البنك الدولي يدعو دول الشرق الأوسط إلى تحسين أنظمة الرعاية الاجتماعية

المنطقة الوحيدة بالعالم التي ازداد فيها الفقر في العقد الثاني من الألفية

أطفال سوريون بأحد مخيمات اللاجئين على تخوم العاصمة الأردنية عمان (رويترز)
أطفال سوريون بأحد مخيمات اللاجئين على تخوم العاصمة الأردنية عمان (رويترز)
TT

البنك الدولي يدعو دول الشرق الأوسط إلى تحسين أنظمة الرعاية الاجتماعية

أطفال سوريون بأحد مخيمات اللاجئين على تخوم العاصمة الأردنية عمان (رويترز)
أطفال سوريون بأحد مخيمات اللاجئين على تخوم العاصمة الأردنية عمان (رويترز)

رأى البنك الدولي أن تحسين أنظمة الرعاية الاجتماعية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيكون له تأثير كبير على الفقر كما على البطالة في المنطقة.

وأوضح البنك الدولي في تقرير؛ صدر مساء الأربعاء، أن وباء «كوفيد19» دفع بأكثر من 16 مليون شخص إضافي إلى الفقر، لا سيما عبر تعطيل نشاط الأشخاص العاملين في الاقتصاد غير الرسمي.

وكانت نسبة الفقر في الأساس مرتفعة جداً قبل تفشي الفيروس في معظم دول المنطقة. وعلى سبيل المثال، كان 40 في المائة من المغاربة والجزائريين يعملون بأقل من 6.85 دولار في اليوم، مع ارتفاع هذه النسبة إلى 70 في المائة بمصر، وصولاً إلى 90 في المائة باليمن.

وأورد التقرير أن «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الوحيدة في العالم حيث ازداد الفقر في العقد الثاني من الألفية»؛ وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويعود ذلك إلى قطاع خاص غير مدعوم بصورة كافية ولا يولد ما يكفي من الوظائف، ونسبة بطالة عالية جداً في غالب الأحيان بين الشباب حتى خريجي الجامعات منهم، ودمج ضعيف للنساء في سوق العمل.

ويقترح البنك الدولي بصورة خاصة منح مساعدة مالية على شكل مدخول للأكثر فقراً، واعتماد نظام تأمين ضد البطالة، وإصلاح أنظمة التقاعد القائمة لمساعدة الفئات الضعيفة من السكان ودعم قدرتهم على الاستمرار. كما دعا البنك إلى اعتماد سلسلة من القوانين الرامية إلى حماية الموظفين بصورة أفضل، والسماح للنساء بالاندماج أكثر في سوق العمل. ولفت إلى أن المساعدات للطاقة وحدها تمثل في المعدل 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لدول المنطقة.

وأوضحت المؤسسة المالية أن قسماً كبيراً من المساعدات الاجتماعية الممنوحة في معظم دول المنطقة هو حالياً على شكل دعم لمواد الضرورة الأولى والمواد الغذائية الأساسية لتكون متوفرة بأسعار مقبولة. وهذه السياسة المتبعة غالباً ما تتعرض لانتقادات من المؤسسات المالية الدولية بوصفها «غير مجدية» رغم العبء الذي تشكله على المالية العامة.

غير أن الدول المعنية بالتقرير كثيراً ما تتجاهل الانتقادات لسياساتها هذه؛ إذ إنها تخشى حدوث اضطرابات اجتماعية في حال ارتفاع أسعار هذه المنتجات. وهذه من الحجج التي أوردها الرئيس التونسي قيس سعيد، مندداً بـ«إملاءات» صندوق النقد الدولي الذي تتفاوض بلاده معه على خطة مساعدة.

يذكر أن تقريراً جديداً من البنك الدولي أظهر أن «معدلات الفائدة المرتفعة» و«الحرب الروسية في أوكرانيا» ما زالا يعملان على إبطاء النمو الاقتصادي العالمي بصورة كبيرة. وقال البنك الدولي يوم الثلاثاء في أحدث توقعات له إنه بعد نمو الاقتصاد بنسبة 3.1 في المائة العام الماضي، سوف يتباطأ الاقتصاد العالمي إلى 2.1 في المائة خلال عام 2023. ومع ذلك؛ فإن النمو المتوقع لعام 2023 أعلى بواقع 0.4 نقطة مئوية من التوقعات التي أطلقها البنك في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، إنديرميت جيل، إن ذلك المعدل لا يزال من أضعف معدلات النمو خلال العقود الخمسة الماضية. وأضاف: «الاقتصاد العالمي في وضع غير مستقر».

ووفقاً لتقرير البنك؛ فإنه خلال عام 2024، سوف يتعافى الاقتصاد العالمي بصورة طفيفة وينمو بنسبة 2.4 في المائة. مع ذلك، فقد يصبح النمو أقل من المتوقع. وأوضح التقرير أنه من المتوقع تراجع معدل التضخم العالمي المرتفع تدريجياً، مع تراجع الطلب وضعف أسعار السلع.

وقال رئيس البنك أجاي بانغا: «من المهم أن نأخذ في الحسبان أن التوقعات ليست قدراً»، مضيفاً: «لدينا فرصة لتغيير الأمور، ولكن سوف يتطلب ذلك أن نعمل معاً».


مقالات ذات صلة

تقرير أممي: آثار الحرب أدت إلى تراجع التنمية في غزة بما يناهز 69 عاماً

الاقتصاد فلسطينيون يتجمّعون في مواقع الغارات الإسرائيلية على المنازل والمباني السكنية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

تقرير أممي: آثار الحرب أدت إلى تراجع التنمية في غزة بما يناهز 69 عاماً

توقع تقرير أممي جديد أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين إلى 74.3 في المائة في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد أطفال ينتظرون الغداء في كوخهم بصنعاء (رويترز)

البنك الدولي: 26 من أفقر الدول تعاني ديوناً غير مسبوقة منذ 2006

أظهر تقرير جديد للبنك الدولي أن أفقر 26 دولة بالعالم، التي تضم 40 في المائة من أكثر الناس فقراً، تعاني أعباء ديون غير مسبوقة منذ عام 2006.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا لاجئ أفغاني يحمل لافتة خلال احتجاج أمام مكتب الأمم المتحدة في جاكرتا بإندونيسيا الاثنين (إ.ب.أ)

بعد 3 سنوات على عودة «طالبان» إلى الحكم... أفغانستان تعاني الفقر

بعد 3 سنوات على عودة «طالبان» إلى الحكم، تعاني أفغانستان ركوداً اقتصادياً كاملاً، فيما يغرق سكانها في الفقر وسط أزمة إنسانية متفاقمة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
الاقتصاد واحد من كل خمسة في أفريقيا يعاني من الجوع (فاو)

عدد الجياع في العالم يواصل ارتفاعه مع تفاقم الأزمات العالمية

نحو 733 مليون شخص واجهوا الجوع في العام الماضي، أي ما يعادل واحداً من كل أحد عشر شخصاً على مستوى العالم، وواحداً من كل خمسة في أفريقيا.

هلا صغبيني (الرياض)
أفريقيا رجال شرطة نيجيرية في أحد شوارع نيامي العاصمة بعد إعلان باريس عن عزمها على سحب قوتها العسكرية من النيجر (إ.ب.أ)

جيش النيجر يعلن مقتل 7 مدنيين في هجوم شنه «إرهابيون»

قُتل سبعة مدنيين هذا الأسبوع على يد «إرهابيين» في قرية بمنطقة تيلابيري في غرب النيجر، قرب بوركينا فاسو، حسبما أعلن الجيش الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (نيامي (النيجر))

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».