الحرف اليدوية في مصر... قطاع يسبح عكس تيار الأزمة الاقتصادية

أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)
أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)
TT

الحرف اليدوية في مصر... قطاع يسبح عكس تيار الأزمة الاقتصادية

أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)
أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)

في سن السادسة، بدأ مسعد عمران في نسج خيوط الحرير مع القطن والصوف على النول لصناعة أول سجادة في منزل أسرته بقرية ساقية أبو شعرة بمحافظة المنوفية شمال القاهرة.

تداخلت خيوطه المنسوجة مع سنوات حياته الأولى، كأن القدر كان يتنبأ له بطول ارتباطه بهذه المهنة. مرت 46 عاماً وأصبح لديه من الأبناء خمسة، جميعهم يعملون بنفس المهنة منذ صغرهم، مثل غالبية أبناء قرية ساقية أبو شعرة التي تعد إحدى قلاع صناعة السجاد في مصر.

أعمال يدوية (صفحة الحرف اليدوية على «فيسبوك»)

عمران هو أحد صناع السجاد ورئيس سابق لغرفة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات، وقال لوكالة أنباء العالم العربي: «أول مرة بدأت العمل على النول كنت في عمر 6 سنوات في ساقية أبو شعرة التي أعدها إحدى أهم قلاع صناعة السجاد اليدوي في العالم. تعلمت المهنة من أهلي وحصلت على تدريبات في مركز تحديث الصناعة في الثمانينات».

وأضاف: «من وقتها وحتى اليوم وأنا مرتبط بهذه المهنة التي بدأتها طفلاً ينسج على النول، حتى وصلت فيها لتولي رئاسة مجلس إدارة غرفة الحرف اليدوية. حتى أولادي الخمسة يعملون بنفس المهنة منذ صغرهم وأصبحوا يحترفونها».

واستطرد: «صناعة السجاد تحقق عائداً جيداً، ومن الممكن أن نعمل في السجادة الواحدة لفترة تتراوح ما بين 3 أشهر وعام، وممكن تصل لأكثر من ذلك. وغالبية منتجاتنا يتم تصديرها إلى الخارج».

يُقدر حجم صادرات قطاع الحرف اليدوية بنحو 250 مليون دولار، ويتراوح حجم المبيعات داخل السوق المحلية بين 5 و8 مليارات جنيه (ما بين 162 و258 مليون دولار)، وفقاً لتقديرات غرفة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات.

ويرى عمران أن تأثير الأزمة الاقتصادية على الحرف اليدوية ليس كبيراً، ويوضح: «غالبية المواد الخام من داخل مصر، ولا نحتاج إلى آلات أو عقود صيانة من الخارج، وهو ما يقلل اعتمادنا على الدولار».

أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)

ويشير إلى أن انتعاش حركة السياحة يحقق رواجاً لمنتجات قطاع الحرف اليدوية، لكنّ هذا الانتعاش يشعر به التاجر أولاً ويحتاج إلى بعض الوقت حتى يصل إلى العاملين في هذا القطاع. وتقدر غرفة الحرف اليدوية أعداد العاملين في القطاع بنحو 3 ملايين شخص، وحجم الاستثمارات في القطاع بنحو 20 مليار جنيه.

وفي رأي عمران، يُعد التسويق من بين العقبات الرئيسية في قطاع الصناعات اليدوية، وضرب مثلاً بصناعة السجاد قائلاً: «سجاد قرية أبو شعرة يباع في الكثير من دول العالم وبأسعار مرتفعة جداً، لكن لا يحصل العامل إلا على نحو 20 في المائة من ثمن السجادة بينما يحصل التاجر على الباقي».

أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)

وقلل عمران من تأثير المعارض التي تنظمها الدولة للقطاع، وأشار إلى أن «الدولة تصرف على المعرض نحو 30 مليون جنيه، فيما لا تتجاوز مبيعات العارضين نحو 5 ملايين جنيه. كان من الأفضل للدولة أن تقدم الـ30 مليون جنيه للعارضين بشكل مباشر كدعم». وأضاف أن الحديث عن دعم الدولة للحرف مجرد تصريحات ليس لها صدى على أرض الواقع.

لكنّ آية الجابري، مؤسِّسة العلامة التجارية «كشمير هاند ميد»، ترى أن المعارض منصة فعالة للترويج للمنتجات يدوية الصنع مثل حقائب أجهزة اللابتوب، وأشغال الكروشيه، والمفارش.

وقالت على هامش مشاركتها في معرض «ديارنا» الذي استضافته وزارة المالية الأسبوع الماضي، إنها تشارك بصفة دائمة في المعارض التي تنظمها الدولة، فضلاً عن مشاركتها في عدة فعاليات نظّمتها وزارات الخارجية، والتجارة والصناعة، والتضامن الاجتماعي.

وتتعاون آية الجابري مع مبادرة «حياة كريمة» في تدريب مئات الفتيات سنوياً بمدينة البدرشين بمحافظة الجيزة لاكتساب مهارات الحرف اليدوية وكسب قوتهن من خلال مشاريعهن الخاصة.

أعمال يدوية (صفحة معرض «ديارنا» على «فيسبوك»)

مركز تحديث الصناعة هو إحدى أذرع وزارة التجارة والصناعة لتنمية وتحديث الصناعة المصرية بمختلف قطاعاتها وتعزيز قدراتها التنافسية.

وقالت مديرته دعاء سليمة، في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي، إن المركز ينفّذ خطة لدعم الحرف اليدوية وتطويرها من خلال عدة برامج تدريبية وتأهيلية على مستوى الجمهورية، بهدف العمل على خلق كوادر قادرة على الإنتاج وسط ظروف ملائمة.

وأضافت أن المركز يدرس أيضاً المعوقات والمشكلات في مختلف الحرف، ويعمل على وضع آليات لحلها. ويعقد المركز ندوات لتوضيح دوره واختصاصاته، وينظم زيارات ميدانية بالمحافظات لتقديم الدعم اللازم وتنظيم ورش عمل لخلق هوية دعائية لأصحاب الحرف، وتنظيم معارض لتسويق المنتجات.

وأضافت دعاء سليمة: «يتم التواصل وتوقيع اتفاقيات مع المراكز المتخصصة في مجالات الحرف اليدوية للاستفادة من الخبرات وزيادة قدرة الحرف على المنافسة الخارجية».

ونظراً إلى الجوانب الثقافية التي ينطوي عليها قطاع الحرف اليدوية وما يبرزه من هوّية مصرية، بحثت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد يوم (السبت) الماضي عدداً من الملفات المرتبطة بتعزيز التعاون في مجالات الحرف التراثية وآليات تسويقها.

كما أكد وزير المالية محمد معيط، على هامش افتتاح معرض «ديارنا» في مقر الوزارة الأسبوع الماضي، أن الحكومة لا تدّخر جهداً في مساندة صغار المنتجين بالحرف اليدوية وخلق حلول اقتصادية فعالة للعاملين بهذا القطاع.


مقالات ذات صلة

مصر: «بي بي» تنتهي من حفر بئرين لإنتاج الغاز بحقل «ريفين» البحري

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال لقائه مهندسين وفنيين في حقل ريفين البحري (وزارة البترول المصرية)

مصر: «بي بي» تنتهي من حفر بئرين لإنتاج الغاز بحقل «ريفين» البحري

أعلنت وزارة البترول المصرية، الأحد، انتهاء شركة «بي بي» البريطانية، بنجاح، من أعمال الحفر واستكمال الآبار، للبئرين الإضافيتين بحقل غاز «ريفين» بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إقبال «غير مسبوق» للمشاركة في مؤتمر التعدين الدولي بالرياض الثلاثاء

شعار مؤتمر التعدين الدولي 2025 (تصوير: تركي العقيلي)
شعار مؤتمر التعدين الدولي 2025 (تصوير: تركي العقيلي)
TT

إقبال «غير مسبوق» للمشاركة في مؤتمر التعدين الدولي بالرياض الثلاثاء

شعار مؤتمر التعدين الدولي 2025 (تصوير: تركي العقيلي)
شعار مؤتمر التعدين الدولي 2025 (تصوير: تركي العقيلي)

تستعد العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، لاستضافة النسخة الرابعة من مؤتمر التعدين الدولي، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك وسط إقبال غير مسبوق فاق الـ20 ألف مسجل، إلى جانب مشاركة الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات العالمية المتخصصة، وقادة القطاعات ذات الصلة، لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه قطاع المعادن، مع تقديم رؤى وحلول مبتكرة تدعم مستقبل الصناعة وتعزز استدامتها.

هذا ما كشفه لـ«الشرق الأوسط»، علي المطيري، المشرف العام على المؤتمر، الذي ينعقد بين 14 و16 يناير (كانون الثاني) الحالي، مبيّناً أن الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين الذي سيعقد في اليوم الأول من فعاليات الحدث، سيجمع كبار المسؤولين الحكوميين من 85 دولة، بالإضافة إلى 50 من قادة المنظمات الدولية متعددة الأطراف وغير الحكومية، واتحادات الأعمال، وهو ما يعكس الأهمية العالمية لهذا الحدث الذي يشكل منصة رئيسية لتعزيز أطر التعاون في القطاع.

إنشاء شبكة إقليمية

المشرف العام على مؤتمر التعدين الدولي علي المطيري (تصوير: تركي العقيلي)

وأشار المطيري إلى أن النسخة الرابعة تضم فعاليات نوعية جديدة، أبرزها «يوم التواصل المعرفي» الذي يوفر منصة لتبادل أحدث التطورات في مجالات الجيولوجيا، والتكنولوجيا، والاستدامة، لافتاً إلى أن المؤتمر سيشهد تنظيم «الاجتماع الأول لمراكز التميز والتقنية»، الذي يهدف إلى إنشاء شبكة إقليمية لتطوير القدرات وتسريع الابتكار في قطاع التعدين.

كذلك، سيعقد «الاجتماع الثاني لقادة هيئات المسح الجيولوجي الدولية»، الذي سيجمع ممثلين من كبرى الجهات مثل هيئة المسح الجيولوجي الأميركية والبريطانية، والمكتب الجيولوجي الفرنسي، وهيئة المسح الجيولوجي الفنلندية، وذلك لتعزيز التعاون واستخدام التقنيات الحديثة في تطوير القطاع، بحسب المطيري.

أطر التعاون الدولي

ومن المتوقع أن يشهد الحدث توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الجهات المحلية والدولية، ما يعكس التزام المملكة بتعزيز مكانتها بوصفها مركزاً عالمياً رائداً في قطاع المعادن، ودعم الجهود الرامية إلى بناء أطر التعاون الدولي في هذا القطاع الحيوي لتحقيق التنمية المستدامة.

هذا العام، يستقطب المؤتمر أكثر من 250 متحدثاً من كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع التعدين، ما يعزز فرص التعاون الدولي واستكشاف الفرص الاستثمارية في هذه الصناعة الاستراتيجية.

يشار إلى أن المؤتمر يُعقد تحت شعار «تحقيق الأثر» لمواصلة الحوار الدولي حول مستقبل التعدين والمعادن، وبناء مزيد من أسس التعاون على مستوى العالم لتحقيق الأهداف المرسومة لتحول الطاقة وتقدم الصناعات الحديثة.

كما يأتي الحدث في إطار سعي السعودية لتعزيز التعاون الدولي وتمكين قطاع التعدين ليكون ركيزة ثالثة للاقتصاد الوطني. ويركز المؤتمر على قضايا حيوية مثل الاستكشاف، والتعدين، والابتكار، والاستدامة، وسلاسل القيمة المضافة.