامة السلع، وتصحيح أوضاع المنشآت الواقعة خارج المدن الصناعية.

وتهدف من خلال الزيارات إلى تحفيز الصناعات المحلية في جميع القطاعات، ومتابعة جودة المنتج المحلي، وتعزيز التعاون مع شركاء الوزارة من المصانع الوطنية، من أجل عكس الصورة الإيجابية عن جودة هذه المنتجات وقدرتها على المنافسة، إضافة إلى توفير احتياج السوق وتعزيز المعروض فيه.


مقالات ذات صلة

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد أحد المصانع المنتجة في المدينة المنورة (واس)

«كي بي إم جي»: السياسات الصناعية في السعودية ستضعها قائداً عالمياً

أكدت شركة «كي بي إم جي» العالمية على الدور المحوري الذي تلعبه السياسات الصناعية في السعودية لتحقيق «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الوفد السعودي يتجول في المعرض الجوي الخامس عشر بالصين (الشرق الأوسط)

الشركات الصينية تتسابق لحجز مواقعها في معرض الدفاع العالمي 2026 بالرياض

أعلن معرض الدفاع العالمي مشاركة أكثر من 100 شركة صينية متخصصة في صناعة الدفاع والأمن؛ أي بنسبة 88 في المائة، خلال النسخة الثالثة للحدث في 2026.

الاقتصاد مصنع تابع لإحدى شركات البتروكيميائيات في السعودية (واس)

الإنتاج الصناعي في السعودية ينخفض 0.3 % خلال سبتمبر على أساس سنوي

تراجع مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي في السعودية 0.3 % خلال سبتمبر، على أساس سنوي، متأثراً بانخفاض الرقم القياسي للصناعات التحويلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».