بينما تصاعد الحديث عن اختيار اقتصادية شابة من الخبراء في السياسة النقدية التقليدية على رأس البنك المركزي في تركيا... كشفت توقعات عن احتمال رفع معدل الفائدة من 8.5 إلى 25 في المائة حتى أغسطس (آب) (المقبل) تحت قيادة وزير الخزانة والمالية الجديد محمد شيمشك ملف الاقتصاد حال عمله بلا تدخلات من الرئيس رجب طيب إردوغان.
وأشارت التقارير إلى أن شيمشك تمسك، خلال مفاوضات إردوغان معه لتولي حقيبة الخزانة والمالية، بأن يترك له حرية القرار بشأن السياسة النقدية، وتحريك أسعار الفائدة عند الضرورة، وعدم تدخل أحد في قراراته لمدة عامين حتى ينجح في إعادة الاقتصاد إلى وضع سليم.
وقال خبراء إن تعيين شيمشك كسر حالة اليأس والتشاؤم تجاه السياسة الاقتصادية التي قامت على نموذج تبناه إردوغان يقوم على أن الفائدة المرتفعة هي السبب في التضخم المرتفع، الذي لا مكان له في الاقتصاد. وحذروا من أنه لا توجد ضمانات لاستمراره بلا تصادم مع إردوغان الذي يصر على أنه قدم نموذجاً ناجحاً فريداً وغير مسبوق.
وفي أولى خطواته التي تشير إلى عزمه على تعديل السياسة النقدية، يخطط شيمشك لتعيين خبيرة تركية شابة، تبلغ من العمر 41 عاماً، ولها خبرات في مؤسسات مالية في الولايات المتحدة، ومن الخبراء في السياسة النقدية التقليدية هي حفيظة غاي أركان، والتي تلقب بـ«فتاة تركيا المدهشة».
والتقى شيمشك الخبيرة التركية بعد عودتها من الولايات المتحدة ليل الاثنين - الثلاثاء إلى أنقرة، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام التركية الثلاثاء. وينتظر أن يلتقي الرئيس رجب طيب إردوغان، أركان، قبل إعلان تعيينها رئيسة للبنك المركزي بدلاً من شهاب كاوجي أوغلو، الذي من المقرر أن تنتهي مدة رئاسته للبنك في عام 2025.
وأركان هي الرئيسة التنفيذية المشاركة السابقة في مصرف «فيرست ريبابليك»، وعملت أيضاً لنحو 10 سنوات في بنك «غولدمان ساكس»، وهي خريجة جامعة «بوغازيتشي» (البسفور) المرموقة في إسطنبول. وحاصلة على الدكتوراه في الهندسة المالية والرياضيات التطبيقية من جامعة برنستون. وأمضت نحو 8 سنوات في «فيرست ريبابليك»، حيث تدرجت في العديد من المناصب، بينها الرئيسة التنفيذية المشاركة وكبيرة مسؤولي الاستثمار.
وبعد الاستقالة من «فيرست ريبابليك» في خطوة مفاجئة قبل أكثر من عام، شغلت أركان منصب الرئيس التنفيذي لبنك «غراي ستون»، المتخصص في قروض العقارات التجارية ومقره نيويورك، لكنها تركت المنصب بعد شهور قليلة. وكانت هي المرأة الوحيدة تحت سن الـ40 ضمن قائمة المديرين في أكبر 100 بنك في الولايات المتحدة عام 2018، بحسب استطلاع أجرته صحيفة «سان فرانسيسكو تايمز».
وفي غضون ذلك، توقع بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي أن يرفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة بعد تولي شيمشك وزارة خزانة والمالية سعر الفائدة من 8.5 في المائة إلى 25 في المائة.
وذهب البنك الفرنسي، في تقرير أعده حول توقعاته للسياسة النقدية لتركيا في ظل الحكومة الجديدة نشر الثلاثاء، إلى أن يرفع المركزي التركي الفائدة 650 نقطة أساس خلال اجتماع لجنته للسياسة النقدية أواخر يونيو (حزيران) الحالي، ثم 500 نقطة أساس على التوالي في يوليو (تموز) وأغسطس المقبلين.
وسبق أن تم رفع سعر الفائدة إلى 24 في المائة عام 2021 لمواجهة التضخم المرتفع وتراجع الليرة، لكن بعد تعيين رئيس البنك المركزي الحالي شهاب كاوجي أوغلو استجاب لمطالب إردوغان بخفض الفائدة تكراراً حتى وصل سعرها إلى 8.5 في المائة على الرغم من استمرار معدل التضخم مرتفعاً.
وتحولت الأنظار إلى السياسة النقدية الجديدة بعد أن أكد شيمشك العودة إلى الأسس المنطقية، موضحاً أن الاقتصاد التركي سيقوم على القواعد التي يمكن التنبؤ بها من أجل تحقيق الازدهار المنشود والرفاه الاجتماعي، وسيجري العمل على خفض التضخم إلى خانة الآحاد.
وقال محللون في «سوسيتيه جنرال»: «نتوقع أن يؤدي تعيين شيمشك إلى إصلاح السياسة النقدية في تركيا. وستهدف السياسة الجديدة إلى الحد من التوسع الائتماني المحلي، وإعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي التي استنفدت قبل الانتخابات».
ورأوا أن احتمال رفع أسعار الفائدة وعائدات النقد الأجنبي من السياحة في فترة الصيف سيمنع البيع الكبير لليرة التركية في الأشهر المقبلة، لكنهم حذروا من أن الليرة قد تنخفض مرة أخرى في الشتاء المقبل ما لم يتم إجراء تعديلات لمعالجة الاختلالات الخارجية والتوسع الائتماني لتركيا.
وتحدثت تقارير تركية عن أن الرئيس رجب طيب إردوغان اشترط على شيمشك عدم اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، والتمهل في رفع سعر الفائدة، بسبب تعليقه الآمال على الفريق الحكومي الجديد في خفض التضخم إلى خانة الآحاد، وجذب الاستثمارات والإسراع ببناء المناطق المنكوبة بالزلزال في 11 ولاية تركية.