لأول مرة منذ 15 شهراً... «الفيدرالي الأميركي» يوقف رفع سعر الفائدة

جدل حول رفعٍ أخيرٍ خلال العام الحالي لتجنب الركود

علامة النسبة المئوية إلى جانب أوراق دولار نقدية في رسم توضيحي يوم 25 مايو 2020 (رويترز)
علامة النسبة المئوية إلى جانب أوراق دولار نقدية في رسم توضيحي يوم 25 مايو 2020 (رويترز)
TT

لأول مرة منذ 15 شهراً... «الفيدرالي الأميركي» يوقف رفع سعر الفائدة

علامة النسبة المئوية إلى جانب أوراق دولار نقدية في رسم توضيحي يوم 25 مايو 2020 (رويترز)
علامة النسبة المئوية إلى جانب أوراق دولار نقدية في رسم توضيحي يوم 25 مايو 2020 (رويترز)

للمرة الأولى منذ يناير (كانون الثاني) 2022، أعلن «الاتحادي الفيدرالي الأميركي» ترك معدلات الفائدة دون تحريك لإتاحة الوقت الكافي لقياس أثر سياسات ترويض معدلات التضخم وتحقيق الهدف دون اضطرابات في معدلات النمو. وأعلنت «اللجنة الفيدرالية»، ظهر الأربعاء، قرارها الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي ثابتاً بين 5 في المائة و5.25 في المائة وهو أعلى معدل منذ عام 2008.

وكان عدم صدور قرار وعدم اتخاذ أي خطوة خبراً مفرحاً وساراً في الأوساط الاقتصادية، وهو ما أثار السؤال: هل هذا القرار بداية النهاية للمستويات المرتفعة في التضخم أم نهاية لقرارات «الفيدرالي» المتكررة في رفع أسعار الفائدة التي امتدت على مدى الـ15 شهراً الماضية؟

لكن مسؤولي «الفيدرالي الأميركي» أشاروا إلى أن هذا التوقف قد يكون قصيراً ومؤقتاً لمدة معينة، وأن رفع الفائدة مرة أخرى يعد احتمالاً قائماً في اجتماعات «الفيدرالي» المقبلة في أواخر يوليو (تموز) المقبل. وفسر الاقتصاديون هذا الأمر بأنه مؤشر على محاولة توحيد آراء أعضاء لجنة السياسيات في «الاتحادي الفيدرالي» البالغ عددهم 18 عضواً ويواجهون انقسامات بين تيار يدفع نحو استمرار رفع سعر الفائدة مرة واحدة أو مرتين، وتيار آخر يرغب في ترك سعر الفائدة كما هو لبضعة أشهر، ومراقبة ما إذا كان التضخم سيأخذ مساراً أكثر اعتدالاً، وهو تيار يشعر أن اتخاذ قرارات برفع سعر الفائدة لمدة طويلة قد يزيد من خطر التسبب في ركود اقتصادي عميق في الولايات المتحدة.

وقد توقعت الأسواق المالية خلال الأيام الماضية أن يوقف «الفيدرالي الأميركي» السلسلة الطويلة من زيادات أسعار الفائدة بعد 10 زيادات على مدى الـ15 شهراً الماضية. وكان «الاحتياطي الفيدرالي» يهدف خلال تلك الفترة إلى تقليص الزيادات في الأسعار عن طريق إبطاء الاقتصاد وخفض طلب المستهلكين.

يأتي القرار بعد يوم من البيانات الجديدة التي أظهرت ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 4 في المائة الشهر الماضي مقارنة بالعام الماضي، مما أدى إلى تباطؤ أكثر مما توقعه الاقتصاديون وعزز الآمال بأن التضخم سيستمر في العودة الثابتة إلى المستويات الطبيعية. وقد انخفض التضخم بشكل كبير من ذروة الصيف الماضي، لكنه ظل عند مستوى 5.4 في المائة، وهو معدل أكبر بكثير من هدف «الفيدرالي» للوصول إلى اثنين في المائة في معدلات التضخم.

وقد أظهرت التقارير الصادرة حديثاً انخفاض التضخم بشكل كبير في شهر مايو (أيار) الماضي، ليعود أقرب إلى المستويات الطبيعية. وتشير البيانات الصادرة في الأشهر الأخيرة إلى أن نهج «الفيدرالي الأميركي» قد نجح في تحقيق تباطؤ النشاط الاقتصادي. وبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 1.1 في المائة على مدى الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس (آذار) من العام الحالي.

لكن انهيارات المصارف الأميركية ظلت أزمة تؤرق الأسواق بعد أن فشلت 3 بنوك من أكبر 30 بنكاً في الولايات المتحدة، واعترف الاقتصاديون بأن أسعار الفائدة المرتفعة ساهمت في انهيار تلك البنوك. ورغم ذلك؛ فإن إنفاق المستهلكين والتوظيف ظلا قويين، مما أدى إلى إنعاش الأمل بين بعض الاقتصاديين في أن صانعي السياسة يمكن أن ينجحوا في الحد من التضخم مع تجنب الركود.

وقد أظهر تقرير الوظائف الأميركي؛ الصادر في وقت سابق من هذا الشهر، أن سوق العمل نمت بقوة في شهر مايو الماضي، مضيفة 339 ألف وظيفة مقارنة بتقديرات «وول ستريت» البالغة 195 ألفاً فقط. وقال «بنك أوف أميركا»، في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي، إن البيانات الاقتصادية الواردة تشير إلى المرونة في النشاط والالتزام بخفض التضخم، وأن الاقتصاد يواصل إظهار قوته. وأضاف البنك: «لا نعتقد أن (بنك الاحتياطي الفيدرالي) يقترب من الإشارة إلى توقف عن رفع أسعار الفائدة طويل الأمد. بدلاً من ذلك، نتوقع أن يقول (بنك الاحتياطي الفيدرالي) إن عدم اتخاذ أي إجراء في يونيو (حزيران) الحالي هو الأنسب في الوقت الحالي».

وعلى صدى هذا القرار؛ بدأت بوادر تحسن واضحة في الطلب على الرهون العقارية بعد انخفاض في معدلات الفائدة من 7.2 في المائة إلي 6.7 في المائة، ورغم أنه انخفاض طفيف في معدل فائدة الرهون العقارية؛ فإنه أفضل من المعدلات المرتفعة بشكل صاروخي خلال المدة نفسها من العام الماضي. وتوقعت تقارير أن تنخفض الإيجارات وأسعار السيارات المستعملة في وقت لاحق من العام الحالي؛ مما قد يعني قدرة «الاحتياطي الفيدرالي» على الحفاظ على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، أو فقط اتخاذ قرار برفعه مرة أخيرة في يوليو المقبل إلى نحو 5.4 في المائة والاحتفاظ به عند هذا الحد.


مقالات ذات صلة

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

الاقتصاد مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

تقوم السعودية بجهود للنهوض بالصناعات الدوائية والمعدات الطبية، من خلال توطينها، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، الذي يترأس وفد منظومة الصناعة والتعدين، جولة اقتصادية بشرق آسيا؛ تشمل الصين وسنغافورة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد عاملة في أحد خطوط إنتاج الكابلات الكهربائية للسيارات بشرق الصين (أ.ف.ب)

نشاط التصنيع بالصين في أدنى مستوياته منذ 6 أشهر

هبط نشاط التصنيع في الصين إلى أدنى مستوى في ستة أشهر في أغسطس مع تراجع أسعار المصانع وصعوبة حصول أصحاب المصانع على الطلبات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مخازن وأنابيب نفطية ضمن خط دروجبا في دولة التشيك (رويترز)

أوكرانيا تهدد بوقف مرور صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا

قال مسؤول أوكراني إن بلاده ستوقف شحن النفط والغاز الروسيين من خلال خطوط أنابيبها إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«إتش سي» تتوقع أن يثبت «المركزي» المصري الفائدة في اجتماع الخميس

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
TT

«إتش سي» تتوقع أن يثبت «المركزي» المصري الفائدة في اجتماع الخميس

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

توقعت إدارة البحوث المالية بشركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، أن تُبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع الخميس المقبل، 5 سبتمبر (أيلول)، وذلك «انتظاراً لمزيد من التراجع في معدل التضخم، خصوصاً مع الزيادات الأخيرة في فواتير الكهرباء المقرر تنفيذها مع بداية سبتمبر».

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة «إتش سي»: «نتوقع أن يتباطأ معدل تضخم الحضر إلى 24.9 في المائة على أساس سنوي لشهر أغسطس (آب)، بفضل تأثير سنة الأساس، ومع ذلك فإننا نتوقع أن يرتفع التضخم بنسبة 1.0 في المائة على أساس شهري، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة ووسائل النقل التي حدثت في بداية أغسطس».

إلى ذلك ذكرت هبة منير، عوامل عدة تمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة في مصر، تمثل أبرزها في: تجاوز مؤشر «مديري المشتريات» في مصر مستوى 49.0 في آخر 3 قراءات متتالية، بالتزامن مع تباطؤ التضخم. وهو ما أشارت إليه هبة منير، بالتزامن مع تطورات الموقف المالي الخارجي لمصر، الذي أظهر استقراراً.

وتلقت مصر 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وهو ما يُمثل الشريحة الثالثة من برنامج تسهيل الصندوق الممتد البالغ 8 مليارات دولار؛ كما تحوّل صافي خصوم القطاع المصرفي بالعملة الأجنبية البالغة 27.0 مليار دولار العام الماضي إلى صافي أصول أجنبية؛ إذ بلغت 13.0 مليار دولار في يونيو (حزيران)، أقل من مستواها عند 14.3 مليار دولار في مايو (أيار)، وذلك بسبب عودة تدفقات النقد الأجنبي لمستوياتها العادية؛ إضافة إلى ارتفاع صافي الاحتياطات الأجنبية لمصر بنسبة 33 في المائة على أساس سنوي، وبنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 46.5 مليار دولار في شهر يوليو (تموز). كما ارتفعت الودائع غير المدرجة ضمن الاحتياطات الرسمية بـ2.11 مرة على أساس سنوي، وبنسبة 3.0 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 9.86 مليار دولار في الشهر نفسه.

وانخفض مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي لمصر إلى 91.9 في يوليو من 126 في يناير (كانون الثاني)، كما تراجع مؤشر سعر الصرف الفعلي بالقيمة الاسمية إلى 16.6 من 25.5 في يناير، وفق بيانات «بروغل».

وتحسن مبادلة مخاطر الائتمان لمصر لمدة عام، مسجلاً 403 نقاط أساس حالياً، مقابل 857 نقطة في الأول من يناير.

وعلى الصعيد العالمي، تراجعت أسعار السندات الحكومية الأميركية لأجل 12 شهراً إلى 4.40 في المائة، من أعلى مستوى لها عند 5.23 في المائة في 30 أبريل (نيسان).

وطبقاً لنموذج توقع معدل الفائدة التي تتبعه «إتش سي»، فإنها تقدر «نسبة الفائدة المطلوبة من قِبَل المستثمرين لأذون الخزانة لأجل 12 شهراً عند 33.1 في المائة، ما يعكس سعر فائدة حقيقياً إيجابياً بنسبة 7.1 في المائة (بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15 في المائة للمستثمرين الأوروبيين والأميركيين، واستناداً إلى توقعاتنا لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهراً عند 21.1 في المائة)، وهو أعلى من معدل الفائدة الحقيقي الإيجابي المقدر بنسبة 1.2 في المائة لآخر إصدار لأذون الخزانة المصرية لأجل 12 شهراً، والبالغة 26.2 في المائة».